أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2022
2249
التاريخ: 20-5-2022
1497
التاريخ: 19-1-2021
1704
التاريخ: 1-1-2022
1931
|
إن نمو عصر الطيران والفضاء قد أدى إلى أنواع مختلفة من الآراء حول التشكيل الجيوبوليتيكي لعالم أواسط وأواخر هذا القرن. وواحد من هذه الآراء كان رأي جورج رينر (G. Renner (1 في 1944 الذي قال إن الطرق الجوية قد ربطت بين الهرتلاند الأورو آسيوي وهرتلاند أصغر في أمريكا الشمالية عبر المنطقة القطبية، وبذلك فإن تشكيلا جديدا للهرتلاند بواسطة الطيران قد جعله يمتد في نصف الكرة الشمالي عبر المنطقة القطبية، لكن هذا الهرتلاند الجديد يتصف بأنه مهدد بالخطر من إحدى القوتين اللتين تحتلانه: الاتحاد السوفيتي يهدد بقية الهرتلاند في أمريكا والعكس صحيح، لكن رينر يقول إن الهرتلاند الجديد يمكن أن يكون قاعدة السيطرة العالمية؛ لأنه يتميز بالقرب المكاني من بعضه بواسطة خطوط
الطيران وإمكانيات النقل البحري والبري أيضا، وبذلك تتحول المنطقة القطبية الشمالية إلى بؤرة الحركة، ومن ثم تصبح مفتاح النفوذ العالمي.
وهناك رأي آخر نادى به ألكسندر دي سفيرسكي (A. de Seversky (2 في بحث باسم (القوة الجوية : مفتاح البقاء (1950) ، وقد رسم سفيرسكي خريطة ذات مسقط قطبي وضع فيها الأمريكتين جنوب القطب وأورو آسيا وأفريقيا في شمال القطب، وعلى هذا فإن أول تقسيم استخدمه سفيرسكي هو التقسيم المتعارف عليه: العالم القديم والعالم الجديد، وفي هذه الخريطة يتضح أن السيادة الجوية الأمريكية تشتمل على كل الأمريكتين، بينما منطقة السيادة الجوية السوفيتية تغطي جنوب وجنوب شرق آسيا وأفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.
لكن منطقتي النفوذ الجوي تتلاقيان وتتصادمان في مناطق أخرى هي أوروبا الغربية وشمال أفريقيا والشرق الأوسط، فضلا عن أن نفوذ القوة الجوية السوفيتية يغطي أمريكا الشمالية، وبالمثل تغطي القوة الجوية الأمريكية الهرتلاند الأورو آسيوي، ويرى سفيرسكي أن مناطق تداخل القوى الجوية للدولتين هي مناطق الحسم في أي معركة بينهما، ومن ثم فإن سفيرسكي يرى للقوة الجوية الأثر الحاسم في كسب السيطرة أو السيادة على العالم.
وآراء سفيرسكي يمكن أن نعدها استكمالا لآراء رينر السابقشرحها، لكنها تختلف عنها في نتيجتين هامتين رغم كونهما غير مؤكدتين، وأول هذه النتائج غير المؤكدة ينبع من مسقط الخريطة التي اعتمدها سفيرسكي في بحثه، فإن المسقط القطبي الذي استخدمه قد أدى إلى إبعاد أفريقيا عن أمريكا الجنوبية بصورة لا وجود لها في الطبيعة، ومن ثم فإن هذا الابتعاد قد جعل كلا من القارتين في حوزة القوة الجوية للسوفيت والأمريكيين على التوالي، بينما في الحقيقة تبعد أفريقيا عن الولايات المتحدة بالمقدار الذي تبعد به أمريكا الجنوبية عنها.
والنتيجة الثانية التي توصل إليها سفيرسكي مرتبطة بمبدأ أن السيطرة الجوية تقود فورا إلى السيادة العالمية، فلقد تكلم سفيرسكي عن الدولتين الكبيرتين فقط مع بعض إشارات خفيفة إلى قوى بريطانيا الجوية، لكن كلامه يحمل معه بذور نقده، ذلك أن أي دولة كبيرة أو صغيرة، في النصف الشمالي أو الجنوبي من الأرض — يمكنها، إذا تجمعت لديها الأسباب التي تجعل منها قوة عسكرية جوية قوية، وإذا تكونت لديها الرغبة الأكيدة في النمو والسيطرة السياسية، أن تحصل على السيادة العالمية، مثلا يمكن لأستراليا أو البرازيل أو الأرجنتين أن تحقق السيادة، خاصة وأننا في عصر تطورت فيه القاذفات الجوية والصواريخ العابرة للقارات، لكن هذه الأفكار العامة قد تناست إمكانية تدمير السلاح الجوي للدولتين المتعاديتين معا، فالمسألة ليست مجرد هزيمة واحدة منهما كي تصبح الأخرى مسيطرة على أجواء العالم، ويجب أن نضيف إلى ذلك في الوقت الحاضر تعاظم أسلحة الدمار النووية والصاروخية من قواعد برية، وطائرات حاملة للقنابل الذرية، وغواصات حاملة أيضا لهذه الأسلحة المدمرة. وكلها عوامل أدت إلى توازن كبير في القوى الدولية؛ إذ إنها أدت إلى منع الحرب الشاملة حتى الآن.
ومع ذلك فإن تفوق السلاح الجوي العادي ما يزال له دور فعال في الحروب الصغيرة، ولكنه لا يلعب الدور الحاسم وحده، ومن ثم فإن نجاح الحروب الصغيرة يتوقف على تكامل كل الأسلحة الجوية والبحرية والبرية، بالإضافة إلى المميزات التي يحصل عليها طرف أو آخر من أطراف النزاع في المواقع الاستراتيجية التي يسيطر عليها أو يحتلها.
ولهذا فهناك كتاب يعتقدون أن السلاح الجوي لم يضف بعدا ثالثا للقوى البرية والبحرية، وإنما يعدونه إضافة تكاملية لإبعاد القوى البرية فقط، وبعبارة أخرى فإن القوة الجوية ليست في حد ذاتها عاملا حاسما وجديدا في الحروب ينهي دور القوى
البرية والبحرية. يتضح من هذه الدراسة للجيوبوليتيكا أن هدفها الأول هو دراسة الأوضاع العامة للكتل القارية وإعطاؤها أهميتها السياسية بالنسبة لموضوع واحد وجوهري هو السيادة العالمية، وبذلك فإن الجيوبوليتيكا علم سياسي أساسا يستمد جذوره من الجغرافيا وحقائقها، ويعمل على الإفادة منها لخدمة خطط سياسية معينة في غالبية الأحوال، ولهذا فإن هناك فروقا كثيرة بين الجيوبوليتيكا والجغرافيا السياسية يمكن أن نجملها فيما يلي:
1- الجيوبوليتيكا ترسم خطة لما يجب أن تكون عليه الدولة، بينما تدرس الجغرافيا السياسية كيان الدولة الجغرافي.
2- تضع الجيوبوليتيكا تصورا لحالة الدولة في المستقبل، بينما تقنع الجغرافيا السياسية برسم صورة الماضي والحاضر.
3- الجيوبوليتيكا تتسم بالتطور والحركة، بينما تميل الجغرافيا السياسية إلى الثبات.
4- تحاول الجيوبوليتيكا أن تجعل الجغرافيا وحقائقها في خدمة الدولة، بينما الجغرافيا السياسية ليست سوى صورة للدولة.
___________________
(1)Renner, G. “Peace by the Map” 1944.
(2)Seversky, A. P. de, “Air Power: Key to Survival”, Simon & Schuster, New York 1950.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|