أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-08
2259
التاريخ: 2023-10-21
888
التاريخ: 17-1-2016
4474
التاريخ: 2024-04-17
856
|
الخلود في الجنة والنار
قال تعالى : {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 25].
إن إثبات الخلود لأهل الجنة ليس بالأمر العسير؛ كما أن إثباته بالنسبة لأصحاب النار ليس بالأمر اليسير. من هنا فقد اختلف العلماء حول خلود أهل النار في جهنم؛ فالبعض، من أمثال المعتزلة الذين عدوا الخلود بمعنى «الأبدية»، فإنهم يستدلون بما يلي: إن الله عز وجل يقول لنبيه الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء: 34] ؛ أي (إننا لم نمنح الخلود في عالم الطبيعة لأي أحد من قبلك). فلو كان المراد من الخلود هو «المكث الطويل» و«العمر المديد» لانتقض ادعاء هؤلاء بالنسبة لأصحاب الأعمار الطويلة كنبي الله نوح (عليه السلام) حيث أن فترة نبوته فقط قد استغرقت 950 سنة: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت: 14]. إذن فالمراد من الخلود هو الأبدية.
أما دليل المعتزلة الآخر فهو: إذا لم يكن هناك خلود في الجنة، وإن صاحب الجنة سوف يخرج منها بعد مدة من السكنى فيها، فسيكون دائماً أسير الغم وجليس الحزن، وكلما زيد في نعمه في الجنة زاد حزنه وغمه؛ بسبب ما يساوره من خوف الفراق؛ والحال ان الجنة ليست مكانا للحزن. فالمؤمن في الجنة لا يذكر حتى أرحامه من المجرمين المعذبين في جهنم إذ أن ذكراهم هي من موجبات حزنه وغمه.
في مقابل المعتزلة، يعتبر الأشاعرة أن الخلود هو «المكث الطويل» مستدلين بأنه: لو كان الخلود بمعنى «الأبدية» لخذفت كلمة «أبداً» من آيات من قبيل: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 57] ، لأن ذكرها سوف يكون لغواً.
إن دليل الأشاعرة - على فرض تماميته - يستلزم عدم إمكان إثبات الخلود من خلال الآيات التي تخلو من القيد «أبدأ"، أما في الآيات الأخرى التي تشتمل على هذا القيد، فإنه يمكن إثبات الخلود بها، وفي الحقيقة فإن طريق الاستدلال هو الذي يتغير، وليس أصله. أضف إلى ذلك ان الجنة قائمة على اللطف، وليس هناك من إشكال إذا جازى الله عز وجل الإنسان جزاء غير محدود على طاعته له لمدة قصيرة ومحل وده.
إن الجانب المهم من الإشكال هو حول الخلود في جهنم، والإشكال هنا هو: لماذا يبقى الإنسان محترقاً في جهنم إلى الأبد، مقابل عصيانه الله لمدة قصيرة في الدنيا؟ وكيف لهذا الأمر أن ينسجم مع العدل الإلهي؟
والجواب هو: صحيح أن أهل النار، بسبب محدودية أعمارهم، لم يعصوا الله إلا فترة قصيرة، ولهذا فإن ذنوبهم محدودة هي الأخرى، لكنهم كانوا يبيتون النية في أن لا يقلعوا عن ارتكاب المعاصي ما داموا موجودين في الدنيا.
وليس المراد من النية في مبحث الخلود هو القصد والإرادة كي يشكل بأن الله لا يعذب أحداً بمجرد نية المعصية، بل المراد من النية هنا هو الاعتقاد والشاكلة التي يعمل الإنسان على أساسهما: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]. إذن فمحور العقاب والثواب الأبدي هو عقيدة الإنسان ورؤيته الكونية، وليس عمل أعضائه وجوارحه، ولما كانت العقيدة الراسخة موجوداً مجرداً وثابتاً، فإن ثمرتها أيضاً تكون دائمية.
تأسيساً على ذلك، بالنسبة إلى الكافر فإن المعصية - جراء كفره الذي هو من أعظم كبائر الذنوب - تسجل له بشكل متواصل، وإن الذنب العملي للكافر يضاف إلى ذنوبه العقائدية. وفي المقابل، فبالنسبة للمؤمن فإن الثواب - جراء عقيدته التوحيدية - يكتب له بصورة دائمية وإن أعماله الصالحة تضاف إلى أنواع ثوابه، وإلا فهو يعاقب على معاصيه العملية ومن ثم يدخل الجنة.
فالشخص الذي يخاطب نبي الله بدافع رؤيته المنحرفة قائلا: {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ} [الشعراء: 136] ، فإنه لو بقي في الدنيا إلى الأبد فسوف يعيش بهذه العقيدة وهذه الرؤية الكونية الشنيعة؛ حتى أن الله سبحانه وتعالى يقول في هؤلاء: لقد ترسخ الكفر في قلوبهم بحيث، لو أنهم شاهدوا بأم أعينهم أخطاراً من قبيل الموت، وضغطة القبر، والبرزخ، والسقوط في نار جهنم، فإنهم سيعودون إلى ارتكاب المعاصي إذا رجعوا إلى الدنيا: { وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ } [الأنعام: 27، 28].
وكما سبقت الإشارة إليه، فإن أرواح الكفار مجردة وغير قابلة للزوال، وإن الكفر أيضاً هو وصف قلبي وغير قابل للزوال، ولهذا السبب فهم يحترقون في جهنم إلى أبد الآبدين؛ حيث تحترق قلوبهم: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ } [الهمزة: 6، 7] وأبدانهم: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] على حد سواء. والحاصل أن الخلود ثابت لذلك الأمر الخالد، وليس للعمل المحدود للجوارح. من هذا المنطلق، يمكننا أيضاً إثبات خلود أصحاب الجنة من خلال هذا الدليل نفسه.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|