أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-4-2021
2928
التاريخ: 7-2-2017
2906
التاريخ: 19-5-2021
2843
التاريخ: 23-6-2021
4087
|
كان أهل الأرض يوم قام الرسول (صلى الله عليه وآل وسلم) يهدي من الضلالة وينقذ بمكانه من الجهالة- كما قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) مللا متفرقة، وأهواء منتشرة، وطوائف مشتتة، بين مشبه الله بخلقه، أو ملحد في اسمه، أو مشير إلى غيره ضلالا في حيرة، وخابطين في فتنة، قد استهوتهم الأهواء، واستزلتهم الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية الجهلاء، حيارى في زلزال من الأمر، وبلاء من الجهل، وأرسل الرسول(صلى الله عليه وآل وسلم) على (1) حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم، واعتزام من الفتن وانتشار من الأمور، وتلظ من الحروب، والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور، على حين اصفرار من ورقها، وإياس من ثمرها، واغورار من مائها، قد درست منار الهدى، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة(2) لأهلها، عابسة في وجه طالبها، ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف.» جمع الإسلام من شمل العرب بعد تشتتهم ، وآخى بينهم مؤاخاة ما عهدوها، وهذب نفوسهم حتى سلس قيادهم بعد شماسه وثقفهم ثقافةً أفادوا بها ففادوا بالأهل والولد والنفس والمال في نصرة دينهم، فامتن تعالى عليهم بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). وأناس أصبح هذا حالهم لا يستعظم عليهم أن يفتحوا في سنين قليلة - الشام والعراق وفارس ومصر والجزيرة والروم والسند وبخارى والمغرب والأندلس وجزر البحر المتوسط، وأن يضعوا الجزية على ملك الصين، والتوفيق حليف رايتهم أينما حلت يفتحون بالعدل قلوب من يغلبونهم على أمرهم عقبى فتحهم بلادهم عنوةً أو صلحًا، يتحامون ما أمكن إهراق الدماء، ويرفقون بالمستضعفين من الأولاد والنساء والرهبان والراهبات، وينشرون كلمة التوحيد بالحكمة والموعظة الحسنة، ويعلمون الأمم المغلوبة لسانهم ومنازعهم، مؤثرين في كل حالة من حالاتهم الآخرة على الدنيا، وكذلك كانوا في أقوالهم وأفعالهم. وعجيب وأيم الحق أن تصدر مثل هذه الفعال من أمة كانت بالأمس ضالة بأخلاقها، ضعيفة بكيانها فاسدة معظم تراكيبها، وعجيب أن يصوغ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في بوتقته أصحابًا كانوا مثال الحق والصدق في العالمين، يخرجهم بحرارة الإيمان ذهبًا إبريزا، ومن قبل كان أكثرهم لا عيار له ولا وزن، وهذه أعظم معجزة بعد قرآنه الذي حمله لأمته، فأشرب نفوسها حب الطاعة ، وما كان أعصاها على كل نظام، ولا غرو والأمر على ما ذُكر أن يغلب الألف منهم الألفين والثلاثة فقيمة الأمم بعددها لا بعددها، ومن هان عليه الموت في سبيل نشر دينه، وتأييد سلطانه، جاء بما يتعذر على غيره أن يقوم بمثله ممن كانت عقيدته إلى ضعف وأمره إلى تقلقل. وكان بعض من آمنوا بالرسول في مبدأ الإسلام في مكة (3) ممن لا عشائر لهم، وليست لهم منعة ولا قوة، تعذبهم قريش في الرمضاء بأنصاف النهار ليرجعوا عن دينهم أو يُحمون الحديد ويضعونهم عليه، وما صباً (4) منهم. أحد، وما زادتهم خشونة قومهم إلا ثباتًا، وكانوا يسمون المستضعفين، وهم راضون بما ينالهم، وسواء عندهم احلولى عيشهم أو املولح، إذا كان في ذلك نصرة الدين، فالإسلام هو الذي جعل في العرب خاصية في أخلاقها ساقتها إلى العمل الصالح، فوحد بين مقاصدها ووجهها إلى هدف واحد، ومن حرص على الموت وهبت له الحياة، والقرآن استهواهم بأسلوبه الجذاب، وخلب ألبابهم بفصاحته وبلاغته، فاسترقهم فآمنوا إلا أيام معدودات حتى هذبت مدرسة محمد بن عبد الله من وأنشأت منهم رجالًا أصبحوا في عقلهم وعدلهم موضع الاستغراب، على توالي القرون والأحقاب ، وليس في وسع مؤمن أو جاحد ينظر في تاريخ العرب النظر المجرد عن الهوى، إلا وتأخذه الدهشة من صنيعهم وحسن بلائهم في عهدهم الجديد. مثال من سرعة تبدل الأخلاق بالدين أكثرت الخنساء الشاعرة في الجاهلية من رثاء صخر أخيها لأبيها وشقيقها معاوية، وكان صخر أحبهما إليها، وكان حليما جوادًا(5) محبوبا في العشيرة، فلما جاء الإسلام وأسلمت شهدت وقعة القادسية مع أربعة بنين لها فخطبتهم مبينة لهم ما أعد الله من الثواب في حرب ،الكافرين، وأن الدار الباقية خير من الدار الفانية، فخرجوا قابلين لنصحها واستشهدوا كلهم، فلما بلغها الخبر قالت: الحمد لله شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته، ولم تجزع على أفلاذ كبدها جزعها من قبل على أخيها لأبيها أيام الجاهلية.
.................................................
1- نهج البلاغة، جمع الشريف الرضي.
2- جهم ككرم جهامة وجهومة، وجهمه كمنعه وسمعه استقبله وجه باسر كريه كتجهمه.
3- طبقات ابن سعد.
4- صبأ يصبأ ويصبوء: خرج من دين إلى دين آخر، كما تصبأ النجوم أي تخرج من مطالعها، وكانت العرب تسمي النبي الصابئ؛ لأنه خرج من دين قريش إلى الإسلام ويسمون من يدخل في دين الإسلام مصبوا.
5- أسد الغابة لابن الأثير.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|