أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2016
1517
التاريخ: 18-7-2016
1569
التاريخ: 18-7-2016
2373
التاريخ: 10-6-2021
3038
|
للتوكّل درجات عدّة، تبعاً لدرجة الإيمان ومستوى المعرفة، وهي:
الدرجة الأولى:
درجة الموحّدين الذين يعرفون أنّ الباري عزَّ وجلّ هو الحقّ، وهو خالق كلّ شيء، لكنّ توحيدهم هذا ناقص، فهم يغفلون عن عدم استقلاليّة الأسباب المادّيّة والظاهريّة، فيتمسّكون بها، فيلاحظ أنّهم يؤمنون بقدرة الله - سبحانه - وسلطانه المطلق، لكنّهم يتّكلون في شؤونهم الدنيويّة على غيره، ويعتمدون على الأسباب الظاهريّة عمليّاً، وإنْ أقرّوا بألسنتهم خلاف ذلك.
الدرجة الثانية:
درجة الموحّدين الذين صدّقوا بأنَّ الله تعالى مقدّر الأمور، ومُسَبّب الأسباب، والمؤثّر الأوحد في الوجود، ولا حدود لقدرته وتصرّفه، وهؤلاء يتوكّلون على الحقّ - سبحانه - عن طريق العقل، أي أنّ أركان التوكّل عندهم تامّة بالدليل العقليّ أو النقليّ، وهذه الأركان هي:
1- إنَّ الله تعالى عالِم بحاجات العباد.
2- إنَّه تعالى قادر على تلبية تلك الحاجات.
3- إنَّه ليس في ذاته المقدّسة، بخل.
4- إنَّه تعالى رؤوفٌ بالعباد، رحيمٌ بهم.
فلا بدّ من التوكّل عليه، لأنّه هو العالم القدير، الكريم، الرحيم بالعباد، وهو القائم بمصالحهم. وأصحاب هذه الدرجة من المتوكّلين عمليّاً، لكنّهم لم يبلغوا مرتبة الإيمان الخالص، فإنّ عقولهم في صراع مع قلوبهم التي لا زالت متعلّقة بالأسباب.
الدرجة الثالثة:
وهي درجة الذين وصلوا بقلوبهم إلى معرفة الله عزَّ وجلّ، فآمنوا، فحازوا درجة المتوكّلين المتمسّكين بأسباب الله، والمنقطعين عمّا سواه.
روي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) في تفسير قول الله عزَّ وجل: ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾[1]، فقال: "التوكّل على الله درجات، منها: أن تتوكّل على الله في أمورك كلّها، فما فعل بك كنت عنه راضياً، تعلم أنّه لا يألوك خيراً وفضلاً، وتعلم أنّ الحكم في ذلك له، فتوكّل على الله بتفويض ذلك إليه، وثق به فيها وفي غيرها"[2].
وقد عبّر بعض العرفاء عن هذا المقام بالقول: "التوكّل طرح البدن في العبوديّة وتعلّق القلب بالربوبيّة"[3]، و "التوكّل على الله انقطاع العبد في جميع ما يأمله من المخلوقين..."[4].
وقد وُصِفَ حال المتوكّلين في الدرجات الثلاث بالآتي:
الدرجة الأولى: أن تكون حاله في حقّ الله والثقة بكفالته وعنايته كحاله في الثقة بالوكيل.
الدرجة الثانية: أن تكون حاله مع الله كحال الطفل مع أمّه، فإنّه لا يعرف غيرها، ولا يفزع إلى سواها. والفرق بين حالة الأوّل، وحالة الثاني، أنّ الأخير متوكّل قد فُنِيَ في توكّله، وغفل عن توكّله، فهو لا يلتفت إلى التوكّل وحقيقته، بل إلى المتوكّل عليه فقط، بينما الأوّل، فمتوكّل بالكسب والتكلّف وليس فانياً ولا غافلاً عن توكّله، بل ربّما توكّله صار صارفاً له عن ملاحظة المتوكَّل عليه وحده.
الدرجة الثالثة: وهي أعلاها، أن يكون بين يدي الله في حركاته وسكناته، مثل: الميّت بين يدي الغاسل، وهذا الإنسان قد قوي يقينه بأنَّ الله مجري الحركة والقدرة والإرادة والعلم وسائر الصفات.
وخلاصة القول: إنّ التوكّل على الله يتطلّب الثقة بالله سبحانه والانقطاع عمّن سواه، فهو من مظاهر التوحيد ودرجاته. فإنّ التخلّي عن الأسباب الظاهريّة وترك التعلّق بغير الله، إنّما ينشأ من شدّة الوثوق بالله تعالى، وشدّة الوثوق بالله تحتاج إلى دقّة في المعرفة، ولذا، فإنّ تمام الإيمان الثقة بالله، وتمام التقوى التوكّل عليه.
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "من أحبّ أن يكون أتقى الناس، فليتوكّل على الله، ومن أحب أن يكون أغنى الناس، فليكن بما عند الله عزَّ وجلّ أوثق منه بما في يده"[5].
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "لَا يَصْدُقُ إِيمَانُ عَبْدٍ، حَتَّى يَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اللَّه أَوْثَقَ مِنْه بِمَا فِي يَدِه"[6].
[1] سورة الطلاق، الآية 3.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص65.
[3] التستري، سهل بن عبد الله، تفسير التستري، منشورات محمد علي بيضون / دار الكتب العلمية، لبنان - بيروت، 1423، ط1، ص54.
[4] الطريحي، الشيخ فخر الدين، تفسير غريب القرآن، تحقيق وتعليق: محمد كاظم الطريحي، انتشارات زاهدي، إيران - قم، لا.ت، لا.ط، ص485.
[5] الشيخ الصدوق، الأمالي، مصدر سابق، ص381.
[6] الشريف الرضيّ، نهج البلاغة، مصدر سابق، ص529.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|