أصبح الحق في التصويت وبالتساوي مع الحق في الترشيح وتولي الوظائف العامة ، يندرج ضمن الحقوق السياسية التي أضحت تحتل أهمية كبيرة على نطاق المجتمع الدولي، فلم يعد حق التصويت يدخل في الاختصاص الداخلي للدول فحسب بل إن المجتمع الدولي متمثلا بمنظماته العالمية و الإقليمية أصبح ضمانة تحمي حق التصويت عند محاولات الحكومات النيل منه أو حرمان فئة معينة (1) ويقصد بالمنظمات الدولية الهيئات العالمية التي تشترك فيها العديد من الدول للنهوض بشأن من الشؤون المشتركة بينهما (2).

لا تعد الرقابة الدولية حكرا على جهة معينة، إذ تمارس من قبل جهات عديدة ومن تلك الجهات منظمة الأمم المتحدة ذات النشاط العالمي التي تمكنت من وضعت أساسيات الرقابة الدولية، ومع مرور الوقت أعطيت لمنظمات إقليمية صلاحية مراقبة الانتخابات والتساؤل الذي يثار في هذا المقام هل تم بالفعل رقابة تصويت ناخبي الخارج من قبل المنظمات الدولية كما في الداخل ؟ هذا ما سنوضحه فيما يلي: من خلال بيان أهم المنظمات الدولية التي تتولى مهمة الرقابة على الانتخابات بناء على دعوة توجه إليها من حكومات الدول أو يتم الإعلان عن رغبتها في استقبال البعثات الدولية قبل تحديد موعد الانتخابات بوقت كافي من أجل فسح المجال لإجراء انتخابات ديمقراطية حقه (3) ومنها:

أولاً : رقابة منظمة الأمم المتحدة على تصويت ناخبي الخارج

تضطلع الأمم المتحدة بدور رئيس في توفير المساعدة الانتخابية من خلال مراقبة الانتخابات والاستفتاءات في أنحاء مختلفة من العالم إذ أكملت ما كانت تقوم به عصبة الأمم من مراقبة الانتخابات ومساعدة الدول المستقلة (4) ورقابة الأمم المتحدة تكون بناء على تقديم طلب رسمي تتقدم حكومة الدولة وبناء على ذلك الطلب يتم إرسال البعثات لتقييم العملية الانتخابية، التي تقوم بجمع المعلومات حول عملية التصويت بشكل منظم القائم على أساس الملاحظة للمنهجيات القائمة وتحليل البيانات، ومن ثم يتم إصدار تقرير بناء على التشاور الأحزاب السياسية مع والمنظمات القائمة على مراقبة العملية الانتخابية والتقرير الذي يصدر يعد أساس مشاركة منظمة الأمم المتحدة (5) وقد عملت الأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1948 على تقديم المساعدة الانتخابية من أجل دعم الديمقراطية في الدول الخارجة من أتون النزاعات، أسهمت في العديد من العمليات من أجل حفظ السلام في العديد من الدول ومنها العراق . ومما لا شك فيه أن مراقبة عملية التصويت من قبل منظمة مثل الأمم المتحدة يعد دليلا واضحا على نزاهة العملية وسلامة نتائجها كونها تهدف إلى ضمان العملية الانتخابية من خلال الحفاظ على مبادئ عملية التصويت (6).

وتؤدي منظمة الأمم المتحدة دورا مهما في مجال الرقابة والإشراف على العمليات الانتخابية من خلال برامجها المتعددة، التي أدت إلى تنامي دورها و دخولها في مجالات لم تكن مطروقة من قبل المنظمة إلى إن وصلت إلى حد الدخول في مجال الانتخابات الالكترونية ، نتيجة لثقة المجتمع الدولي بها وقدرتها على التعامل مع الأمور المختلفة والقدرة على الحد من أمكانية التلاعب والتزوير (7).

وتقوم عن طريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وإدارة الأمم المتحدة لخدمات دعم التنمية والتنظيم الإداري ومركز حقوق الإنسان بتقديم الدعم الفني و أبداء المساعدة عن طريق تقديم المساعدة وتشارك المعرفة ، ويقوم برنامج الأمم المتحدة يتعين خبراء فنين متخصصين بتنظيم عمليات تسجيل الناخبين واستخدام الأجهزة الإلكترونية لتدوين لبيانات واستخدام آليات فرز الأصوات وحل المنازعات وغيرها من الأمور (8).

ولقد قامت الأمم المتحدة بإرسال العديد من الفرق المراقبة الانتخابات في العديد من دول العالم ومنها الدور المهم الذي قامت به في الانتخابات العراق (2005) عن طريق بعثة الأمم المتحدة يونامي لتقديم المساعدة الانتخابية الذي أبدى المساعدة الفنية و الاستراتيجية للمؤسسات العراقية التي تشكلت من عدد من الدول من أجل تقديم المساعدة للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتقييم عملية التصويت وقد قدم الفريق عدد من التقارير منها التقرير الذي صدر في عمان 1132005 الذي حمل عنوان تقييم انتخابات الجمعية الوطنية الذي تم التأكيد فيه على دور المفوضية في قيادة انتخابات مستوفية للضوابط المطلوبة فيما يخصص التخطيط والاستعداد للانتخابات تناولت فيه عددا من المحاور من ضمنها تصويت ناخبي الخارج (9)أما في فرنسا فلم نجد في ثنايا قانون الانتخابات ما ينص على هذا النوع من الرقابة

ثانياً : رقابة المنظمات الإقليمية على تصويت ناخبي الخارج

إلى جانب الدور الذي تؤديه منظمة الأمم المتحدة في مراقبة الانتخابات نجد هنالك منظمات إقليمية يتم الاستعانة بها من أجل ممارسة الرقابة الدولية الإقليمية على تصويت ناخبي الخارج ، ما يميز رقابة هذه المنظمات عدم اقتصار دورها على الدول أنما تمتد لرقابة انتخابات دول خارج نطاق المنظمة (10) ولقد أكد ميثاق الأمم المتحدة على هذا النوع من الرقابة من أجل حفظ السلم والأمن الدوليين على ان يكون نشاط هذه المنظمات متلائما مبادئ الميثاق(11). وبهذا مع فإن المنظمات الإقليمية ليست حديثة النشأة أنما تعود إلى تسعينيات القرن الماضي. والاستعانة ضرورة تقتضيها الطبيعة الرقابية من أجل تحقيق انتخابات حرة نزيهة تحت أشراف مختصين في الشأن الرقابي (12) ومن المنظمات الإقليمية المهتمة بالشأن الانتخابي عن طريق التعاون مع المنظمات الدولية الاتحاد الأوربي الذي ادى دورا فعالا في مراقبة عملية التصويت ليس على نطاق القارة الأوربية فقط أنما تعداه إلى معظم دول العالم من أجل تقديم المساعدة الانتخابية للشعوب في اختيار أنظمة الحكم الخاصة بهم (13).

أشترك الاتحاد الأوربي في العديد من البعثات الدولية من أجل مراقبة الانتخابات وتعد البعثات التي يرسلها الاتحاد أهم تطبيقات الرقابة الإقليمية على عمليات التصويت ومنها البعثات التي أرسلها الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات مجلس النواب العراقي لعام 2010 التي بين فيها استعداد الأجهزة العراقية لإجراء الانتخابات ، وكذلك البعثة التي أرسلها لمراقبة الانتخابات اللبنانية 2022 إذ نشر ستة عشر مراقبا دوليا لمراقبة تصويت الناخبين اللبنانيين في الخارج في ثلاثة عشر بلدا على أن يتم فرز صناديق الاقتراع وعد الأصوات بحضور فرق المراقبة إذ تراقب انتخابات ناخبي الخارج من الساعة السابعة صباحاً حتى العاشرة مساءً بالتوقيت المحلي وتقوم بمراقبة سير العملية الانتخابية من مركز العمليات في وزارة الخارجية والمغتربين وإرسال البعثة تم بناء على دعوة من قبل وزير الداخلية والبلديات اللبنانية ) (14) أما في مصر فقد عدل الاتحاد الأوربي عن مراقبة انتخابات 2014 بسبب عدم الحصول على التراخيص الرسمية السلطات المصرية (15) وإلى جانب الاتحاد الأوربي توجد العديد من المنظمات الإقليمية التي تقوم برقابة تصويت ناخبي الخارج بناء على دعوة توجه إليها من قبل الدول المعنية ومنها منظمة الأمن والتعاون في أوربا ومنظمة الدول الأمريكية والاتحاد الأفريقي.

____________

1- هاشم حسين علي صالح الجبوري ، الضمانات الدستورية لنزاهة الانتخابات النيابية ، ( دراسة مقارنة) ، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 2013، ص 213

2- هاشم حسين علي صالح الجبوري ، المصدر السابق، ص 229.

3- ينظر المادة (12) من إعلان مبادئ المراقبة الدولية الصادر في الولايات المتحدة 2005.

4-  م. د تقي فضيل، م. د سامر محي عبد الحمزه ، التنظيم الدولي للرقابة على الانتخابات الوطنية دراسة مقارنة مجلة واسط للعلوم الإنسانية، العدد 21، ص 7.

5- حسن محمد راضي المزراكي، مصدر سابق، ص 168.

6- د. وسام نعمت إبراهيم، دور الأمم المتحدة في مراقبة الانتخابات ، بحث مقدم للمؤتمر العلمي الثاني للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ، أربيل، 2012، ص 8

7- د. وسام نعمت إبراهيم، مصدر سابق، ص 16

8-  دعم العملية الانتخابية في العراق مقال موجود على الموقع الالكتروني : /https://www.undp.org/ar/iraq تاريخ الزيارة 202218125.

9- د. جنان صادق عبد الرزاق ، أ.م.د سميرة حسن عطية ، الانتخابات الوطنية ودور الرقابة الدولية عليها بحث منشور في مجلة العلوم القانونية والسياسية مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية المؤتمر العلمي الدولي الثالث 2017  ، ص 121.

10- سامي محي عبد الحمزة الرقابة الدولية على الانتخابات الوطنية (دراسة مقارنة)، أطروحة دكتوراه، كلية القانون ، جامعة بابل 2014، ص 190

11- ينظر المادة (52) من ميثاق الأمم المتحدة.

12- دليل الاتحاد الأوربي لمراقبة الانتخابات ( الإصدار الثالث  )، ترجمة ماري لويز الرامي، مكتب مطبوعات الاتحاد الأوربي ، 2016، ص 10

13-  أصانف عبد الإله شكري، الرقابة الدولية على الانتخابات مصداقيتها و تداعياتها ، مجلة الدراسات القانونية والسياسية ، المركز الجامعي بلحاج بو شعيب العدد 02، 2015، ص 210

14-  مقال الاتحاد الأوربي ينشر 16 فريقاً لمراقبة انتخابات بالخارج على الموقع الإلكتروني ، https://www.aq تاريخ الزيارة 202218126.

15- الاتحاد الأوربي يتراجع عن مراقبة الانتخابات الرئاسية في مصر ، مقال منشور على الموقع الإلكتروني https://www.bbc.com تاريخ الزيارة 202219127.