أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2018
1924
التاريخ:
1927
التاريخ: 11-10-2018
3606
التاريخ: 24-8-2020
3048
|
لقي أمراء المسلمين عجبا من شطط ملوك الصليبيين أيام انتصارهم وأيام انكسارهم، وما عاملوهم إلا بالسياسة الرشيدة، وحاسنوهم ما ساعدتهم الحال بما لا يُنتظر أكثر منه من خصم شريف، هكذا كان طغتكين ثم نور الدين ثم صلاح الدين في الحملات الأولى، أما في الحملات الأخيرة فقلب أمراء المسلمين للصليبيين ظهر المجن؛ لإيقانهم أن لين الجانب ما نجع فيهم، ثم عرفوا أن الحال تبدلت في الغرب ففترت حماسة المتحمسين لنجدة الصليبيين في الشرق، فكان من الحزم في ملوك الإسلام أن يستأصلوا الفرنج من أرضهم. كان نور الدين رجل الإسلام العظيم أسس ملكًا ضخمًا ما كلفه فتحه مالا ولا رجالًا، فلما توطد أمره أكثر من الغارات على حصون الصليبيين ففتح أكثرها بقوة نفسه وشدة إخلاصه وإجماع الناس على محبته، فتح أكثر من خمسين حصنًا وبلدا، وكان إذا كسر الصليبيين لا يشتط في الطلب، ولا يتسامح كل التسامح بحقوق أمته، الحال سير رجل عملي، كسر الصليبيين على حارم وكانت عدتهم ثلاثين ألفا من الروم والأرمن والفرنج (1) ، ووقع بيمند أحد ملوكهم أسيرًا في قبضته فباعه نفسه بمال عظیم أنفقه في الجهاد، وافتدى أحد ملوكهم نفسه أيضًا بمال . فأخذه وبنی به مستشفى جسیم عظيمًا، واشترط عليه أن لا يحارب المسلمين سنين عينها، فما إن وصل الصليبي إلى أهله حتى قضى نحبه، وكان أمراء الدولة لا يرون إطلاقه بحال لإيقانهم بأنه ينكث عهده. أما صلاح الدين فكانت علائقه بالصليبيين أشد ظهورًا، وعلى يده كانت الوقائع المهمة الحاسمة، وفي أيامه جاء أعظم ملوك أوروبا إلى الشام في حملة عظيمة، وهو ريشاردس قلب الأسد ملك الإنجليز (الإنكتار)، وحاول أن يفض الحرب ونوع لذلك الأساليب فصادق جماعة من مماليك صلاح الدين، ودخل معهم دخولا عظيمًا بحيث كانوا يجتمعون به في أوقات متعددة، وكان في كل هذا يخلط الجد بالهزل؛ حتى يتوصل إلى مأربه من استرجاع الأرض المقدسة، وصلاح الدين يعرف ذلك ويغضي عن هذا التلاعب. كتب ريشاردس إلى صلاح الدين إن المسلمين والفرنج قد هلكوا وخربت البلاد، وتلفت الأموال والأرواح، وقد بلغ الأمر حقه، وليس هناك حديث سوى القدس والصليب والبلاد، والقدس متعبدنا ما ننزل عنه ولو لم يبقَ منا أحد، وأما البلاد فيعاد إلينا ما هو قاطع الأردن ، وأما الصليب فهو خشبة عندكم لا مقدار له فيمن عندنا عظيم وهو به السلطان علينا ونستريح من هذا العناء الدائم، فأرسل السلطان في جوابه: القدس لنا كما هو لكم، وهو عندنا أعظم مما هو عندكم؛ فإنه مسرى نبينا ومجتمع الملائكة، فلا يتصور أن ننزل عنه ولا نقدر على التلفظ بذلك بين المسلمين، وأما البلاد فهي أيضًا لنا في الأصل، واستيلاؤكم كان طارئًا عليها لضعف من كان بها من المسلمين، وأما الصليب فهلاكه عندنا قربة عظيمة، لا يجوز أن نفرط فيه إلا لمصلحة راجعة على الإسلام هي أوفى منها. وبعث ريشاردس أيضًا إلى صلاح الدين يقول له: لا يجوز لك أن تهلك المسلمين كلهم ولا يجوز لي أن أهلك الفرنج كلهم. قال ابن شداد (2) بعد أن ذكر ما عرضه ملكهم من شروط الصلح العجيبة فانظر إلى هذه الصناعة في استخلاص الغرض باللين تارةً وبالخشونة أخرى، وكان مضطرًا إلى الرواح، وهذا عمله مع اضطراره، والله المسئول في أن يكفي المسلمين مكره، فما بلوا بأعظم حيلة ولا أشد إقدامًا منه. ا.هـ. ووقعت هدنة في سنة 588هـ، بين المسلمين والفرنج وحلف ملوك الفرنج وعظماؤهم، أما ملك الإنجليز فأعطى يده واعتذر عن الحلف مدعيًا أن الملوك لا يحلفون.
....................................
1- كتاب الروضتين لأبي شامة.
2- سرية صلاح الدين لابن شداد.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|