اذا نظرنا الى خريطة العالم نجد أن اليابس والماء يتوزعان بنظام خاص جدير بالملاحظة ، فضلا عن أن هذا التوزيع طريف في فانه قد أثر تأثيرا واضحا في مناخ اليابس وأوجه نشاط الانسان الذي يسكن فوق اليابس  وقبل أن ندخل في دراسة كيفية تكون القارات والمحيطات بهذا الشكل نعرض أولا لصورة توزيع اليابس والماء في الوقت الحاضر ونبرز الملاحظات التالية على هذا التوزيع :

اولا و نلاحظ أولا أن اليابس في نصف الكرة الشرقي أكثر منه نصفها الغربي ، وهذا اليابس الواقع في النصف الشرقي يتصل بعضه ببعض على شكل كتلة كبرى  فأوربا تتصل بآسيا اتصالا وثيقا وتكونان معا قارة ضخمة نسميها أوراسيا ، وهذه القارة تمتد الى قارة بيث لا يفصلهما الابحران ضيقان نسبيا هما البحر الأحمر والبحرالمتوسط.

ثانيا : توزيع اليابس والماء غير متعادل في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي ، فمساحة يابس النصف الشمالي أكبر كثيرا من مساء يابس النصف الجنوبي حوالي ثلاث عشرة مرة قدر مساحة اليابس في النصف الجنوبي وتتخذ القارات في مجموعها شكل مثلث أحد رؤسه نحو الجنوب كما هو واضح في الامريكتين وفي افريقية ، أما أوراسيا فنظرا لضخامتها فان شكل المثلث لا يظهر فيها بوضوح ، ولكنها ترسل نحو الجنوب شبه جزيرة الهند التي تقترب كثيرا من شكل المثلث ، كما ترسل أشباه جزر أخرى ، وان كانت أشكال غير منتظمة تقريبا ، الا أنها تستدق نحو الجنوب كما هو الحال في شبه جزيرة العرب والملايو وكما الحال في البلقان وايطاليا وأيبيريا

ثالثا : نلاحظ أن الماء هو السائد بعد خط عرض 50 جنوبا حتى نصل الى خط عرض 60 جنوبا حيث يحيط الماء بالكرة الأرضية كلها ويكاد لا يوجد يابس .

رابعا : يمتد الماء شمالا في ثلاثة السنة وهي:

1ـ المحيط الهادي وهو يمتد الى مضيق برنج حيث تقترب أورا وأمريكا الشمالية من بعضهما .

2ـ المحيط الهندي الممتد بين افريقيا وأستراليا المحيط الأطلسي الذي يفصل بين الأمريكتين وأوربا وافريقيا ويضيق هذا المحيط نوعا في المنطقة الاستوائية ويتسع ثانية الى الشمال المحيط الشمالي ، وهذا المحيط الأخير شبه مستدير.

خامسا : تلاحظ أيضا أن المحيطات تتداخل بين القارات بشكل يجعل اليابس والماء أشبه بالسنة متداخلة بعضها في بعض ، ونجد شكل أيضا في المساحات المائية اذ نستطيع أن تتبينه في المحيط الهندي في منطقة بحر العرب وخليج بنغال وفي حوض البحر المتوسط المحيط الأطلسي فيتمشى جزؤه الشمالي مع هذه القاعدة اذا ظهر فوق سطح مائة ذلك المرتفع الغاطس الممتد بين جزيرة جرينلنده وجزيرة أيسلندة واسكتلنده . ويسمى المسطح المائي الواقع الى الجنوب من 40 جنوبا تقريبا باسم المحيط الجنوبي .

وقد حسبت مساحة كل من اليابس والماء فوجد أن الماء يغطي نحو من مساحة سطح الأرض كله ، ووجد أن هذه النسبة تختلف في الكرة الشمالي عنها في النصف الجنوبي ، ففي النصف الشمالي مساحة الماء نحو 68٪ من مساحة سطحه وتقل جدا حوالي خط عرض شمالا ، بينما في النصف الجنوبي تبلغ مساحة الماء نحو 83٪ من سطحه وتصل أكبر اتساع لها عند خط 60 جنوبا . كذلك نلاحظ أنه خط بين المتاحة عرض 40 ، 70 شمالا نحو71٫8 ٪ من مجموع ابسة توجد في هذه المنطقة ، وأما فيما بين خطي عرض 050 ، 60 جنوبا اليابس يكاد لا يذكر بالنسبة للماء اذ يبلغ نحو 0٫8. من مجموع لمساحة في هذه المنطقة . ولكن حول القطب الجنوبي توجد مساحة كبيرة اليابس تعرف باسم قارة أنتار كنيكا Antarctica أو القارة القطبية الجنوبية .

سادسا : ومن الملاحظ أيضا أن اليابس يكون حلقة حول المحيط ، ، وتستطيع أن نصف هذه الحلقة بأنها شبه مقفلة ، لأن الفتحة الوحيدة التي توجد بها وهي الواقعة بين المحيط الأطلسي ومحيط القطب الشمالي هي فتحة ضحلة لوجود مرتفع غاطس بها ، أعلى قممه هي جزيرة أيسلندة ، كما أن الفتحات الأخرى التي بهذه الحلقة فتحات ضيقة أهمها مضيق برنج الواقع بين قارة آسيا من ناحية وقارة أمريكا الشمالية أمن ناحية أخرى ، ومضيق سميث الواقع غرب جزيرة جرينلندة والمضايق الموجودة بين جزر الأرخبيل الأمريكي الشمالي.

سابعا : اذا نظرنا الى اليابس من طرفه الشمالي الأقصى فاننا نجده يمتد نحو الجنوب امتدادا يشبه ثلاث أذرع كبيرة احداها تشمل القارة الأمريكية والأخرى تشمل أوربا وافريقية والثالثة تشمل آسيا ممتدة في الملايو وما اليها الى استراليا . واذا نظرنا الى الأرض من ناحية القطب فاننا نجد القارة  القطبية الجنوبية مفصولة انفصالا كبيرا  الجنوبي بقية اليابس بواسطة المحيط الجنوبي .

هذا هو التوزيع الجغرافي لليابس والماء والسمات العامة لهذا التوزيع ، ولكن كيف حدث هذا التوزيع هناك أيضا عدة نظريات اليابس والماء أو بمعنى آخر نشأة القارات والمحيطات ، ورغم هذه النظريات بعضها بعيد عن الواقع الا أننا سوف نعرضها حتى يمكننا الحكم عليها .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) Marmer, H.A., The Sea », New York, 1930.