أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-02-2015
5166
التاريخ: 2023-12-06
885
التاريخ: 2023-11-23
1506
التاريخ: 27-04-2015
1991
|
يعرض القرآن المكي في سور صغيرة عقيدة التوحيد في الالوهية والربوبية ورسالة خاتم الانبياء وعوالم المعاد بعد حياة الدنيا ، وانّ القرآن كلام اللّه نزل لهداية البشر ، ويُدحض أعراف مشركي قريش الوثنية والجاهلية وحججهم على الرسول والقرآن الكريم ، ويدعوهم إلى العمل الصالح في الحياة الدنيا ومن أمثلة ذلكم :
أ ـ في التوحيد :
قال ـ سبحانه وتعالى ـ في سورة التوحيد :
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص : 1 - 4]
ب ـ في خبر المعاد :
قال سبحانه وتعالى في سورة يس :
{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [يس : 78 ، 79]
وقال تعالى في سورة الزلزلة :
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة : 1 - 8]
ج ـ دعوته للعمل الصالح :
قال ـ سبحانه وتعالى ـ في سورة العصر :
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [العصر : 1 - 3]
كانت تلكم أمثلة من الآيات الّتي يتجلى فيها الامتياز البلاغي للقرآن الكريم ثم أمثلة من الآيات الّتي تتجلى فيها الخصائص الفكرية للقرآن المكي.
ولم نقصد من ايراد آيات لتعريف الميزات الادبية في القرآن الكريم ثم آيات اخر لتعريف الخصائص الفكرية فيه ، تصنيف آيات القرآن إلى صنفين متقابلين : آيات تمتاز ببلاغتها في الكلام واخرى بما تحوي من فكر وعلم ، كلاّ! فإنّ اللّه سبحانه كما جعل ما يحتاجه جسد الانسان من (فيتامينات) مقومة لحياته في ثمار لذيذة الطعم كالتمر والتفاح والعنب والليمون والمشمش كذلك جعل ما تحتاجه نفسه من افكار مقومة لحياته النفسية والجسدية في فنون من الكلام في القرآن الكريم تهش إلى سماعها نفسه.
وكما انّ الانسان قد يصاب في جسده بغدد سرطانية يجب البدء باستئصالها من جذورها ثم القيام بتقوية جسده وتقويمه بما يحتاجه الجسد من مقومات الحياة في طعامه وشرابه ، كذلك الانسان المتلوث فكره بالوثنيات والاعراف الجاهلية يجب البدء باستئصال افكاره المريضة الراسخة في اعماق نفسه وقطعها من جذورها ولذلك بدأ خليل اللّه ابراهيم دعوته الناس إلى عبادة اللّه بزعزعة عقيدة عبدة الكواكب وكسر أوثان عبدة الاصنام وبدأ خاتم الرسل بدعوة المشركين إلى أن يقولوا : لا إله إلاّ اللّه ، أي أن ينبذوا جميع أصنامهم الّتي يعبدونها اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى وسائر آلهتهم.
وكما أنّ الانسان المدمن للخمور واستعمال المخدرات يصرف كل طاقاته الفكرية والجسدية في سبيل ادامة تعاطي الخمور والمخدرات ويقاوم بكل ما أوتي من حول وقوة من يرد أن يحول بينه وبينها!
كذلك الانسان المتلوث فكره بالوثنيات والاعراف الجاهلية يصرف جميع طاقاته في سبيل المحافظة على ما تلوث به فكره واعتاده من أعراف جاهلية وعبادات وثنية ويحارب من يريد أن يحول بينه وبين أعرافه وعباداته. ومن هنا يُلقى إبراهيم في النار لتحرقه ويقابل خاتم الانبياء بصنوف من الاذى والطغيان ولمن آمن بقرآنه بأنواع من العسف والظلم والعدوان.
لو اقتصر القرآن في مكّة على عرض الجوانب الفنية والادبية في الكلام ولم يتعرض لأعراف قريش الجاهلية ، ولم يسفه احلامهم ، ويسب الهتهم ، لرفعت قريش الرسول فوق اكتافها ، وشمخت بآنافها ، وفاخرت به قبائل العرب وكاثرت به ، ونافرت ، لكن القرآن خاصمهم في كل جانب من جوانب اعرافهم الجاهلية فوقع بينهم وبين القرآن ومُبَلِّغه الرسول ما سنذكره بحوله تعالى بعد ايراد مثالين من أثر القرآن الفكري في الانسان العربي في ما يأتي :
أ ـ قيام قريش لمقابلة الاثر الفكري للقرآن الكريم :
بذلت قريش جهوداً ضخمة لصد الاثر الفكري للقرآن المكي عن الناس نذكر منها على سبيل المثال الموارد الاتية :
ذكر ابن عساكر وغيره في ترجمة عتبة ما موجزه قال : ان قريش اجتمعت برسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ورسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) في المسجد ، فقال لهم عتبة بن ربيعة دعوني حتى أقوم إلى محمد ، فاكمله ، فإنّي عسى أن أكون أرفق به منكم.
فقام عتبة ، حتى جلس إليه ، فقال يا ابن أخي : إنك أوسطنا بيتا وأفضلنا مكانا وقد أدخلت على قومك ما لم يدخل رجل على قومه قبلك ، فان كنت تطلب بهذا الحديث مالاً ، فذلك لك على قومك ان تجمع لك حتى تكون أكثرنا مالاً ، وان كنت تريد شرفاً فنحن مشرفوك ، حتى لا يكون أحد من قومك فوقك ، ولا نقطع الامور دونك.
وان كان هذا عن لمم يصيبك لا تقدر عن النزوع عنه ، بذلنا لك خزائنا في طلب الطب لذلك منه.
وان كنت تريد ملكاً ملكناك.
قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) : أفرغت يا أبا الوليد؟
قال : نعم.
فقرأ (صلى الله عليه واله وسلم) حم السجدة حتى مر بالسجدة فسجد وعتبة ملق يده خلف ظهره حتى فرغ من قراءتها.
وقام عتبة لا يدري ما يراجعه به حتى أتى ، نادى قومه فلما رأوه مقبلا قالوا لقد رجع اليكم بوجه ما قام به من عندكم.
فجلس اليهم فقال يا معشر قريش قد كلمته بالذي أمرتموني به حتى اذا فرغت كلمني بكلام لا واللّه ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني فيما بعده اتركوا الرجل واعتزلوه فواللّه ما هو بتارك ما هو عليه وخلوا بينه وبين سائر العرب فان يكن يظهر عليهم يكن شرفه شرفكم وعزّه عزّكم وملكه ملككم وان يظهروا عليه تكونوا قد كفيتموه بغيركم.
قالوا : أصبأت اليه يا أبا الوليد (1).
* * *
تأثر جمع من أفراد قبائل قريش بالقرآن ، وآمنوا به ، وسنشير إلى خبرهم في آخر هذا البحث ـ ان شاء اللّه تعالى ـ ، ولم ينحصر تأثير القرآن في قريش وحدها بل كان تأثيره في العرب ، من غير أفراد قريش أكثر من تأثيره في قريش كما نرى مثله في خبر قيام قريش لمقابلة الاثر الفكري الاتي :
ب ـ الاثر الفكري والادبي للقرآن المكّي في الانسان العربي من غير قريش :
قصة اسلام الطفيل بن عمرو الدوسي :
روى ابن هشام (2) وغيره واللفظ لابن هشام ، قال :
(كان رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) ، على ما يرى من قومه ، يبذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه ، وجعلت قريش حين منعه اللّه منهم ، يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب.
وكان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث : أنّه قدم مكّة ورسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) بها ، فمشى اليه رجال من قريش ، وكان الطفيل رجلاً شريفاً شاعراً لبيباً ، فقالوا له : يا طفيل ، إنّك قدمت بلادنا ، وهذا الرجل الّذي بين أظهرنا قد أعضل بنا ، وقد فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وإنّما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه ، وبين الرجل وبين أخيه ، وبين الرجل وبين زوجته ، وإنّا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا ، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئاً.
قال : فواللّه ما زالوا بي حتى أجمعت أم لا أسمع منه شيئاً ولا أكلمه ، حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شيء من قوله ، وأنا لا أريد أن أسمعه.
قال : فغدوت إلى المسجد ، فإذا رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) قائم يصلي عند الكعبة.
قال : فقمت منه قريبا فأبى اللّه إلا أن يسمعني بعض قوله.
قال : فسمعت كلاما حسناً.
قال : فقلت في نفسي واثكل أمي ، واللّه إنّي لرجل لبيب شاعر ما يخفى عليّ الحسن من القبيح ، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل
ما يقول! فإن كان الّذي يأتي به حسنا قبلته ، وإن كان قبيحا تركته.
قال : فمكثت حتّى انصرف رسول اللّه (صلى الله عليه واله و سلم) إلى بيته فاتبعته ، حتى إذا دخل بيته دخلت عليه ، فقلت : يا محمد ، إنّ قومك قد قالوا لي كذا وكذا ، للذي قالوا ، فواللّه ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرْسُف ، لئلا أسمع قولك ، ثمّ أبى اللّه إلاّ أن يسمعني قولك ، فسمعته قولا حسناً ، فاعرض عليّ أمرك.
قال : فعرض عليّ رسول اللّه (صلى الله عليه و اله وسلم) الاسلام ، وتلا عليّ القرآن ، فلا واللّه ما سمعت قولا قط أحسن منه ، ولا أمراً أعدل منه. قال :
فأسلمت وشهدت : شهادة الحق ، وقلت : يا نبي اللّه ، إنّي امرؤ مطاع في قومي ، وأنا راجع إليهم ، وداعيهم إلى الاسلام).
ثمّ روى ابن هشام بعد ذلك كيف دعا عمرو بن الطفيل عشيرته دوس إلى الاسلام عندما رجع إليهم وكيف انتشر فيهم الاسلام وكيف وفدوا إلى رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) بعد غزوة خيبر.
* * *
إنّ أمثال هذا النوع من الاثر دعت قريشاً أن يجتمعوا ويتشاوروا كيف يصدون الحجيج عن الاستماع إلى قراءة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) للقرآن .
________________________
1- السيوطي 5 / 359؛ وفي ترجمة عتبة من مخطوطة ابن عساكر (11 / 1 / 20 أ)؛ والقرطبي 15 / 338؛ وسيرة ابن هشام ط. القاهرة سنة 1356 ه 1 / 313 ـ 314.
2- سيرة ابن هشام 1 / 407 ـ 411.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|