أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2014
2470
التاريخ: 14-2-2016
9512
التاريخ: 10-12-2015
7781
التاريخ: 10-12-2015
15749
|
اتخذ الإنسان لنفسه رموزا كثيرة على مرِّ الأزمان ، منذ العصور الحجرية إلى يومنا هذا ، ولا زال يستعملها في حياته اليومية بكثرة ، مثل الخطوط والحركات ، والأصوات ، وكان اللون واحدا من تلك الرموز ، التي استعملها في نقل أفكاره و أحاسيسه ، فمما ولجه اللون باب الأدب حتى يكون رمزا يستطيع من خلاله الأديب رسم صورة حية للمستمع ، ويتضح هذا من خلال شعر الجاهلية وصدر الإسلام ، وجميع العصور إلى اليوم ، قال مهلهل بن ربيعة :
فَلَوْلاَ الرِّيْحُ أُسْمِعُ مَنْ بِحُجْرٍ صَليلَ البيضِ تُقْرَعُ بالذُكورِ[1]
فاللون الأبيض رمزٌ يمثل السيف؛ ولانَّ البياض من لوازمه إذا كان قاطعا ولم يصبه الصدأ .
وهذا امرؤ القيس يعرب بذكر اللون عن رمز آخر يقول :
كَبِكْرِ المُقَانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْرَةٍ غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّلِ[2]
يعني بيض النعام وهي بيض تخالط بياضها صفرة يسيرة.
وتبعهم عمر بن كلثوم التغلبي في الرمز للحوادث والوقائع باللون يقول :
أَبَا هِنْدٍ فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْنَا وَأَنْظِرْنَا نُخَبِّرْكَ اليَقِيْنَا
بِأَنَّا نُوْرِدُ الرَّايَاتِ بِيْضاً و َنُصْدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَا[3]
فهنا يفخر بقومه ويرمز باللون إلى معاركهم ، وكيف يتغير لون راياتهم إلى الحمر بعد ان رحن بيضا وهو كناية عن شدة سأسهم وغلبتهم .
ومن الذين استعملوا اللون رمزا زهير بن أَبِي سلمى إذ قال :
فلما وردن الماء زرقا جمامه وضعن عصي الحاضـر المتخيم[4]
ومن المعروف أن الزرقة في الماء دليل على صفائه والماء الأزرق ما خلا من الشوائب.
ومن خلال هذا العرض البسيط يتضح لنا أن لغة العرب واسعة ، ذات معان دقيقة ، قادرة على أداء جميع الأفكار والإفصاح عن جميع الموضوعات والتأثير في القلوب بالجمل الصغيرة ، وهذا التكامل كان سببا لاختيارها لنقل تعاليم السماء ، وأحكامها للبشـر كافة ، وعليه ففهم أدب العرب سبيل تفضـي إلى رحاب فهم القرآن الكريم ، فهو معلم يهتدي بها الباحثون والدارسون لكتاب الله عز و جل؛ لأنَّ القرآن جاء على مقتضـى حكمة الله عز وجل ، التي تنص على إرسال الأنبياء بمعاجز من جنس ما اشتهروا به قومه من فنون وصناعات وتهالكوا عليها وتفاخروا بها ، فالملاحظ أن قوم موسى (عليه السلام) اشتهروا بالسحر ، وبرعوا به ، ومع ذلك فإنهم عجزوا عن مجاراة ومعارضة معجزة النبي موسى (عليه السلام) ، وكان أول من آمن به هم السحرة؛ لأنهم أعرف بما جاء به موسى (عليه السلام)، وأنه ليس بسحر ، كما أن أهل زمان نبي الله عيسى (عليه السلام) برعوا في الطب ، وجاءت معجزته (عليه السلام) من جنس ما برعوا به فعجزوا عن ردها أو مجاراتها ، كما أن أهل زمان نبينا محمد (صلى الله عليه واله وسلم) قد برعوا واشتهروا بالفصاحة والبلاغة والأدب ، فإنهم عجزوا عن مجاراة ومعارضة ما جاء به النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، فأغمدت ألسنتهم ، وأشهرت سيوفهم.
[1] الديوان : 63.
[2] امرئ القيس: الديوان :116.
[3] شرح المعلقات العشر، وأخبار شعرائها : 140.
[4] المصدر نفسه: 114.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|