أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-16
856
التاريخ: 23-10-2015
1988
التاريخ: 25-10-2015
5482
التاريخ: 26-3-2017
2267
|
من المسلم به ان العصور القديمة كانت تجهل فكرة خضوع الحاكم لقواعد قانونية تقيد سلطاته ، فقد كان الحاكم في نظر الأفراد بحكم الآله وكان الخضوع لحكمه بمثابة الخضوع لأحكام الدين والالتزام بتعاليمه ، لذلك كان سلطانه مطلقا لا يناقشه فيه أحد ، ومن ثم فان النتيجة الحتمية المترتبة على هذا الوضع ان أضحى الأفراد محرومين من كل حق في مواجهة الحكام(1).وعلى سبيل المثال خضع الأفراد في الإمبراطورية الشرقية القديمة خضوعا تاما للدولة في النواحي الدينية والدنيوية ، اما في المدن اليونانية القديمة ، فكان الأمر مختلفا لحد ما ففي دساتير هذه المدن نجد ان الحقوق السياسية لم يكن معترفا بها إلا للمواطنين الذكور الأحرار البالغين عشرين عاما فقط ، أما الرقيق ومن لم يبلغ مرتبة المواطن من الأحرار وكذلك النساء فلم يكن معترفا لهم بها ، مما يعني إن تلك الحقوق كانت حكرا على بعض الأفراد من دون البعض الآخر ، ومن ناحية أخرى فأن هذه الدساتير لم تقر للأفراد بأية حقوق او حريات مدنية تطبيقا للفكرة السائدة آنذاك والتي تقوم على أساس ان الدولة هي الغاية وان الفرد أداة في خدمتها والأمر ذاته نجده في الإمبراطورية الرومانية ، اذ لم تتغير العلاقة بين الفرد والدولة عما كانت عليه في ظل الإمبراطورية الشرقية والمدن اليونانية ، بل ظلت قائمة على أساس ان الفرد أداة في خدمة الدولة ، وان الدولة هي النظام الذي يسمو على سائر الأنظمة البشرية ، وهذا ما كانت تعبر عنه قواعد القانون الروماني ونصوصه المكتوبة(2). غير ان الإمبراطورية الرومانية شهدت مولد المسيحية بتعاليمها التي تقضي باحترام ذات الإنسان ، ومدرسة القانون الطبيعي ، ونظرية الحقوق الطبيعية ، ونظرية العقد الاجتماعي التي نادى بها (هوبز) و (لوك) ثم (روسو) مما كان له الأثر في نشأة نظرية الحقوق والحريات العامة .
اولا / المسيحية : نبذت الديانة المسيحية الفكرة الرومانية القائلة بان الدين خاضع للدولة ، وفرقت بين الفرد كأنسان والفرد كمواطن ، فأكدت كرامة الإنسان باعتبار ان الله هو الذي خلقه كما انها وضعت حدودا للسلطة الدنيوية بمقتضى قانون أعلى مستمد من طبيعة الإنسان والمجتمع ، كذلك أكدت تعاليم المسيحية ان غايتها إسعاد الفرد وتحقيق نفعه ، وما الأسرة والدولة والكنيسة الا وسائل لتحقيق هذه الغاية(3).
ثانيا / مدرسة القانون الطبيعي : استخدمت فكرة القانون الطبيعي لتأكيد حقوق الأفراد ومقاومة الطغيان ، وقامت فلسفة هذه المدرسة على أساس ان هناك قانونا أبديا وثابتا لا يتغير أسمى من القوانين كافة يتضمن مبادئ عالمية وعادلة يوحى بها العقل ، وهذه المبادئ وان لم تكن إلهيه إلا إنها مثالية وتهدف إلى تحقيق المساواة وتأكيد الحرية للأفراد جميعا(4).
ثالثا / نظرية الحقوق الطبيعية : ظهرت هذه النظرية في القرن السابع عشر وترى ان الفرد اسبق من المجتمع و أسمى منه ، وان المجتمع قد صنع الإنسان ولم يصنع الانسان للمجتمع ، وبناء على ذلك فان للفرد بحكم ادميته حقوقا يستمدها من طبيعته لا من التشريعات التي تصدرها الدولة ، فهذه الحقوق سابقة على وجود الدولة ، وان الفرد بدخوله الجماعة التي كونت الدولة كان يهدف تأكيد ذاته وكفالة حقوقه وليس إهدارها او التنازل عنها ، ومن هذا المنطلق يقع على عاتق الدولة حمايتها بل لا يجوز لها الاعتداء عليها او الانتقاص منها(5).
رابعا / نظرية العقد الاجتماعي : تؤكد هذه النظرية الأصل التعاقدي لسلطة الدولة ، وأطراف هذا التعاقد هم الأفراد الذين تنازلوا عن جزء من حقوقهم المطلقة التي كانوا يتمتعون بها في حياتهم الطبيعية للهيئة التي ستتولى حمايتهم وتنظيمهم ، أما الجزء الاخر من حقوقهم التي احتفظوا بها فتضل بمنأى عن تدخل الدولة والا فقدت سبب وجودها وهو العقد الاجتماعي(6). لقد كان لهذه الأفكار اثر في اندلاع الحركات الثورية في العالم مطالبة بالحقوق والحريات العامة فكان من آثارها في بريطانيا وثيقة العهد الأعظم عام 1215 وملتمس الحقوق عام 1628 و إعلان الحقوق عام 1688 ، وفي الولايات المتحدة الأمريكية إعلان الاستقلال عام 1776 وفي فرنسا إعلان حقوق الإنسان والمواطن عام 1789 الذي تضمن مبادئ في الحقوق والحريات ما زال الكثير من شعوب العالم الثالث الى اليوم يطمح في ممارستها . وتجدر الإشارة إلى انه خلال اقل من (48) سنة صدرت ثلاثة إعلانـات لحقوق الإنسـان في فرنسـا مستقاة مــن روح إعلان 1789وهـي ( مشروع جيروندا 1793 ) و ( إعلان مونتنارد 1793 ) و ( اعلان 1795(7).) الهدف المعلن من هذه الإعلانات الاعتراف بحرية الفرد وتأكيدها وصيانة حقوقه الطبيعية ، الا ان هذه الاعلانات تؤكد ان هذه الحقوق ذات مضمون سلبي إذ لا تفرض على الدولة أية التزامات إيجابية بتأمينها وكل ما يترتب عليها مجرد الامتناع عن التدخل فيها او اتخاذ الإجراءات التي تتنافى معها . والواقع ان الحقوق والحريات بهذا المعنى لا يتمتع بها الا أصحاب القدرة المادية التي تمكنهم من ممارستها ، فهم ليسوا بحاجة لتدخل الدولة ، بل ان هذا التدخل قد يتعارض ومصالحهم ، وفي الوقت نفسه فأن هذا المضمون السلبي لا يتلاءم ومصالح أولئك الذين لا يملكون من الوسائل ما يضمن لهم التمتع بحقوقهم ، اذ يكون تدخل الدولة ضروريا لضمان ممارستهم حقوقهم ، ونتيجة لذلك وتحت ضغط التيارات الاشتراكية لجأت الدول الغربية إلى تضمين دساتيرها نصوصا تخفف من غلو النزعة الفردية وتعمل على تحسين ظروف الفرد الاقتصادية والاجتماعية , وهكذا برزت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تفرض على الدولة التزامات وخدمات ايجابية تقدمها للافراد(8). مثل الحق في التعليم وحق العمل والضمان الصحي ، وقد جاء النص على هذه الحقوق تدريجيا في الدساتير الوطنية ومن ثم أصبحت تحتل مكانه بارزة في المواثيق الدولية .
_______________________
1- جعفر صادق مهدي- ضمانات حقوق الانسان (دراسة دستورية) – رسالة ماجستير – جامعة بغداد – كلية القانون – 1990 ، ص9
2- عدنان حمودي الجليل – نظرية الحقوق والحريات العامة في تطبيقاتها المعاصرة – القاهرة – 1974 – ص11 وما بعدها
3- شمس مرغني علي – القانون الدستوري – مطبعة دار التأليف– 1977 – ص656.
4- عبد الحكيم حسن العيلي – الحريات العامة في الفكر والنظام السياسي في الإسلام(دراسة مقارنة) –دار الفكر العربي- 1974 – ص 16
5- شمس مرغني علي - مصدر سابق – ص657
6- عدنان حمودي الجليل – مصدر سابق – ص22
7-غازي حسن صباريني – الوجيز في حقوق الانسان وحرياته الاساسية - الطبعة الثانية - مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان –1997 – ص28 وما بعدها
8- عبد الحكيم حسن العيلي – مصدر سابق – ص123
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|