تتبادل السياحة والسياسة الآثار المباشرة والمتناقضة ففي السياسة تتمثل مواقف البلد من قضاياه الأساسية الوطنية والقومية والعالمية وتؤثر على مدى انفتاح ذلك البلد على دولة ما أو مجموعة دول أو حتى فئة معينة من السياح ويتفاوت ذلك من قطع العلاقات الدبلوماسية إلى منع السفر إلى ذلك البلد، أو تلك الفئة من السياح. إلى تقييد السياحة بوضع إجراءات إضافية أو التزامات أو شروط مالية فهي تؤثر على حجم الحركة السياحية.

أما التأثير الخطر الذي تحدثه السياحة في قرار البلد السياسي فيأتي من مستوى السياحة واهميتها في ذلك البلد فعندما يكون ذلك البلد متطوراً سياحياً ولديه منشآت سياحية وخدمات وانشطة ومئات الاف المواطنين العاملين فيها ويوظف مليارات الدولارات في القطاع السياحي يعتمد عليه في تأمين موارد وقطع اجنبي فإن أي قرار سياسي يؤثر سلباً على السياحة سيؤدي إلى توقف الحركة السياحية في هذا البلد أو في مجموعة بلدان وسيؤدي ذلك إلى تعطيل تلك المنشآت وحرمان البلد من العوائد وحدوث البطالة وهذا ما يحدث غالباً في البلدان المستوردة للسياح وهي البلدان النامية وخاصة التي لها قضايا وطنية ترتبط بمواقف الدول المصدرة للسياح وهي البلدان الاستعمارية، وقد يدفع هذا الخوف من أثر القرار السياسي للتخفيف والتلطيف في المواقف السياسية تصل عند بعض القادة إلى التنازلات والانصياع للضغوط السياسية حفاظاً على استمرار قدوم السياح من تلك البلدان واحياناً تتراجع بعض الحكومات عن قضاياها الوطنية ومبادئها وعقائدها كلها وتقود للدول الثرية وتواليها وتسايرها سياسياً في سبيل السياحة على حساب كل القيم ومصلحة الشعب. لكن التجربة دلت على أن بيع المواقف السياسية لقاء الأمل بازدهار السياحة ليس مضمون النتيجة فالسياحة لا تعوض ما يخسره المجتمع في مجال شخصيته القومية والتاريخية ومواقفه العادلة، والتنازلات والاستسلام السياسي للدول الثرية أو القوية مغامرة خاسرة لا يربح فيها المتقلب سياسياً سياحة ناجحة.