أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2017
![]()
التاريخ: 6-9-2017
![]()
التاريخ: 2024-06-23
![]()
التاريخ: 6-9-2017
![]() |
الاعتكاف في اللغة ، هو اللبث الطويل ، وفي عرف الشرع ، هو طول اللبث للعبادة ، وله شروط ثلاثة ، أحدها يرجع إلى الفاعل ، وثانيها يرجع إلى الفعل ، وثالثها يرجع إلى البقعة.
فالراجع إلى الفاعل ، هو أن يكون مسلما ، بالغا ، عاقلا ، لأنّ من كان بخلاف ذلك ، لا يصح اعتكافه.
وما يرجع إلى الفعل ، فهو أن يكون مع طول اللبث ، صائما ، فإن كان الاعتكاف واجبا ، كان الصوم واجبا ، لأنّه من توابعه وشروطه ، وإن كان مندوبا كان الصوم مندوبا ، وقد يشتبه على كثير من المتفقهة من أصحابنا ، فيظن أنّ صوم الاعتكاف على كل حال واجب ، لأنّ الصوم شرط في انعقاد الاعتكاف.
والراجع إلى البقعة ، هو أن يكون الاعتكاف ، في مساجد مخصوصة ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد النبي عليه السلام ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة.
وقد ذهب بعض أصحابنا وهو ابن بابويه ، إلى أنّ أحد الأربعة ، مسجد المدائن ، وجعل مسجد البصرة رواية ، ويحسن في هذا الموضع ، قول اقلب تصب ، لأنّ الأظهر بين الطائفة ، ما قلناه أولا ، فإن كانت قد رويت بمسجد المدائن رواية ، فهي في حيّز الآحاد. ومن شاذ الأحاديث.
ولا ينعقد الاعتكاف في غير هذه المساجد ، لأنّ من شرط المسجد الذي ينعقد فيه الاعتكاف ، عند أصحابنا ، أن يكون صلّى فيه نبيّ ، أو إمام عادل ،جمعة بشرائطها ، وليست إلا هذه التي ذكرناها.
وحكم المرأة وحكم الرجل في هذا الباب سواء ، ولا يصح اعتكافها في مسجد بيتها.
قال السيد المرتضى ، في كتابه الانتصار: وممّا انفردت به الإمامية ، القول بأنّ الاعتكاف لا ينعقد إلا في مسجد صلّى فيه إمام عدل بالناس ، الجمعة ، وهي أربعة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد الكوفة ، ومسجد البصرة ، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك. ثم ذكر أقاويلهم ، ثمّ قال : وذهب حذيفة إلى أنّ الاعتكاف لا يصح ، إلا في ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجد الرسول عليه السلام ، ومسجد إبراهيم عليه السلام (1).
قال محمّد بن إدريس رحمه الله : مسجد إبراهيم عليه السلام ، هو مسجد الكوفة ، ذكر ذلك في كتاب الكوفة.
والاعتكاف أصل في نفسه في الشرع ، دون أن يكون له أصل يردّ إليه ، والاعتكاف على ضربين ، واجب وندب ، فالواجب ما أوجبه الإنسان على نفسه بالنذر ، أو العهد ، والمندوب هو ما يبتدئه ، من غير إيجاب على نفسه ، فالمندوب لا يجب المضي فيه بعد الدخول ، والتلبس به ، بل أيّ وقت أراد المكلّف الرجوع فيه ، جاز له ذلك ، ويكون الصوم له بنية الندب ، دون نيّة الوجوب ، لأنّ عندنا ، العبادة المندوب إليها ، لا تجب بالدخول فيها ، بخلاف ما يذهب إليه أبو حنيفة ، ما خلا الحج المندوب ، فإنّه يجب بالدخول فيه ، وحمل باقي المندوبات عليه قياس ، ونحن لا نقول به.
فأمّا الواجب ، من قسمي الاعتكاف ، فإنّه على ضربين ، مقيّد نذره بزمان ، وغير مقيّد نذره بزمان ، فالمقيّد بزمان ، إذا شرط ناذره العود فيه ، إن عرض له ما يمنعه منه ، وعرض ذلك ، فله العود فيه والرجوع ، ولا يجب عليه إتمامه ، ولا قضاؤه ، ولا كفارة عليه ، لأنّ شرطه ، لم يصادف صفته ، فما حصل شرط النذر على صفته.
فأمّا إذا لم يشرط فيه العود ، إن عرض العارض ، فحينئذ يجب عليه إتمامه ، ولا يجب عليه استئنافه ، ولا يجب عليه كفارة.
فأمّا إذا لم يكن اعتكافه ونذره ، مقيّدا بزمان بعينه ، بل شرط فيه التتابع ، فإن شرط على ربّه تعالى فيه ، فله البناء والإتمام ، دون الاستئناف ، وإن لم يشرط ، وعرض العارض ، فيجب عليه استئنافه ، دون البناء عليه ، ولا يجب عليه كفارة.
فإن كان نذره غير متعيّن بزمان ، ولا شرط فيه التتابع ، بل أطلقه من الأمرين معا ، فمتى اعتكف أقل من ثلاثة أيام متتابعة ، فيجب عليه الاستئناف ، ويراعي فيه ثلاثة ثلاثة ، ولا كفارة عليه إذا أفطر فيه.
ومتى أراد الإنسان أن يعتكف فلا يعتكف أقل من ثلاثة أيام ، فإنّه لا اعتكاف في الشريعة أقل من ذلك ، وأكثره لا حدّ له ، إذا كان الزمان يصح فيه الصوم ، ومن شرط صحته الصوم ، سواء كان الصوم واجبا ، أو مندوبا ، فإن كان الاعتكاف واجبا ، كان الصوم واجبا مثله ، وإن كان الاعتكاف مندوبا ، فالصوم يكون مندوبا ، وقد يلتبس على كثير من أصحابنا ، هذه المسألة ، ويذهب إلى أنّ الصوم في الاعتكاف واجب ، سواء كان الاعتكاف واجبا ، أو مندوبا ، لأجل مسطور ، ولفظ محتمل ، يجده في النهاية ، فإنّ شيخنا أبا جعفر الطوسي رحمه الله قال : ولا بدّ أن يصوم واجبا ، لأنّه لا اعتكاف إلا بصوم (2). ولما عدّد في الجمل والعقود ، الصوم الواجب ، قال : وصوم الاعتكاف واجب (3) وهذا كلام محتمل ، ولفظ عام وعموم ، والعموم قد يخصّ بالأدلة ، فيخص قوله : بأنّ الاعتكاف ، إذا كان منذورا واجبا ، كان الصوم واجبا.
وقد رجع شيخنا ، في مسائل الخلاف ، وحقّق القول في المسألة ، فقال : مسألة : لا يصح الاعتكاف إلا بصوم ، أيّ صوم كان ، عن نذر ، أو رمضان ، أو تطوعا ، ثم قال : دليلنا إجماع الفرقة (4). فدلّ بالإجماع على المسألة ، فعلم أنّه أراد في نهايته ما قلناه.
وقال السيد المرتضى ، في مسائل الطبريات : المسألة الخامسة والثلاثون والمائة : من شرع في الاعتكاف ، ثم أفسده ، لزمه القضاء ، قال السيد المرتضى : الذي نقوله في هذه المسألة ، ليس يخلو الاعتكاف من أن يكون واجبا بالنذر ، أو تطوعا ، فإن كان واجبا ، لزم مع إفساده القضاء ، وإن كان تطوعا ، لم يلزمه القضاء ، لأنّ التطوع لا يجب عندنا بالدخول فيه هذا آخر كلام المرتضى رضي الله عنه.
فإذا تحقق وتقرر ما شرحناه ، فما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في نهايته (5) ، وفي مبسوطة (6) ، من قوله : فمن اعتكف ثلاثة أيام ، كان فيما زاد عليها بالخيار ، إن أراد أن يزداد ، ازداد ، وإن أراد أن يرجع ، رجع فإن صام بعد الثلاثة الأيام ، يومين آخرين ، لم يجز له الرجوع ، وكان عليه إتمام ثلاثة أيام أخر ، فإن كان قد زاد يوما واحدا ، جاز له أن يفسخ الاعتكاف. وهذه أخبار آحاد ، لا يلتفت إليها ، ولا يعرج عليها.
وينبغي للمعتكف ، أن يشرط على ربه في حال ما يعزم على الاعتكاف ، كما يشرط في حال الإحرام ، بأنّه إن عرض له عارض ، جاز له أن يرجع فيه ، أيّ وقت شاء ، فإن لم يشرط لم يكن له الرجوع فيه ، إلا أن يكون أقل من يومين ، فإن مضى عليه يومان ، وجب عليه تمام ثلاثة أيام ، حسب ما قدّمناه ، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في النهاية (7)، والأصل ما قدّمناه ، وشرحناه ، وحررناه.
والأولى بالمعتكف ، أن يجتنب جميع ما يجتنبه المحرم ، إلا ما خرج بالدليل ،من النساء والطيب ، والرياحين ، والكلام الفحش ، والمماراة ، والبيع ، والشراء ، ولا يفعل شيئا من ذلك.
وقال شيخنا أبو جعفر ، في جمله وعقوده : ويجب عليه تجنب ما يجب على المحرم تجنبه (8) وقال في مبسوطة : وقد روي أنّه يجتنب ما يجتنبه المحرم ، وذلك مخصوص بما قلناه ، لأنّ لحم الصيد لا يحرم عليه ، وعقد النكاح مثله (9). هذا آخر كلامه في مبسوطة ، فجعله رواية ، وفي الجمل جعله دراية. والأولى ، أن لا يحرم عليه ما يحرم على المحرم ، إلا ما قام الدليل عليه.
ولا يجوز له أن يخرج من المسجد الذي اعتكف فيه ، إلا لضرورة ، تدعوه إلى ذلك ، من تشييع أخ مؤمن ، أو جنازة ، أو عيادة مريض ، أو قضاء حاجة ، لا بدّ له منها ، فمتى خرج لشيء من هذه الأشياء التي ذكرناها ، فلا يقعد في موضع ، ولا يمشي تحت الظلال ، ولا يقف فيها ، إلا عند ضرورة إلى ذلك ، إلى أن يعود إلى المسجد.
ولا يصلّي المعتكف في غير المسجد الذي اعتكف فيه ، إلا بمكة خاصة ، فإنّه يجوز له أن يصلّي بمكة ، في أيّ بيوتها شاء.
ومتى اعتل المعتكف ، فله أن يخرج من المسجد إلى بيته ، فإذا برئ ، قضى اعتكافه ، وصومه ، على التفصيل الذي فصلناه أولا وشرحناه.
واعتكاف المرأة ، كاعتكاف الرجل سواء ، وحكمها حكمه ، في جميع الأشياء ، فإن حاضت ، خرجت من المسجد ، فإذا طهرت ، عادت ، وقضت الاعتكاف والصوم.
ولا يجوز للمعتكف ، مواقعة النساء ، لا بالليل ، ولا بالنهار ، فمتى واقع الرجل امرأته ، وهو معتكف ، ليلا ، كان عليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان ، فإن كانت مواقعته لها بالنهار ، في شهر رمضان ، أو في غيره ، كان عليه كفارتان ، فإن كانت المرأة معتكفة بإذنه ، ووطأها ليلا مكرها لها كان عليه كفارتان ، ولا يبطل اعتكافها ، ولا كفارة عليها ، وإن كانت مطاوعة له ، كان عليها كفارة ، وفسد اعتكافها ، وعليه مثلها ، وإن كان وطؤه لها بالنهار ، مكرها لها ، كان عليه أربع كفارات ، وإن كانت مطاوعة له ، على الفعال ، لم يتحمل كفارتها ، وكان عليها كفارتان وعليه كفارتان ، وفسد اعتكافهما ، ووجب عليهما استئنافه.
ولا يجوز للمرأة أن تعتكف تطوعا ، إلا بإذن زوجها ، ولا للعبد ، والأمة ، إلا بإذن السيد.
وإذا مرض المعتكف ، واضطر إلى الخروج منه ، خرج ، فإن زال العذر ، رجع ، فبنى على ما مضى ، من اعتكافه.
وإذا باع المعتكف ، فالظاهر أنّه لا ينعقد ، لأنّه منهيّ عنه.
والنظر في العلم ، ومذاكرة أهله ، لا يبطل الاعتكاف ، وهو أفضل من الصلاة تطوعا ، عند جميع الفقهاء.
ولا يفسد الاعتكاف جدال ، ولا خصومة ولا سباب ، ولا بيع ولا شراء ، وإن كان لا يجوز له فعل ذلك أجمع ، هكذا أورده شيخنا في مبسوطة (10).
والأولى عندي ، انّ جميع ما يفعله المعتكف ، من القبائح ، ويتشاغل به ، من المعاصي ، والسيئات ، يفسد اعتكافه ، فأمّا ما يضطر إليه ، من أمور الدنيا ، من الأفعال المباحات ، فلا يفسد به اعتكافه ، لأنّ حقيقة الاعتكاف في عرف الشرع ، هو اللبث للعبادة ، والمعتكف اللابث للعبادة ، إذا فعل قبائح ، ومباحات ، لا حاجة إليها ، فما لبث للعبادة ، وخرج من حقيقة المعتكف ، اللابث للعبادة ، وانّما أورد شيخنا في مبسوطة ، كلام المخالفين ، وفروعهم ، وما يصح عندهم ، ويقتضيه مذهبهم ، لأنّ هذا الكتاب معظمه فروع المخالفين.
__________________
(1) الانتصار : كتاب الصوم ، مسألة 17 .
(2) النهاية : باب الاعتكاف.
(3) الجمل والعقود : فصل في ذكر أقسام الصوم ومن يجب عليه ، رقم 11 من أقسام الصوم الواجب والعبارة هكذا : وصوم الاعتكاف على وجه.
(4) الخلاف : كتاب الاعتكاف ، مسألة 2 .
(5) النهاية : باب الاعتكاف.
(6) المبسوط : كتاب الاعتكاف ، في فصل أقسام الاعتكاف.
(7) النهاية : باب الاعتكاف.
(8) الجمل والعقود : فصل في ذكر الاعتكاف واحكامه ، رقم 3 من شروط صحة الاعتكاف.
(9) المبسوط : كتاب الاعتكاف ، فصل في ما يمنع الاعتكاف منه وما لا يمنع.
(10) المبسوط : كتاب الاعتكاف ، فصل في ما يفسد الاعتكاف وما يلزمه من الكفارة.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|