شرح (وَتَجَرّأتُ بِجَهْلي وَسَكَنْتُ إلىٰ قَديمِ ذِكْرِكَ لي وَمَنِّكَ عَلَيَّ). |
1059
08:15 صباحاً
التاريخ: 2023-07-28
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-06
472
التاريخ: 2023-05-17
907
التاريخ: 17-10-2016
1507
التاريخ: 2024-05-01
663
|
(وَتَجَرّأتُ بِجَهْلي):
التجرّي: من الجرأة، وهي عبارة عن سرعة الوقوع في الأمر من غير تدبّر ورويّة. والباء للسببية، أي تجرأت وأسرعت إلىٰ مشتهيات نفسي، بسبب جهلي وعدم عرفاني بعواقبها ...
بيان الجهل البسيط والمركّب:
ثمّ إن الجهل بسيط ومركّب:
الأوّل: عبارة عن عدم العلم.
والثاني: عبارة عن عدم العلم بعدم العلم.
علىٰ قياس علمي البسيط والتركيبي يقال: فلان جاهل بالجهل البسيط، أي لا يعلم شيئاً، وبالجهل التركيبي، أي لا يعلم أنّه لا يعلم.
ثم إنّ الجهل بقسميه كان من الخبائث المعنوية، بل اُمُّ الخبائث وأصلها، وإن شئت أن تعرف العقل والجهل وجنودهما فعليك بالنظر في كتاب اُصول الكافي (1).
وقد عدّه علماء علم تهذيب الأخلاق من النجاسات العشرة التي ثمانية منها هي:
التهوّر والجبن، اللذان هما طرفا الشجاعة من الإفراط والتفريط.
والشره والخمود اللذان هما طرفا العفّة من إفراطها وتفريطها.
والتقتير والتبذير اللذان هما طرفا السخاوة إفراطها وتفريطها.
والجربزة والبلاهة اللتان هما طرفا الحكمة إفراطها وتفريطها.
وتلك الأربعة ـ أعني الشجاعة والسخاوة والحكمة والعفّة ـ أركان العدالة التي هي الصراط المستقيم، الذي هو أحدُّ من السيف وأدقُّ من الشعر. والجميع مأمور بالتجاوز عنه.
(وَسَكَنْتُ إلىٰ قَديمِ ذِكْرِكَ لي وَمَنِّكَ عَلَيَّ):
المنّ: العطاء.
أراد السائل: أنّني وقفت علىٰ قديم ذكرك الذي ذكرتك به في سالف الزمان، يعني أوائل عمري وعنفوان شبابي، الذي هو زمان الغرور والغفلة في الأغلب. ووقفت علىٰ العطية التي أعطيتني بها في الأزمنة السابقة.
أراد بها: التوفيق لتحصيل معارفه تعالى، وما اجتهدت حقّ الاجتهاد في معرفة صفاتك وأفعالك وحقيقة أوامرك ونواهيك، وما ساعدني التوفيق إلىٰ الوصول إلىٰ ذروة شهود جمالك وجلالك، والوفود علىٰ فناء جنابك، والقعود في عتبة بابك.
ومقصوده: أنّه ما حصل لي الترقّي إلىٰ المقامات التي يبلغها أهل الحقيقة بعد البرهان، بموهبة التخلّق والعيان والفناء، الذي هو قرّة عين أهل السلوك والعرفان، بحول الله الملك المنّان.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (مَن تساوى يوماه فهو مغبون) (2).
وفي رواية: (مَن اعتدل يوماه فهو مغبون) (3).
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وآله: (سيروا فقد سبق المفرّدون) (4).
والمقصود: الحثّ والإغراء علىٰ الفوريّة، كما قال الله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} و{وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ}؛ فإنّ الأنفاس بيد قدرة الله تعالى، فلعلّ الإنسان قبض في الآن وحرم من أداء التكليف، ففاتته الغبطة العظمىٰ، وغبن الغبن الأفحش...
والمراد باليوم في الحديث يحتمل أن يكون الآن، كما قلنا، ولعله هو الأنسب.
ويحتمل أن يكون اليوم المعروف الذي هو عبارة عن قطع الشمس بحركة الأطلس نصف الدورة.
والمراد بالآن هو الآن العُرفي، لا الآن الحقيقي؛ لأنّه لا تحقّق له، فإنَّ الزمان، عابره وغابره متّصل واحد لا مفصّل فيه.
وبالجملة، يقول السائل: أيّام عمري وأوقات شبابي معتدلة متساوية، فقد مضت جميعها بالتعطيل والغفلات، وسكنت إلىٰ قديم ذكري وحمدي القولي لله واهب العطيات والمثالات، ولم أتخط إلىٰ التخلق والتحقّق الذي هو غابة القربات ونهاية الكمالات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) «الكافي» ج 1، ص 10 ـ 29.
(2) «معاني الأخبار» ص 342، ح 3؛ «وسائل الشيعة» ج 16، ص 94، أبواب جهاد النفس، ب 95، ح 5.
(3) «الفقيه» ج 4، ص 273؛ «الأمالي» للطوسي، ص 435، ح 4.
(4) «سنن الترمذي» ج 5، ص 577.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|