الفصل الأول: إدارة المال العام

مقدمة

يشكل المال عصب الحياة لدى الافراد والمؤسسات والحكومات وينظر الى الطريقة التي يدار بها المال والوسائل المستخدمة في هذا كونها مؤشراً على نجاح أو فشل الجهة التي تتولى إدارته.

وعندما يتعلق الأمر بادارة المال العام يكون الموضوع حساساً جداً كونه يوضح علاقة الفرد  والمؤسسة أو الحكومة مع المحيط، إذ يعد كل فرد في المجتمع مالكاً او صاحب حق فيه.

ومن هنا يشكل الاطلاع على طرق جباية المال واساليب تحصيله والتصرف به حقاً للمجتمع افرادا ومؤسسات، كما إن النزاهة والشفافية في الحكم تفترض مثل هذا الحق.

وتفترض أيضاً الرقابة والمسائلة التي غالباً ما تكون متركزة في الجانب المالي، الذي لا يستند فقط على تقديم التقارير وإنما بإخضاع إدارة المال العام لتدقيقات أخرى تحاول التقليل من حساسية التعامل مع الموارد المجتمعية وكيفية انفاقها.

مفهوم ادارة المال العام

يمكن القول بان مفهوم إدارة المال العام مرتبط بالمفهوم السائد للادارة ، فالإدارة مجموعة من الأنشطة المتميزة الموجهة نحو الاستخدام الكفء والفعال للموارد، وذلك لغرض تحقيق هدف ما، أو مجموعة من الأهداف.

او - هي عملية تجميع لعوامل الإنتاج المختلفة من رأس مال ، قوى عاملة ، و موارد طبيعية، والتأليف بينها من اجل استغلالها بفعالية للحصول على الأهداف (اقل تكلفة ، أكبر قدر ممكن من الإنتاج ...... الخ).
ويقصد بالموارد عناصر الإنتاج والتي يشار إليها بm's 6 وهي:

العنصر البشري  Manpower

المال  Money

السوق Market

المواد  Materials

الأدوات والوسائل  Means

الإدارة  Management

ماهي العناصر الاساسية التي تحكم ادارة المال العام كعملية إدارية؟

هناك عناصر أساسية في هذا المجال غاليا ما يصنفها الباحثون على انها اربعة عناصر والبعض الآخر يصنفها إلى خمسة عناصر أساسية يمكن الإشارة إليها باختصار كما يلي:

أولاً: التخطيط :

ويقصد به التفكير المنظم الذي يسبق عملية التنفيذ من خلال استقراء الماضي ودراسة الحاضر والتنبؤ بالمستقبل لصنع القرارات المطلوبة لتحقيق الهدف بالوسائل الفعالة.

وتتضمن عناصر الخطة :

1- الهدف: وهو النتيجة المراد تحقيقها.

2- السياسات : وهي الأطر العامة التي تحكم العملية التنفيذية بحيث لا يمكن الحياد عنها، وتوضع عادة من قبل الإدارة العليا لتوجيه وضبط العمل في المستويات الدنيا. 3- الإجراءات وربطها بالزمن :- وهي العمليات المراد القيام بها وتحديد زمن لتنفيذ كل عملية ، وكل إجراء "أي وقت البدء ووقت الانتهاء".

4- الوسائل والأدوات يجب أن ينص في الخطة على الوسائل والأدوات المطلوبة لتنفيذ الأعمال.

5- الموازنة اللازمة لتنفيذ الاجراءات السابقة.

وفقاً لهذا العنصر فأننا بحاجة الى معرفة أي وسيلة من وسائل إدارة المال العام تتضمن الأسس العلمية التي تتطلبها مرحلة التخطيط وتضمن انسيابية التفكير المنظم فهل يتحقق ذلك عندما يتم اعتماد موازنة البنود !!!! ام موازنة الاداء !!!! م الانواع الأخرى منها ؟

ثانياً: التنظيم:          

العنصر الثاني من عناصر أي عملية إدارية هو التنظيم.

والتنظيم عبارة عن " عملية حصر الواجبات والنشاطات المراد القيام بها وتقسيمها إلى اختصاصات الأفراد، وتحديد وتوزيع السلطة والمسؤولية وإنشاء العلاقات بين الأفراد ، بغرض تمكين مجموعة من الأفراد من العمل بانسجام وتناسق لتحقيق الهدف".

وفقا لهذا العنصر أي من الوسائل تضمن تحقيق افضل ما يمكن من تنظيم للانشطة وتتيح توزيعاً للمسؤوليات بين الادارات والافراد وصولاً إلى تحقيق الاستثمار الافضل للموارد المتاحة ويحول دون الهدر للمال العام؟

ثالثاً: التوجيه

العنصر الثالث من هذه العناصر هو التوجيه . "ويعني إصدار التعليمات والتوجيهات من الرؤساء إلى المرؤوسين لبدء العمل وكيفية إنجازه".

يحتل هذا العنصر أهمية كبيرة في أية عملية إدارية وحينما يتعلق الأمر بموضوع إدارة المال العام فان أهميته تتضاعف لان نجاح الادارات الفرعية يعتمد على طريقة انسيابية التوجيهات التي توضح وتفسر الهدف المطلوب مثلما تعتمد على اسلوب التحفيز الذي يجعل الادارات العامة في حالة استنفار قصوى للطاقات المتاحة لتحقيق الأهداف المرجوة.

نجاح هذه المرحلة يعتمد على الوسائل المستخدمة في ادارة المال العام.

- فهل ان جميع الوسائل التي تستخدم في ادارة المال العام تتيح انسيابية التوجيهات لتحقيق الهدف؟

ام ان الادارات لازالت تعتمد الوسائل التقليدية في ادارة المال العام بما يدفعها للتركيز على فكرة استنفاذ التخصيصات قبل نهاية السنة المالية والتقيد بأسس الصرف وفقاً للبنود مهما كانت النتائج ؟ ام ان التوجيهات التي تتيحها الوسيلة المعتمدة يتم التركيز فيها على كفاءة الصرف المالي ؟ ام على فاعليته ؟ ام على الاثنين معا؟

رابعاً: الرقابة

تعني التأكد من أن التنفيذ تم طبقاً لما خطط له. كما هو معلوم فان هناك وسائل رقابية متعددة تسمى بالرقابة الداخلية والرقابة الخارجية لكن فاعلية هذه المرحلة تستند على الطريقة التي يُدار بها المال العام.

فاذا كانت طريقة تقدير الايرادات وتخصيص النفقات العامة طريقة تقليدية فان الرقابة تتجه نحو التأكد من قدرة الوزارات على تحصيل الايرادات واستنفاذ التخصيصات خلال السنة المالية فقط .

واذا كان هناك اسلوب معتمد في التقدير والتخصيص يتعامل مع برامج قصيرة المدى وبعيدة المدى فان اساليب الرقابة ترقى الى مناقشة مدى واقعية الاهداف وكفاية التخصيص لكل برنامج لا بل تمتد الرقابة إلى مراجعة مدى فاعلية الاستمرار مقارنة بالكلفة.

وهنا نحتاج الى معرفة أي الوسائل المستخدمة تجعل من عملية الرقابة اكثر فاعلية ؟ 

خامساً : التقويم

مرحلة تشخيص الأسباب الحقيقية للانحراف وتصحيحها بما يتناسب مع هذه الأهداف ومتابعة الإجراءات التصحيحية بحيث لا تتكرر الانحرافات والأخطاء.

وهي مرحلة متممة للرقابة وتحتاج الى قنوات تسهم في تفعيل الدور الرقابي والاستفادة منه بحيث تتحول التقارير الرقابية من مجرد تقارير الى واقع ملموس ينعكس على مرحلة التنفيذ ويغذي مرحلة التخطيط المستقبلية.

ويمكن القول ان الادارات تتفاوت في اهتمامها بهذه المرحلة : منها ما يغرق بالتقارير التي تعالج حالة الفساد الاداري وكيفية التخلص منه ومنها ما يراوح بين التحقق من صحة التنفيذ وكفاءة الصرف المالي.

في حين تجد ادارات اخرى تستخدم أساليب اكثر تطوراً في التقويم أذ تعتمد تحليل الكلفة / المنفعة لكل نشاط بما يتيح لها القدرة على اتخاذ قرار للاستمرار بنفس النشاط او التوقف عنه . هذا ما سنوضحة في معرض حديثنا عن أنواع الوسائل المستخدمة في ادارة المال العام.