أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-04
445
التاريخ: 2023-10-15
949
التاريخ: 2023-10-22
948
التاريخ: 2023-12-18
1077
|
أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) بحفظ ذمّته وأداء أماناته، وأمره أن يقيم منادياً بالأبطح غدوةً وعشية ينادي: ألا من كانت له قِبلَ محمدٍ أمانة فليأتِ لتؤدى إليه أمانته، وأوصاه بالصبر، وأن يقدم عليه مع ابنته فاطمة وغيرها من النسوة إذا فرغ من أداء المهمّات التي كلفه بها.
وأمر أبا بكر، وهند بن أبي هالة (1) أن يقعدا له في مكان حدّده لهما في طريقه إلى الغار، فلمّا خرج (صلى الله عليه وآله) في ظلمة الليل، انطلق جنوباً ميمّماً غار ثور، فوجدهما في الطريق، ورجعت هند متخفيةً إلى مكة، ودخل هو (صلى الله عليه وآله) وابو بكر الغار، فأرسل الله في تلك الساعة عنكبوتاً نسجت على بابه، وشاءت قدرته أن تلتجىء إلى باب الغار حمامتان برّيتان.
ومضت قريش جادة في طلبه ومعها أهل الخبرة بالقيافة وتتّبع الأثر، إلى أن بلغوا الغار، وانقطع الأثر عنهم، فنظروا، فرأوا العنكبوت قد غطّت بابه بنسيجها، وإذا بالحمامتين على جانب من جوانب بابه ممّا لا يترك أقل شك في انّهما ليسا فيه، فقال بعضهم لبعض: إنّ عليه العنكبوت قبل ميلاد محمد! (2) .
وبقي الرسول (صلى الله عليه وآله) وصاحبه في الغار ثلاثة أيام ـ على رواية ـ ثم ارتحلا ومعهما غلام لأبي بكر يدعى عامر بن فهيرة، أردفه ابو بكر خلفه، وأخذ بهم الدليل على طريق الساحل. ولم تتوانَ قريش في طلب النبي (صلى الله عليه وآله) وجعلت لمن قتله أو أسره مائة ناقة. ومرّوا في طريقهم على خيمة أم معبد الخزاعية، وكانت تقري الضيف، فسألوها تمراً أو لحماً يشترونه منها، فلم يجدوا عندها شيئاً، فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم، فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى شاة في جانب الخيمة وقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: هي شاة خلّفها الجَهْدُ عن الغنم! فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله): هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك؟ فقال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ فقالت: نعم، فداك أبي وأمي إن رأيت بها حلباً. فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالشاة، فمسح ضرعها وذكر اسم الله، ثم قال: بارك الله في شأنها. فدرّت من ساعتها، فدعا بإناءٍ كبير فحلب فيه فسقاها وسقى أصحابه حتى رويت ورووا، وشرب هو آخرهم، ثم قال: وساقي القوم آخرهم شرابا، ثم حلب في الإِناء حتى امتلأ وتركه لها وارتحل. وما لبث أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً حيّلاً عجافاً هُزّلاً، فلمّا رأى اللبن تعجّب وقال: من أين لكم هذا والشاة عازبة؟ ولا حلوبة في البيت ؟! قالت: لا والله، إلا أنّه مرَّ بنا رجل مبارك، وقصّت عليه قصته. فقال: والله إنّي لأظنه صاحب قريش الذي تطلب؟ صفيه لي! قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، مُنبلجَ الوجه، حسنَ الخلق، لم تُعْيهِ ثَلْجة (3)، ولم تُزرِ به صلْعَة (4)، وسيمٌ، قسيمٌ (5)، في عينيه دعَجْ (6)، وفي اشفاره وَطَفْ (7)، وفي صوته صَحَلْ (8)، أحوَر، أكحل، أزَج، أقرَن (9)، شديد سواد الشعر، في لحيته كثافة، إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلّم سما، وعلاه البهاء، حلو المنطق، لا نزر ولا هذر، ومضت تعدّد صفاته. فلمّا انتهت من وصفه قال لها أبو معبد: والله هذا صاحب قريش، ولو وافقته ـ يا أم معبد ـ لالتمست ان أصحبه، ولأفعلنّ إذا وجدت إلى ذلك سبيلا، وأخيراً هاجر أبو معبد وزوجته إلى يثرب وأسلما. وبينما النبي في طريقه إلى يثرب إذ عرض له سراقة بن مالك بن خثعم ـ يريد به شراً ـ فدعا عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرسخت قوائم فرسه في الأرض! فقال: يا محمد، ادعُ الله ان يطلق فرسي وأرجعُ عنك وأرد من ورائي، فدعا له النبي، فانطلقت الفرس، فرجع سراقة ووجد الناس يلتمسون رسول الله، فقال لهم: ارجعوا، فقد استبرأت لكم خبره فلم أجد له أثراً، فرجعوا. وتابع ركب النبي (صلى الله عليه وآله) طريقهم يقطعون السهول والجبال والأودية، ويتحمّلون حرّ الهاجرة وجهد السير سبعة أيام حتى أمنوا من طلب قريش.
وخرج ابو ذر في قبيلتي غفار وأسلم، للقاء النبي (صلى الله عليه وآله) فلمّا دنا منه الركب، أسرع الى ناقة النبي وأخذ بزمامها وهو يكاد يطير فرحاً بلقائه، فأخبره أن غفاراً قد أسلم اكثرها، واجتمع عليه بنو غفار فقالوا له: يا رسول الله، إنّ أبا ذر قد علّمنا ما علّمته، فأسلمنا وشهدنا أنّك رسول الله .واسرع المتخلّفون منهم الى الإِسلام، وبايعوا النبي وأعلنوا إسلامهم ثم تقدّمت أسلم، فقالوا: إنّا قد أسلمنا ودخلنا فيما دخل فيه إخواننا وحلفاؤنا، فأشرق وجه النبي سروراً بنصر الله، ثم قال: غفار، غفر الله لها، وأسلم سالمها الله .واستأنف طريقه، فلمّا قارب المدينة قال: من يدلنا على الطريق إلى بني عمرو بن عوف .فمشى أمامه جماعة، فلمّا بلغ منازلهم، نزل فيهم بقبا (10) في ربيع الأول، وأراد أبو بكر منه أن يدخل المدينة، فقال (صلى الله عليه وآله): ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي وابنتي ـ يعني علياً وفاطمة ـ .
واستقبل رسول الله بالتكبير والتهليل، وكان في استقباله من بني عوف نحو من خمسمائة ثم كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قبا إلى علي (عليه السلام)، فلمّا ورد كتابه الى علي ابتاع ركائب لمن معه من النسوة وتهيّأ للخروج، وأمر من كان قد بقي في مكة من ضعفاء المؤمنين أن يتسللوا ليلاً الى ذي طوى، وخرج عليه السلام بالفواطم (11) وتبعتهم أم أيمن مولاة رسول الله، وأبو واقد الليثيّ، فجعل أبو واقد يسوق الرواحل سوقاً حثيثاً، فقال له علي: ارفق بالنسوة يا أبا واقد، ثم جعل علي يسوق بهنّ ويقول:
ليس إلا الله فارفع ظنّكا *** يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا
فلمّا قارب ضجنان (12) أدركه الطلب، وكانوا ثمانية فرسان ملثّمين معهم مولىً لحرب بن أمية، اسمه: جناح، فقال علي عليه السلام لأيمن وابي واقد: انتحيا الإِبل واعقلاها، وتقدّم وأنزل النسوة، واستقبل القوم بسيفه، فقالوا: أظننت يا غدار إنّك ناجٍ بالنسوة؟ ارجع، لا أبا لك.
فقال (عليه السلام): فإن لم أفعل ؟! قالوا: لترجعنّ راغماً! ودنوا من المطايا ليثورها، فحال علي بينهم وبينها، فأهوى له جناح، فراغ عليٌّ عن ضربته وضرب جناحاً على عاتقه فقدَّه نصفين حتى دخل السيف إلى كتف فرسه. وشدّ على أصحابه، فتفرّق القوم عنه وقالوا: احبس نفسك عنّا يا بن أبي طالب ! فقال لهم: إنّي منطلق إلى أخي وابن عمّي رسول الله، فمن سرّهُ أن أفريَ لَحمُه، واريق دمَهُ، فليدنُ منّي!! ثم أقبل (عليه السلام) على أيمن وابي واقد، وقال لهما: أطلقا مطاياكما. وسار بها ظافراً قاهراً حتى نزل ضجنان، فلبث بها يومه وليلته تلك هو والفواطم يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، حتى طلع الفجر، فلمّا صلّوا صلاة الفجر سار بهم حتى قدموا المدينة، وكان قد تفطّرت قدماه، فلمّا رآه النبي (صلى الله عليه وآله) اعتنقه وبكى رحمةً لما به، ثم تفل في يديه وأمرَّهما على قدمي علي ودعا له بالعافية، فلم يعد يشتكي منهما (13).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|