أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2017
1815
التاريخ: 3-1-2018
1837
التاريخ: 19-5-2017
4916
التاريخ: 23-11-2021
1439
|
ـ المرأة والرجل يسرّ أحدهما الآخر :
علاوة على أن الرجل والمرأة يزيّن أحدهما الآخر، فهما سرور بعضهما البعض، وهذا ما يريده الإسلام لهما، فالمرأة الممتثلة لشرعة الإسلام، والرجل الملتزم بنهج الإسلام إذا أظلّهم سقف واحد عمّهم الفرح والسرور والبهجة، وقد يكون بيننا اليوم من شغله التفكير بمنزله، فتراه ينتظر الخلوص من عمله المتعب كي يذهب إلى منزله، الذي يعتبره حديقةً غنَّاء بالرغم من عدم وجود حديقة فيه.
وقد يكون في جمعنا هذا سيدة تنتظر قدوم زوجها بفارغ الصبر، لتظهر له الهيئة الحسنة، والبسمة العريضة لكي يرتفع عنه التعب والهمّ والغمّ، الذي قد يصيبه من جرّاء عمله خارج المنزل.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم:
(ما استفاد امرءٌ مسلمٌ فائدةً بعد الإسلام أفضل من زوجةٍ مسلمةٍ تسره إذا نظر إليها)(1).
جاء أحدهم إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ليقول: يا رسول الله إن لي زوجة تبتسم عندما تلقاني، وتدخل عليّ السرور حينما تراني مغتماً.. فأخبره الرسول (صلى الله عليه وآله) بأنها من عمال الله تبارك وتعالى، إنها من الملائكة، وأن ثوابها سيكون مثل ثوابهم.
قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام:
(لا غنى بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلاث خصال وهنّ: صيانة نفسها عن كلّ دنس حتى يطمئنّ قلبه إلى الثقة بها في حال المحبوب والمكروه، وحياطته ليكون ذلك عاطفاً عليها عند زلّة تكون منها، وإظهار العشق له بالخلابة، والهيئة الحسنة لها في عينه)(2).
بناء على ما تقدم ينبغي للرجل أن يحتاط كثيراً في التعامل مع زوجه كي لا تنفلت عرى العلاقة الزوجية، وعندها لا يجد الرجل من يلتجئ إليه مثلما كان يلتجيء إلى زوجه التي كانت تخفف عليه مصائب العمل، وتبتسم بوجهه صادقة مخلصة، وتسعى جاهدة لأن تجعل من مأواهما مكان فرحٍ وبهجةٍ وسرور.
وإذا كان الرجل متهوراً ـ ولو بعض الشيء ـ في تعامله مع أهله فستتلوث تلك العلاقة. وتخبو حرارة المحيط العائلية، ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد بين الزوجين، بل سيتعدّاهما إلى الأبناء ويصبحون ضحيةً لذلك التلوث.
إن المحيط الأسري الملوّث ـ بالنسبة للأبناء ـ أفسد من كلّ الأماكن الفاسدة، ولعلكم رأيتم بعض الأولاد ممّن ضعفت حافظتهم، أو قلّ تقبلهم للمسائل الفكرية وهذه هي إحدى نتائج ذلك التلوث المشؤوم، الذي كان الزوجان سبباً أساسياً فيه، فالبيت الذي يعمّه الهدوء والسكينة والألفة والمحبة لا يمكن ان يعدّ إلاّ أحد أماكن النزهة، أما ذلك الذي خلا من الودّ والاحترام والانسجام فسوف يسهم في إضعاف أعصاب المرأة والرجل، والأبناء، بل وقد يحسبه أحدهم ـ وخاصة الزوجة ـ زنزانة سجنٍ رهيبة.
قد يجلس الرجل في بعض الأحيان في المقهى، أو عند دكّة دار أحد أصدقائه إلى منتصف الليل، متناسياً أن له امرأة تنتظره في الدار على أحرّ من الجمر، مما يجرّ المرأة إلى الامتعاض من زوجها والامتناع عن التحدث إليه، ولو حكّمنا ضمائرنا لقلنا إن السبب في ذلك البرود الأسري هو الرجل الذي قد يتوقع من زوجته أكثر من طاقتها، بل وقد يسمعها كلاماً نابياً ويريد منها أن تركن إلى الهدوء والسكينة، وهذا كله تحميل للمرأة فوق طاقتها، وهو يبعث على انفصام عرى المحبّة والألفة بينهما حتى ولو كانا مسنّين.
إن المحبة بين الزوجين لا تحتاج إلى جمال، ولا إلى تزيّن وتجمّل لحاله، بل إن الجمال الواقعي هو ما تعكسه المحبة من صور جميلة في عين المحبّ حتى ولو كان الحبيب قبيحاً في الشكل، بالنسبة للآخرين المجرّدين عن العاطفة.
ويشاهد في قصة (قيس وليلى) والتي قد تكون ضرباً من الخيال، وفي حكاية (شرين وفرهاد) علائق ما بعدها علائق بين الحبيبين، ويقال إن تغني قيس بليلى بلغ سمع أحد الملوك ذلك الزمان، فأراد أن يرى ليلى عن كثب، وعندما ذهب إليها لم ير ليلى إلا بنتاً قروية، سوداء الوجه، شفاهها متدلّية كأنها طمرين، وبشكل عام قبيحة المنظر، فتعجب مما رأى! أهذه هي ليلى التي يتغنّى بها قيس، ويقول فيها أفضل الشعر؟.
وبعد أن فهم قيس ما يدور في خلد ذلك الملك قال:
لو نظر الملك بعين قيس لما رأى غير جمال ليلى
قال: تعال وخذ عينيّ، لترى من خلالها وجه ليلى، إن هذه العين عَشِقَ صاحبها ليلى، فلا يمكن أن ترى ليلى إلا أجمل مَنْ خَلَقَ الله تبارك وتعالى، والطريف في الأمر أنه كان يبرّر كل قبح فيها بعبارة جميلة؛ فحينما يقال له إنها سوداء كالفحم فلم هذا الشغف والهيام؟ يجيب بأن المسك كلّما كان شديد السواد كان عبيره أعبق، ولهذا نعته القوم بالجنون!.
وكذا الأمر بالنسبة للزوجين، فعندما تكون المرأة محبة لزوجها لا يمكن لها أن ترى سيئاته، وقد يصل بها الأمر على أن تثور بوجه من يسدي لها النصح حتى لو كان أقرب الناس إليها في حال تعرضهم إلى ما يسيء إلى زوجها الخّطاء، دفاعاً عن زوجها الذي تحبّه.
وإذا ما أحب المرء زوجته رآها جميلة حتى لو لم تكن كذلك، وعليه لا ينبغي ذهاب النساء إلى المشعوذين والسحرة من أجل الحظوة بحبّ أزواجهن، لأن ذلك لا يؤدي إلى المحبة ابداً، بالإضافة إلى أنه عمل غير صالح وفيه أثم كبير:
(أقبلت امرأة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: يا رسول الله! إن لي زوجاً وله عليّ غلظة، وإني صنعت به شيئاً لأعطفه عليّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفُ لك: كدّرت دينك! لعنتك الملائكة الأخيار "قالها ثلاث مرات" لعنتك ملائكة السماء، لعنتك ملائكة الأرض...(3).
فالتي تريد جلب رضاية زوجها، أو تريد أن تحظى بقلبه عليها أن تكون حسنة الأخلاق، تُدخل السرور على قلبه دائماً، تقف معه في الشدائد والبلايا وكأنها هي المبتلية، تحاول الابتعاد عن كلّ ما يثيره أو يزعجه؛ وكذا الأمر بالنسبة للرجل الذي يريد امتلاك قلب امرأته، ينبغي له أن يتودد إليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً من خلال الكلام المهذّب والجميل، بعيداً عن البذاءة، والركاكة، والسباب، والعويل والزعيق، ويجب عليه أيضاً أن لا يعكس مشكلات عمله خارج المنزل على زوجته وأولاده فيصبّ نار غضبه على من في المنزل، لأن ذلك سيؤدي بهذا المنزل إلى حيث لا تحمد عقباه، ناهيك عن ضغطة القبر التي ستصيبه آجلاً بسبب سوء خلقه، وعدم التزامه بما جاء عن الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار الميامين سلام الله عليهم بصدد هذه القضايا المهمة جداً، والتي بسبب الالتزام بها يعمر المجتمع ويصفو.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
(إني لأتعجب ممّن يضرب امرأته، وهو بالضرب منها أولى...)(4).
وقال أيضاً:
(من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها، ولا حسنة من عملها حتّى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر..، وعلى الرجل مثل ذلك الوزر إذا كان لها مؤذياً ظالماً(5).
جاء في الخبر أن أحد أصحاب رسول الله الخاصين مات، فسار الرسول (صلى الله عليه وآله) في تشييع جنازته، وأنزله بنفسه إلى القبر، وواراه التراب بيديه المباركتين، فقال الناس: هنيئاً له فقد أنزله الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله) على قبره، فالتفت إليهم الرسول (صلى الله عليه وآله) وأخبرهم بأنه قد كسرت أضلاعُه الساعة من شدة ضغط القبر عليه، فقالوا: إنه كان خيراً، فأجابهم الرسول (صلى الله عليه وآله) بأنه كان سيء الخلق في داره، وكان يلوم امرأته ويصرخ في وجهها كثيراً!.
فالمسلم بشكل عام لا ينبغي له أن يكون ظالماً ولا فاحشاً ولا بذيئاً، ولا ينبغي له أن يكون عاملاً بالشك والريبة والظنّ، وأن الذي فعل ذلك لن يحظى إلا بغضب الله ورسوله والأئمة من أهل بيته.
فالضرب والشتم والسبّ الذي يستخدمه بعض الرجال مع نسائهم ليس من الرجولة في شيء، لأن اللواتي يضربونهن لا حول لهنّ ولا قوة، ولو كُنَّ غير ذلك لما تجرؤوا على ضربهنّ أو سبّهن، هذا بالنسبة للرجل، أما بالنسبة للمرأة اللعانة السبّابة هي الأخرى مغضوبٌ عليها، ولا يقبل لها عمل حسن عند الله أبداً، ولن يتأتى لها أن تشمّ ريح الجنة.
وإنَّ الرجال والنساء الذين يستخدمون العبارات السافلة والوضعية تجاه بعضهم البعض سيحشرون ـ على حدّ ما جاء في الأخبار ـ وألسنتهم متدلّية على الأرض يسحقون عليها بأقدامهم، فيسأل من في الحشر عنهم فيقال لهم: إنهم عدّة مجاميع: مجموعة منهم اللعانون السبّابون، ومجموعة ثانية، النساء اللواتي كنّ يشتمن أزواجهن ويرددن عليهم الكيل صاعين، ومجموعة ثالثة، الرجال الذين كانوا يضربون نساءهم ويشتموهن، ويكيلوا لهن شتى التهم الباطلة...
في بعض الأحيان نرى أن أحد الرجال يبدو عليه الوقار والفهم، ولكنه غير ذلك كونه يسبّ ابنه ويقول له: (ابن الكلب) أو (ابن الحمار) وما إلى ذلك من السباب، ولكننا نقول: إن ذلك الرجل حقّاً ما يقول، لأن البذيء من الناس يحشر يوم القيامة كلباً أو حماراً أو ما على ذلك.
هذا بالإضافة إلى أن الفرد الذي يشتم ويسبّ يعتاد على هذه الحالة وتصبح عنده بعد مدّة (ملكة) أو بالأحرى (هويّة) له، وبناء على قانون تجسّم الأعمال يضحى كلباً، لكنه لا يتمكن أن يرى حاله ذاك بالعين بالمجرّدة، ولو تأتى له أن يرى بعين بصيرته لرأى نفسه كلباً مسعوراً.
يقال إن أحد الأشخاص رأى صديقاً له في منامه على هيئة كلب فسأله: لم تغيّر شكلك إلى ما أرى بالرغم من أنك كنت خيّراً على زمان الدنيا، فيأتيه الجواب: آه من سوء الخُلق في الدار! آه من سوء خلقي مع أهلي وعيالي!.
إن هذا البذيء لساناً، والذي لا يعرف أن ينادي زوجته إلاَّ بالسيء من العبارات يراه البعض ممن كشف الباري لهم الحجاب (كالعلامة المجلسي ـ أو صدر المتألهين) كلباً مسعوراً على حقيقته.
فيا أيتها السيدة! لا تستخدمي العبارات النابية ولا البذيئة، لأنك قد تكونين جميلة وشابة، ومحبوبة بين أهل زمانك، لكنك مبغوضة عند أهل السماء، ولا تعتبرين أكثر من كلبة!.
وكذلك بالنسبة للرجل الباذر في الكلام والمسيء في استخدام العبارات فقد يكون أحدهم ذا شخصية ونفوذ اجتماعي مرموق، متمكن، مقتدر، لكنه وبسبب سبابه وشتائمه ولعنه لزوجه وابنائه ولبعض الناس لا يمكن أن يراه الملائكة إلاَّ كلباً.
قال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام:
(تجنّب من كلّ خلق أسوأه، وجاهد نفسك على تجنّبه، فإن الشرّ لجاجة)(6).
وقال الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام:
(إن حسن الخُلق يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد، وإن سوء الخُلق ليُفسد العمل كما يفسد الخلُ العسل)(7).
وجاء في الخبر أن الأرواح تصعد إلى ساحة الربوبية المقدسة في بادئ الأمر بعد الموت، ومن ثم يُذهب بها على الجنة أو جهنم، ويقال إن الروح عندما تصعد إلى السماء الأولى والثانية والثالثة.. وحتى تصل إلى السابقة ومنها اللوح والتعلم، وفي النهاية إلى العرش، يشيع الخبر بين الملائكة بأن كلباً جاء إلينا! فما العمل؟ فهل ترض لنفسك أيها الإنسان أن تلتقي ربك على هيئة كلب؟!
أما إذا كانت الروح الصاعدة عي لأحد الخيّرين الملتزمين، من الذين كانوا يشيعيون الهدوء والسكينة في الدار، ويترققون لأزواجهم وأبنائهم فإن الحال سيكون غير ذلك الذي ذكرنا، وعندها ستقول الملائكة جاء السيد، جاء المؤمن، جاء المسلم، وجاءت السيدة، جاءت المؤمنة، جاءت الخيّرة، كونهم رضوا عن الله ورضي عنهم فأرضاهم.
اللهم نُقسم عليك بأولاد الحسين (عليهم السلام) ألاَّ جعلت بيوتنا، وأزواجنا، وأبناءنا مبعثاً للسرور والبهجة والحبور، اللهم أسبغ على بيوتنا الهدوء والسكينة. اللهم نقسم عليك بعزتك وجلالك ان تمن علينا بأبناء صالحين مؤمنين ونساء خيّرات مؤمنات واحشرنا معهم في الآخرة كما كنّا نعيش معهم في الدنيا إنك أنت أرحم الراحمين وصلّ اللهم على محمّد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
___________________________
(1) وسائل الشيعة/ ج14، ص23.
(2) بحار الأنوار/ ج78، 237.
(3) بحار الأنوار/ ج79، ص 214.
(4) بحار الأنوار/ ج103، ص249.
(5) وسائل الشيعة/ ج14، ص116.
(6) بحار الأنوار/ ج77، ص213.
(7) بحار الأنوار/ ج71، ص375.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|