أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-06-2015
2097
التاريخ: 12-08-2015
3792
التاريخ: 11-3-2016
14051
التاريخ: 29-06-2015
2165
|
كان في قريش فرع يدعى قريشا العازبة لأنهم سكنوا في البحرين. ثم ان قسما من هؤلاء هاجروا إلى مرو، و فيهم آل الجهم. و في أوائل الدولة العبّاسيّة عاد الجهم بن بدر بن الجهم إلى بغداد.
ولد عليّ بن الجهم في بغداد، سنة 188 ه(804 م) ، ثم نشأ يقرأ كتب الفلسفة و يناظر في قضايا علم الكلام و يهاجم المعتزلة و يجادل الزنادقة. و لكنّ حبّ الأدب و قول الشعر غلبا عليه. و قد كان صديقا حميما لأبي تمّام.
و حظي عليّ بن الجهم في مطلع حياته عند نفر من خلفاء بني العبّاس فولاّه المعتصم ديوان المظالم في حلوان، و قد كان في هذا المنصب سنة 222 ه (837 م) . ثم عظمت منزلة ابن الجهم عند المتوكّل إلى أن أفسد الحسّاد بينهما فأبعده المتوكّل، سنة 239 ه(853-854 م) إلى خراسان، و كتب إلى و اليها طاهر بن عبد اللّه بن طاهر بأن يصلبه من الصباح إلى الليل، فصلبه طاهر ثم أعاده إلى السجن.
و رضي المتوكّل عن ابن الجهم فعاد ابن الجهم إلى بغداد، سنة 240 أو 241 ه(855 م) و عاش فيها مهملا عيشة لهو و فسق. و بعد وفاة المتوكّل (247 ه) بعامين سار ابن الجهم إلى غزو الروم، و لكنّ جماعة من أعراب بني كلب خرجوا عليه و على من معه فجرح هو في أثناء القتال فحمله أصحابه عائدين به إلى بغداد، و لكنّه توفّي على مرحلة من حلب، في موضع يقال له خساف، سنة 249 ه(863 م) .
خصائصه الفنّيّة:
عليّ بن الجهم شاعر مطبوع جزل الألفاظ صحيح السبك مع سهولة في التركيب و وضوح في المعنى، ثم هو من الفضلاء في علم الشعر و في صناعته (العمدة 1:170) . و ابن الجهم قدير على التصرّف بالمعاني قليل الاحتفال بالصناعة حتّى إنه يترك قصائده في بعض الأحيان غير مصرّعة؛ و شعره فيّاض العاطفة عذب في التلاوة. أما فنون شعره فهي الغزل و الفخر و الحكمة و الهجاء، و هو يجيد الهجاء، إذ هو قادر على أن يصيب به حيث شاء مع الإقذاع. ثم هو قليل الرغبة في التكسّب بشعره لم يمدح إلا الخلفاء؛ و غزله بارع عذب الألفاظ يجيد فيه تصوير الشوق و يجريه في حوار بينه و بين النساء. و هو مجيد للوصف، و خصوصا في وصف الطبيعة الحيّة و الجامدة من نبات و حيوان و قصور. و له مجون استطاع أن يجريه في اللفظ البريء.
المختار من شعره:
- قال علي بن الجهم لما حبسه المتوكّل:
قالت حبست فقلت: ليس بضائر... حبسي؛ و أيّ مهنّد لا يغمد
أ و ما رأيت اللّيث يألف غيلةً... كبرا، و أوباش السباع تردّد (1)
و الشمس لو لا أنها محجوبة... عن ناظريك لما أضاء الفرقد (2)
و البدر يدركه السرار فتنجلي... أيّامه و كأنّه متجدّد (3)
صبرا فإنّ الصبر يعقب راحة... و يد الخليفة لا تطاولها يد
و الحبس ما لم تغشه لدنيّة... شنعاء، نعم المنزل المتورّد (4)
- و لما صلب في الشاذياخ بخراسان قال:
لم ينصبوا بالشاذياخ صبيحة ال...ـإثنين مغمورا و لا مجهولا
نصبوا بحمد اللّه ملء عيونهم... شرفا و ملء صدورهم تبجيلا
هل كان إلاّ الليث فارق غيلة... فرأيته في محمل محمولا
ما عابه أن بزّ عنه لباسه... فالسيف أهول ما يرى مسلولا
إن يبتذل فالبدر لا يذري به... أن كان ليلة تمّه مبذولا (5)
أو يحبسوه فليس يحبس سائر... من شعره يدع العزيز ذليلا
إنّ المصائب ما تعدّت دينه... نعم، و إن صعبت عليه قليلا (6)
و اللّه ليس بغافل عن أمره... و كفى بربّك ناصرا و وكيلا
هل تملكون لدينه و يقينه... و جنانه و بيانه تبديلا
لم تنقصوه و قد ملكتم ظلمه... ما النقص إلاّ أن يكون جهولا
كادت تكون مصيبة لو أنّكم... أوضحتم ذنبا عليه جليلا
أو كان سفّ (7) إلى الدنيّة، أو رأى... غير الجميل من الأمور جميلا
- و لعلي بن الجهم قصيدة مشهورة بمطلعها في الغزل مدح فيها المتوكل. و لا ريب في أنها من أحسن الشعر أيضا:
عيون المها بين الرصافة و الجسر... جلبن الهوى من حيث أدري و لا أدري (8)
أعدن لي الشوق القديم و لم أكن... سلوت، و لكن زدت جمرا على جمر
و لكنّه أودى الشباب، و إنما... تصاد المها بين الشبيبة و الوفر (9)
و بتنا، على رغم الوشاة، كأنّنا... خليطان من ماء الغمامة و الخمر
خليليّ، ما أحلى الهوى و أمرّه... و أعلمني بالحلو فيه و بالمرّ
بما بيننا من حرمة! هل رأيتما... أرقّ من الشكوى و أقسى من الهجر
و ما أنس م الأشياء لا أنس قولها... لجارتها: ما أولع الحبّ بالحرّ(10)
فقالت لها الأخرى: فما لصديقنا... معنّى و هل، في قتله، لك من عذر
صليه لعلّ الوصل يحييه، و اعلمي... بأنّ أسير الحب في أعظم الأسر
و أيقنتا أن قد سمعت، فقالتا... من الطارق (11) المصغي إلينا و ما ندري
فقلت فتى إن شئتما كتم الهوى... و إلاّ فخلاّع الأعنّة و العذر(12)
فقالت كأنّي بالقوافي سوائرا... يردن بنا مصرا و يصدرن عن مصر(13)
فقلت أسأت الظنّ، لست بشاعرٍ... و إن كان أحيانا يجيش به صدري
صلي و اسألي من شئت يخبرك أنني... على كلّ حال نعم مستودع السرِّ
و ما أنا ممّن سار بالشعر ذكره... و لكنّ أشعاري يسير بها ذكري
و ما الشعر مما أستظل بظلّه... و لا زادني قدرا و لا حطّ من قدري
و لكنّ إحسان الخليفة جعفر... دعاني إلى ما قلت فيه من الشعر
فسار (14) مسير الشمس في كل بلدةٍ... و هبّ هبوب الريح في البر و البحر
و لو جلّ عن شكر الصنيعة منعمٌ... لجلّ أمير المؤمنين عن الشكر
و من قال إن البحر و القطر (15) أشبها... نداه فقد أثنى على البحر و القطر
و لو قرنت بالبحر سبعة أبحرٍ... لما بلغت جدوى أنامله العشر (16)
و لا يجمع الأموال إلاّ لبذلها... كما لا يساق الهدي إلاّ إلى النحر (17)
و فرّق شمل المال جود يمينه... على أنّه أبقى له حسن الذكر
إذا ما أجال الفكر أدرك فكره... غرائب لم تخطر ببال و لا فكر
أغير كتاب اللّه تبغون شاهدا... لكم، يا بني العباس، بالمجد و الفخر
كفاكم بأنّ اللّه فوّض أمره... اليكم، و أوحى أن أطيعوا أولي الأمر (18)
______________________
1) الغيل: الشجر الملتف. السبع: كل ذي ناب و ظفر، الحيوان المفترس. الأوباش: الأخلاط و السفلة. أوباش السباع: السباع الضعيفة و المحتقرة مثل بنات آوى و الكلاب و الجرذان. تردد: تتردد، تروح و تجيء حرة.
2) الفرقدان: نجمان معروفان. و المقصود بالفرقد هنا: النجم مطلقا.
3) السرار: آخر الشهر القمري، و لا يكون للقمر فيه نور، و مع ذلك فان ذلك يكون ايذانا بتجدد القمر.
4) المتورد: الذي يدخله الناس.
5) مبذول: ظاهر للعيون غير محجوب عن أحد (لأنه مرتفع، عال) .
6) -إذا لم تنزل المصائب بدين المرء قهي نعم (لأنها تزيد في اختباره من غير أن تعرضه لخسارة حقيقة) .
7) انحدر، نزل.
8) الرصافة: الجانب الشرقي من بغداد. الجسر: الجسر الذي يصل الرصافة بالكرخ (الجانب الغربي) .
9) أودى، ذهب، هلك، انقضى. الوفر: وفرة الشعر، كثرته (في أيام الشباب) .
10) . . . . -ما أكثر علوق الحب بالرجل الحر (النبيل السامي الخلق) .
11) الآتي ليلا.
12) كتم الهوى: صبر على الحب. خلاع الأعنة (العنان بكسر العين: الرسن) و العذر (العذر بضمتين جمع عذار بالكسر: جانب اللحية) : سلك سلوك الصغار في السن، انهمك في الغي، انغمس في الملذات.
13) . . . . شهرتنا في الشعر، فأصبحت قصائدك فينا تنتقل من مصر (بلد) إلى مصر.
14) فسار شعري. . . .
15) المطر.
16) الجدوى: الجود، الكرم. يلمح في هذا البيت قوله تعالى: «وَ لَوْ أَنَّ ما فِي اَلْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ، وَ اَلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ، ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اَللّهِ» (31:27) ؛ قل: لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي، و لو جئنا بمثله مددا» (18:109) .
17) الهدي: الحيوانات الاليفة (الجمل، البقر، الضأن) التي تضحى (تذبح) في عيد النحر.
18) فوض أمره اليكم: جعلكم خلفاء تحكمون في خلقه. و في القرآن الكريم (4:58) : «يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا، أَطِيعُوا اَللّهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ» .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|