أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2020
2058
التاريخ: 2024-10-28
78
التاريخ: 16-6-2019
10011
التاريخ: 2024-10-28
99
|
تهدف سياسات التنمية الاقتصادية القومية منها والإقليمية إلى زيادة الناتج القومي والإقليمي، وتعد الزيادة الكمية في الإنتاج الصناعي إحدى ثمارها ووسائلها ، وتدعى هذه الزيادة بالنمو الصناعي ، فالنمو الصناعي هو الزيادة المتحققة في كمية Size أو قيمة Value الإنتاج الصناعي عامة أو في أحد فروعه خلال مدة زمنية معينة. وقد يحصل النمو في إقليم وموقع دون آخر. وفي فرع صناعي دون غيره، وربما في عموم قطاعات الصناعة.
ينجم النمو الصناعي عن زيادة العوامل المشتركة في العملية الإنتاجية أو رفع كفاءتها ، كما قد ينجم عن تحسينات في عمليات النقل والخزن والتسويق أو في إدارة الإنتاج وخدماته.
وعموماً فان هذه الزيادة يمكن أن تحقق بإحدى طريقتين أو بكلتيهما : الأولى يتم فيها تنظيم المؤسسات الصناعية والاستخدام الأكفأ لعناصر الإنتاج المتاحة، والثانية يتم فيها استثمار المزيد من الموارد المالية في القطاع الصناعي في تمويل مشاريع صناعية جديدة New Industrial Projects أو توسيع المشاريع القائمة Expansion أو تحديث Modernization هذه المشاريع. وتعطى الأسبقية للطريقة الأولى لاعتمادها على الإمكانات الذاتية، إلا إنها اقل تأثيراً وسرعة في إحداث النمو المطلوب، أما الطريقة الثانية فهي أكثر ثأثيراً وسرعة إلاّ إنها اكثر صعوبة لحاجتها لموارد مالية Financial Resources إضافية قد لا يكون من السهل توفيرها ، والى اتخاذ قرارات استثمارية أساسية مثل ماذا ؟ وما مقدار؟ وأين ينتج ؟ ثم وضع آلية لتنفيذ هذه القرارات . وإذا كانت مثل هذه القرارات تتعلق بالإنتاج كما يبدو إلا إنها في الحقيقية تبدأ وتهتم بالاستثمارات المخصصة للتنمية الصناعية وكيفية توزيعها بين فروع النشاط الصناعي المختلفة ، إضافة لدراسة مواقع هذه الاستثمارات والمشاريع ، وقد ترافق عمليات النمو الصناعي تغييرات هيكلية Structural Changes في فروع النشاط الصناعي، مما يؤدي إلى إعادة بناء الهيكل الصناعي Construction of Industrial Frame work القومي أو الإقليمي، كما قد تحصل تغييرات مماثلة في العلاقات البينية التبادلية بين القطاعات الاقتصادية Exchange Relations with other وفروع النشاط الصناعي الأخرى Sectors Economic وعند ذاك تحقق مثل هذه التطورات التنمية عمقاً من النمو الصناعي Industrial Development وهي أشمل وأكثر الصناعة ، كما أن آثارها على البنية الاقتصادية أكثر إيجابية.
يحدث النمو الصناعي إما بطرقة تلقائية Spontaneously ، كما في أغلب البلدان أو الاقاليم المتطورة صناعياً، أو بطريقة مخططة Planned وفق سياسات Policies محددة تضعها المؤسسات الحكومية المركزية أو الإدارات المحلية، على أن تكون الإقليمية منها متوافقة مع السياسات القومية سواء صدرت من هيئات مركزية أو إقليمية، معززة لها وغير متعارضة وفي ثلاثينيات القرن العشرين وجدت الدول المتقدمة صناعياً وفي مقدمتها المملكة المتحدة وفرنسا أن النمو الصناعي التلقائي قد أفرز كثيراً من المشاكل الإقليمية Regional Problems والتي لم يكن ممكناً تجاوزها بنفس الطريقة التلقائية، وان هذا النمو قد اتخذ اتجاهاتاً وأبعاداً غير مرغوبة أهمها اختلاف التوازن المكاني له Spatial Disequilibrium. واتبعت هذه الدول سياسات وتوجهات تهدف إلى تصحيح المسارات المكانية للنمو الصناعي وفقاً للأهداف التي كانت تتبع منهج الاقتصاد المخطط. وقد كان لكل تلك السياسات أهدافها ووسائلها الخاصة التي تتناسب وطبيعة المشاكل التي تعاني منها أقاليمها الجغرافية، فما يصلح من الوسائل لحل مشكلة النمو الصناعي في إقليم أو فرع صناعي قد لا يناسب إقليماً أو فرعاً صناعياً آخر غير أن ذلك لا يلغي أمكانيه الإفادة من التجارب الرائدة في هذا المجال.
ونظراً لاتصاف النشاط الصناعي بالداينمية Dynamic المستمرة، أصبح ضرورياً إعادة تقويم هذه السياسات بين مدة وأخرى لمعرفة نجاحها أو فشلها في تحقيق الأهداف المحددة ورسم سياسات وبرامج تتناسب وكل مرحلة لضمان استمرارية عملية النمو الصناعي وفق الاتجاهات Orients والأنماط المكانية والقطاعية Spatial and Sartorial Patterns المرغوبة.
والنمو الصناعي الإقليمي Regional Industrial Growth لا يمكن أن يحدث بمعزل عن حالة الاقتصاد الإقليمي أو حتى الاقتصاد القومي بشكل عام، سواء من حيث مسببات هذا النمو أو من حيث نتائجه ، بل أن مثل هذه الاعتمادية Dependency تعكس حيوية وعمق الترابط بين الاقتصاد الإقليمي والقومي. فالنمو الصناعي في إقليم أو فرع صناعي يمكن أن يحدث كاستجابة لنمو الاقتصاد القومي National Economic Growth بفروعه المختلفة أو بعضها. وقد يحدث التراجع بنفس الاتجاه أيضاً. وفي الاتجاه الآخر فان النمو الصناعي الإقليمي لابد أن يسهم بقدر أو بآخر في النمو الصناعي القومي وبالتالي في تنشيط الاقتصاد القومي بشكل عام، إلا أن عمق واتساع عملية انتقال الحركة مابين هذه القطاعات لا تحدث بوتيرة واحدة بسبب خصوصية وطبيعة كل منهما .
يعد التقدم التقني Technical Progress أحد أبرز محفزات النمو الصناعي خاصة الفروع الصناعية الأكثر قدرة على الاستفادة من التقنيات الحديثة مثل الصناعات الهندسية، الكهربائية والالكترونية. وتبعاً لذلك فإن توطن مثل هذه الصناعات في إقليم معين يعطيه ميزة تتمثل بتفوقه على أقاليم أخرى في نسبة النمو الصناعي المتحققة مقابل ذلك فإن تخلف صناعة ما عن استيعاب التطورات التقنية الحديثة ومتابعتها يؤدي الى تباطؤ عمليات نموها خاصة عندما يكون لهذه الصناعة مكانة مهمة في الهيكل الصناعي القومي أو الإقليمي.
يمكن أن يتحفز النمو الصناعي أو يستفيد من عمليات التمويل المالي الوطني والأجنبي، أو من أسواق جديدة وطنية أو خارجية، فتح مداخل نحو استثمار مواد أولية أو مصادر طاقة. إلا أن من المؤكد أن هذه المحفزات إذا كانت وطنية أو داخلية المنشأ فإنها تحدث تأثيرات إيجابية أكثر فاعلية مما لو كانت خارجية المنشأ ، كما أن مخرجات العملية الإنتاجية قد لا تسهم هي الأخرى في رفع مستوى المعيشة أو المستوى الحضاري للسكان أو في تطوير الأنشطة الاقتصادية والخدمية. لذلك فإن الأسلوب الناجح لبدء أو تسريع عمليات النمو الصناعي هو في الاعتماد بالدرجة الأولى على الإمكانات المحلية من الموارد المالية، بتشجيع عمليات الادخار والاستثمار. ولأجل أن يكون النمو الصناعي القومي أو الإقليمي فاعلاً ومؤثراً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لابد ان تتوفر له عدد من عناصر النجاح واهمها :ـ
أولاً : لا بد من استيعاب خصوصية الدولة أو الإقليم، ومقدار الحاجة للتنمية، واختيار أفضل المواقع لعمليات الاستثمار، مع ضمان استيعاب الحالة المستقبلية التي يتوقع التطور باتجاهها. وهذا يتطلب دراسة شاملة Comprehensive عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسكاني وطبيعة الصناعات القائمة، والموارد الطبيعية والاقتصادية المتاحة حالياً والممكنة مستقبلاً . وبضوء ذلك توضع الخطط التي تستهدف تطوير الإنتاج الصناعي والتي يجب أن لا تقتصر على الزيادة الكمية فحسب، بل يجب أن تتعداها لاحقاً إلى إعادة بناء الهيكل الصناعي وربما الهيكل الاقتصادي عامة من أجل تطابق وانسجام وتكامل فروع النشاط الصناعي من جهة، وبينها وبين بقية الأنشطة الاقتصادية والخدمية من جهة أخرى. إن تحقيق نجاحات هامة في هذا الاتجاه يجب أن يرافقه نمو مماثل في الزراعة وفي قطاعات الخدمات الصحية والتعليمية وتسهيلات النقل والمواصلات.
ثانيا : إن النمو الصناعي يمكن أن يتحفز عن طريق الادخار والاستثمار الداخلي، ولكن لا يمكن ضمان استمراره بنفس الوتيرة، ما لم يرافقه إعادة توزيع لثمار النمو بشكل عادل، لأن حصده من قبل طبقة أو فئة قليلة على حساب فئات السكان الأكبر الباقية، يعني إبقاء معظم السكان دون مشاركة اقتصادية فاعلة ودون إبداع لعدم وجود الحافز الذاتي لديهم، ولذلك فإن إعادة النظر بنظام الملكية عامة يعتبر الخطوة المكملة الأساسية لضمان استمرار النمو الصناعي.
ثالثا : ومن الضروري تحديد المرحلة التي يمر بها القطاع الصناعي مقارنة بالقطاعات الأخرى، وذلك من أجل تحديد نسبة النمو المستهدفة والفترة الزمنية لإنجازه، فإذا كان القطاع الصناعي متخلفاً ، عن المستوى العام للأنشطة الأخرى فتوجب الإسراع بحركة النمو الصناعي بمعدل يفوق مثيله في الأنشطة الأخرى، وقد يكون مطلوباً توجيه عمليات الاستثمار نحو قطاعات وأنشطة أخرى غير الصناعة حينما يكون القطاع الصناعي قد حقق معدلات نمو عالية في أوقات سابقة.
رابعاً : يجب عدم إغفال التأثيرات والعلاقات الناشئة والمتطورة بفعل النمو الصناعي إيجابية كانت أم سلبية، في نفس القطاع الصناعي أو في أنشطة أخرى، يأتي في مقدمتها حركة العمالة والهجرة بنية السكان ونموهم، إضافة لمشاكل التلوث Pollution ، الازدحام، ارتفاع مستوى الطلب على الأرض والسكن والغذاء والخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.
خامساً : من المستلزمات الأساسية لنجاح عمليات النمو الصناعي تحديد أهدافها الرئيسة : فهل المطلوب تشغيل أكبر عدد من العمالة العاطلة؟ أم استثمار موارد محلية متاحة؟ أم تحقيق استثمار اقتصادي كفوء يهدف الى تحقيق ربحية اقتصادية أو اجتماعية وربما كليهما ؟ إن هذه الاعتبارات يجب أن تتحدد حتى عند اختيار فروع صناعية معينة دون أخرى.
سادساً : مراعاة عامل الموقع الجغرافي Geographical Location وتباين القوة النسبية لقوى التكتل والتشتت، ففي الأقاليم المركزية Central Regions يتسارع النمو باستخدام تقنيات أفضل والاستثمار الكفوء للإمكانات المتاحة، ورفع مستوى الإنتاجية، بل إن ذلك قد يحدث رغم تدني مستوى الاستخدام الصناعي، بينما يحدث النمو في الأقاليم الخارجية Periphery Regions بمعدلات محدودة وعن طريق إنشاء مزيد من المصانع وتوفير فرص عمل إضافية.
إن التباين المكاني هذا في نسب النمو ناتج عن تباين كلف الإنتاج بين الأقاليم أو ما يسمى بالكفاءة الاقتصادية الإقليمية Intra-Regional Efficiency. ونسبة النمو المتحققة عرضة للتغير زمانياً لأسباب عدة، فالمؤثرات الخارجية والإمكانات المتاحة في الأقاليم والمواقع عرضة للتغير بين فترة وأخرى، ينجم عنها انتعاش أو تدهور في بعض فروع الصناعة أو المواقع الصناعية. وكلما كانت الصناعات القائمة معتمدة على موارد محلية تمكنت من التلائم والتبدلات الخارجية المؤثرة وبقدر يفوق الصناعات الأخرى، مما يعطي الصناعات الأولى وثم مواقعها وأقاليمها أرجحية في تحقيق نسب نمو صناعي مستمرة ومتصاعدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الزهرة علي الجنابي، واقع واتجاهات التوطن الصناعي في إقليم الفرات الأوسط من العراق ، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى مجلس كلية الآداب جامعة بغداد، 1996، ص 22
(1) عبد الزهرة علي الجنابي، واقع واتجاهات التوطن الصناعي في إقليم الفرات الأوسط من العراق ، ص .23
(2). A- John Glasson،
An Introduction to Regional Planning، (2)
Hutchinson Pub. Group 2nd. Ed.U.K.. 1983. P.P. 196-254.
B- David Keeble. Industrial location and Planning In U.K, Methuen Co.,Ltd., 1976. PP 201-212.
C- David Smith. Industrial Location. John Wiley & Sons Ine., U.S.A., 1971. PP. 463-464.
(2) Harry W. Richardson، Regional Economies، Pedwood Press Ltd., London, 1969, P. 343
(1) A- Michael Stroper ، Toward A Structural Theory of industrial Location ، John Rees and Others. Industrial Location and Regional system. Crom Helm Ltd., U. K., 1981. P. 20.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|