في فضل الصلاة
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج1/ ص322-325
2025-05-25
704
ورد ان الصلاة قربان كل تقي[1] ، وخير موضوع فمن شاء استقل ومن شاء استكثر[2] ، وانها أفضل ما يتقرب العباد به إلى ربهم ، وأحب ذلك إليه سبحانه[3] وانه ليس بعد المعرفة بأصول الدين شيء أفضل من الصلاة[4] ، وانه لا أفضل من الحج إلّا الصلاة[5] ، وانها آخر وصايا الأنبياء[6] ، وانه أقرب ما يكون العبد من اللّه سبحانه وهو ساجد[7] ، وان الانسان إذا سجد فأطال نادى إبليس : يا ويله ! أطاعوا وعصيت ، وسجدوا وأبيت[8]. وانّ صلاة فريضة خير من عشرين حجة ، وحجة خير من بيت مملوّ ذهبا يتصدّق به حتى يفنى[9] . وانها أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم ، فإن صحت نظر في عمله وان لم تصح لم ينظر في بقية عمله[10] ، وانها عمود الدين ، وأصل الاسلام[11] ، وانّ من استخّف بها لا ينال شفاعتهم عليهم السّلام ، ولا يرد على الحوض[12] ، وانّ من تهاون بها من الرجال والنساء رفع اللّه البركة عن عمره ورزقه ، ومحا سيماء الصالحين من وجهه ، ولا يؤجر على شيء من عمله ، ولا يرفع دعاؤه إلى السماء ، ولا حظّ له في دعاء الصالحين ، ويموت ذليلا جائعا عطشانا ، ويوكّل اللّه به [ ملكا يزعجه في قبره ، ويضيّق عليه قبره ، ويكون قبره مظلما ، ويوكّل اللّه به ] يوم القيامة ملكا يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه ، ويحاسبه اللّه حسابا شديدا ، ولا ينظر إليه ولا يزكّيه ، وله عذاب أليم[13]. . إلى غير ذلك من فضائلها ، وزواجر التهاون بها التي لا تحصى .
ثم انّ اعداد الفرائض والنوافل المرتبة معروفة ، وانما شرعت الرواتب ليتم بها ما نقص من الفريضة[14] وهي أفضل من المبتدئة ، وقيل : ان أفضل الرواتب ركعتا الفجر ، ثم ركعة الوتر ، ثم ركعتا الزوال ، ثم نافلة المغرب ، ثم صلاة الليل ، ثم نوافل النهار ، ولم يثبت هذا الترتيب . نعم ورد في كل منها فضل عظيم .
فمما ورد في ركعتي الفجر انّهما من صلاة الحامدين[15] وانه يشهدهما ملائكة الليل والنهار[16] ، وأنهما خير من الدنيا وما فيها ، وان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لم يكن على شيء من النوافل اشّد معاهدة منه عليهما[17] ، وفي نافلة الظهر انها صلاة الأوابين[18] ، وان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أوصى بها عليّا عليه السّلام ثلاثا[19]. وفي نافلة المغرب انها من صلاة الذاكرين وانها لا تترك سفرا ولا حضرا ، ولا إذا طلبته الخيل[20] ، وانها تعدل حجة مبرورة . وفي الوتيرة ان من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يبيتنّ إلّا بوتر ، ولم يرد في شيء من النوافل مثل ما ورد في صلاة الليل ، فقد ورد فيها فوائد عظيمة تأتي عن قريب ان شاء اللّه تعالى .
ولا بأس بترك النافلة والاقتصار على الفريضة عند العذر ، ومنه الهمّ والغمّ ، وعدم الاقبال أحيانا عليها ، والأولى قضاؤها حينئذ بعد ذلك ، بل يستحب قضاء كل راتبة فاتت على المكلف ، وقد ورد ان العبد يقوم فيقضي النافلة فيعجب الربّ ملائكته منه فيقول : ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه . نعم لا يتأكد قضاء ما فات في المرض من النوافل ، لأن المريض ليس كالصحيح ، وما غلب اللّه عليه فاللّه أولى بالعذر فيه .
ويصحّ قضاء النوافل المرتبة في ليل ونهار ، فيجوز قضاء الليليّة منها نهارا حتى في السفر وبالعكس ، والأظهر افضليّة مطابقة وقت القضاء لوقت الأداء بقضاء الليليّة منها في الليل ، والنهارية منها في النهار ، والأفضل الجهر في قضاء الليليّة منها ، والاخفات في النهارية ، والوتر يقضى وترا ، وروي شفعا ، وحملت على التقيّة .
والأفضل في كل صلاة ان يؤتى بها في أول وقتها إلّا في الفريضة في موارد ذكرناها في المناهج[21] ، كما ذكرنا فيه أفضليّة تأخير الوتيرة عن التعقيبات ، وأفضليّة تأخير صلاة نافلة الليل إلى قريب الفجر ، وسننبّه هنا عن قريب على الأخير .
[1] عيون أخبار الرضا عليه السّلام : 182 ، والكافي : 3 / 265 فضل الصلاة حديث 6 .
[2] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 175 باب 12 حديث 4 .
[3] الكافي : 3 / 264 باب فضل الصلاة حديث 1 بسنده عن معاوية بن وهب قال : سالت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربّهم ، واحّب ذلك إلى اللّه عز وجل ما هو ؟ فقال : ما اعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، إلّا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال : « وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا » .
[4] وسائل الشيعة : 1 / 17 باب 1 حديث 34 بسنده عن زريق ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قلت له ايّ الاعمال أفضل بعد المعرفة ؟ فقال : ما من شيء بعد المعرفة يعدل هذه الصلاة ، ولا بعد المعرفة والصلاة شيء يعدل الزكاة ، ولا بعد ذلك شيء يعدل الصوم ، ولا بعد ذلك شيء يعدل الحج ، وفاتحة ذلك كلّه معرفتنا ، وخاتمته معرفتنا ، ولا شيء بعد ذلك كبّر الاخوان ، والمواساة ببذل الدينار والدرهم . . .
[5] الكافي : 4 / 253 باب فضل الحج والعمرة حديث 7 .
[6] الكافي : 3 / 264 باب فضل الصلاة حديث 2 .
[7] الكافي : 3 / 264 باب فضل الصلاة حديث 3 بسنده عن الوشاء ، قال : سمعت الرضا عليه السّلام يقول : أقرب ما يكون العبد من اللّه عزّ وجلّ وهو ساجد ، وذلك قوله عزّ وجلّ : وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ .
[8] الكافي : 3 / 264 باب فضل الصلاة حديث 2 .
[9] الكافي : 3 / 265 باب فضل الصلاة حديث 7 .
[10] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 172 باب 6 حديث 2 .
[11] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 172 باب 7 حديث 7 عن علي عليه السّلام قال : أوصيكم بالصلاة التي هي عمود الدين وقوام الاسلام .
[12] الكافي : 3 / 269 باب من حافظ على صلاته أو ضيّعها حديث 7 ، بسنده عن أبي جعفر عليه السّلام قال : قال : لا تتهاون بصلاتك فان النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال عند موته : ليس منّي من استخف بصلاته ، ليس منّي من شرب مسكرا ، لا يرد عليّ الحوض لا واللّه ، وفي صفحه 270 حديث 15 ، بسنده قال أبو الحسن الأول عليه السّلام : انّه لمّا حضر أبي الوفاة قال لي : يا بنيّ ! انه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة .
[13] فلاح السائل : 19 الفصل الأول في تعظيم حال الصلاة وان مهملها من أعظم الجناة .
[14] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 176 باب 13 حديث 1 ، بسنده عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال : انّ اللّه عزّ وجلّ انّما فرض على الناس في اليوم والليلة سبع عشرة ركعة ، من اتى بها لم يسأله اللّه عزّ وجلّ عمّا سواها ، وانّما أضاف إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم مثليها ليتمّ بالنوافل ما يقع فيها من النقصان ، وانّ اللّه عز وجل لا يعذب على كثرة الصلاة والصوم ولكنه يعذب على خلاف السنّة .
[15] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 176 باب 13 حديث 4 .
[16] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 176 باب 13 حديث 6 .
[17] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 180 باب 29 حديث 4 .
[18] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 178 باب 24 حديث 1 .
[19] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 178 باب 22 حديث 1 ، عن فقه الرضا عليه السّلام .
[20] مستدرك وسائل الشيعة : 1 / 178 باب 21 حديث 1 و 3 .
[21] مناهج المتقين : 49 ، السابعة : الأفضل في كل صلاة ان يؤتى بها في أول وقتها الّا في موارد .
الاكثر قراءة في فضائل عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة