أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-01
568
التاريخ: 2023-11-01
573
التاريخ: 2024-07-12
429
التاريخ: 2023-10-26
962
|
ويجدر بالقارئ أن يذكر فيما يتعلق بالاضطهاد أربع حقائق أولا: أن المؤرخين يُشيرون عادةً إلى عشرة اضطهادات بين السنة 64 بعد الميلاد والسنة 313 سنة البراءة. وثانيًا: أن الاضطهاد أُجري بموجب تشريع خاص صدر عن الإمبراطور نيرون في السنة 64 وقضى بألا يكون أحد مسيحيا (1)، وثالثًا: أن الاضطهاد لم يكن دائمًا عاما شاملًا. ورابعا: أنه لا يُمكن تحديد عدد الضحايا، ويجوز القول إنهم كانوا كثرًا. وفي عهد نيرون (54-68 ب.م) اتهم المسيحيون بإحراق رومة سنة 64، فكان ما كان مِنْ شَتَّى ألوان العذاب، واستشهد الرسولان بطرس وبولس. ويرى بعضهم أن بولس قضى حوالي السنة 67. وفي أيام دوميتيانوس (81-96 ب.م) على إثر ثورة اليهود حل بالمسيحيين دور آخرُ من العذاب؛ فاستشهد في رومة عدد من الأشراف لأول مرة، وذاق يوحنا الإنجيلي آلام الحرق بالزيت الحامي، ونفي إلى جزيرة باتموس، واستشهد تيموثاوس في آسيا الصغرى، وألقي القبض على أقارب السيد في فلسطين ثم أُطلق سراحهم، وجاء دور تریانوس (117-98) فلقي أسقف أورشليم القديس سمعان حتفه مصلوبا (107)، وقضى أسقف أنطاكية أغناطيوس الشهير في رومة في السنة نفسها، وأُعدم كثيرون في بيثينية ومقدونية، وكتب طيباريوس حاكم فلسطين إلى الإمبراطور يقول: إن المسيحيين في أنطاكية ازدحموا مستميتين في سبيل الرب، وفي عهد أنطونينوس (138-161)، في السنة 155 استُشهد بوليكاربوس أسقف أزمير ومرقس أسقف أورشليم، وقضى في رومة حوالي السنة 165 القديس يوستينوس النابلسي الفيلسوف المعلم، وذلك في عهد مرقس أوريليوس. واستشهد في أيام هذا الإمبراطور نفسه أيضًا بوبليوس أسقف أثينة، وحكم على كثيرين بالعمل الشاق في المناجم، واهتم سبتيموس سويروس (211-193) لانتشار النصرانية في مصر، فملأ السجون بالنصارى ودفع ببعضهم إلى الجلادين في الإسكندرية، وببعض إلى الحيوانات المفترسة في مدرج قرطاجة، ولكن خلفاءه أباطرة السلالة السورية اللبنانية لم يَقْتَفُوا أثره في شيء من هذا، بل قام أحدُهُم سويروس ألكسندروس يحاول إنشاء هيكل لعبادة المسيح في رومة، وجاء فيليبوس العربي (244-249) يلاطف ويهادن، فحمل ذلك خلفه داسيوس (249-251) أن يُكره جميع السكان في المدن والأرياف أن يمثلوا أمام رجال السلطة في وقت محدد ليقدموا الذبيحة لشخص الإمبراطور، فارتد عن الدين الجديد عدد من الأغنياء والوجهاء واستشهد في سبيله عدد كبير من المؤمنين، وبين هؤلاء أوريجانيوس اللاهوتي الفيلسوف الذي سُجن في قيصرية فلسطين وعذب فيها ومات من جراحه في صور (254) ، وألكسندروس أسقف أورشليم، وبابيلاس أسقف أنطاكية، ونسطوريوس أسقف مجدُّو. ولاحق الإمبراطور فاليريانوس (253 - 260) الزعماء المسيحيين والكهنة، فأمر هؤلاء في السنة 257 أن يقدموا الذبيحة للآلهة الوثنية وحرَّم على المسيحيين الاجتماع في المقابر ومحلات العبادة، وأكد أنهم إن فعلوا أُعدموا إعدامًا، فدُهم القديس ترسيسيوس وجماعة من المؤمنين وهم يصلون في سرداب سلارية، فماتوا خنقًا. واستشهد سيكستوس أسقف رومة وكبريانوس أسقف قرطاجة، واستشهد في فلسطين الإخوة الثلاثة، وفي قبدوقية الطفل كيريلوس، وفي الإسكندرية عدد كبير من المؤمنين. وأعظمُ الاضطهادات وأَفْظَعُها ما جاء منها على يد ديوقليتيانوس الإمبراطور (284-305 ب.م) ويَصْعُبُ القولُ في حقيقة أسبابها، فلم يكن لهذا الإمبراطور شيء من شُذُوذ نيرون أو دوميتيانوس، ولا كان ظنونا ولا قاسيًا ولا متدينا أو داعيًا لدين جديد كأورليانوس. وقد انقضى على حكمه عشر سنوات قبل أن بدأ بالاضطهاد، وليس لدينا من النصوص ما نستطيع معه أن نتوسع في الاجتهاد مطمئنين، ولكن هنالك أمران لا بد من الإشارة إليها؛ أولهما: أن ديوقليتيانوس الإمبراطور أراد أن يعيد إلى الإمبراطورية وحدتها ومناعتها. والثاني: أ ب: أنه كان يعاني الصعاب في وقف البرابرة عند الحدود، وفي كبت عدوه ملك ملوك الساسان، ولعله رأى في انتشار النصرانية عامل تفكُّك في الداخل، وخطرًا على سلامة الدولة؛ وخصوصًا لأن النصرانية كانت قد دخلت فارس وأن المانوية كانت تمتُ إليها بصلة قوية. ولم يكن بإمكان ديوقليتيانوس أن يبيد جميع المسيحيين ويقطع دابرهم؛ لأنه فعل لجعل مناطق ومناطق في الشرق قفرًا من السكان، فآثر ــ فيما يظهر ــ تدمير الكنيسة وإخفاء معالمها وتحقير المؤمنين والهبوط بهم إلى أسفل الطبقات. وهكذا، نراه في الرابع والعشرين من شباط سنة 303 يأمر بمنع الاجتماعات المسيحية، وبتخريب الكنائس، وحرق الكتب، وبنكْرَان الدين المسيحي، موعدًا الأشراف المسيحيين والوجوه والأعيان بالخلع والإذلال، مهددًا الوضعاء بالعبودية المؤبدة. ثم عاد في السنة نفسها فأمر بسجن الكهنة وبإعدامهم إن هُمْ أَبَوا أن يشتركوا في الذبيحة الوثنية. وزاد فأمر بوجوب نكران الدين الجديد، فكانت مذابح ومذابح لم ينج منها إلا الأقاليم الغربية التي كانت آنئذ في عُهدة قسطنس والد قسطنطين الكبير، ويقال إن الفضل في ذلك يعود إلى زوجته الأولى هيلانة التي كانت قد تقبلت النصرانية قبل زواجها منه. ويقول القديس سيبيوس المعاصر: إن الرؤوس بترت في العربية «البادية المتاخمة للشام»، وإن السيقان قطعت في قبدوقية، وإن المؤمنين عُلِّقوا على الأخشاب بين نهرين وأشعلت تحتهم النيران. ومما يقوله أيضًا: إن عُمَّال ديوقليتيانوس قطعوا الأنوف والآذان والألسن وغرزوا القصب تحت الأظافر ودَقُوا الحديد في البطون. والثابت الراهنُ في عُرف البشر أجمعين أن الاضطهاد يُقَوِّي النفوس ويشدد العزائم، فيُثير في المؤمن صاحب العقيدة شعور التحدي، ويحمله على التفنن في أساليب الوقاية والدعاية، ويزوده بمُثْل عُليا يُفاخر بها ويسعى لتحقيقها، وليس أبلغ أثرًا في تفتير الحماسة الدينية وتحويل الغيرة على الدين إلى تنازع على المراكز وإحداث الشقاق؛ من تكريس الدين سياسيا وجعله دينًا رسميًّا.
..................................
1- Non Licet esse christianum
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|