أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-28
901
التاريخ: 2024-04-01
979
التاريخ: 2024-10-09
221
التاريخ: 2024-05-22
821
|
ذكرنا فيما سلف نقلًا عن «متون الأهرام» أن الملك وذريته كانوا يعرجون إلى السماء فينعمون هناك بجنة الخلد، أما الألوف وهم عامة الشعب فكان مأواهم الأرض، والواقع أنه لدينا بعض الإشارات في المتون الجنازية توحي إلينا بأن جنة عامة الشعب كانت على الأرض، فقد كان يظن حتى نهاية الأسرة الخامسة تقريبًا أن مركز هذه الجنة هي حقل القربان الذي يظن أن موقعه كان في بلدة «هليوبوليس» (عين شمس) وهذه البقعة المباركة كانت تعتبر المركز الرئيسي لعبادة الإله «رع»، الذي كان يزعم القوم أنه أول من حكم الدنيا ناشرًا العدل والمساواة بين الجميع، ولكنه تخلى عن حكم العالم الدنيوي ورفع نفسه إلى عالم السموات، وكان من جراء ذلك أن رفع معه حقل قربانه إلى العالم العلوي، وأصبح مأواه الأبدي السماء مثل والده «رع»، وهناك ينعم بعيشة راضية في حقول قربان والده. أما عامة الشعب فقد ترك لهم حقول القربان التي على الأرض في «هليوبوليس» ليتمتعوا بها، وقد جرت العادة أن تقام مقابر القوم في تلك الجهة كلما وجد إلى ذلك سبيل، ويمكن التدليل على وجود حقول قربان في السماء وأخرى على الأرض بما وصل إلينا من النقوش الجنازية التي تركها الملوك والقوم في مقابرهم، فقد جاء في «متون الأهرام» ما يثبت صراحة وجود حقول قربان للملوك في عالم السماء، أما عن وجود هذه الحقول على الأرض ليتمتع بها أفراد الطبقة الوسطى وعظماء القوم فلدينا صيغة جنازية نقرؤها كثيرًا، ولكنا نمر بها مر الكرام دون التدقيق فيما تحتويه من معنى عميق، وهذه الصيغة هي جزء من دعاء للمتوفى شائع الاستعمال يطلب فيه أن يقرب له قربان ملكي، وأن يعيش عمرًا طويلًا، وكذلك يدعى له بأن «يتمكن من السير على الطرق الطيبة التي سلكها المقربون من قبل.» وليس ثمة شك في أن هذه الصيغة تشير إلى حادث معين خاص بشعيرة بعينها كان يحتفل بها القوم، وكانت تؤدى عند دفن المتوفى. وتفصيل ذلك أن المُتوفَّى كان لزامًا عليه أن يزور قبل الدفن المعابد القديمة التي كانت مقامة من قديم الزمان في «بوتو» («ابطو» الحالية القريبة من «دسوق») و«سايس» «صا الحجر» «هليوبوليس» وغيرها، وهذه المعابد كانت أهم المراكز الرئيسية في طول البلاد وعرضها من أقدم العهود. وتدل شواهد الأحوال على أن هذه الشعيرة كان يقوم الشعب بأدائها قبل ظهور ديانة «أوزير» وقبل أن تحتل «العرابة المدفونة» المكانة الأولى في عبادة هذا الإله، وقبل أن تطغى عبادته على الشعائر التي كانت تقام في المدن الدينية العظيمة السالفة الذكر. وحقيقة الأمر أن الزيارة التي كان يقوم بأدائها جثمان المُتوفَّى قبل الدفن إلى هذه المدن المقدسة كانت تعمل في قناة من القنوات المتفرعة من النيل تكون مؤدية إلى الجبانة المقصودة في ذلك العهد، وكان القارب الذي يحمل المُتوفَّى يقف حتمًا عند كل المحاط المعهودة وهي «سايس» و«بوتو» وغيرهما، ثم ينتهي به المطاف إلى حقل القربان؛ أي في «هليوبوليس» (Metterlung Kairo, IX, P. 39) ويمكن استنباط رغبة المُتوفَّى «في السير على الطريق الطيبة» من شعيرة دينية نُقشت على إحدى جدران المقابر (L. D. II, P. 101 a) وهي: … لأجل أن يتمكن المُتوفَّى من الوصول إلى الحقل الجميل الذي على الطريق الطيبة»، ولا نزاع في أن هذا الحقل الجميل لا يمكن أن يكون شيئًا آخر خلاف حقل القربان، وهو الهدف النهائي للسياحة في القارب، هذا فضلًا عن أنه قد جاءت إشارات إلى هذه السياحة في العبارات التالية: «التجديف إلى حقول القربان الجميلة» (Junker, Giza, II, Fig. 22) وقد جاء في نقش على جدران مصطبة «أخت حتب» الموجودة الآن بمتحف اللوفر العبارة التالية: السياحة إلى حقول القربان الخاصة بالإله العظيم (Boreaux, “La Nautique Egyptienne”, PI. I)، غير أن إياب القارب ثانية بجثمان المُتوفَّى إلى الجبانة كان لا يعني بداهة أن الطريق الجميلة قد انتهت، وبذلك انتهى ما كان يعمل للمتوفى، بل على العكس كان من حقه أن ينال إلى الأبد حقه في التمتع بما تنتجه حقول القربان الخاصة بالإله العظيم في «هليوبوليس»، وقد كان ذلك صحيحًا فيما يختص بالملك وسراة القوم على السواء، ففي ما يخص الملك لدينا متون صريحة في نقوش متون الأهرام تثبت ذلك، فاستمع مثلًا ما يقال عن الملك «بيبي»: «إنه صعد إلى السماء بين النجوم الثابتة، وإنه تآخى مع نجم الشعرى اليمانية ونجم الصباح يرشده، وكلتاهما تأخذان بذراعه إلى حقل القربان» (راجع: Sethe Pyr. 1123). وكذلك يقال للملك: إنك تخترق السماء وتتخذ مسكنك في حقل القربان بين الآلهة (الملوك الذين توفوا) الذين ذهبوا إلى أرواحهم. أما تمتع رجال الدولة بحقل القربان على الأرض فنستخلص هذه الفكرة من المسلة التي نراها في كثير من الأحيان منصوبة أمام قبور العظماء في عهد الدولة القديمة، وهذه المسلة تنتسب إلى «هليوبوليس» التي تعتبر المأوى الأصلي لإله الشمس «رع» عندما كان يحكم في عالم الدنيا. ففي «متون التوابيت» نقرأ مثلًا ما يأتي: «إني أحتفل بعيد الربع الأول من الشهر في «عين شمس» (Lacau, “Rec. Trav”, XXXI, P. 32)» وكذلك نقرأ في نفس المتون (Ibid, XXIV, 181): ليت الطعام يقدَّم لك مثل «رع» على يد هؤلاء الذين في أماكنهم في «عين شمس»، ومما سبق نعلم أن حقول القربان كان مركزها بادئ الأمر في «عين شمس»، وكان كبار رجال الدولة يتمتعون بها على السواء، ولكن عندما رفع «رع» نفسه إلى السماء رفعت حقول قربانه كذلك إلى السماء بداهة، في حين أن حقول قربان الشعب بقيت على الأرض في «هليوبوليس» مكانها الأصلي؛ وهذا هو السبب الذي من أجله يقوم الفرد العادي برحلة إلى هذا المكان المقدس، وكذلك كان هذا هو السبب الذي من أجله كانت تقام المسلة التي تعد رمزًا لإله الشمس أمام مقبرة المُتوفَّى لتكون عنوانًا مصغرًا لبلدة «هليوبوليس». ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن الجزء الذي يُرمز به إلى الهرم في المسلة هو الجزء الهرمي منها كما شرحنا ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب. ومن جهة أخرى تنبئنا «متون الأهرام» أن حقول القربان التي في السماء قد أصبحت وقفًا على الملك المتوفى؛ لأنه كان يعتبر ابن «رع»، ولكننا وجدنا أن هذا الامتياز الخاص بالملك أخذ يشاركه فيه في نهاية الدولة القديمة الأسرة المالكة ورجال البلاط بوصفهم أهله وحاشيته، ثم لم يمضِ طويل وقت حتى نهض عامة الشعب عن بكرة أبيهم وقاموا بثورة اجتماعية دينية، وطالبوا بالتمتع بالآخرة السماوية، فأصبحت حقًّا مشاعًا لكل الشعب على السواء كما أسلفنا. وبعبارة أخرى أخذت المبادئ الديمقراطية الدينية تنتشر بين الأهلين وبخاصة حرية التمتع بالجنة السماوية، غير أن هذا الانقلاب الديني على ما يظهر لم يأتِ فجأة، بل أتى تدريجًا. إذ نلاحظ في بعض نقوش كبار الموظفين في عهد الأسرة السادسة أن المُتوفَّى الشريف كان يُسمح له أن يقوم بالسياحة السماوية التي كان يقوم بها الفرعون في سفينة الشمس مع الإله «رع»، ومن ثم يفهم أنهم لم يحرموا حق التمتع بالجنة السماوية، والواقع أن هذا التمتع الذي أصابوه كان تمتعًا محدودًا؛ وذلك لأنهم كانوا يذهبون فعلًا إلى جنة السماء، ولكن بوصفهم أتباعًا للفرعون يقومون له بمثل الخدمات التي كانوا يؤدونها له في عالم الدنيا، راجع: Teti-ankh. Tomb No. 15 Davies, “Shaikh Said”, 33) (Petrie, “Deshasheh”, P. 46, Pl. XXVIII etc.). فهؤلاء كانوا بهذا الوضع لا يزالون في منزلة الخدم للفرعون؛ ولهذا صحبهم الفرعون معه. أما باقي طبقات الشعب فلا نعلم شيئًا عنهم قط، والظاهر أنهم كانوا محرومين التمتع بالجنة العلوية في خلال الدولة القديمة.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|