أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-7-2022
1556
التاريخ: 2023-04-18
1101
التاريخ: 2024-07-08
499
التاريخ: 1-12-2015
5139
|
الحسن الفعلي والحسن الفاعلي
قال تعالى : {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 25].
في القرآن الكريم عادة يذكر الإيمان والعمل الصالح سوية، وعندما يذكر أحدهما منفرداً فلابد أن يكون مقيد. بالطبع قد يذكر الإيمان أولاً تارة، كما في الآية مورد البحث، وقد يأتي - لفظاً - بعد العمل الصالح تارة أخرى، إلا أن تقدمه عليه أو تزامنه معه يكون ملحوظاً؛ كقوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل: 97]. حيث إن العمل الصالح هنا مطروح في حال إيمان الشخص العامل. وبحسب الثقافة القرآنية فإن العمل الصالح هو ذلك العمل الذي يكون مطابقاً لأحد منابع الدين.
فعبارة (الذين آمنوا) تحكي الحسن الفاعلي، و(عملوا الصالحات) ناظرة إلى الحسن الفعلي: أي، إن البشارة بالجنة تخص أولئك الذين
يمتازون بالعمل الصالح، مضافا إلى اعتقادهم بالمبدإ، والمعاد، وسائر أصول الدين.
وبناء على ما مر، فإن من يمتلك الحسن الفاعلي فقط وليس له أي حسن فعلي، فإنه لا يكون مشمولاً بالبشارة بالجنة؛ كما يقول سبحانه وتعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] . إن جملة كسبت في إيمانها خيراً معطوفة على (امنت) وتعني: إذا كان للشخص إيمان (حسن فاعلي) لكنه لم يمارس أي عمل خير (حسن فعلي)
فلن ينفعه الإيمان في مضمار النجاة من اصل العذاب، وهو يشبه الذي لم يؤمن، إلاً في الخلود فهما مختلفان؛ وذلك لأن العمل الصالح هو بمثابة الغصن لشجرة الإيمان التي هي شجرة طوبى، وأن الاعتقاد هو بمنزلة جذرها، وما من شجرة تثمر من دون أغصان، حتى وإن كانت جذورها حية.
كذلك فإن الذي يعمل عملاً صالحاً (الحسن الفعلي) لكنه يفتقر إلى الحسن الفاعلي (الإيمان والنية الخالصة)، فهو لن يدخل الجنة؛ كما لو مارس عمل الخير بدافع حب النوع، لا على خلفية الاعتقاد بالله ويوم الحساب. هذا على الرغم من تمتع الشخص، في هذه الحالة، بالبركات الدنيوية لهذا العمل، وإن مثل هذا العمل المفيد قد يكون مدعاة للتخفيف من عذابه في الاخرة.
أما السر في عدم كفاية الحسن الفعلي بلا حسن فاعلي لدخول الجنة، فهو أن الميزان والمعيار في تأثير العمل هو إرادة الإنسان ونيته من وراء هذا العمل، فالشخص الذي يعتقد بأن حياة الإنسان إنما تبدأ بالولادة وتختم بالموت، وأنه ما من شيء سيحدث بعد الموت: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون: 37] فلن تكون نيته وإرادته لما بعد الموت؛ إذن فإن عمله سيبقى في مستوى الدنيا، ولن يصل إلى العالم الآخر، وبعد نشأة الدنيا سيرى نفسه وحيداً؛ كما يقول القرآن الكريم في حق الكافرين: إن أعمال هؤلاء أشبه بسراب في صحراء حيث يحسبه الظمآن ماء: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]. فعند ما تكون الأعمال ا لعبا دية للكفار، الذين كانوا يتخضعون للأوثان، سراباً فإن نشاطاتهم الاجتماعية ستكون سراباً حتماً، وإن احتفظت بآثارها المادية في الدنيا.
تنويه: 1. أحياناً، وبدلاً من قيدي الإيمان والعمل الصالح، يذكر القرآن التقوى التي تجمع القيدين: كما في الآية : {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 15]: وذلك لأن غير المؤمن ليس بمتق، كما أن المؤمن غير العادل غير متق أيضاً. 2. لما كان محور الإيمان ومدار العمل الصالح معروفاً وقد بين بشكل كامل في آيات أخرى سبقت في نزولها الآية محل البحث، فإنه لم يتطرق إلى شرح متعلق الإيمان والعمل الصالح في الآية مورد التفسير.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|