عصر الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام )
المؤلف:
المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
المصدر:
أعلام الهداية
الجزء والصفحة:
ج 13، ص105-106
2023-05-09
1833
لقد أمضى الإمام الحسن العسكري الجزء الأكبر من عمره الشريف في العاصمة العباسية - سامراء - وواكب جميع الظروف والملابسات والمواقف التي واجهت أباه الإمام عليا الهادي ( عليه السّلام ) ، ثم تسلّم مركز الإمامة وقيادة الأمة الاسلامية سنة ( 254 ه ) بعد وفاة أبيه ( عليه السّلام ) وعمره الشريف آنذاك ( 22 ) عاما .
وكانت مواقفه امتدادا لمواقف أبيه ( عليه السّلام ) بوصفه المرجع الفكري والروحي لأصحابه وقواعده وراعيا لمصالحهم العقائدية والاجتماعية بالإضافة إلى تخطيطه وتمهيده لغيبة ولده الإمام المهدي المنتظر ( عليه السّلام )[1].
وبالرغم من الضعف الذي كان قد أحاط بالدولة العباسية في عصر الإمام ( عليه السّلام ) لكن السلطة القائمة كانت تضاعف اجراءاتها التعسفيّة في مواجهة الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) والجماعة الصالحة المنقادة لتعاليمه وارشاداته ( عليه السّلام ) . فلم تضعف في مراقبته ولم تترك الشدة في التعامل معه بسجنه أو محاولة تسفيره إلى الكوفة خشية منه ومن حركته الفاعلة في الأمة وتأثيره الكبير فيها .
ثم إن المواجهة من الإمام كقيادة للحركة الرسالية لم تكن خاصة بالخلفاء العباسيين الذين عاصرهم الإمام ( عليه السّلام ) إذ كان هناك أيضا خطر النواصب وهم الذين نصبوا العداء لأهل البيت النبوي ( عليهم السّلام ) ووقفوا ضد اطروحتهم الفكرية والسياسية المتميزة التي كانت تتناقض مع أطروحة الحكم القائم والطبقة المستأثرة بالحكم والمنحرفة عن الإسلام النبوي .[2]
والنواصب - الأمويون منهم أو العباسيون - كانوا يعلمون جيّدا أن أهل البيت النبوي هم ورثة النبي الحقيقيون ، ولا يمكنهم أن يسيطروا على السلطة إلّا بإبعاد أهل البيت ( عليهم السّلام ) عن مصادر القدرة وذلك بتحديد الأئمة المعصومين وشيعتهم وشلّ حركتهم وعزلهم عن الأمة والتضييق عليهم بمختلف السبل وبما يتاح لهم من وسائل قمعية .
وقد يكون لطبيعة هذه الظروف والملابسات التي عانى منها الإمام العسكري وشيعته الدور الأكبر في ما كان يتّخذه الإمام ( عليه السّلام ) من مواقف سلبية أو إيجابية إزاء الأحداث والظواهر التي منيت بها الأمة الاسلامية والتي ستعرفها فيما بعد .
لقد عاصر الإمام العسكري ( عليه السّلام ) ثلاثة من خلفاء الدولة العباسية ، فقد عاش ( عليه السّلام ) شطرا من خلافة المعتز والذي هلك على أيدي الأتراك ، ليخلفه المهتدي العباسي الذي حاول أن يتخذ من سيرة عمر بن عبد العزيز الأموي مثلا يحتذي به إغراء للعامّة ولينقل أنظارهم المتوجهة صوب الإمام العسكري ( عليه السّلام ) لزهده وتقواه وورعه ، وما كان يعيشه من همومهم وآلامهم التي كانوا يعانونها من السلطة وتجاوزاتها في الميادين المختلفة .
ولم يفلح المهتدي بهذا السلوك لازدياد الاضطراب في دائرة البلاط العباسي نفسه مما أثار الأتراك عليه فقتلوه عام ( 256 ه ) ، وقد اعتلى العرش العباسي من بعده المعتمد الذي استمر في الحكم حتى عام ( 270 ه )[3].
[1] الأئمة الاثنا عشر : 235 ، دار الأضواء ، 1404 ه .
[2] الأئمة الاثنا عشر : 235 .
[3] الفخري في الآداب السلطانية ، ابن طباطبا : 221 .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة