أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-12-2020
2129
التاريخ: 25-1-2021
2476
التاريخ: 17-2-2021
1714
التاريخ: 20-3-2020
1733
|
إنّ النفس الإنسانيّة عند الولادة تكون كالصفحة البيضاء الخاليّة من أيّ شيء، إلّا من الاستعداد الفطريّ، والتهيّؤ للتلقّي والتأثّر، فتنمو بالأعمال، وتفسد بالأعمال، وتستعدّ بذلك لتقبّل النعيم، وتقبّل العذاب، وربّما أفسدها عملٌ سيّئ فتحتاج إلى إصلاح، وربّما تكاملت بعض الشيء فتحتاج إلى مناعة، خوفاً من أن يُذهِب بذلك الكمال عملٌ مفسد.
وتكمن أهمّيّة الأخلاق في أنّها تدلّنا على طريق إصلاح ما فسد من نفوسنا قبل فوات الأوان، وأسلوب الوصول إلى الكمال، وكيفيّة تحصيل المَلَكات الصالحة والفضائل، وكيف يمكن أن نستفيد من حياتنا في هذه النشأة لبناء نفوسنا وتطهير قلوبنا قبل حلول يوم الحساب: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾[1].
فعمليّة التخلّق هي جعل النفس بصورة تعشق الفضائل وتمقت الرذائل، وهي عمليّة إصلاح النفس بإزالة ما علق فيها من الشوائب، وتنقيتها وتزكيتها، وهذا يحتاج إلى جهد كبير، وعمل مستمرّ دؤوب، وإلى التزام ببرنامج تربويّ، لأنّ الفضائل التي يأمر بها علم الأخلاق - في الغالب - تخالف هوى النفس، ولا تنسجم مع شهوات البدن.
ثمّ إنّ هذه العمليّة تختلف من شخص لآخر، فثمّة عوامل كثيرة تُعين النفس على تلقّي الفضائل، وتسهّل عمليّة التخلّق، وثمّة عوائق تجعل من التخلّق أمراً صعباً. فبعض الأشخاص، لو خلّي ونفسه، يغضب أو يخاف أو يحزن لأدنى سبب، وبعض الأشخاص يضحك لأتفه الأمور، وبعضهم يأتي بالأعمال مع الرويّة والتأمّل، وآخرون بعكسهم تماماً.
إذاً، ثمّة أمر يسمّى "المزاج"، قد يسهّل اكتساب الأخلاق الحميدة، وقد يعوقها. وهذا المزاج ربّما جاء عن طريق الوراثة. ولعلّ ما ورد من أخبار ونصوص شرعيّة توصي الأبوَين بوصايا خاصّة عند الوصال، وفي محطّات كثيرة من حياتهم، هو ممّا له تأثير على المولود سلبّاً وإيجاباً، فربّما كان بعض الأمزجة منشؤه سلوك الأبوَين في بعض مراحل حياتهما، لكنّ هذه الأمزجة لا تمنع عمليّة التخلّق، ولا تخرج الإنسان عن عالم الاختيار، وكلّ ما في الأمر أنّها تعسّر تلك العمليّة أو تسهّلها. وهذه الأمزجة يمكن التغلّب عليها ومحو آثارها بالتربية، خاصّة في المراحل المبكّرة.
فالقول إنّ الأطباع لا يمكن تغييرها ليس صحيحاً، إذ إنّها ليست ثابتة في النفس إلى حدّ العجز عن تغييرها، لكنّ الأمر ليس بسيطاً، ولا يخلو من صعوبات، لذا، سمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جهاداً، فقال: "إنّ أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه"[2].
وهنا ربّما يتساءل بعضهم: كيف يكون الإنسان عدوّاً لنفسه ومجاهداً لها، وما هو إلّا هي، وما هي إلّا هو؟
والجواب: إنّ المراد بمجاهدة النفس هو أن لا يستجيب الإنسان لتلك الرغبات والشهوات التي تدعوه إليها، إذا كانت تضرّه، وأن يحملها ويجبرها على فعل ما فيه صلاحها وكمالها، ولو كان على خلاف هواها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|