أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-09
264
التاريخ: 2024-08-07
490
التاريخ: 2024-09-02
396
التاريخ: 2023-10-08
1108
|
إنّ الفتنة لم تنته بعد، فقد كانت خيوطها تنسج في أقبية النفاق والضلال من قبل أدعياء الاسلام، فقد حاولوا غير مرة، جاهدين، في إشعالها.
من ذلك: أنّ أبا سفيان أقبل الى علي (عليه السلام) قائلا له: انّي لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف، فيم يلي أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان أين الأذلّان عليّ والعباس؟ ما بال هذا الامر في أقل حيّ من قريش؟ .
ثم قال لعلي (عليه السلام): ابسط يدك أبايعك، فوالله لئن شئت، لأملأنّها عليه خيلا ورجلا. فأبى علي (عليه السلام). "وقال: "إنّك تريد أمرا لسنا من أصحابه، وقَد عهد اليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عهدا، فأنا عليه (1).
فتمثّل أبو سفيان بشعر المتلمس:
ولن يقيم على خسف يراد به *** إلا الأذلّان عير الحي والوتدُ
هذا على الخسف معكوس برمته *** وذا يشج فلا يبكي له أحد
فزجره علي (عليه السلام)، وقال: "والله إنّك ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنّك والله طالما بغيت للاسلام شرا، لا حاجة لنا في نصيحتك" (2).
لقد كان هذا الرد طبيعيا من الإمام علي (عليه السلام) أخ النبي، ووصيّه، ووزيره ـ كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) ـ فلقد كان (عليه السلام) يرمي من وراء ذلك الى الحفاظ على وحدة المسلمين ووحدة كلمتهم ليبقى الاسلام ويستمر في مسيرته.
وحاول آخرون إيقاع الفتنة بين المهاجرين والانصار مرة ثانية، فكان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقف سدا منيعا في وجوههم، لا يترك لهم في ذلك فرصة تمر.
فقد حاول عمرو بن العاص من خلال كلام قاله في محضر من المهاجرين والانصار، أن يثير حفيظة المهاجرين على الانصار، حيث انتقص من مكانتهم، وأتهمهم بأنّهم: إنّما أووا النبي (صلى الله عليه وآله) طمعا بالملك أو الإمرة من بعده. وفي ذلك يقول:
تمنيتم الملك في يثرب *** فأُنزِلَتِ القدرُ لم تُنضَج
في أبيات، أجابه عليه فيما بعد، شاعر الانصار، النعمان بن العجلان بعد كلام له، منها:
فقل لقريش نحن أصحاب مكة *** ويوم حنين والفوارس في بدر
وكان هواناً في عليّ وإنّه *** لأهل لها يا عمرو من حيث لا تدري
وعاود بن العاص الكرّة، بتحريض من سفهاء قريش، فبلغ الخبر علياً (عليه السلام)، فغضب، وشتم عَمراً، وقال: آذى الله ورسوله. ثم قام، فأتى المسجد، فاجتمع اليه كثير من قريش، وتكلّم مغضبا فقال: يا معشر قريش، إنّ حُبَّ الانصارِ إيمان، وبغضهم نفاق، وقد قضوا ما عليهم، وبقي ما عليكم، واذكروا أنّ الله رَغِب لنبيّكم عن مكة، فنقله الى المدينة، وكرِهَ له قريشاً، فنقله الى الانصار، ثم قد منا عليهم دارَهُم، فقاسمونا الاموالَ، وكفونا العمل، فَصِرنا منهم بين بذل الغني، وايثار الفقير، ثم حاربَنا الناس، فوقونا بأنفسهم، وقد أنزل الله تعالى فيهم آية من القرآن، جمع لهم فيها بين خمس نِعَم فقال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ}".
ألا وانّ عمرو بن العاص قد قام مقاماً آذى فيه الميت والحي، ساء به الواتر، وسرّ الموتور، فاستحق من المستمع الجواب، ومن الغائب المَقت، وانّه مَن أحب الله ورسوله، أحبّ الأنصار، فليكفف عمرو عنّا نفسه.
فمشت قريش عند ذلك الى عمرو بن العاص، فقالوا: أيّها الرجل، أما إذا غضب عليّ فاكفُف.
وقال حسان بن ثابت في ذلك أبياتاً، منها:
جزى الله عنّا والجزاءُ بكفِّه *** أبا حسن عنّا ومَن كأبي حَسنْ
سبقت قريشاً بالذي أنت أهله *** فصدرك مشروح وقلبُكَ ممتحنْ
وترك عمرو بن العاص المدينة، وخرج عنها حتـى رضي عليّ والمهاجرون (3).
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد أخذت أخطار الرِدَّة تهدّد المسلمين، فكان ما كان من أمر مسيلمة الكذّاب، وطليحة النمري، وسجاح، وبقايا فلول الشرك في شبه الجزيرة العربية، فوقعت معارك بينهم وبين المسلمين استشهد فيها من المسلمين عدد كبير. ففي وقعة اليمامة وحدها خسر المسلمون «من المهاجرين والانصار من أهل المدينة، ثلاثمائة وستين، ومن غير المدينة ثلاثمائة رجل» (4).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذه الفقرة موجودة في شرح النهج 6 / 18.
(2) الكامل 2 / 326 وفي الطبري 3 / 202.
(3) شرح النهج 6 / 30 الى 35.
(4) الكامل 2 / 365.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|