أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-2-2022
![]()
التاريخ: 7-10-2016
![]()
التاريخ: 7-10-2016
![]()
التاريخ: 22/12/2022
![]() |
نظراً إلى أنّ الآثار السلبية والعواقب الوخيمة لحالات الغضب والحدّة كثيرة وخطرة جدّاً وأحياناً تؤدّي إلى تدمير حياة الإنسان على كل المستويات والصعد ، لذلك كان من الضروري بذل الجهد لعلاج هذه الرذيلة الأخلاقية ، وإلّا فإنّ الندم ينتظر هؤلاء الأشخاص ، وقد ذكر كبار علماء الأخلاق في هذا الباب أبحاثاً مهمّة وكثيرة ، والأهم من ذلك ما ورد من التعليمات الدينية في النصوص الإسلامية التي ذكرت إرشادات مؤثّرة لإطفاء نار الغضب في واقع الإنسان ، ونختار منها ما يلي :
1 ـ أن يقوم الشخص الحاد المزاج بالتفكّر بآثار الغضب السلبّية وعواقبه السيئة قبل أن تستعر نيران الغضب في قلبه وتلتهم كيانه ، فيتحرك على مستوى التلقين والإيحاء لها بأنّ الغضب هو في الحقيقة نار يمكنها أن تأتي على الأخضر واليابس وتحرق إيمانه وسعادته ووجوده ، وتسعّر غضب الله عليه في الدنيا والآخرة ، وأنّ هذه الحالة الذميمة تبعد الناس من حوله وتفرّق عنه أصدقاءه وتكون ذريعة بيد أعدائه ، وللغضب آثار وخيمة على أعصاب الإنسان ويؤدي إلى قصر العمر ويهدد سلامة الشخص البدنية أيضاً ، ويمنعه من الصعود في مدارج الكمال الدنيوي والاخروي.
بخلاف حالة الحلم وسعة الصدر التي هي رمز موفقّية الإنسان وتقدّمه وتفوّقه وصحّته الروحية والبدنية والتي تمنحه الاحترام والمودّة في قلوب الناس وتوجب له رضا الله تعالى والابتعاد عن الشيطان ، وكذلك يتفكر في الثواب الإلهي لمن يعيش الحلم وسعة الصدر ، والعقاب الإلهي المترتب على من يعيش الحدة وسرعة الغضب.
وهذه الامور لا يتفّكر فيها الإنسان في حال الغضب فحسب بل عليه أن يتفّكر فيها قبل ذلك ويلقّن نفسه باستمرار لكي لا يتورّط في هذه الحالة الذميمة.
2 ـ أن يفكّر في عواقب الغضب والحدّة ، وهذه المسألة مجربة تماماً ، وإذا لم يجرّبها الإنسان نفسه فقد جرّبها الآخرون وهي أنّ كل تصميم على عمل معيّن يتّخذه الإنسان في حال الغضب فأنّه يكون زائفاً وسخيفاً وغالباً ما يوجب له الندم ، فما أحسن أن يتذّكر هذه العبارة المعروفة عن أحد العلماء ، وهي أنّه في حالة الغضب لا ينبغي عليه التصميم ولا التوبيخ ولا العقوبة.
3 ـ ومن الطرق المهمّة لعلاج حالة الغضب والتي ورد التأكيد عليها في الروايات الشريفة هو (ذكر الله) وقد ورد في بعض الروايات أنّ من ثارت فيه الحدّة عليه بقول : «أعوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ» ([1]).
وورد في رواية اخرى أن يقول في هذه الحالة : «لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلّا بِاللهِ العَلِّي العَظِيمِ» ([2])، لتهدأ سورة الغضب في أعماقه.
وجاء في بعض الروايات أيضاً أنّه ينبغي أن يضع خدّه على الأرض أو يسجد لله تعالى.
ويقول أبو سعيد الخدري نقلاً عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) : «أَلا إنَّ الغضَبَ جَمرَةٌ فِي قَلبِ ابنِ آدمَ ، أَلا تَرَونَ إِلى حَمرَةِ وَانتفاخِ أَودَاجِهِ فَمَن وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيئاً فَليلصَقِ خَدَهُ بِالأرِضِ» ([3]).
ومن المعلوم أنّ كل شخص يسلك في حالة الغضب في خط العمل لهذه التوصيات والتعليمات الدينية ويلتجأ إلى الله تعالى من شرّ الشيطان فإنّ غضبه سيهدأ قطعاً.
ومعلوم أيضاً أنّ ذكر الله مؤثّر جدّاً في مثل هذه الأحوال ، ولكنّ ذكر الله بالكيفية المذكورة آنفاً أكثر تأثيراً من علاج هذه الحالة.
وقد أورد الشيخ الحر العاملي في كتاب وسائل الشيعة باباً تحت عنوان (باب وجوب ذكر الله عند الغضب) في أبواب جهاد النفس ، حيث يدلّ على أهميّة هذا الموضوع بالذات ([4]).
4 ـ تغيير الحالة الفعلية للشخص إلى حالة اخرى حيث تكون مؤثرة في علاج الغضب أيضاً كما ورد في الروايات الإسلامية أنّ الشخص إذا تملّكه الغضب وكان جالساً فعليه أن يقوم ، وإذا كان قائماً عليه أن يجلس ، أو يعرض بوجهه عن مواجهة الحدث ، أو يستلقي على الأرض ، أو إذا أمكنه أن يبتعد عن محل الحادثة ، أو يشغل نفسه بأمر آخر.
وهذا التغيّر في الحالة الفعلية يوثر كثيراً في تهدئة الغضب والحدّة فنقرأ في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : «كانِ النَّبِيّ إذا غَضِبَ وَهُوَ قائِمٌ جَلَسَ وَإذا غَضِبَ وَهُوَ جالِسٌ اضطَجَعَ فَيَذهَبُ غَيضُهُ» ([5]).
وقد ورد في بحار الانوار عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله : «وَأَيُّما رَجُلٍ غَضِبَ وَهُوَ قائِمٌ فَليَجلِس فَإِنَّهُ سَيَذهَبُ عَنهُ رِجزُ الشَّيطانِ وَإِنْ كانَ جالِساً فَليَقُم» ([6]).
وجاء في ذيل هذا الحديث الشريف أنّه إذا غضب الإنسان على أحد أرحامه فعليه أن يلمس بدنه ليثير في نفسه عواطف الرحم ممّا يقوده إلى الهدوء وعودة حالته الطبيعية.
5 ـ الوضوء ، أو شرب الماء البارد وغسل الرأس والوجه ، وكلّها تؤثر حتماً في تهدئة الإنسان وزوال حالة الغضب عنه ، بل ورد في الحديث الشريف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : «إذِا غَضِبَ أَحَدُكُم فَليَتَوضأ» ([7]).
ويستفاد من هذا التعبير أنّ الوضوء مستحب في حالات الغضب ومؤثر في تسكينه وزواله.
وقد ذكر العلّامة المجلسي (قدس سره) في تحليله المختصر لهذا الحديث الشريف أنّ : «سَببُ الغَضَبِ الحَرارَةُ وَسَببُ الحَرارَةِ الحَرَكَةُ إذ قالَ (صلى الله عليه وآله) : إنَّ الغَضَبَ جَمرَةٌ تَتوقَدُ أَلم ترَ إِلى انتِفاخ أَودَاجِهِ وَحُمرَةُ عَينَيهِ؟ فإِن وَجَدَ أَحِدُكُم مِنْ ذَلِكَ شَيئاً فَليَتَوضأ بِالماءِ البارِدِ وَليَغسِل فَإِنَّ النِّارَ لا يُطفِئُها إِلّا الماءُ ، وَقَد قالَ (صلى الله عليه وآله) : إِذا غَضِبَ أَحَدُكُم فَليَتوضأ وَليَغتسلِ فَانَّ الغَضَبَ مِنَ النَّارِ» ([8]).
فإذا عمل الإنسان على ضمّ هذه الامور العملية إلى ما تقدّم من ضرورة التفكّر في الآثار الخطرة للغضب في الدنيا والآخرة وما يترتب عليه من العقوبات الإلهية فإنّ ذلك من شأنه أن يطفأ نار الغضب بالتأكيد ، ولكنّ المشكلة تبدأ من أنّ الإنسان ، لا يرغب في تغيير حالته والعمل بالتوصيات المذكورة لإزالة حالة الغضب عن نفسه ، وحينئذٍ فالنجاة والخلاص من الآثار السلبية المترتبة على هذه الحالة الذميمة يكون عسيراً للغاية ، بل غير ممكن أحياناً.
[1] سفينة البحار ، مادة الغضب ، المحجة البيضاء ، ج 5 ، ص 307.
[2] جامع الأحاديث ، ج 13 ، ص 427.
[3] المحجة البيضاء ، ج 5 ، ص 308.
[4] وسائل الشيعة ، ج 11 ، ص 291 (باب 54 من أبواب جهاد النفس).
[5] المحجة البيضاء ، ج 5 ، ص 308 ؛ بحار الانوار ، ج 70 ، ص 272.
[6] بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 272.
[7] المصدر السابق ، ج 77 ، ص 312.
[8] المصدر السابق ، ج 70 ، ص 272.
|
|
هدر الطعام في رمضان.. أرقام وخسائر صادمة
|
|
|
|
|
كالكوبرا الباصقة.. اكتشاف عقرب نادر يرش السم لمسافات بعيدة
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تنشر لافتات احتفائية بذكرى ولادة الإمام الحسن (عليه السلام)
|
|
|