أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-02-04
68
التاريخ: 7-11-2016
904
التاريخ: 20-1-2020
990
التاريخ: 2025-02-05
33
|
غسل الميت المؤمن أو المحكوم بإيمانه ومن في حكمه، فرض واجب، وهو من فروض الكفاية.
واعلم أنه كغسل الجنب في الصفة والترتيب، يبدأ فيه بغسل اليدين على طريق الاستحباب، ثم الفرج، ثم الرأس، ثم الميامن، ثم المياسر، وشرح ذلك:
أن يوضع الميت على سرير غسله، ويستحب أن يستقبل هاهنا بوجهه القبلة، على ما ذكرناه أولا في حال الاحتضار، ويجب أن تستر عورته بثوب يضعه عليها، أو بقميصه بعد نزعه عنه، ويقصد إلى تليين مفاصله برفق، حتى لا ينكسر منه عضو، فإن عسر عليه ذلك تركه، ولم يتعرض له، ويمسح بطنه مسحا رقيقا في الغسلتين الأولتين، ولا يمسحها في الثالثة ولا يغمزها بحال، وهذا الحكم سواء كان الميت رجلا أو امرأة، إلا أن يكون حاملا، فلا يمسح بطنها في شئ من الغسلات ثم يغسل يديه بماء قراح، والقراح هو الخالص البحث وقد روي أنه يوضأ وضوء الصلاة، وذلك شاذ، والصحيح خلافه، وشيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله يراه احتياطا في نهايته (1) وفي مبسوطه (2) وقال: قد روي أنه يوضأ الميت قبل غسله (3)، فمن عمل بها كان جائزا، غير أن عمل الطائفة على ترك العمل بذلك، لأن غسل الميت كغسل الجنابة ولا وضوء في غسل الجنابة.
قال محمد بن إدريس: فإذا كان عمل الطائفة على ترك العمل بذلك، فإذن لا يجوز العمل بالرواية، لأن العامل بذلك يكون مخالفا للطائفة، وفيه ما فيه.
ثم يغسل رأسه ولحيته برغوة السدر ثلاث مرات، ثم يقلبه على جنبه الأيسر، ليبدو له الأيمن، ويغسله بماء السدر ثلاثا أيضا، كما ذكرناه في الرأس من أصل العنق إلى قدمه، ثم يقلبه على جنبه الأيمن، ليبدو له الأيسر ويغسله على ما ذكرناه في الأيمن في الصفة والعدة.
ويستحب أن يزاد أيضا عمامة يعمم بها محنكا، وإن كان امرأة زيدت على مستحب الرجال لفافة أخرى، لشد ثدييها، وروي نمط (4) والصحيح الأول وهذا مذهب شيخنا الطوسي رحمه الله في كتاب الإقتصاد (5) لأن النمط هو الحبرة، وقد زيدت على أكفانها، لأن الحبرة مشتقة من التزين (6) والتحسين، وكذلك النمط هو الطريقة وحقيته الأكسية والفرش ذات الطرائق، ومنه سوق الأنماط بالكوفة، يقال فلان على نمط واحد، أي على طريقة واحدة، قال زهير:
تعالين أنماطا عتاقا وكلة.
وإذا اختلف الورثة في الكفن، اقتصر على المفروض منه وهو ثلاث قطع.
وإذا أخذ السيل الميت أو أكله السبع وبقي الكفن، كان للورثة دون غيرهم ويحصل الكافور، والأعلى في الاستحباب وزن ثلاثة عشر درهما وثلت، الذي لم تمسه النار، الخالص، الخام، الجلال، ومعنى الجلال الجليل وهو الجيد، يقال: جليل وجلال وطويل وطوال، فهو من أوزان المبالغة في أوصاف الجودة.
ويليه في مقدار المستحب أربعة دراهم، وفي بعض الكتب أربعة مثاقيل، والمراد بها الدراهم هاهنا، ويليه في مقدار المستحب درهم واحد، والواجب ما وقع.
ويحصل أيضا شئ من السدر للغسلة الأولى، وقيل كافور للغسلة الثانية، وشئ من القطن ليحشي به دبره، والمواضع التي يخاف خروج شئ منها، وشئ من الذريرة المعروفة بالقمحة، ذكر شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتاب التبيان (7) قال: الذريرة، فتات قصب الطيب، وهو قصب يجاء به من الهند، كأنه قصب النشاب.
وذكر المسعودي، وهو علي بن الحسين المسعودي الهذلي رجل من جلة أصحابنا له كتب عدة، في كتابه المعروف المترجم بمروج الذهب ومعادن الجوهر، في التواريخ وغيرها، وهذا الكتاب كتاب حسن، يشتمل على أشياء حسنة قال: أصل الطيب خمسة أصناف، المسك، والكافور، والعود، والعنبر، والزعفران، كلها تحمل من أرض الهند إلا أن الزعفران، والعنبر، قد يوجد بأرض الزنج، والأندلس، قال: وأنواع الأدوية خمسة وعشرون صنفا، ذكر من جملة ذلك السليخة والورس واللاذن والزباد وقصب الذريرة (8).
قال محمد بن إدريس: والذي أراه إنها نبات طيب غير الطيب المعهود، يقال له القمحان نبات طيب يجعلونه على رأس دن الخمر ويطين عليه ليكسبها منه الريح الطيبة. قد ذكره النابغة الذبياني في شعره، وفسره علماء أهل اللغة على ما شرحناه وذكرناه.
وقال صاحب كتاب التاريخ (9): قال الأصمعي وغيره: يقال للذي يعلو الخمر، مثل الذريرة القمحان. وقال النابغة الجعدي:
إذا فضت خواتمه علاه * بنثر القمحان من المدام
وهل الكافور الذي للغسلة الثانية من جملة الثلاثة عشر درهما وثلت، أم من غيرها؟ اختلف أصحابنا في ذلك، فبعض قال: من جملتها، وبعض قال:
من غيرها لا منها، وهذا هو الأظهر بينهم وتنثر الذريرة المتقدم ذكرها، على الأكفان.
ويكتب على الأكفان: فلان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، بتربة الحسين عليه السلام وقال الشيخ المفيد في رسالته إلى ولده: تبل التربة بالماء ويكتب بها (10).
وباقي المصنفين من أصحابنا يطلقون في كتبهم ويقولون يكتب ذلك بتربة الحسين عليه السلام، والذي اختاره ما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله، لأنه الحقيقة والمعهود في الكتابة، لأن حقيقة ذلك التأثير، وليس إطلاقهم مما ينافي ذلك، فإن لم توجد التربة، فبالأصبع عند الضرورة.
ويستحب أن يكون الكفن قطنا محضا أبيض، والكتان مكروه. وليس بمحظور، والإبريسم المحض لا يجوز، وجملة الأمر وعقد الباب أن كل ثوب يجوز فيه الصلاة يجوز التكفين به، إلا أن بعض الثباب أفضل من بعض، وما لا تجوز فيه الصلاة من الإبريسم المحض لا يجوز التكفين به.
ثم يقلب بقية ماء السدر، ويغسل الأواني، ويطرح ماء آخر، ويطرح القليل من الكافور، ويضربه، ويغسله الغسلة الثانية مثل ذلك ثم يقلب بقية ماء الكافور، ويغسل الأواني، ويطرح فيها ماء القراح، ويغسله الغسلة الثالثة مثل ذلك بالماء القراح، ويمسح الغاسل يده على بطنه في الغسلتين الأولتين، ولا يمسح في الغسلة الثالثة، وقد ذكرنا طرفا من ذلك فيما مضى، وأعدناه هاهنا للبيان، وكلما قلبه استغفر الله وسأله العفو، ثم ينشفه بثوب نظيف.
ويغتسل الغاسل فرضا واجبا إما في الحال أو فيما بعد، فإن مس مايعا قبل اغتساله وخالطه لا يفسده ولا ينجسه، وكذلك إذا لاقى جسد الميت من قبل غسله إناء ثم أفرغ في ذلك الإناء قبل غسله مايع فإنه لا ينجس ذلك المايع، وإن كان الإناء يجب غسله، لأنه لاقى جسد الميت، وليس كذلك المايع الذي حصل فيه، لأنه لم يلاق جسد الميت وحمله على ذلك قياس، وتجاوز في الأحكام بغير دليل، والأصل في الأشياء الطهارة، إلى أن يقوم دليل قاطع للعذر، وإن كنا متعبدين بغسل ما لاقى جسد الميت، لأن هذه نجاسات حكميات، وليست عينيات، والأحكام الشرعيات نثبتها بحسب الأدلة الشرعية.
ولا خلاف أيضا بين الأمة كافة إن المساجد يجب أن تنزه، وتجنب النجاسات العينيات، وقد أجمعنا بلا خلاف ذلك بيننا على أن لمن غسل ميتا أن يدخل المسجد، ويجلس فيه، فضلا عن مروره، وجوازه، ودخوله إليه، فلو كان نجس العين لما جاز ذلك وأدى إلى تناقض الأدلة.
وأيضا فإن الماء المستعمل في الطهارة على ضربين، ماء استعمل في الصغرى والآخر في الكبرى، فالماء المستعمل في الصغرى لا خلاف بيننا أنه طاهر مطهر، والماء المستعمل في الطهارة الكبرى الصحيح عند محققي أصحابنا أنه أيضا طاهر مطهر، ومن خالف فيه من أصحابنا قال: هو طاهر يزيل به النجاسات العينيات ولا يرفع به الحكميات، فقد اتفقوا جميعا على أنه طاهر، ومن جملة الأغسال والطهارات الكبار: غسل من غسل ميتا، فلو نجس ما يلاقيه من المايعات، لما كان الماء الذي قد استعمله في غسله وإزالة حدثه طاهرا
بالاتفاق والإجماع اللذين أشرنا إليهما.
والأفضل أن لا يكفنه إلا بعد أن يغتسل، فإن لم يفعل توضأ ثم كفنه، فيأخذ الخرقة التي هي الخامسة ويترك عليها شيئا من القطن وينثر عليها شيئا من الذريرة ويشد بها فخذيه، ويضمهما ضما شديدا ويحشو القطن على حلقة الدبر، وبعض أصحابنا يقول في كتاب له: ويحشو القطن في دبره، والأول أظهر، لأنا نجنب الميت كل ما نجنبه الأحياء، ويستوثق من الخرقة.
ثم يؤزره ويلبسه القميص، وفوق القميص الإزار، وفوق الإزار الجرة، ويترك معه جريدتين رطبتين من النخل إن وجدا، ومن الشجر الرطب، ويكتب عليها ما كتب على الأكفان، ويضع إحديهما من ترقوته اليمنى، ويلصقها بجلده، والأخرى من الجانب الأيسر، بين القميصين والإزار.
ويضع الكافور على مساجده: جبهته، ويديه، وعيني ركبتيه، وطرف أصابع الرجلين فإن فضل منه شئ تركه على صدره، ولا يجعل في عينه، ولا في سمعه، ولا في فيه، ولا في أنفه، شيئا من الكافور والقطن، إلا أن يخاف خروج شئ من ذلك فيجعل عليه شيئا من القطن.
ويكره قطع الكفن بالحديد، ويكره أيضا بل الخيط لخياطته بالريق.
ثم يحمل إلى المصلى، فيصلى عليه، وعلى ما نذكره في كتاب الصلاة.
وأفضل ما يمشي المشيع للجنازة خلفها، ويجوز بين جنبيها، ويكره أن يتقدمها مع الاختيار.
فإذا صلي عليه حمل إلى قبره، فيترك عند رجلي القبر إن كان رجلا، وقدام القبر مما يلي القبلة إن كانت امرأة.
ثم ينزل إلى القبر من يأمره الولي، بحسب الحاجة إن شاء شفعا، وإن شاء وترا، فيؤخذ الميت الرجل من عند رجلي القبر، والمرأة من قدامه، فيسل سلا في ثلاث دفعات ولا يفاجأ به القبر دفعة واحدة، ويوضع في لحده، وهو أفضل من الشق، ويحل عقد الأكفان، ويلقنه الذي يدفنه الشهادتين، والإقرار بالنبي والأئمة عليهم السلام، ثم يضع معه شيئا من تربة الحسين عليه السلام، وقال الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله: تكون التربة في لحده مقابلة وجهه (11). وقال في اقتصاده: يكون في وجهه (12) وقال الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان:
تكون التربة تحت خده وهو الذي يقوى عندي ويضع خده على التراب، ثم يشرج عليه اللبن. ويخرج من عند رجلي القبر.
ويكره أن ينزل إلى القبر بحذاء أو خف.
ويطم القبر ويرفع من الأرض مقدار أربع أصابع مفرجات، ولا يعلى أكثر من ذلك، ويربع، ويكره أن يطرح فيه من غير ترابه.
ويستحب لمن حضره أن يطرح بظهر كفه ثلاث مرات التراب، ويترحم عليه، فإذا فرغ من تسوية القبر، ينضح الماء على القبر من أربع جوانبه يبدأ الرأس، فإذا فضل من الماء شئ صبه على وسط القبر.
ويترحم عليه من حضره، وينصرف، ويتأخر الولي أو من يأمره الولي ويستقبل القبلة، ويجعل القبر أمامه، وينادي بأعلى صوته معيدا للتلقين الأول، فإنه على ما روي (13) يكفي عن مسألة القبر إن شاء الله.
وذهب بعض أصحابنا في كتاب له وهو الفقيه أبو الصلاح الحلبي تلميذ السيد المرتضى رحمه الله إلى أن الملقن هاهنا يستدبر القبلة، ويستقبل وجه الميت ويلقنه (14)
ويكره تسخين الماء لغسل الأموات، إلا أن يدعو إلى ذلك حاجة ويكره أن يصب الماء الذي يغسل به الميت في الكنيف، بل المستحب اتخاذ حفيرة ليدخل الماء إليها.
ويكره أن يركب الميت في حال غسله، بل يكون الغاسل على جانبه الأيمن، ولا يقعده ولا يغمز بطنه.
ويستحب لمن شيع جنازة المؤمن أن يربع جنازته، بأن يحملها من أربع جوانبه، يبدأ بمقدم السرير الأيمن، يمر عليه ويدور من خلفه إلى الجانب الأيسر، ثم يمر عليه حتى يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحى.
وفي بعض الكتب ولا يفدحه بالقبر دفعة واحدة الفدح الأخذ بالشدة.
فإن نقل من المعركة وبه رمق، ومات في غير المعركة وجب غسله.
وذكر السيد المرتضى رحمه الله في مسائل خلافه في مسألة غسل الشهيد قال: فإن قيل: لا خلاف في أنه إذا أرتث يغسل مع وجوب الشهادة. قلنا: إذا أرتث فلم يمت في المعركة هذا آخر كلام المرتضى.
قال: محمد بن إدريس: أرتث بالألف والراء الساكنة، غير المعجمة والتاء المضمومة المنقطة من فوقها بنقطتين والثاء المنقطة ثلاث نقط المشددة: إذا طعن أو ضرب فسقط، وتأويله أنه صار مرميا به، كما يلقى رث المتاع، وكذلك فلان رث الثياب، ويقال كل غث ورث، يقال: قد أرتث فلان صريعا إذا فعل به ما قدمناه، هكذا أورده المبرد في كتاب الاشتقاقات
ويجب على من مسهما بعد القتل الغسل: لأنه قد مس ميتا بعد برده بالموت وقبل تغسيله بعد الموت.
ولا يظن ظان أن هذا ما مسه إلا بعد تطهيره.
قلنا ما مسه بعد تطهيره بعد موته، بل ما مسه إلا قبل تطهيره بعد موته.
ولا يكفنان أيضا بعد القتل، لأنهما يؤمران بالتكفين والتحنيط قبل القتل.
والضرب الثالث يجب غسله بعد الموت وتكفينه، ظالما كان أو مظلوما، وإذا وجد من المقتول قطعة، فإن كان فيها عظم وكان ذلك العظم عظم الصدر، وجب على من مسه الغسل، ووجب تغسيل القطعة، وتكفينها، والصلاة عليها، وحكمها حكم الميت نفسه، وإن كان العظم غير الصدر، يجب جميع الأحكام الماضية إلا الصلاة عليها فإنها لا تجب.
قال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مسائل خلافه: مسألة: إذا وجد قطعة من ميت فيها عظم، وجب غسلها، ثم استدل فقال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا روي أن طائرا ألقت يدا بمكة من وقعة الجمل، فعرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، فغسلها أهل مكة، وصلوا عليها (15) .
قال محمد بن إدريس: الصحيح، إن اليد ألقيت باليمامة، ذكر ذلك البلاذري في تاريخه ، وهو أعرف بهذا الشأن، وأسيد بفتح الألف وكسر السين.
وإن كانت القطعة خالية من العظم، دفنت، ولا يجب تكفينها، ولا غسلها، ولا الصلاة عليها، ولا يجب على من مسها الغسل، بل يجب عليه غسل ما مسها به فحسب.
وحكم قطعة قطعت من حي آدمي ذلك الحكم.
والمحرم إذا مات غسل كما يغسل الحلال، ويكفن كتكفينه، غير أنه لا يقرب شيئا من الكافور.
وإن كان الميت صبيا يغسل كغسل الرجال، ويكفن، ويحنط كذلك مثل الرجال، وإن كان الصبي ابن ثلاث سنين أو أقل من ذلك، فلا بأس أن يغسله النساء، عند عدم الرجال مجردا من ثيابه، وكذلك الصبية إذا كان لها ثلاث سنين فما دونها، جاز للرجال تغسيلها عند عدم النساء، فإن زادت على ذلك لم يجز، وبعض أصحابنا يجوز في الصبي أن يغسله النساء إلى خمس سنين عند عدم الرجال، والأول أظهر في المذهب.
ولا بأس أن يغسل الرجل امرأته، والمرأة زوجها، وكذلك كل محرم محرم يغسل ذا رحمه من فوق الثياب في حال الاختيار، وهو الأظهر عند أصحابنا، ومذهب شيخنا أبي جعفر في سائر كتبه، إلا في استبصاره فإنه قال: ذلك عند الاضطرار دون الاختيار (16).
وإن ماتت المرأة ومات الصبي معها في بطنها دفن معها.
فإن كانت ذمية، دفنت في مقابر المسلمين لحرمة ولدها، وجعل ظهرها إلى القبلة، وليكون وجه الولد إلى القبلة، إذا كان من مسلم .
وإذا ماتت المرأة ولم يمت ولدها، شق بطنها من الجانب الأيسر، وأخرج الولد، وخيط الموضع، وغسلت، ودفنت.
فإن مات الولد، ولم تمت هي، ولم يخرج منها، أدخلت القابلة أو غيرها من الرجال يده في فرجها، فقطع الصبي، وأخرجه قطعة، قطعة، وغسل، وكفن وحنط، ودفن.
ولا يقص شئ من شعر الميت، ولا من أظفاره، ولا يسرح رأسه، ولا لحيته، فإن سقط منه شئ، جعل معه في أكفانه.
وإذا خرج من الميت شئ من النجاسة عند الفراغ من تغسيله، غسل منه، ولا يجب عليه إعادة الغسل، فإن أصاب ذلك كفنه، فالصحيح أنه يغسل منها، ولا يقرض ما لم يوضع في القبر، فإن وضع في القبر، وأصابته النجاسة، قرض الموضع من الكفن بالمقراض، ولا يغسل.
وقال بعض أصحابنا: يقرض بالمقراض، ولم يفصل ما فصلناه، بل أطلق ذلك إطلاقا، وما اخترناه مذهب الشيخ الصدوق علي بن بابويه في رسالته (17)
وإذا لم يوجد لغسله كافور، ولا سدر، فلا بأس أن يغسل ثلاث غسلات بالماء القراح، وإن وجد الكافور والسدر فلا بد منه، فإن ذلك واجب، لا مستحب جعله على أصح الأقوال، وإن كان بعض أصحابنا وهو سلار لا يوجب الثلاث غسلات، بل غسلة واحدة، ولا يوجب الكافور ولا السدر في الغسلتين الأولتين.
وإذا مات الإنسان في البحر في مركب، ولم يقدر على الأرض لدفنه، غسل، وحنط، وكفن، وصلي عليه، ثم ينقل بشئ، ويطرح في البحر ليرسب إلى قرار الماء، وهذا هو الأظهر من الأقوال.
وقال بعض أصحابنا: يترك في خابية ويشد رأسها وترمى في البحر، ورد بذلك بعض الروايات واختاره شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مسائل الخلاف (18) ولا يجوز حمل ميتين على جنازة واحدة مع الاختيار، لأن ذلك بدعة.
ويستحب أن يكون حفر القبر قدر قامة، أو إلى الترقوة.
ويكره نقل الميت من الموضع الذي مات فيه ليدفن في بلد غيره، إلا إذا نقل إلى واحد من مشاهد الأئمة، فإن ذلك مستحب، ما لم يخف عليه الحوادث والانفجار فإذا دفن في موضع فلا يجوز تحويله، ولا نبشه، ونقله من موضعه، سواء نقل إلى مشهد أو إلى غيره بل ذلك بدعة في شريعة الإسلام.
وذكر شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مسائل خلافه، مسألة: إذا أنزل الميت القبر (19) يستحب أن يغطى القبر بثوب، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: إن كانت امرأة غطي، وإن كان رجلا لم يغط.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: ما وقفت لأحد من أصحابنا في هذه المسألة على مسطور فأحكيه، فالأصل براءة الذمة من واجب، أو ندب، وهذا مذهب الشافعي، فلا حاجة لنا إلى موافقته على ما لا دليل عليه، وقد يوجد في بعض نسخ أحكام النساء للشيخ المفيد إن المرأة يجلل القبر عند دفنها بثوب، والرجل لا يمد عليه ثوب، فإن كان ورد هذا، فلا نعديه إلى قبر الرجل، فليلحظ ذلك.
ولا يترك من وجب عليه الصلب، على خشبته، أكثر من ثلاثة أيام، فإن صلي عليه، وهو على خشبته، يستقبل بوجهه، وجه المصلى ويكون هو مستدبر القبلة، هكذا يكون الصلاة عليه، عند بعض أصحابنا المصنفين.
والصحيح من الأقوال والأظهر أنه ينزل بعد الثلاثة الأيام، ويغسل، ويكفن، ويحنط ويصلى عليه، لأن الصلاة قبل الغسل والتكفين لا تجوز، وهذا مذهب شيخنا المفيد وشيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله إلا أن شيخنا أبا جعفر، لا يصلب المحارب، إلا إذا قتل، ويقول: يقتل قودا لا حدا ذكر ذلك في الجزء السادس من مبسوطه في كتاب قطاع الطريق، فلزمه على ذلك أن يأمره بالغسل، والتكفين، والتحنيط، ثم يصلبه، لأن المقتول قودا بلا خلاف بيننا يؤمر أولا بالغسل، والتكفين، ثم يقاد بعد ذلك، وهو لا يغسله ولا يكفنه إلا بعد موته، وإنزاله من خشبته.
والصحيح أنه يقتل حدا، لا قودا، لأن القتل يتحتم عليه، وإن عفى ولي المقتول، وهذا مذهب شيخنا المفيد إن المحارب إذا شهر السلاح، الإمام مخير بين الصلب، وبين قطعه من خلاف، وبين النفي، والآية (20) معه، عاضدة لقوله.
ويكره تجصيص القبور، وتطيينها والتظليل عليها، والمقام عندها وتجديدها بعد اندراسها، ولا بأس بتطينها ابتداء.
والكفن يؤخذ من نفس تركة الميت، قبل إخراج جميع الحقوق، من دين، ووصية، ونذر، وكفارة، وميراث وإن كان الميت امرأة لزم زوجها أكفانها، وتجهيزها، ولا يلزم ذلك في مالها، فإن آثر الزوج أن يكفنها مما يخصه من تركتها ونصيبها، فلا بأس به إذا لم يحسبه من أصل تركتها على ورثتها.
__________________
(1) النهاية: في غسل الميّت.
(2) المبسوط: كتاب الجنائز ( بعد كتاب الصلاة ) ص 178 من المطبوع.
(3) الوسائل: الباب 6 من أبواب غسل الميّت.
(4) الوسائل: الباب 2 من أبواب التكفين، ح 16 .
(5) الاقتصاد: فصل في ذكر غسل الأموات ، ص 248 .
(6) في المطبوع: لأن الحبرة مشتقة من التزيّن.
(7) التبيان: ج 1 ، ص 448 .
(8) مروج الذهب: ج 1 ص 171 نقلا بالمعنى.
(9) في المطبوع: التاريخ.
(10) رسالة المفيد رحمه الله الى ولده.
(11) هذه العبارة غير موجودة في النهاية والخلاف والمبسوط والجمل والعقود.
(12) الاقتصاد: فصل في ذكر غسل الأموات ، ص 250 الطبع الحديث.
(13) الوسائل: الباب 35 من أبواب الدفن ، ح 1 و 2 و 3 .
(14) الكافي: في أحكام الجنائز ، ص 239 طبع مكتبة الإمام أمير المؤمنين بأصبهان.
(15) كتاب الخلاف: المسألة 62 من أحكام الأموات.
(16) الاستبصار: الباب 117 من أبواب الجنائز.
(17) رسالة ابن بابويه.
(18) الخلاف: المسألة 36 من أحكام الأموات.
(19) الخلاف: المسألة 87 من أحكام الأموات.
(20) المائدة: 33 .
|
|
العمل من المنزل أو المكتب؟.. دراسة تكشف أيهما الأفضل لصحتك
|
|
|
|
|
عناكب المريخ.. ناسا ترصد ظاهرة غريبة
|
|
|
|
|
استقطاب المرضى الأجانب.. رؤية وخطط مستقبلية للعتبة الحسينية في مجال الصحة داخل العراق
|
|
|