أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-28
278
التاريخ: 25-8-2020
2372
التاريخ: 26-9-2016
1253
التاريخ: 2023-03-29
942
|
الإسلام دين التواصل
إنّ المُراجع لمصادر الإسلام، من خلال القرآن الحكيم والأحاديث الشريفة، يرى بكلِّ وضوح وجلاء، حقيقةً وهي: أنّ كثيراً من وصايا الإسلام وواجباته وأحكامه تدعو إلى إزالة الحجب القائمة بين الأفراد، بين الإنسان وأخيه الإنسان.
إنّ الإسلام لم يأتِ لهدمِ الإنسانية، إنّما جاء بهدف هدم الحواجز التي يُمكن أن تفصل الإنسان عن أخيه في الإنسانية، أو أخيه في الإيمان، مثل العصبيّات بسائر أقسامها وأسمائها، والكبر والغرور والحقد والحسد وسوء الظن... هذه القائمة الطويلة السوداء من الصفات السيّئة التي جاء الإسلام للقضاء عليها واجتثاثها من جذورها.
وقد تتعجّب من قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق"[1].
ولكنّ المجتمع الّذي لا أخلاق له، والّذي يفصل بين أبنائه الحسد والبغضاء والكبر، ولا يثق المرء بأخيه، والذي لا يقوم على قاعدة الحبّ والإخلاص والصفاء، هذا المجتمع لا يمكن أن يرتقي أو يبني حضارة، إنّ مجتمع التقاطع والحقد والحسد والبغضاء ليس مجتمعاً إسلامياً وإن سُمّي كذلك...
إذاً فالإسلام يدعو إلى مجتمع المحبّة والتواصل والتعاون والإخاء والتكافل، مجتمع ليس فيه الحواجز النفسية والاجتماعية بين أبنائه، متشابك داخلياً، وآنئذ يستطيع هذا المجتمع أن يكون مصداقاً لقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا﴾[2].
وأن يكون: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾[3].
وأن يكون: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"[4].
فإذا ما تكاتف المجتمع داخليّاً، وأمِن من داخله، فحينئذٍ من السهولة أن ينتصر على أعدائه، أمّا إذا كان المجتمع مقاطعاً بعضه بعضاً، فحينئذٍ على هذا المجتمع السلام، ولن يستطيع أن ينتصر على أعدائه.
والتاريخ الإسلامي يؤكِّد لنا هذه الحقيقة: أنّ المسلمين تراجعوا حينما تقاطعوا، وإذا أرادوا الرجوع إلى ميدان قيادة الأمم فما عليهم إلا أن يتواصلوا ويتكاتفوا.
وهذا التواصل ينبغي أن يبدأ في الأسرة والعائلة، أي بين الأرحام، ليكون البيت الداخلي آمناً، ومن ثمَّ ينجرّ الكلام إلى الوحدة والتواصل الاجتماعي الإسلامي بشكل عام والإنساني بشكل أعم.
عبادات تواصلية
حتّى العبادات الإسلامية التي ظاهرها الفردية، فإنّها تضمّنت معانٍ اجتماعية، خذ مثالاً الصلاة: فعندما يُصلّي الإنسان المسلم بمفرده، هل يعني ذلك أنّ هذه الصلاة هي صلاة فردية؟ لا، لأنّ الصلاة وإن كانت إقامتها بصورة فردية أحياناً، إلا أنّ مضمونها اجتماعي.
خذ مثلاً: عندما يقرأ المصلّي سورة الفاتحة، فإنّه يصل إلى آيات: ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
فهنا نجد أنّ الصيغة صيغة الجماعة، نعبد ـ نستعين ـ إهدنا، وليست هي صيغة المفرد، أعبد ـ أستعين ـ إهدني.
فضلاً عن أنّ الإسلام حثّ على إقامة الصلاة جماعة وفي المسجد، وهذا يشير إلى أهميّة التحرُّك والنشاط الاجتماعي التواصلي في الإسلام الحكيم.
وهكذا عبادة الحج، فإنّ الحج صورته صورة جماعية، فمنذ انطلاق الإنسان من بلده إلى عودته من الحج تُرافقه المعاني الاجتماعية، والإشارات التواصلية.
وهكذا الصوم والزكاة، ترى فيهما المعاني الاجتماعية التواصلية فإذاً الإسلام اجتماعي تواصلي، يدعو إلى المحبّة والتكاتف والتعاون.
ومن الأمور التي أكّد عليها هذا الدِّين العظيم صلة الرحم، وهذا ما سنتحدّث عنه في العناوين اللاحقة.
الغرب المتقاطع
إذا عرفت منهجيّة الإسلام في العلاقة مع الآخر، وكونه اجتماعياً، فعرِّج بنظرك صوب الغرب لترى كيف يعيش الغرب من هذه الناحية.
إنّ مراجعة دقيقة للمجتمع الغربي يؤكِّد لك، بما ليس فيه شك، أنّه مجتمع فرداني وأناني الإتجاه، فإنّه لا يفهم إلا من خلال مصالحه الضيّقة، والفرد فيه مكلّف بتحسين حاله بمفرده، وليس مسؤولاً عن الآخرين، وبالنتيجة فإنّ قيمه ومصالحه متعلِّقة به، ولا يخدم بها بني الإنسان، مهما بعُد منه أو قرُب، حتى ولو كان ابنه من صلبه أحياناً، ولا تعدو أن تكون القيم والمصالح آلة اقتصادية مثلها مثل بقيّة الآلات، لا دخل لمعنى الإنسان أو الإنسانية ومصيره فيها بشيء.
والمؤسف المبكي أنّ روحيّة الغربيين قد غزتنا، وأصبحت هويّة المسلمين وأصالتهم وروحيّتهم الاجتماعية والتواصلية في مهبّ الرياح الغربية الفاسدة، فالهجوم الثقافي شرس واسع النطاق.
فينبغي على المسلم في هذا الصراع إثبات الذات وصون الهوية الثقافية والتمسُّك بمبادئ الإسلام الأصيلة.
وإذا أردت معرفة حقيقة المجتمع الغربي فما عليك إلا أن ترجع إلى الصحف والمجلّات التي تتحدَّث عن تفكُّك هذا المجتمع، وبالخصوص تفكُّك عوائله وأسره.
أُجريت دراسة على 7598 جانحاً في الولايات المتحدة الأميركية من نزلاء المؤسّسات الإصلاحية سنة 1910، أظهرت أنّ 50,7% أتوا من أُسر متصدِّعة، وأنّ 50,5 من نزلاء المدارس الإصلاحية في إنكلترا واسكتلندا أتوا من بيوت متصدِّعة، وأجرى باحث فرنسي عام 1942 في مدينة باريس دراسة على الأحداث (الشباب المراهقين) المنحرفين، فتبيّن أنّ 88% منهم كانت أسرهم متفكِّكة[5].
إنّ المجتمع الغربي مهدّد بالسقوط جرّاء تفشّي وتجذّر ظاهرة الفردية الأنانية بين كلّ فئاته.
وفي رأي بعض الباحثين الاجتماعيين، أنّ المجتمع الأمريكي بالذات، نسيجٌ مفتّت ومن ثمّ فليس له أمل يُرجى لمستقبل هذا المجتمع إذا هو لم يتدارك الأمر قبل فوات الأوان، وذلك بتصحيح وترميم النسيج الاجتماعي ويعترف هؤلاء الباحثون: أنّ الوضع يحتاج إلى تغيير جذري لقيم الشعب الأميركي[6].
العلاقات الاجتماعية في المجتمع الإسلامي
إنّ المجتمعات الإسلامية رغم عدم التزامها بالإسلام التزاماً تامّاً، إلا أنّه لا تزال الروح الاجتماعية موجودة فيها.
فحسب دراسات أجريت على المجتمعات العربية ـ وهي جزء من الأمّة الإسلامية ـ أنّه لا تزال في المجتمعات العربية روح العاطفية والترابط، وحبّ المعاشرة، وهي قيم تعكس أهميّة الجماعة لدى الفرد... وليس الامتثال لرغبات الأسرة والخوف من كلام الناس، والاهتمام بالمحافظة على السمعة، والمكانة العالية الّتي تحتلّها المجاملات الاجتماعية العربية إلّا تأكيداً، لأهمية الجماعة لدى الفرد.
وقد لاحظ أحد الباحثين أنّ العرب على خلاف الأوروبيين والأميركيين، عادة ما يفضّلون الوقوف والجلوس على مقربة شديدة من بعضهم البعض في الأماكن العامة[7].
أسباب القطيعة
بعد أن قارنّا بين المجتمع الإسلامي وقيمه من حيث الاتجاه الجماعي، وبين المجتمع الغربي من حيث فردانيّته وأنانيّته، يحسن بنا أن نعرف الأسباب التي تدعو إلى تقاطع الناس وتنافرهم، وهذه الأسباب تجري على قطع الرحم أيضاً.
سيطرة روح المادّية: على المجتمع والأفراد، ممّا يُسبِّب تمحور كلّ إنسان حول ذاته، بالشكل الّذي يؤدّي إلى عدم الاهتمام بالآخرين. وهذا ما نراه في المجتمعات الغربية الّتي لا تقيس علاقاتها مع الآخرين إلا بالقياس المادّي، ويختصرون علاقاتهم بقياس الجيب وما يحويه من المال.
وهذه الروح المادّية رفضها الإسلام العزيز، داعياً إلى عدم الاستغراق في حبِّ الدنيا، وحبِّ المال، المؤدِّيان إلى كثير من المساوئ، ومنها قطع الرحم.
إنّنا نرى كثيراً من الأغنياء المنكبّين على جمع المال، لا يتواصلون مع أقاربهم، وما ذلك إلا لأنّهم فقراء، لا يستفيدون منهم شيئاً، بمقياس الجيب والمصالح المادّية.
التكبُّر: وسيطرة الروح المادّية، تؤدّي بالإنسان الّذي تغلّبت عليه هذه الروح، إلى التكبُّر على الآخرين واحتقارهم وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا يدخل الجنّة من في قلبه مثقال حبّة من كبر"[8].
وإذا كان التكبُّر مذموماً في الإسلام، فإنّ التكبُّر على ذي الرحم أشدُّ قبح, فكم نرى غنيّاً، أو ذا جاه، لا يصل رحمه الفقير أو الّذي لا جاه له، ولا يعرف له قرابته ويتكبَّر عليه، أمّا إذا رأى رحمه الغني الوجيه احترمه، وهذا في الحقيقة ليس صلة للرحم، بل اعتناء بالمال والمصالح الضيّقة، لا بشخص الرحم، فهذا احترم المال ولم يحترم قريبه، ألا يعلم هذا المتكبِّر أنّ الله:
﴿لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾[9].
سوء الظن: وهو مسبِّب للكثير من العداوات والأحقاد، وكم من أخوين تقاطعا لأنّهما أساءا الظن، وكم من عائلات وأسر تفكّكت بسبب هذه الخصلة المدمِّرة.
ولذلك حذّرنا الله من هذه الرذيلة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾[10].
وكثيرٌ من الأحاديث ذُكرت حول هذا الموضوع, يقول أبو عبد الله (عليه السلام) قال: أمير المؤمنين (عليه السلام): "ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يغلبك منه ولا تظنّن بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً"[11].
الحسد: وهو أيضاً ماحقٌ أو حالقٌ للدِّين، ومقطِّع أوصال الأحبّة والمؤمنين، ولقد حذّرتنا الشريعة الإسلامية من هذه الخصلة.
﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ﴾[12].
﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾[13].
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: "ألا إنّه قد دبّ إليكم داءُ الأمم من قبلكم وهو الحسد ليس بحالق الشعر لكنّه حالق الدِّين"[14].
ألم يكن الحسد سبباً لقتل قابيل لأخيه هابيل، قال الإمام الصادق (عليه السلام): "والحسد أصله من عمى القلب... وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد وهلك مهلكاً لا ينجو منه أبداً..."[15].
والنبي يوسف (عليه السلام) ألم يحاول إخوته قتله انطلاقاً من صفة الحسد، وقصّته معروفة.
الغيبة: وهي أيضاً مسبّبة لتفكّك العوائل، في حين إنّ الله تعالى ينهانا عنها لمصلحتنا.
﴿... وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾[16].
النميمة: وفحش الكلام، وعدم وجود الاحترام المتبادل، والعقد النفسية (خجل، حياء) فضلاً عن الغزو الثقافي الغربي لنا، بحيث نكاد نصير كالغرب في أخلاقه وقيمه وتوجهاته.
هذه الأسباب لم نفصِّل فيها، حتى لا يطول المقام، ويحسن مراجعة الكتب الأخلاقية، الّتي تتحدَّث عن هذه المواضيع بإسهاب، وتعطي العلاج لهذه الرذائل، فبعلاجها يُعالج موضوع قطيعة الرحم، وكثير من العداوات والأحقاد في المجتمع ككل.
بين العصبيّة وصلة الرحم
صحيح أنّ الإسلام دعا إلى التواصل والمرحمة، كما سيأتي في الأحاديث والآيات القرآنية، إلا أنّه نهى عن التعصُّب الأعمى للعائلة والأرحام.
يقول الإمام الخميني قدس سره: العصبيّة واحدة من السجايا الباطنية النفسانيّة، ومن آثارها الدفاع عن الأقرباء، وجميع المرتبطين به وحمايتهم، بما في ذلك الارتباط الديني أو المذهبي أو المسلكي، وكذلك الارتباط بالوطن وترابه...
والعصبيّة من الأخلاق الفاسدة والسجايا غير الحميدة، وتكون سبباً في إيجاد مفاسد في الأخلاق وفي العمل...
إنّ المرء إذا تعصّب لأقربائه أو أحبّته ودافع عنهم، فما كان بقصد إظهار الحقّ ودحض الباطل، فهو تعصّب محمود ودفاع عن الحقّ والحقيقة...
أمّا إذا تحرّك بدافع قوميّته وعصبيّته بحيث أخذ بالدفاع عن قومه وأحبّته في باطلهم وسايرهم فيه ودافع عنهم، فهذا شخص تجلّت فيه السجيّة الخبيثة، سجيّة العصبيّة الجاهليّة، وأصبح عضواً فاسداً في المجتمع... وصار في زمرة أعراب الجاهليّة...
جاء في الكافي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: "من تعصَّب أو تعصِّب له فقد خلع رِبقْ الإيمان من عنقه"[17].
وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: "من تعصّب عصّبه الله بعصابة من النار"[18]...[19]
فصلة الرحم والأقرباء والتعاون معهم والتكافل مطلوبة إسلاميّاً، ولكن إذا كان التعاون معهم على الباطل والظلم فهذا غير مطلوب، يقول تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[20].
وقد أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم، أن لا نكون متعصِّبين لمن يمتُّ إلينا بصلة القربى، وأن يكون رائدنا هو الحقُّ والعدل، وأن نقول الحقّ ولو على أرحامنا، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾[21].
صلة الأرحام والقربى في القرآن الكريم
من القضايا الّتي اهتمّ بها القرآن الكريم، قضية الأرحام، وبتعبيره ذوي القربى، فإذا استقرأنا الآيات القرآنيّة بخصوصهم، نرى بوضوح مدى عنايته
واهتمامه بهذا الموضوع، وهنا نورد بعض الآيات في هذا الخصوص كنموذج:
1ـ قال تعالى:
﴿وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا﴾[22].
هذه الآية الكريمة تشير إلى حقّ الوالدين وتوصي بالإحسان إليهما، ونلاحظ قرن عدم الشرك بالله تعالى بالإحسان إليهما، وفي هذا لفتة إلى أنّ ثمّة ارتباطاً بين هاتين المسألتين، بحيث يكون ترك حقوق الوالدين وتجاهلها، في مصاف الشرك بالله سبحانه، ثمّ إنّها توصي بالإحسان إلى كلّ الأقرباء.
وفي قوله تعالى أخيراً: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا﴾[23].
إشارة إلى أنّ سبب قطيعة الرحم أو من أسبابها، التكبُّر، الذي عبّر عنه بالاختيال والفخر.
2ـ وقال تعالى:
﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى...﴾[24].
لقد تعدَّدت الآيات الّتي تأمر بالإحسان إلى ذوي القربى، والإحسان إن كان حسناً، فهو إلى الأرحام أحسن وأجمل.
والمراجع للكتب الفقهية يرى كثيراً من الفتاوى الّتي تشير إلى مدى اهتمام الإسلام بالإحسان إلى ذوي القربى، كاستحباب الصدقة والزكاة والهدية إليهم، وإلى ما هنالك من أحكام.
3ـ قال تعالى:
﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ﴾[25].
الآية الكريمة تؤنِّب بني إسرائيل، لأنّهم لم يلتزموا بالأحكام الّتي وردت فيها، ومنها الإحسان إلى ذوي القربى، وهذا يشير إلى مدى أهميّة هذا الموضوع عند الله تعالى.
4ـ قال تعالى:
﴿وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى﴾[26],
هذه الآية كما يُروى نزلت في بعض الناس، كان قد آذاهم بعض قرابتهم، فحلفوا على أن لا يواصلوهم، ولكنّ الله تعالى نهاهم عن ذلك.
وهذا ممّا يعطينا فكرة مهمّة أنّه حتى ولو آذانا ذوو قرابتنا، وقاطعونا، بأيّ صورة من الصور، فعلينا أن لا نقاطعهم[27].
صلة الرحم في الأحاديث
كما كان للقرآن الكريم اهتمامه بموضوع الأرحام كان للأحاديث الشريفة الواردة عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته عليهم السلام أيضاً الاهتمام الكبير، والأحاديث كثيرة في ذلك نذكر بعضاً منها:
الحثّ على صلة الرحم
يقول الإمام عليّ (عليه السلام): "إنّه لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال عن عترته ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم وهم أعظم الناس حيطة من ورائه وألمّهم لشعثه، أعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به، ولسان الصدق يجعله الله للمرء في الناس خير له من المال يرثه غيره، ألا لا يعدلنَّ أحدكم عن القرابة..."[28].
وعنه (عليه السلام): "وأكرم عشيرتك فإنّهم جناحك الّذي به تطير وأصلك الّذي إليه تصير ويدك الّتي بها تصول"[29].
آثار صلة الرحم
إنّ لصلة الرحم إيجابيات مهمّة على صعيد الدنيا كما الآخرة، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة نأتي على ذكر بعضٍ منها:
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ الرجل ليصل رحمه وما بقي من عمره إلّا ثلاثة أيّام فينسئه الله عزَّ وجلَّ ثلاثين سنة، وإنّ الرجل ليقطع الرحم وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيّره الله إلى ثلاثة أيّام"[30].
عن الإمام الباقر (عليه السلام): "صلة الأرحام تزكّي الأعمال، وتنمّي الأموال، وتدفع البلوى، وتيسّر الحساب، وتُنسئ الأجل "أي تطيل في العمر""[31].
وعنه (عليه السلام): "صلة الأرحام تُحسّن الخلق وتسمح الكفّ وتطيّب النفس وتزيد في الرزق وتُنسئ في الأجل"[32].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إنّ صلة الرحم والبرّ ليهوّنان الحساب ويعصمان من الذنوب"[33].
قال أبو عبد الله (عليه السلام): "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّ في الجنّة درجة لا يبلغها إلا إمام عادل، أو ذو رحم وصول، أو ذو عيال صبور"[34].
فلو علم الإنسان كلّ هذا الأجر في الآخرة عدا حسنات الصلة في الدنيا لما قطع رحماً قط طوال عمره، ولعمري كم هي واسعة رحمة الله وكم هو كريم حتّى يعطي كلّ هذا على صلة الرحم الّتي يتهاون بها الإنسان في أغلب الأحيان!!
وكما كان لصلة الرحم إيجابيّات، فبطبيعة الأمر، إنّ لقطع الرحم سلبيّات على مستوى الآخرة والدنيا، وهنا بعض الأحاديث:
قطيعة الرحم من أبغض الأعمال إلى الله
جاء رجل إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أيّ الأعمال أبغض إلى الله؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "الشرك بالله".
قال: ثمّ ماذا؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): "قطيعة الرحم"[35].
يوجب قرب الأجل
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته: "أعوذ بالله من الذنوب الّتي تُعجِّل الفناء، فقام إليه عبد الله بن الكوّاء، فقال: يا أمير المؤمنين أوتكون ذنوب تُعجِّل الفناء, فقال: نعم، وتلك قطيعة الرحم، إنّ أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله وإنّ أهل البيت ليتفرّقون ويقطع بعضهم بعضاً فيحرمهم الله وهم أتقياء"[36].
لا تقطع وإن قطعك
جاء رجل إلى أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) فشكا إليه أقاربه، فقال (عليه السلام): "اكظم غيظك وافعل" (أحسن إليهم).
فقال: إنّهم يفعلون ويفعلون: (من أنواع الإساءة).
فقال (عليه السلام): "أتريد أن تكون مثلهم فلا ينظر الله إليكم"[37].
وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا تقطع رحمك وإن قطعك"[38].
يمنع النعم وريح الجنّة
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "أخبرني جبرئيل أنّ ريح الجنّة توجد من مسيرة ألف عام ما يجدها عاقّ ولا قاطع رحم"[39].
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "قطيعة الرحم تزيل النعم"[40].
صلة الوالدين
إذا كانت صلة الرحم واجبة وقطعها حرام، فإنّ ذلك يتأكّد في صلة الوالدين أو قطعهما، وقد عُدَّ عقوق الوالدين من الذنوب الكبيرة, كما ورد التصريح بذلك في روايات كثيرة، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "من أسخط والديه فقد أسخط الله ومن أغضبهما فقد أغضب الله"[41].
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "من آذى والديه فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فهو ملعون"[42].
وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): "فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنّة"[43].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل له صلاة"[44].
وإذا كان هذا في حال ظلمهما له، فكيف إذا كان هو ظالماً لهما.
الإحسان للوالدين
يستفاد من القرآن الحكيم وأخبار أهل البيت عليهم السلام أنّه ليس عقوق الوالدين وحده ـ يعني إيذاءهما وإزعاجهما ـ حراماً وذنباً من الذنوب الكبيرة، بل إنّ الإحسان إليهما وأداء حقّهما واجب وتركه حرام شرعاً.
أمّا الآيات:
﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾[45].
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا﴾[46].
﴿أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ﴾[47].
حيث ذكر شكر الوالدين تبعاً لشكره، ولا شكّ عقلاً في وجوب شكر ربِّ العالمين، إذاً شكر الوالدين واجب أيضاً.
﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾[48].
"فالإحسان في الفعل يقابل الإساءة وهذا بعد التوحيد لله من أوجب الواجبات كما أنّ عقوقهما أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، ولذلك ذكره بعد حكم التوحيد وقدّمه على سائر الأحكام المذكورة المعدودة، وكذلك فعل في عدّة مواضع من كلامه تعالى.
وقد تقدّم في نظير الآية من سورة الأنعام الآية 151 من السورة، أنّ الرابطة العاطفيّة المتوسّطة بين الأب والأم من جانب والولد من جانب آخر من أعظم ما يقوم به المجتمع الإنساني على ساقه، وهي الوسيلة الطبيعية الّتي تمسك الزوجين على حال الاجتماع، فمن الواجب بالنظر إلى السنّة الاجتماعية الفطريّة أن يحترم الإنسان والديه بإكرامهما والإحسان إليهما، ولو لم يجر هذا الحكم وهجره المجتمع الإنساني بطلت العاطفة والرابطة للأولاد بالأبوين وانحلّ به عقد المجتمع"[49].
﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا﴾: "فتخصيص حالة الكبر بالذكر لكونها أشقّ الحالات الّتي تمرّ على الوالدين، فيحسّان فيها الحاجة إلى إعانة الأولاد لهما وقيامهم بواجبات حياتهما الّتي يعجزان عن القيام بها، وذلك من آمال الوالدين الّتي يأملانها من الأولاد حين يقومان بحصانتهم وتربيتهم في حال الصغر وفي وقت لا قدرة لهم على شيء من لوازم الحياة وواجباتها. فالآية تدلّ على وجوب إكرامهما ورعاية الأدب التام في معاشرتهما ومحاورتهما في جميع الأوقات، وخاصّة في وقت يشتدّ حاجاتهما إلى ذلك وهو وقت بلوغ الكبر من أحدهما أو كليهما عند الولد..."[50].
بعض ما ورد من الأحاديث في برِّ الوالدين
1ـ أفضل من الجهاد:
أتى رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله إنّي راغب في الجهاد نشيط، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "فجاهد في سبيل الله فإنّك أن تُقتل تكن حيّاً عند الله تُرزق وإن تمت فقد وقع أجرك على الله وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت".
قال: يا رسول الله إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنّهما يأنسان بي ويكرهان خروجي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "فقر مع والديك فوالّذي نفسي بيده لأنسهما بك يوماً وليلة خير من جهاد سنة"[51].
2ـ الأثر الدنيوي للعقوق:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ثلاثة من الذنوب تُعجَّل عقوبتها ولا تؤخّر إلى الآخرة، عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الإحسان"[52].
3ـ الإحسان للوالدين وطول العمر:
عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "صدقة السرّ تُطفئ غضب الرب، وبرّ الوالدين وصلة الرحم يزيدان في الأجل"[53].
4ـ الإحسان للوالدين والغنى:
قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "من يضمن لي برّ الوالدين وصلة الرحم أضمن له كثرة المال وزيادة العمر والمحبّة في العشيرة"[54].
هذه بعض الروايات، في البرّ والإحسان إلى الوالدين، وهي كثيرة، نقتصر على هذا القدر.
قطيعة الرحم من الكبائر
يقول الإمام الخميني قدس سره في معرض حديثه عن الكبائر (كبائر الذنوب): "وأمّا الكبائر فهي كلّ معصية ورد التوعيد عليها بالنار أو بالعقاب، أو شدّد عليها تشديداً عظيماً، أو دلّ دليل على كونها أكبر من بعض الكبائر أو مثله، أو حكم العقل على أنّها كبيرة، أو ورد النصّ بكونها كبيرة، وهي كثيرة: منها... وقطيعة الرحم...
ويستحبّ العطيّة للأرحام الذين أمر الله تعالى أكيداً بصلتهم ونهى نهياً شديداً عن قطيعتهم، فعن مولانا الباقر (عليه السلام) قال: "في كتاب عليّ (عليه السلام) ثلاث خصال لا يموت صاحبهنَّ أبداً حتّى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة يبارز الله بها، وإنّ أعجل الطاعة ثواباً لصلة الرحم، وإنّ القوم ليكونون فجّاراً فيتواصلون فتنمى أموالهم ويثرون، وإنّ اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم ليذران الديار بلاقع من أهلها وتنقلان الرحم، وإنّ نقل الرحم انقطاع النسل".
وأولى بذلك الوالدان اللذان أمر الله تعالى ببرّهما، فعن أبي عبد الله (عليه السلام): "إنّ رجلاً أتى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: أوصني، قال: لا تشرك بالله شيئاً وإن أُحرقت بالنار وعُذِّبت إلّا وقلبك مطمئنّ بالإيمان، ووالديك فاطعمهما وبرّهما حيّين كانا أو ميّتين، إن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، فإنّ ذلك من الإيمان".
وأولى من الكلّ الأم التي يتأكّد برّها وصلتها أزيد من الأب، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله من أبرّ؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أمّك، قال: ثمّ من؟ قال: أباك".
والأخبار في هذه المعاني كثيرة فلتطلب من مظانها"[55].
من هم الأرحام؟
عندما نتحدّث عن صلة الرحم لا بدّ وأن نعرف من هم الأرحام أوّلاً وهل أنّ كلّ من يمسّ الإنسان بقرابة يكون رحماً؟
ليس للأرحام مراتب كمراتب الورثة وإنّما الأرحام الذين نقصدهم هم كلّ قريب يعدُّ عرفاً من الأرحام كالأب والأمّ والأخ والخال والعمّ والجدّ والجدّة.
وقد يتساءل بعض الناس هل يختصّ وجوب صلة الرحم بأقرباء الأب أم يشمل وجوب الصلة الأقرباء من جهة الأم؟
وفي الجواب عن ذلك نقول: إنّ أقرباء الأب والأم سواء في وجوب صلتهم فكما يجب زيارة أقرباء الأب وصلتهم يجب زيارة أقرباء الأمّ وصلتهم أيضاً[56].
ـ ويشمل وجوب صلة الرحم أيضاً عمّة الأب أو الأمّ وخالته فإنّهم جميعاً من الأرحام الواجب صلتهم[57].
ـ وقد يتوهّم البعض بوجود موارد يجوز فيها قطيعة الرحم فهل لهذه الموارد وجود وهل يجوز في بعض الحالات قطيعة الرحم؟
من الواضح أنّه لا يجوز قطيعة الرحم لأقلِّ الأمور كأن يكون الطرف الآخر قاطعاً للرحم بل تجب الصلة... ويتضاعف أجرها لتضمّنها جهاداً للنفس وخروجاً بها عن الذّات والأنانية، نعم هنالك حالات نادرة جدّاً يجوز فيها قطع الرحم، وهي نادرة أشدّ الندرة وقليلة التحقّق[58].
وقد يحصل أن يمنع رجل زوجته من صلة الرحم فهل يجوز له ذلك؟
من الواضح لدى سماحة السيد القائد دام ظله أنّه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته عن صلة الرحم الواجبة، نعم يجوز له أن يمنعها عن بعض مراتب صلة الرحم كأن تزورهم يوميّاً ولكنّه لا يجوز له منعها نهائياً ممّا يؤدّي إلى القطيعة.
كيف نصل الأرحام؟
ليس لصلة الأرحام مراتب شرعية، كأن يقول الشرع تجب الزيارة مثلاً، وإنّما صلة الرحم مسألة عرفية يُحدّدها العرف، فهو الّذي يحكم متى يكون الإنسان واصلاً لرحمه أو قاطعاً له.
فالتزاور هو جزء من صلة الرحم وليس وجوب الصلة منحصر به، فيمكن للمؤمن المسافر أن يصل رحمه عبر الرسائل أو الهاتف أو نحو ذلك، ولذلك كلّ وسيلة يعدّها العرف صلة للرحم وسؤالاً عنه واطمئناناً عليه يعتبر من صلة الرحم.
التهرُّب من صلة الرحم
قد يكون هناك بعض الناس الذين لم يلتقوا بأقاربهم ولم يرونهم في حياتهم أصلاً، فهل تجب عليهم صلة الرحم؟ وهل يجب على آبائهم وأهلهم أن يجمعوهم بهم كي تحصل صلة الرحم؟
من اللازم معرفته أنّه لا يوجد أيّ مجال للتهرّب من صلة الرحم فلو كان جمع الأهل لأولادهم بأقربائهم مقدّمة لصلة الرحم، وتتوقّف الصلة عليه، فيجب على الأهل حينئذٍ أن يبادروا لجمعهم بأقربائهم كي تتحقّق صلة الرحم الواجبة[59].
[1] بحار الأنوار, العلامة المجلسي, ج16, ص 210.
[2] سورة آل عمران, الآية 103.
[3] سورة الحجرات, الآية 13.
[4] ميزان الحكمة، الشيخ محمد الريشهري، ج4, ص 2837.
[5] لزيادة الإطلاع: يراجع: الأحداث المنحرفون, د. علي محمد جعفر, ص 5, ط المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع - بيروت 1984.
[6] لمزيد من الإطلاع: مجلة الفكر العربي, عدد 54, ص 233.
[7] راجع: مجلة الفكر العربي, عدد 54, ص 17.
[8] بحار الأنوار, م.س, ج2, ص 143.
[9] سورة لقمان, الآية 18.
[10] سورة الحجرات, الآية:12.
[11] أصول الكافي, الشيخ الكليني, ج2, ص 362.
[12] سورة النساء, الآية: 54.
[13] سورة الفلق, الآية: 5.
[14] الوسائل, الحر العاملي, ج15, ص 368.
[15] مستدرك الوسائل, الميرزا النوري, ج12, ص18.
[16] سورة الحجرات, الآية: 12.
[17] الكافي, م.س, ج2, ص 307.
[18] م.ن, ج2, ص 308.
[19] الأربعون حديثاً, الإمام الخميني, ص 143 - 144.
[20] سورة المائدة, الآية:2.
[21] سورة الأنعام, الآية: 152.
[22] سورة النساء, الآية: 36.
[23] سورة النحل, الآية: 90.
[24] سورة البقرة: الآية: 83.
[25] يأتل بمعنى يقصر ويترك.
[26] سورة النور, الآية:22.
[27] الميزان في تفسير القرآن, محمد حسين الطباطبائي, ج15, ص 94.
[28] ميزان الحكمة, م.س, ج2, ص 1054.
[29] ميزان الحكمة, م.س, ج2, ص 1054.
[30] م.ن, ص 1056.
[31] م.ن.
[32] م.ن, ص 1054.
[33] م.ن.
[34] بحار الأنوار, م.س, ج71, ص90.
[35] م.ن, ج69, ص 106.
[36] بحار الأنوار, م.س, ج71, ص 137.
[37] م.ن.
[38] م.ن.
[39] م.ن, ص 95.
[40] غرر الحكم ودرر الكلم, الآمدي, ج1, ص 277.
[41] مستدرك الوسائل, م. س, ج15, ص 193.
[42] م.ن.
[43] م.ن.
[44] بحار الأنوار, م.س, ج 71, ص 61.
[45] سورة البقرة, الآية: 83.
[46] سورة العنكبوت, الآية: 8.
[47] سورة لقمان, الآية: 14.
[48] سورة الإسراء, الآيتان: 23 - 24.
[49] الميزان في تفسير القرآن, محمد حسين الطباطبائي, ج13, ص 79 - 80.
[50] م.ن, ص 80.
[51] بحار الأنوار, م.س, ج 71, ص 52.
[52] م.ن, ج70, ص 373.
[53] م.ن, ج71, ص 83.
[54] جامع أحاديث الشيعة, السيد البروجردي, ج 21, ص 427.
[55] تحرير الوسيلة، الإمام الخميني قدس سره، ج1, ص 274.
[56] استفتاءات السيد علي الخامنئي دام ظله، ص 60 - 61.
[57] م.ن.
[58] م.ن.
[59] من استفتاءات للسيد علي الخامنئي دام ظله.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|