أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-3-2018
2113
التاريخ: 30-12-2015
4659
التاريخ: 9-04-2015
2375
التاريخ: 13-08-2015
2042
|
ولد الحجّاج بن يوسف في سنة 42 ه(660 م) في مدينة الطائف، شرق مكّة، و نشأ في أسرة مثقفة متعلمة: كان هو و أبوه و أخوه معلّمين في الطائف. ثم ان الحجّاج ترك التعليم و التحق بالجيش الأموي، و ما زال يترقّى في مراتبه حتى عهد إليه الخليفة عبد الملك بن مروان بقيادة جيش لمحاربة عبد اللّه ابن الزبير في مكّة. و كان عبد اللّه بن الزبير قد ثار على الدولة الأموية و نادى بنفسه خليفة في الحجاز و العراق و مصر. و انتصر الحجاج على ابن الزبير و خرّ ابن الزبير صريعا في القتال في سنة 73 هـ (692 م) .
عندئذ ولّى عبد الملك الحجّاج على الحجاز و اليمن فاستطاع الحجّاج في عامين اثنين (73-75 ه) أن يوطّد الأمن فيهما و يحملهما على طاعة بني أمية. فأضاف اليه عبد الملك من أجل ذلك الولاية على العراق (75 ه-694 م) .
و في مدى عشر سنوات أقر الحجاج الأمن في العراق و قضى على الخوارج و على الثائرين على بني أمية و قام بإصلاحات إدارية و عمرانية كثيرة، منها: بناء مدينة واسط لتكون عاصمة له، لأن الكوفة كانت شيعة لآل علي[عليه السلام] و لأن البصرة كانت شيعة لآل الزبير. و مسح العراق (قاسه و عين أماكنه و قيد الاملاك فيه) و كرى (أعاد حفر) الأقنية التي كانت قد طمرت بالمعارك و الحروب، و وحّد المكاييل و المقاييس و الموازين، و نقل الدواوين (سجلات الحكومة) من الكتابة باللغة الفهلوية (الفارسية القديمة) إلى اللغة العربية، و سك العملة باللغة العربية ثم نظم الجيش فجعل الخدمة فيه اجبارية.
بعدئذ التفت الحجّاج إلى الفتوح فوجّه الجيوش إلى المشرق ففتحت بلخ و طخارستان و فرغانة (من أواسط آسية) و فتحت السند (غربي الهند) و وصلت إلى كاشغر على حدود الصين.
و بينما كانت الفتوح العربية في المشرق على أشد اتساعها توفي الحجاج لما وقعت في جوفه الأكلة (السرطان أو القرحة) و ذلك على الأغلب في رمضان 95 ه (715 م) فتوقفت الفتوح عند الحد الذي كانت قد بلغته.
وكان الحجّاج خطيبا بارعا امتاز بجميع خصائص العصر من جزالة اللفظ و متانة التركيب و قصر الجمل و الموازنة بينها. و كان السجع و الصناعة في خطبه قليلين، أما الاقتباس من القرآن الكريم خاصة و من الشعر و الأمثال فكثير. غير أنه فاق غيره في خطبه بأثر الحزم (فما هدّد في خطبه إلاّ نفّذ بعدها تهديده في من يخالف أوامره) ، و بسعة الدراية بالناس و نفوذ بصره إلى دخائل نفوسهم.
المختار من خطبه:
- خطبته حين تولى العراق:
ترك الحجّاج المدينة متوجها نحو العراق فوصل إلى الكوفة في رمضان من سنة 75 ه(كانون الاول 694 م) . دخل الحجّاج المسجد فرقي المنبر و قرأ على الناس كتاب الخليفة بتوليته على العراق ثم ألقى خطبته المشهورة:
حدث عبد الملك بن عمير الليثي، قال:
بينا نحن في المسجد الجامع بالكوفة-و أهل الكوفة يومئذ ذوو حال حسنة يخرج الرجل منهم في العشرة و العشرين من مواليه-إذ أتى آت فقال: «هذا الحجّاج قد قدم أميرا على العراق!» فاذا به (بالحجّاج) قد دخل المسجد معتمّا بعمامة قد غطّى بها أكثر وجهه، متقلّدا سيفا متنكبا قوسا يؤمّ المنبر.
فقام الناس نحوه حتى صعد المنبر، (ثم) مكث ساعة لا يتكلم. فقال (بعض الناس لبعض) : قبح اللّه بني أمية إذ يستعملون مثل هذا على العراق. ثم قال عمير بن ضابئ البرجمي: «أ لا أحصبه لكم» -يعني أرميه بالحصباء (الحجارة) . و كان بعضهم قد أخذ حصى يريد أن يحصبه بها-فقالوا: «أمهل حتى ننظر» .
فلما رأى (الحجاج) عيون الناس اليه حسر اللثام و نهض فقال:
انا ابن جلا و طلاّع الثنايا... متى أضع العمامة تعرفوني (1)
يا أهل الكوفة، إنّي لأحمل الشرّ بحمله، و احذوه بنعله و اجزيه بمثله. و إني لأرى أبصارا طامحة و أعناقا متطاولة، و رؤوسا قد أينعت (2) و حان قطافها و إني لصاحبها. و كأني انظر إلى الدماء بين العمائم و اللحى تترقرق.
هذا أوان الشدّ فاشتدي، زيم...قد لفّها الليل بسوّاق حطم
ليس براعي إبل و لا غنم... و لا بجزّار على ظهر و ضم(3)
قد لفّها الليل بعصلبيّ... أروع خرّاج من الدويّ
مهاجر ليس بإعرابي (4)
قد شمّرت عن ساقها فشدّوا... و جدّت الحرب بكم فجدّوا
و القوس فيها وتر عردُّ... مثل ذراع البكر أو أشدّ
لا بدّ مما ليس منه بدّ (5)
إني-و اللّه-، يا اهل العراق و معدن الشقاق و النفاق و مساوئ الأخلاق، ما يقعقع لي بالشنان (6) و لا يغمز جانبي كتغماز التين (7). و لقد فررت عن ذكاء و فتّشت عن تجربة و جريت إلى الغاية القصوى. و ان أمير المؤمنين -أطال اللّه بقاءه-نثر كنانته بين يديه فعجم عيدانها (8) فوجدني أمرّها عودا و أصلبها مكسرا فرماكم بي لأنكم طالما أوضعتم في الفتن و اضطجعتم في مراقد الضلال و سننتم سنن الغيّ.
أما و اللّه، لألحونّكم لحو العصا و لأقرعنّكم قرع المروة و لأعصبنّكم عصب السلمة و لأضربنّكم ضرب غرائب الابل (9)، فإنكم لكأهل «قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان، فكفرت بأنعم اللّه فأذاقها اللّه لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون »(10) .
و اني، و اللّه، لا أعد إلاّ وفيت، و لا أهمّ إلاّ أمضيت (11)، و لا أخلق إلا فريت (12). فإياي و هذه الشفعاء و الزرافات و الجماعات و قالا و قيلا؛ و ما تقول، و فيم أنتم و ذاك؟ أما و اللّه، لتستقيمُنّ على طريق الحق أو لأدعنّ لكل رجل منكم شغلا في جسده.
و إن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم، و ان أوجّهكم لمحاربة عدوّكم مع المهلّب بن أبي صفرة. و أني أقسم باللّه لا أجد رجلا تخلّف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلا سفكت دمه و أنهبت ماله و هدمت منزله.
لقد انطوت خطبة الحجاج هذه على ثلاثة أمور:
أ-تقريع لأهل الكوفة خاصة.
ب-طلب بالسير مع المهلب بن أبي صفرة لقتال الخوارج.
ج-تصريح بأنه مخالف للولاة الذين سبقوه و انه سيعاملهم بالحزم و الشدة.
و اتفق ان تأخر عن الموعد الذي ضربه الحجّاج رجل شيخ اسمه عمير بن ضابئ البرجمي (13)، ثم جاء بعد ثلاثة أيام يبدي عذرا من ضعفه. فأراد الحجاج في أول الأمر أن يعفو عنه، و لكن ذكروا له ان هذا الرجل دخل على عثمان ابن عفّان مقتولا فوطئ بطنه. عندئذ أمر الحجّاج بقتله و قال له: «ان في قتلك صلاح المسلمين» ، و أمر مناديا فنادى: ألا إن عمير بن ضابئ أتانا بعد ثالثة-و كان قد سمع النداء-فأمرنا بقتله. ألا إن الذمّة قد برئت من رجل رأيناه بعد هذا البعث متخلفا.
- بعد ان استقر الحجاج في الكوفة و أرهب أهلها انتقل إلى البصرة و توعّد أهلها خاصة و هددهم، فقال:
أيها الناس: من أعياه داؤه فعندي دواؤه، و من استطال اجله فعليّ ان أعجّله، و من ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقلة، و من استطال ماضي عمره قصّرت عليه باقيه. إن للشيطان طيفا و للسلطان سيفا، فمن سقمت سريرته صحّت عقوبته، و من وضعه ذنبه رفعه صلبه، و من لم تسعه العافية لم تضق عنه الهلكة، و من سبقته بادرة فمه سبق بدنه (؟) بسفك دمه.
إني أنذر ثم لا انظر (14)، و أحذّر ثم لا أعذر، و أتوعّد ثم لا أعفو. إنما أفسدكم ترنيق ولاتكم، و من استرخى لببه (15) ساء أدبه. إن الحزم و العزم سلباني سوطي و أبدلاني به سيفي، فقائمه في يدي، و نجاده (16) في عنقي، و ذبابه (17) قلادة لمن عصاني. و اللّه، لا آمر أحدكم أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الباب الذي يليه إلاّ ضربت عنقه.
___________________
1) البيت لسحيم بن وثيل الرياحي. ابن جلا: البين الرأي و الامر-طلاع الثنايا (الطرق في الجبال) : المتغلب على الصعاب. وضع العمامة: رفع طرفها عن وجهه.
2) اينع الثمر: نضج.
3) يروى الشعر لرويشد بن رميض العنبري. الشد: الجري. زيم: اسم ناقة. حطم: الذي يجهد الناقة. و ضم: قطعة خشب يقطع اللحام اللحم عليها.
4) العصلبي: الشديد. اروع: ذكي الفؤاد. الدوي: الصحراء. مهاجر: (حضري) .
5) عرد: شديد. البكر: ولد الناقة.
6) اخوف بأحداث الأصوات ورائي. الشن: الجلد اليابس.
7) لا أسكت على الضيم.
8) الكنانة: جعبة السهام. عجم العود: عضه ليختبر قوته و صلابته.
9) لحا: قشر. المروة: الحجر. قرع: ضرب. السلمة: شجر ذو شوك. . . يقصد الحجاج انه سيسير فيهم سيرة شديدة حازمة.
10) القرآن الكريم 16(النحل)112.
11) نفذ.
12) خلق: قدر. فرى: قطع.
13) الذي أراد أن يحصب الحجاج في المسجد قبل الخطبة.
14) انظر: اجل العقوبة و أخرها.
15) ترنيق: ضعف. اللبب حزام صدر الدابة؛ اشارة إلى ضعف الارادة.
16) حمائل السيف.
17) حد السيف.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|