أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-14
932
التاريخ: 25-09-2014
5591
التاريخ: 7-4-2022
1686
التاريخ: 3-12-2015
5065
|
وذلك لأنّ الناس ما داموا في الرخاء والرفاه فهم في غفلة وقلما يكون لديهم استعداد وقابلية لقبول الحق. أمّا عندما يتورّطون في المحنة والبلاء، يشرق نور فطرتهم وتوحيدهم ويتذكرون الله قهراً بلا اختيار، وتستعد قلوبهم لقبول الحق.
ولكن هذه اليقظة والنهضة ليست عند الجميع على حدّ سواء، فهي في كثير من الناس سريعة وعابرة وغير ثابتة، وبمجرّد أن تزول المشكلات يعودون إلى غفلتهم وغفوتهم، ولكن هذه المشكلات تعتبر بالنسبة إلى جماعة آخرين نقطة تحول في الحياة، ويعودون إلى الحق إلى الأبد.
والأقوام الذين جرى الحديث ـ في الآيات السابقة ـ حولهم كانوا من النمط الأوّل.
ولهذا قال تعالى في الآية اللاحقة : { ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [الأعراف: 95] عندما لم تغيّر تلك الجماعات سلوكها ومسيرها تحت ضعظ المشكلات والحوادث، بل بقوا في الضلال، رفعنا عنهم المشكلات وجعلنا مكانها النعم والرخاء فازدهرت حياتهم وكثر عددهم وزادت أموالهم {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا} .
و«عفوا» من مادة «عفو» التي تكون أحياناً بمعنى الكثرة، وأحياناً بمعنى الترك والإعراض، وتارة تكون بمعنى محو آثار الشيء. ولكن لا يبعد أن يكون أصل جميع تلك الأُمور هو الترك، غاية ما هنالك قد يترك شيء لحاله حتى يتجذر، ويتوالد ويتناسل ويزداد، وربّما يترك حتى يهلك وينهدم تدريجاً وشيئاً فشيئاً. ولهذا جاء بمعنى الزيادة والهلاك معاً.
وقد احتمل المفسّرون في الآية المبحوثة ثلاثة احتمالات أيضاً:
الأوّل: أنّنا أعطيناهم إمكانيات حتى يزدادوا فيستعيدوا كل ما فقدوه ـ في فترة الشدّة والضراء ـ من الأفراد والاموال.
الآخر: أنّنا أعطيناهم نعماً كثيرة جداً بحيث غرتهم، فنسوا الله، وتركوا شكره.
الثّالث: أنّنا أعطيناهم نعماً كي يستطيعوا بها أن يزيلوا أثار فترة النكبة ويمحوها(1).
إنّ هذه التفاسير وإن كانت متفاوتة من حيث المفهوم، ولكنّها من حيث النتيجة متقاربة فيما بينها.
ثمّ أضاف : أنّهم عند زوال المشكلات بدل أن يلتفتوا إلى هذه الحقيقة وهي «النعمة» و«النقمة» بيد الله، وأنّهم راجعون إلى الله، يتذرعون ـ لخداع أنفسهم ـ بهذا المنطق، وهو إذا تعرضنا للمصائب والبلايا، فإنّ ذلك ليس بجديد، فقد مس آباءنا الضراء والسراء، وكانت لهم حالات رخاء وحالات بلاء، فالحياة لها صعود ونزول، والصعاب أمواج غير ثابتة وسريعة الزوال {وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ} [الأعراف: 95]. فهي إذن قضية طبيعية، ومسألة إعتيادية.
فيقول القرآن الكريم في الختام: إنّ الأمر عندما بلغ إلى هذا الحد، ولم يستفيدوا من عوامل التربية ـ أبداً ـ بل ازدادوا غروراً وعنجهيّة وتكبراً أهلكناهم فجأة ومن غير سابق انذار، لأنّ ذلك أشد إيلاماً ونكالا لهم، وعبرة لغيرهم : {فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
______________________
1- تفسير مجمع البيان , ج4 ,ص311 , ذيل الآية مورد البحث.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|