أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-1-2019
711
التاريخ: 14-10-2018
829
التاريخ: 24-10-2018
689
التاريخ: 5-1-2018
2549
|
لم يعرف فلاسفةُ الإغريق القدماء سوى أربعة عناصر فحسب، وهي: التراب والماء والهواء والنار، وجميعها يوجد في القسم الفلكي من البروج السماوية الاثني عشر. كان بعض أولئك الفلاسفة يعتقدون أن هذه العناصر المختلفة تتكوَّن من مكونات مجهرية لها أشكال مختلفة، وأن هذا يفسِّر الخواص المختلفة للعناصر، وكان من المعتقَد أن الأشكال الأساسية للعناصر الأربعة هي أشكال المجسمات الأفلاطونية (شكل 1-1) المكوَّنة بالكامل من نفس الأشكال ذات البُعْدين مثل المثلثات أو المربعات. كان الإغريق يعتقدون أن التراب يتكوَّن من دقائق مجهرية مكعَّبة، وقد افترضوا هذا لأن المكعب، من بين جميع المجسمات الأفلاطونية، هو الذي تكتسب وجوهُه أكبرَ مساحة سطحية، وفسروا سيولة الماء بأن دقائقه تتَّخِذ الشكل العشريني السطوح؛ ممَّا يجعلها أكثر نعومةً! بينما زعموا أن النار تحرق مَن يلمسها وتؤلمه لأنها تتكوَّن من دقائق حادة رباعية السطوح. أما بالنسبة إلى الهواء فاعتقدوا أنه يتكوَّن من دقائق ثمانية السطوح؛ باعتباره المجسم الأفلاطوني المتبقي الوحيد. بعد ذلك بفترةٍ ما اكتشَفَ علماءُ الرياضيات مجسمًا أفلاطونيًّا خامسًا، وهو الشكل الاثنا عشري السطوح؛ مما جعل أرسطو يفترض احتمالَ أن هناك عنصرًا خامسًا، أو ما يُسمَّى «الجوهر الخامس» الذي صار يُعرَف أيضًا بالأثير.
واليوم تُعتبَر الفكرةُ القائلة بأن العناصر تتكوَّن من مجسمات أفلاطونية فكرةً خاطئة، ولكنها كانت أصلَ الفكرة المثمِرة القائلة إن الخواص العيانية (أي التي تُرى بالعين المجردة) للمواد تترتَّب على تراكيب المكونات المجهرية التي تتألَّف منها، وقد استمرت فكرة هذه «العناصر» خلال العصور الوسطى ولما بعدها، مدعومةً بعناصر أخرى قليلة اكتشفها الخيميائيون؛ أيِ الكيميائيون القدماء والسابقون على علماء الكيمياء الحديثة. كان أشهر هدف لأولئك الخيميائيين هو تحويل العناصر الخسيسة إلى عناصر نفيسة، ولا سيما محاولتهم تحويل معدن الرصاص الرخيص إلى معدن الذهب النفيس، الذي جعله جمالُ لونه الجذاب وندرته و«خموله» الكيميائي من أكثر المواد نفاسةً منذ فجر الحضارة.
ولكن فضلًا عن أن فلاسفة الإغريق كانوا يعتبرون العناصر موادَّ يمكن أن تكون موجودة بالفعل، فإنهم كذلك فكروا فيها على أنها أسس أو ميول أو قدرات تؤدي إلى خواص العناصر التي يمكن ملاحظتها. وهذا التمييز الدقيق بين الصورة المجردة للعنصر وبين صورته القابلة للملاحظة لعب دورًا مهمًّا في نشوء علم الكيمياء، على الرغم من أننا في هذه الأيام نجد أن المعنى الأكثر دقةً غيرُ مفهومٍ حتى من قِبَل الكيميائيين المحترفين، ومع ذلك فقد عملت فكرة العنصر المجرد كمبدأ إرشادي أساسي لبعض روَّاد منظومة الجدول الدوري، مثل ديمتري مندليف الذي يُعَدُّ المكتشف الرئيسي لهذا الجدول.
وحسبما تقول معظم المراجع الأكاديمية، فإن الكيمياء لم تبدأ في اتخاذ منحاها السليم إلا حين ولِّتْ ظهرَها لتلك «الحكمة» الإغريقية القديمة وللخيمياء العتيقة، ولذلك الفهمِ الذي يبدو ضبابيًّا لطبيعة العناصر. ويُعَدُّ انتصار العلم الحديث بصفة عامة مبنيًّا على التجريب المباشِر، الذي يؤكِّد أن ما يمكن ملاحظته هو فقط ما يجب التعويل عليه، فلا يدهشنا أن يحدث بصفة عامة رفضٌ للمعنى الأكثر خفاءً وربما الأكثر أساسيةً لمفهوم العناصر؛ فعلى سبيل المثال: رأى أنطوان لافوازييه أن العنصر يجب تحديده باللجوء إلى الملاحظة التجريبية، مستبعِدًا فكرةَ العناصر المجردة أو العناصر كأسسٍ. وقد أكَّد لافوازييه على أن العنصر يجب تحديده كشيء مادي يجب تحليله بعد ذلك إلى مكونات أكثر أساسيةً. وفي عام 1789 نشر لافوازييه قائمةً ﺑ 33 مادة بسيطة، أو ما يُسمَّى «العناصر» تبعًا لهذا المفهوم التجريبي (شكل1-2)، وحُذِفت العناصر العتيقة التي تشمل التراب والماء والهواء والنار عن حقٍّ، من قائمة العناصر، ولكن حُذِفت معها أيضًا فكرة العنصر المجرد.
ويمكن اعتماد الكثير من المواد التي في قائمة لافوازييه كعناصر بناءً على المواصفات الحديثة، ولكن هناك أشياء أخرى مثل اللوماير (الضوء) والكالوريك (الحرارة) لم تَعُدْ تُعتبَر من العناصر، ومن المتوقَّع أن يساعد ما يتحقَّق من تقدُّم سريع في تقنياتِ فصلِ المواد الكيميائية وتمييزها على مدى السنوات القادمة؛ علماءَ الكيمياء في بسْطِ هذه القائمة وتوسيع نطاقها، ويُتوقَّع أن تفيد هذه التقنية المهمة من التحليل الطيفي باستخدام المطياف — تلك التقنية التي تقيس الطيفين الانبعاثي والامتصاصي لأنواعٍ مختلفة من الإشعاع — في استحداث وسيلةٍ شديدةِ الدقة، يمكن عن طريقها تحديدُ كلِّ عنصرٍ من خلال البصمة الخاصة به. واليومَ نعرف نحو 90 من العناصر الموجودة في الطبيعة، وفضلًا عن هذا أمكن تخليق نحو 25 عنصرًا إضافيًّا بطريقة اصطناعية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|