هل الكلام بأن الامام الحسين طلب ان يضع يده في يد يزيد أو يرجع لمّا رأى الجيش العظيم الذي يريد قتاله صحيح ؟ |
96
12:25 صباحاً
التاريخ: 2024-10-23
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-23
123
التاريخ: 2024-10-23
99
التاريخ: 2024-10-23
102
التاريخ: 2024-10-23
181
|
السؤال : يقول بعضهم في كتاب له :
فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد ، فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمر بن سعد.
وقال : ولمّا رأى الحسين هذا الجيش العظيم ، علم أنّه لا طاقة له بهم ، وقال : « إنّي أُخيّركم بين أمرين : أن تدعوني أرجع ، أو تتركوني أذهب إلى يزيد في الشام » ، فقال له عمر بن سعد: أرسل إلى يزيد ، وأرسل أنا إلى عبيد الله ، فلم يرسل الحسين إلى يزيد.
ما ردكم على هذا الامر ؟
الجواب : الكاتب يعرض النصوص بشكل مخلّ ، وما أورده الطبري في تاريخه في أحداث سنة 61 هـ ، عن حسان بن فائد بن بكر العبسي قال : أشهد أنّ كتاب عمر بن سعد جاء إلى عبيد الله بن زياد وأنا عنده ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أمّا بعد : فإنّي حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي ، فسألته عمّا أقدمه؟ وماذا يطلب ويسأل؟ فقال : « كتب إليّ أهل هذه البلاد ، وأتتني رسلهم ، فسألوني القدوم ففعلت ، فأمّا إذ كرهوني ، فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم ، فأنا منصرف عنهم » ، فلمّا قرأ الكتاب على ابن زياد قال : الآن إذ علقت مخالبنا به ، يرجو النجاة لات حين مناص (1).
وروى الطبري : قال أبو مخنف : وأمّا ما حدّثنا به المجالد بن سعيد ، والصقعب بن زهير الأزدي ، وغيرهما من المحدّثين ، فهو ما عليه جماعة المحدّثين قالوا : إنّه قال : « اختاروا منّي خصالاً ثلاثاً : إمّا أن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه ، وإمّا أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية ، فيرى فيما بيني وبينه رأيه ، وإمّا أن تسيّروني إلى أيّ ثغر من ثغور المسلمين شئتم ، فأكون رجلاً من أهله لي ما لهم ، وعليّ ما عليهم ».
قال أبو مخنف : فأمّا عبد الرحمن بن جندب فحدّثني عن عقبة بن سمعان قال : صحبت حسيناً ، فخرجت معه من المدينة إلى مكّة ، ومن مكّة إلى العراق ، ولم أفارقه حتّى قُتل ، وليس من مخاطبته الناس كلمة بالمدينة ، ولا بمكّة ، ولا في الطريق ، ولا في العراق ، ولا في عسكر إلى يوم مقتله ، إلاّ وقد سمعتها ، ألا والله ما أعطاهم ما يتذاكر الناس ، وما يزعمون من أن يضع يده في يد يزيد بن معاوية ، ولا أن يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ، ولكنّه قال : « دعوني فلأذهب في هذه الأرض العريضة ، حتّى ننظر ما يصير من أمر الناس » (2).
فالطبري يروي الرواية التي تتحدّث عن الخيارات الثلاثة ، ثمّ يروي عن عقبة ابن سمعان ـ الذي عاصر الأحداث ـ إنكاراً واضحاً لما ذكر في الرواية السابقة ، أي ما تبنّاه كاتب المنشور ، وعرضه بشكل مخلّ.
هذا بالإضافة إلى شخصية الحسين عليه السلام وتربيته ، وما ورثه من أبيه عليه السلام ، لا تتناسب مع مثل هذا الموقف ، الذي يريد أن يصوّره الكاتب ، وكأنّ الحسين عليه السلام قد ندم على خروجه ، أو خاف هذه الجموع ، كيف وشجاعته واضحة في صفحات التاريخ؟ وهو الذي بشّره رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الموقف الإيماني العظيم ، وقد قرأت رسالة عمرة بنت عبد الرحمن قبل فقرات ، وردّ الحسين عليه السلام عليها.
ولعلّ الحجّة الأبلغ على الكاتب المحرّف ، ما رواه إمامه ابن كثير في البداية والنهاية قال : « ولكن طلب منهم أحد أمرين : إمّا أن يرجع من حيث جاء ، وإمّا أن يدعوه يذهب في الأرض العريضة حتّى ينظر ما يصير أمر الناس إليه » (3).
بل إنّ الطبري ينقل عكس هذا الادعاء في تاريخه ، حيث ينقل رفض الحسين عليه السلام أن يضع يده بيد يزيد ، قال : فنادى ـ الحسين عليه السلام ـ : « يا شبث بن ربعي ، ويا حجّار بن أبجر ، ويا قيس بن الأشعث ، ويا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ ... »؟ قالوا له : لم نفعل ، فقال : « سبحان الله ، بلى ... إذ كرهتموني دعوني انصرف عنكم ... » ، فقال له قيس : أولا تنزل على حكم ابن عمّك ـ أي يزيد ـ فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحب ، ولن يصل إليك منهم مكروه ، فقال له الحسين : » ... لا والله ، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ... » (4) ، ورواه أيضاً ابن كثير في تاريخه (5).
ويؤكّد ذلك ما نقله الذهبي في تاريخ الإسلام قول الحسين عليه السلام : « ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله ، وإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً » (6).
وهذه هي الحقيقة التي تتناسب مع شخصية سبط النبيّ صلى الله عليه وآله وابن علي عليه السلام ، الذي تربّى تحت بارقة ذو الفقار ، لا ما استنتجه الكاتب ، ليقلّل من شأن موقف الحسين عليه السلام ، ويرفع من قيمة يزيد حفيد آكلة الأكباد.
_______________
1 ـ تاريخ الأُمم والملوك 4 / 311.
2 ـ المصدر السابق 4 / 313.
3 ـ البداية والنهاية 8 / 190.
4 ـ تاريخ الأُمم والملوك 4 / 323.
5 ـ البداية والنهاية 8 / 194.
6 ـ تاريخ الإسلام 5 / 12.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|