ميل العرب إلى الوحدة السياسية وفي اجتماعهم بسوق عكاظ ومنازلاتهم بالقصائد الشعرية. |
856
01:23 صباحاً
التاريخ: 2023-08-28
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-2-2017
3299
التاريخ: 2-2-2017
3217
التاريخ: 3-5-2021
2247
التاريخ: 17-1-2021
2638
|
كان بين الإسماعيلية والقحطانية تنافس المعاصرة المؤدي الى اختلاف الكلمة، ثم مالوا إلى الوحدة السياسية لتوفر أسبابها من إغارة الحبشة عليهم بمكة واتحادهم في الأخلاق والعوائد؛ فإن سائرهم تَمَسَّكَ بأوهام العبادة الوثنية والعوائد الجاهلية؛ كمعاملة النساء معاملة الرقيق، ووأد البنات مع التكبر الوحشي وحب الانتقام والمقاصة وإجازة النهب بعد الانتصار، وإقامة القوة مقام الحق وقرى الضيف مع حرمان النفس؛ تشوفًا إلى السمعة بين القبائل، وحب شرف النفس الموجب البسالة والحماسة والمحاماة عن المظلوم وتقديم الوفاء بالوعد على الحياة، ويزيد على ذلك شهواتهم النفسية فإنها أكبر تلك الخصال غلبة وظهورًا، ومن ذلك يُعلم أنه متى اتجهت عقولهم الهائجة المخاطرة إلى شيء وثبوا إليه وثبة واحدة، وذلك يوجب الوحدة في اللغة المتيسر بعضها بواسطة اختلاط القبائل ورأوا الأشعار وسيلةً لانتشار فخارهم في بحيث جزيرة العرب، وسبيلا لوصول أعمالهم العجيبة ومآثرهم إلى ذراريهم، فأحبوها وعكفوا عليها ، لكن كلام مؤلفي نجد والحجاز لم يفهمه مؤلفو اليمن، بل لم تتفق قبائل بلد واحد على لغة واحدة، إلا أن شعراء العرب الموكول إليهم اختراع لغة أعم من تلك اللغات رُوِيَتْ أشعارهم في كل جهة، فتعينت الألفاظ المعدة للدلالة على الأفكار والتصورات، فإن العشائر المستعملة للعبارات المختلفة للدلالة على فكرة واحدة متى سمعت قول الشاعر اختارته في ذلك الموضوع، وفهمت مع ذلك فوائد التمدن؛ فلذا قابلت الأمة العربية هذه الابتكارات العقلية بالاعتبار، وأنشئوا في عكاظ والمجنة وذي المجاز للمفاخرة بالشعر مجالس حافلة خالية من التحكم على النفوس، يقوم أمامها شجاع يمشي مشية المتكبر والأبصار شاخصة إليه حتى يقف على مرتفع من الأرض، فينشد مع إنصاتهم قصيدة بصوت رنان يستعين فيها بروية حافظته الواسعة الاقتراح، فتارة ينشد أعماله العظيمة ووقائعه الجسيمة وشرف قبيلته، وطورًا يصف لذائذ الانتقام، وتارة لطائف إكرام الضيف وطورًا الشجاعة، وفي كُلٌّ لا يغفل عن مدح شرف النفس والعرض، وقد يقتصر على وصف العجائب المشاهدة والعزلة عن الناس في الصحاري وخفة عَدْوِ الظباء، والسامعون في كل ذلك ناظرون إلى فه مستحسنون جميع الأخلاق التي يَوَدُّ أن يوزعهم إياها، مرتسمًا على وجوههم ما يقع بنفوسهم من تعظيم الشجاع واحتقار الجبان عند النزال، حتى إذا أتم قوله أظهروا ما عندهم من الاستحسان أو الاستقباح، فإذا شهدوا له عاد إلى قول أبدع مما أبداه بحماس جديد. ولاعتماد أخبار الشعراء وسداد رأيهم، كانوا المدونين لتاريخ بلادهم قبل البعثة والرافعين أو الخافضين شأن القبائل المختلفة كما يستصوبون؛ ولذا كانوا مهابين محترمين عند الجميع، وكان المقبول من قصائدهم يُكتب بالذهب على نفيس القماش، ثم يعلق على الكعبة، ليُحْفَظ حتى تَطَّلِعَ عليه الذرية، فوصل إلينا المعلقات السبع: لأمرئ القيس المتوفى سنة 540 بعد الميلاد، والحارث بن حلزة المولود في هذه السنة، وطرفة المتوفى سنة 564، وعنترة بن شداد المتوفى سنة 615 الذي فاق غيره في إتقان جميع أنواع الشعر الجاهلي، وعمرو المتوفى سنة 622 التي كانت فيها الهجرة، وزهير المتوفى سنة 627 بعد الهجرة بنحو خمس سنين، ولبيد المتوفى سنة 662 التي هي عام ثلاث وأربعين من الهجرة. وكانت العرب تجتمع كل ليلة بخيامهم؛ ليسمعوا هذه المعلقات الجامعة بين محاسن الترنم وحلاوة التوقيع بلا تكلُّف، مع اشتمالها على السجايا العربية المثيرة للحماسة. وكان هؤلاء الشعراء السبعة وآخرون - كالمرقشين والنابغة الذبياني، ودريد بن الصمة، وحاتم، والأعشى - يشيرون في أشعارهم إلى وقائع القبائل الساكنة وسط بلاد العرب، وأولها واقعة البيضاء سنة 354 بعد الميلاد التي منعت غارات ملوك اليمن، ثم فتوحات ملوك كندة الأوائل وفتوحات الحارث ملك الحيرة سنة 518، ثم نصرات سلان سنة 481 ونصرات خَزَاز(1) سنة 492 التي فاز بها ربيعة وابنه كليب على العرب الحميرية، وحرب البسوس بين آل بكر وتغلب الممتدة من سنة 494 إلى سنة 534، ونصرات زهير أمير غطفان على هوازن سنة 567 ، وحرب داحس الممتدة من سنة 568 إلى سنة 608 بعد الميلاد بين عبس وذبيان اللتين هما أعظم قبائل غطفان، وحرب بني تميم وبني عامر سنة 579، والقتال المشهور بمعركة الرقم والنبعة واللوى وسلي وحوراء الممتدة من سنة 609 إلى سنة 615 بعد الميلاد بين بني عبس وبني ذبيان مع هوازن وبعض قبائل من نسل خصفة، وحرب بني تميم وبني بكر المنتهية سنة 630 بعد الميلاد التي أسلم فيها هاتان القبيلتان. ومن عادة عرب البادية التي وجدت بأشعار العرب أن يعقدوا بعد مقاتلاتهم منازلات للفخار والتظاهر بالكرم يسمونها المنافرة، كما وقع لعلقمة وعامر بن الطفيل من بني عامر سنة 620 ؛ فإنهما كانا شاعرين شجاعين يزعم كل منهما استحقاقه المشيخة، فحكّما في تنازعهما شيخًا على غير عشيرتيهما فأجل الحكم إلى سنة أظهرا فيها شجاعتهما وفضائلهما، ثم حكم ذلك الشيخ في مجمع حافل على العادة باستحقاق كل منهما الرياسة على العشيرة فاشتركا في الحكم واتحدا كل الاتحاد، ومن ذلك ما كان في بني طيئ من التنافس بين حاتم وزيد الخيل المضروب بكرمهما المثل في ابتداء القرن السابع من الميلاد في سائر بحيث جزيرة العرب.
...............................................
1- كسَحَاب بطن من تغلب. ا.هـ.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|