المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6601 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

عزم الدوران
2-2-2016
synaesthesia/synesthesia (n.)
2023-11-25
تحقّق الأماني
8-5-2018
معنى كلمة مكا‌
28-12-2015
أبو محمد هشام بن سالم الجواليقي
3-9-2020
طرق اكثار شجرة الاناناس
13-7-2016


تلاوة التسليم  
  
65   06:09 صباحاً   التاريخ: 2025-03-29
المؤلف : الشيخ علي الكوراني
الكتاب أو المصدر : فلسفة الصلاة
الجزء والصفحة : ص176-187
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / صلوات و زيارات /

التحيات التي يستعملها غير المسلمين في ملاقاتهم هي التحيات التقليدية الموروثة مثل : صباح الخير ومساء الخير ، ونهارك سعيد ، ومرحبا ، وطاب إليك وأنعم صباحا . وما شابه ، ذلك لأن أديانهم الوضعية والمنسوبة إلى الله لا يوجد فيها صيغة تحية للقاء الناس بعضهم مع بعض . أما الإسلام فقد وضع للتحية أحكاما ووضع لها صيغة جميلة . . قال عز وجل ( . فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة ) 61 النور .

وعن الرسول الله صلى الله عليه وآله قال " السلام تطوع والرد فريضة " وقال " أولى الناس بالله ورسوله من بدأ بالسلام " الكاف ج 2 ص 644.

وعن الإمام الباقر عليه السلام قال " كان سلمان رحمه الله يقول : أفشوا سلام الله فإن سلام الله لا ينال الظالمين " الكافي ج 2 ص 644 .

وإذا أردنا أن نقارن صيغة التحية الإسلامية ( سلام عليكم أو السلام عليكم أو عليكم السلام ) بالتحيات الأخرى لوجدناها تتميز عليها من ناحيتين :

الأولى : الشمول ، فإن صيغ التحيات الأخرى مخصصة بوقت أو بحالة ، بينما صيغة التحية الإسلامية شاملة للأوقات والحالات .

والثانية : المحتوى ، فإن التحيات الأخرى تساوي قولك : أتمنى أن يكون الوقت الذي يمر عليك سعيدا وخيرا . والتحية الإسلامية تساوي قولك : الأمان والطمأنينة من الله عليك .

وفارق كبير بين أن تحيي من تلاقيه بأمنياتك له بالخير والسعادة وبين أن تكون مخولا من الله عز وجل بتحيته بالأمن والطمأنينة . إن هذا العنصر في التحية الإسلامية يلفت الذهن حقا . فهي ليست تحية من عند الإنسان بل ( من عند الله مباركة طيبة ) وكلنا عز وجل أن ننشئها عنه على أنفسنا كلما التقينا ، بل وخولنا إفشاءها على كل المسلمين .

أن المخلوق لا يملك الخير والأمن والطمأنينة حتى يقدمها للآخرين . ولكنها الرحمة الإلهية ترتفع بالإنسان إلى مستوى أن يحيي نفسه وإخوانه بالسلام نيابة عمن يملك الأمن والسلام عز وجل ويزداد معطى هذه التحية البليغة حينما تجدها في الصلاة وقد جعلها الإسلام وتلاوة الختام، عن النبي صلى الله عليه وآله قال " افتتاح الصلاة الوضوء ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها السلام " الوسائل ج 4 ص 1003 .

وعن أمير المؤمنين عليه السلام وقد سأله رجل : ما معنى قول الإمام في ختام الصلاة ( السلام عليكم ) فقال " إن الإمام يترجم عن الله عز وجل ويقول في ترجمته لأهل الجماعة : أمان من عذاب الله يوم القيامة " الوسائل ج 4 ص 1005.

وعن الإمام الرضا عليه السلام قال " إنما جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدله تسبيحا وتكبيرا أو ضربا آخر ، لأنه لما كان الدخول في الصلاة تحريم الكلام مع المخلوقين والتوجه إلى الخالق . كان تحليلها والانتقال عنها كلام للمخلوقين وابتداء المخلوقين أولا بالسلام " الوسائل ج 4 ص 1005 .

فلئن كانت التحية الإسلامية في كل الحالات تحية من عند الله مباركة طيبة تبشر بها عن الله عز وجل من لاقيت من الناس ، فإنها عقيب الصلاة أكثر بركة وطيبا لأنك تكون تلقيتها غضة عطرة من الله الذي وقفت بين يديه تبارك وتقدس ، وتكون أجدر بهذه النيابة وأقرب للتعبير عن المنوب عنه عز وجل .

ومما يلاحظ في تسليم الصلاة استحباب التسليم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل سلام الختام وأن هذا التسليم من ضمن الصلاة وليس ختاما لها :

عن الإمام الصادق عليه السلام قال " كلما ذكرت الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وآله به فهو من الصلاة ، وإن قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت " الوسائل ج 4 ص 1012 .

كما يلاحظ وجود صيغتين شرعيتين للتسليم ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين والسلام عليكم ) فإن كان المصلي مفردا وليس حوله أحد سلم على نفسه وعلى عباد الله الصالحين تحية من عند الله سبحانه ، وإن كان يصلي مع جماعة أو حوله أحد سلم عليهم، وإذا جمع بين الصيغتين وكان مفردا سلم على نفسه وعلى الصالحين أولا ثم سلم سلاما مطلقا قاصدا به الملائكة الذين معه أو مبقيا له على شموله لكل من يستحق تحية الله وإن كان مع جماعة سلم على نفسه وعليهم وعلى الصالحين أولا ثم خصص إخوانه بالسلام ثانيا .

وللتسليم على النفس بأمر الله عز وجل وبتحية من عنده مباركة طيبة أثر كبير في اطمئنان المسلم وشعوره بالأمان الإلهي الوديع .

بعد هذا الاستعراض لبلاغة تلاوات الصلاة ، يلفتنا فيها أمر جديد لم يكن في الحسبان يلفتنا أنها ليست تكلما مع الله عز وجل ، باستثناء الآيات الثلاث في نهاية سورة الفاتحة وفقرة ( اللهم صلى على محمد وآل محمد ) في تلاوة التشهد ! .

نعم إن الطابع العام للصلاة هو التكلم مع النفس بين يدي الله لا التكلم مع الله . وهو أمر يستحق الوقوف .

صحيح أنه يستحب في الصلاة الدعاء ومخاطبة الله عز وجل ، ولكن قوام الصلاة هو بتلاواتها الواجبة من التكبير والتحميد والتوحيد والتهليل التشهد، وجميعها حقائق عن الله عز وجل وصلته بالوجود يقوم المصلي بتقريرها في نفسه بين يدي الله دن مخاطبته بها . فلماذا غلب هذا الطابع على الصلاة ؟ .

لماذا لا نقول في الصلاة بدل الله أكبر : اللهم أنت أكبر ، ولماذا لا نقرأ : باسمك اللهم ، والحمد لك يا رب العالمين ، أو نقول في الركوع : سبحانك ربي العظيم وبحمدك ، وفي الجلوس : اللهم أشهد ألا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك . ؟

يبدو معقولا أن تكون الصلاة كلها استغراقا في التكلم مع الله كما تري في بعض الصلوات غير الإسلامية . لكن الإسلام يخطئ هذه الطريقة في الصلاة ويراها غير عملية، لعدة أسباب ترجع إلى أصلين يقوم عليهما تشريعه للصلاة وتشريعاته في كل مجال : الأصل الأول : أن هدف التشريع الإسلامي هو الإنسان وليس الله ، هدفه تربية هذا الإنسان وضمان استقامته في طريق تكامله.

ماذا يصنع الله بصلاة الإنسان وصومه واعترافه بألوهيته وأنبيائه واليوم الآخر ، لو لم يكن ذلك ضرورة لازمة لوجود هذا الكائن، يقول عز وجل ( ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقتهم ) 118 هود، خلقهم للرحمة ، لمجرد الاستفادة من عطائه في تكاملهم .

أما قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) 56 الذاريات.

فهو بمثابة قوله (ما خلقتهم إلا ليتكاملوا بإطاعتي) لأن إطاعته عز وجل هي الطريق الوحيد للتكامل ، كما تقول إنما تعلمت لكي أعمل، مع أن العمل طريق وليس هدفا .

والأصل الثاني : أنه لا بد في التشريع الإسلامي أن يكون ميسرا لظروف الناس ومستوياتهم جميعا لأنه تشريع لهم جميعا، وبموجب هذين الأصلين الغرض التربوي والكلفة الأقل اللذين هما من طبيعة المنطلق التشريعي في الإسلام ، نجد أن التكلم مع الله عز وجل ليس بحد ذاته هدفا للتشريع الإسلامي ، وإنما أسلوب تربوي يتبع حيث يكون أكثر عطاءا ويسرا على العباد . أما إذا كان أكثر كلفة وأقل عطاء فإن الله عز وجل لا يتردد في اختيار الأسلوب البديل ، وكذلك فعل عز وجل في الصلاة فاختار لها أسلوب التقرير المعين وجعله الطابع العام لها دون أسلوب التكلم

المباشر .

لا أريد التقليل من الأهمية التربوية التي نفيدها من التكلم مع الله عز وجل . بل أريد التمييز بين هذين الأسلوبين اللذين تتألف منهما الصلاة : أسلوب التقرير بضمير الغيبة الذي جعله الله الطابع العام للصلاة ، وأسلوب التكلم بضمير الخطاب الذي انحصر في موردين في تلاوات الصلاة الواجبة .

فمن ناحية نجد أن خطاب الحضور مع الله عز وجل يستلزم جهدا ذهنيا أكثر من خطاب الغيبة ، فلا ننسى أن الوجود الإلهي مهما كانت درجة وضوحه في عقل الإنسان إلا أنه وجود غائب عن حواسه السائدة بل حتى عن حاسة الخيال الشاسعة، ولذا فإن من الصعوبة بمكان أن تكون صلاة الناس كلها تكلما مع الله عز وجل . بينما أسلوب تقرير الحقائق عن الله والوجود مع النفس على عين الله أكثر يسرا .

ومن ناحية أخرى فإن الصلاة تهدف أن يتربى الإنسان على تقديس الله وتحميده وتوحيده سبحانه . وهذا التربي يفي به أسلوب التقرير أكثر مما يفي به أسلوب التكلم لأن أسلوب التكلم يجعل المقدس المعظم مخاطبا لك ، أما أسلوب التقرير فيجعلك تقرر هذه الأوصاف لمقدس عظيم وكأنك تجله عن المخاطبة، وأسلوب التكلم قد يومئ بأن لك نصيبا في تقديس الله عز وجل ، لأنك تقوم بإنشاء هذا التقديس . أما أسلوب التقرير فيجعلك تعترف بالتقدس حقيقة كونية ثابتة لا بد لك في إثباتها ولا في نفيها ، ولا لأي مخلوق .

والصلاة تريد للإنسان أن يتربى في نشاطه اليومي على الاستقامة في خط الإسلام وأن يحس بأنه يتصرف على مرأى ومسمع من الله عز وجل، وأسلوب التقرير أقرب شبها بهذا النشاط اليومي المطلوب فهو أنفع في التربية عليه . أما أسلوب التكلم مع الله سبحانه فهو مادة تربوية من غير نوع النشاط اليومي . بعبارة ثانية : أن أسلوب الخطاب يربي الإنسان على أن ينضبط ويستقيم في تكلمه مع الله عز وجل ، أما أسلوب التقرير فهو يربي الإنسان على أن ينضبط ويستقيم مع نفسه على مرأى ومسمع من الله عز وجل وهذا اللون من التربية أبعد أثرا في حياتنا اليومية .

من أجل ما تقدم نجد أن الصلاة تفرق بين التربية على التقديس وبين التربية على الطلب ، ففي التربية الإنسان على تقديس الله سبحانه تستعمل أسلوب التقرير بضمير الغائب ، وفي التربية على الطلب من الله عز وجل تستعمل أسلوب التكلم والخطاب. ولما كانت التربية على التقديس ( التوعية على الله والوجود وصلة الله بالوجد ) هي الغرض الأكثر في الصلاة والتربية على الطلب هي الأقل كان الطابع العام لتلاوتها أسلوب التقرير بضمير الغائب .

ثم أن أسلوب التقرير المتبع في الصلاة ليس أسلوبا متمحضا في ( الغيبة ) فهو من ناحية تقرير على عين الله وبين يديه ، ومن ناحية إخبار يتضمن ويستبطن الانشاء كما عرفت . وهذان العنصران يجعلانه لونا خاصا من الكلام مزيجا الغيبة والخطاب والإخبار والإنشاء ، وهذا في اعتقادي من معاجز الصلاة . فكأن الله عز وجل يقدم لنا بهذا الأسلوب نموذجا رفيعا للنشاط الإنساني الواعي ويدعونا لأن نجعل نشاطنا اليومي تحركا على عينه وموجها إليه عز وجل مع الالتفات الكامل إلى أنفسنا وموقعنا في هذا التحرك .

وأخيرا لا أدري هل وفيت في التمييز بين الأسلوبين اللذين تعتمدهما تلاوات الصلاة..

إن أسلوبي الغيبة والخطاب في الصلاة ما هما إلا جزئين من أسلوبي الغيبة والخطاب الممتدين في صفحات القرآن الكريم . وهما جديران بدراسة مستقلة تكشف عن قواعدهما العلمية وتميز بين حقولهما التربوية : دراسة تبين لنا متى يتكلم الله عز وجل عن نفسه بضمير الغائب ولماذا ؟ ومتى يتكلم عن نفسه بضمير المتكلم ، ولماذا ؟ ومتى يكلمنا بضمير الغائب أو المخاطب ، ولماذا ؟ ومتى يطلب منا أن نكلمه بضمير الغائب أو المخاطب ، ولماذا ؟ . وكذلك الأمر في ضمير المفرد والجماعة .

لا شك أن القرآن الكريم يعتمد في كل ذلك أصولا علمية ثابتة لا تفاوت فيها ولا اختلاف ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا كما لا شك في أن تشريعات الإسلام وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلوك الأئمة ( ع ) تطبيق أمين لهذه الأصول ، ولذلك فهي ذات فائدة كبيرة في استكشافها وتحديدها . وقد رأيت كيف تمييز الصلاة بين تربية الإنسان على تقديس الله وتربيته على الطلب من الله عز وجل ، كما رأيت سابقا في تمييزها بين ضمير المفرد والجماعة .

وآخر ما يلفت في تلاوات الصلاة : أنها تلاوات تشبع أوضاع الصلاة وتناسبها :

إن كثيرا من المواقف تفتقر إلى التعبير الملائم افتقار الملح إلى الطعام وافتقار الوردة إلى اللون وافتقار الأشجار إلى الطيور.. فإن هي لم تفعم بهذا التعبير ظلت يتيمة ولهي. وكذلك مواقف الصلاة: الوقوف باعتدال بين يدي الله ، والركوع، والسجود ، والجلوس بين يدي الله عز وجل تفتقر إلى تعبير ملائم . وتجئ التلاوات فتملأ هذا الفراغ وتسد هذا الافتقار بجدارة وما ذلك إلا لغني التلاوات بالأفكار والمشاعر وملاءمتها المطلقة لهذه الموقف . حتى لتجد تلاوة الركوع ركوعا بذاتها ، كما تجد الركوع بذاته موحيا بتعظيم الله عز وجل والتسبيح بحمده ! وكذلك الأمر في كل واحد من هذه التلاوات البديعة الفريدة ابتداءا بتكبير الله . وختاما بالأمن والسلام من لدنه عز وجل .

الجهر والاخفات من شمول حضارة الإسلام ودقتها أن التشريع الإسلامي تناول مسألة الصوت في سلوك الإنسان باعتبار ما لدرجات الصوت من أثر على النفس . والجهر في اللغة هو الظهور والإعلان ، تقول : جهر الشيء أي ظهر وبدأ ، ورأيته جهرة أي عيانا ، وجهر بالكلام وجهر الكلام أي أعلن به ، وكلام جهر أي مرتفع ، وجهر بصوته وجهر صوته أي رفعه فهو جهر ومجهر وجهوري الصوت ( مقتطف من تاج العروس مادة جهر ) والخفت والخفوت والخفات : ضعف الصوت وسكونه ، تقول : خفت الرجل صوته وخافته وأخفته أي أضعفه ، ومنه خفت الرجل أي سكن صوته ومات .

فالجهر بالصوت هو المبالغة في رفعه مثلا من درجة ستين إلى مئة ، والاخفات هو المبالغة في خفضه مثلا من درجة عشرة إلى صفر . وما بينهما درجات معتدلة ليست بالأصل جهرا ولا إخفاتا وإن كانت كل درجة منها إخفاتا بالنسبة لما فوقها وجهرا بالنسبة لما دونها .

وكذلك لا بد من التمييز بين الجهر والاخفات في أصل اللغة ، والجهر والاخفات النسبيين لأن المعنيين دخيلان في غرضنا . ففي قوله تعالى مسجلا حكمة لقمان لولده عليهما السلام ( واقصد في مشيك واغضض من صوتك . إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) 19 لقمان يعطي القرآن الكريم قاعدة عامة في أدب الحديث فينهي عن الجهر بمعناه اللغوي الأصلي رفع الصوت بدرجات عالية ويلفت إلى استنكار الطبع لصوت الحمار بسبب ارتفاعه الفاحش .

وفي قوله تعالى ( واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول ) 205 الأعراف.

ينهى أيضا عن الجهر بمعناه الأصلي في مقام ذكر الله عز وجل .

وفي قوله تعالى ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) 110 الإسراء.

يتضح التمييز معنى الجهر والاخفات ، حيث تنهى الآية الكريمة عن الجهر والاخفات الأصليين وتأمر بالوسط بينهما وهو المعنى النسبي الذي افترضناه من درجة عشرة إلى ستين .

ولكن ، هل أن المصلي مخير بين كافة هذه الدرجات في صلاته ؟ يأتي هنا دور السنة فتقوم أولا بتحديد الجهر والاخفات اللذين نهت عنهما الآية :

عن سماعة الحضرمي قال سألته يعني الإمام الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل ، " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قال " المخافتة : ما دون سمعك ، والجهر أن ترفع صوتك شديدا " الوسائل ج 4 ص 773، ثم تقوم السنة بتقسيم السبيل الوسط المعنى النسبي إلى إخفاء وجهر ، وتحدد الاخفاء بأنه : الهمس المسموع إلى الهمس العالي . وتحدد الجهر بأنه ظهور جوهر الصوت إلى قرابة الارتفاع الفاحش . وتوزع ذلك على صلوات النهار والليل فتأمر بالاخفاء في صلوات النهار وبالجهر في صلوات الليل .

عن يحيى بن أكثم أنه سأل الإمام الكاظم عليه السلام عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار وإنما يجهر في صلاة الليل ، فقال عليه السلام " لأن النبي صلى الله عليه وآله كان يغلس بها أي يصليها أول الفجر عند الغلس وهو وقت أقرب إلى الليل " الوسائل ج 4 ص 764 .

وعن الإمام الباقر عليه السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الاجهار فيه وأخفي فيما لا ينبغي الاخفاء فيه قال " أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شيء عليه وقد تمت صلاته " الوسائل ج 4 ص 766، ومن طريف ما نلاحظ أن السنة تعبر عن الاخفات المطلوب في صلاة الظهر والعصر بالاخفاء وتعبر عن الاخفات المنهي عنه في الآية ما دون سمعك بالمخافتة مراعية الاشتقاق من فعل خافت الذي استعملته الآية الكريمة .

ولم أجد كلمة ( الاخفات ) في نصوص السنة إلا في رواية مرسلة عن الإمام الباقر عليه السلام الوسائل ج 4 ص 774 - وأرجح أنها مصحفة عن الاخفاء . غير أن الفقهاء لم يتنبهوا لهذه الدقة في نصوص السنة الشريفة ودرجوا على التعبير بوجوب الاخفات في الظهرين والجهر في العشاءين والفجر تأثرا بالتضايف القائم بين الجهر والاخفات .

نخلص مما تقدم إلى أن الإسلام يوجب إبراز الصوت في صلوات العتمة وإخفاءه في صلاتي النهار . وبهذا التعليل الذي تقدمه السنة الشريفة نضع أيدينا على الحكمة الأولى من الجهر والاخفات : فالليل وإن كان ظاهرة طبيعية متكررة على الناس إلا أن له تهويمه على النفس في عسعسته وهواجسه ووحشته كما أن الليل وسقه وغواسقه . والوسق

أحمال ما يجئ بها الليل ، والغواسق أرواح ما أو مؤثرات ما على نفس الإنسان ، يأمرنا عز وجل بالالتجاء إلى كنفه منها ( قل أعوذ برب الفلق من شرما خلق ، ومن شر غاسق إذا وقب ) إزاء هذه المؤثرات المنظورة وغير المنظورة تحتاج أنفسنا إلى تطمين ، كما تحتاج إلى حماية . والذي يهمنا هذا التطمين هو الصلاة ، وللجهر بتلاوتها أثر في عطاء الطمأنينة ندركه بطبيعتنا .

أما أثر الصلاة في الحماية من غواسق الليل ، ودور الجهر في توفير هذه الحماية فهو احتمال نرجحه ولا نعرف تفصيله . فإن الإسلام يكشف لنا عن أن النفس هذه الطاقة المعينة داخل أحدنا تقع في معرض التأثير لأنفس غير منظورة . منها إبليس ومنها الغواسق ومنها النفاثات ومنها أنفس الناس الشريرة ، والأنفس الحاسدة بشكل خاص بل لا يبعد أن أجسادنا في رأي الإسلام واقعة في معرض التأثير لأنفس وطاقات مادية معينة . والذي يحمينا من ذلك أنفس أخرى مقابلة سخرها الله لحمايتنا قال عز وجل ( والسماء والطارق ، وما أدراك ما الطارق ؟ النجم الثاقب . إن كل نفس لما عليها حافظ ) 1 - 4 الطارق .

وقال عز وجل ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) 10_11 الرعد. ويضاف إلى هذه الحماية التكوينية الحماية التي يوفرها الالتزام بالسلوك الإسلامي والتي تتصاعد تبعا لاستقامة هذا السلوك .

قال الله عز وجل ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أوليائكم في الدنيا وفي الآخرة ) 30_31 فصلت .

والصلاة باعتبارها ركنا من السلوك الإسلامي لا بد وأن تكون ذات أثر في الحماية ، والجهر الذي أوجب الله تعالى في قراءة الصلوات الليلية يرجح كذلك أن يكون له دور في توفير الحماية لأنفسنا كما كان له دور في تطمينها . أما النهار فهو نشور مبصر يملأ النفس بالحركة والأحداث ، فكان المناسب أن تكون الصلاة فيه انسحابا رفيقا من الخصم وهمسا للنفس بحقائق الحياة وتقديسا ودعاءا خفيا بين يدي الرب تبارك وتعالى .

إن الملاحظة الدقيقة لظاهرة الليل وآثارها الشعورية واللاشعورية علينا ، وكذلك الملاحظة الدقيقة لامتلاء النفس من حركة النهار تجعلنا ندرك بوجداننا شدة الملاءمة بين العتمة والجهر وبين الضياء والإخفاء في تلاوة الصلاة . ولذلك فإن إدراك هذه الحكمة يعتمد على الحس الوجداني الذي يتجلى بالملاحظة .

والحكمة الثانية : أنا الجهر والإخفاء يتصلان بطبيعة الرب المقدس تبارك اسمه ، فإنه سبحانه " ناء لا بمسافة ، قريب لا بمداناة . نأى في قربه وقرب في نأيه فهو في نأيه قريب وفي قربه بعيد . كيف الكيف فلا يقال : كيف ، وأين الأين فلا يقال : أين " الكافي ج 1 ص 138.

ففي الوقت الذي هو سبحانه أقرب إلينا من حبل الوريد هو سامق العلو بحيث يستحيل لعقولنا الإحاطة به . ومثل هذا القرب والبعد في آن يتناسب معه الجهر والإخفاء في التقديس والدعاء " فالجهر بالصلاة يناسب كونه تعالى عليا متعاليا . والاخفات يناسب كونه قريبا أقرب من حبل الوريد . فاتخاذ الخصلتين جميعا في الصلاة أداء لحق أسمائه جميعا " تفسير الميزان ج 13 ص 241.

هذا ما ندركه من حكمة الجهر والإخفاء . ولئن كانت هاتان الحكمتان قابلتين للمناقشة وللنقض بوجوب الاخفاء في تلاوة الركعتين الثالثة والرابعة من صلاتي المغرب والعشاء ، وبالتخيير بين الجهر والإخفاء في بقية أذكار الصلاة ، وفي النوافل ، وبتخيير المرأة في الصلوات الجهرية ، وباستحباب الجهر في البسملة وقراءة صلاة الظهر من يوم الجمعة . أقول إذا كانت الحكمتان المتقدمتان قابلتين للمناقشة بهذا فإن ما لا يقبل المناقشة أن مستوى إدراكنا التشريعي لا يخولنا مناقشة ما ثبت في الشريعة المقدسة ، تماما كما لا تخولك معرفتك الطبية العامة أن تناقش في علاج أجمع الأطباء على ضرورته ، على سعة الفارق بين الادراك الطبي المتيسر للبشر ، والإدراك التشريعي المختص بالله عز وجل .

إن التمييز بين صلوات الليل والنهار في درجة الصوت المطلوبة أمر ثابت على العموم في الشريعة الإلهية المقدسة ، وكفى بذلك دليلا على ضرورة هذا التمييز للنفس البشرية . ولا فرق بين أن تكون هذه الضرورة ناشئة من الحكمتين اللتين رجحناهما أو من حكم أخرى علمها الله عز وجل ولم نؤت علمها .

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.