أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-6-2022
1555
التاريخ: 2024-05-05
749
التاريخ: 24-5-2022
1949
التاريخ: 3-5-2021
4425
|
يبحث علم السياسة الجنائية في الأفعال المجرمة، والأفعال التي جرمها المشرع وأصبحت مباحة بعد فترة زمنية لأنها لم تعد تضر بمصلحة المجتمع، وتهدف السياسة الجنائية (سياسة التجريم وسياسة العقاب) في تشريعات الضرائب الى حماية حقوق الخزينة العامة لذا سنتكلم بإيجاز عن تعريف السياسة وأهدافها وأهم الاتجاهات الحديثة في السياسة الجنائية الضريبية.
أولاً: تعريف السياسة الجنائية الضريبية الحديثة
لا يمكن وضع مفهوم جامع للسياسة الجنائية الضريبية لأنها تشمل مسائل متغيرة ومتجددة تواكب التطورات التي تطرأ على المجتمع، وأن هذه السياسة تنقسم الى نطاقين الأول هي سياسة التجريم الضريبي تعني تجريم الأفعال الايجابية التي تقع خلافاً لأوامر المشرّع والسلبية التي تقع أمتناع عن أوامره، أما النطاق الآخر يشمل سياسة العقاب الضريبي والتي تعنى بالعقوبات الضريبية التي يفرضها المشرع الضريبي على المكلفين المخالفين لأحكام تشريعات الضرائب النافذة ، (1) وكلاهما جزء من السياسة الجنائية.
وعندما نرجع الى أصل تعريف السياسة الجنائية نجد أن البعض عرفها على أنها مجموعة من الوسائل التي يمكن أتخاذها في وقت معين في بلد ما من أجل مكافحة الأجرام فيه، (2) ويتضح إن التعريف أعلاه اعتبر كل وسيلة تتخذها الدولة لمكافحة الجرائم هي سياسة جنائية تتبعها هذه الدولة.
وتعرف السياسة الجنائية أيضاً بأنها مجموعة من الاجراءات التي يقوم بها النظام القانوني في المجتمع لمكافحة ظاهرة الجريمة ومعاقبة المجرم بهدف المحافظة على الكيان الاجتماعي، (3) وأن هذا التعريف بين أن الغاية من سياسة التجريم وسياسة العقاب تكمن في مكافحة السلوك الاجرامي والظاهرة الاجرامية، لذا فأن السياسة الجنائية تقوم على شقين وهي سياسة التجريم وسياسة العقاب وأن سياسة المشرع الضريبي بالتجريم والعقاب هي ما تسمى بالسياسة الجنائية الضريبية.
ومن جانبنا تعرف السياسة الجنائية الضريبية أنها مجموعة(( من الإجراءات والأنظمة الوقائية التي يضعها المشرع لتجريم الأفعال المخالفة للتشريع الضريبي التي يقوم بها المكلف ووضع الجزاء الضريبي المناسب لها من أجل حماية المصالح المالية والاقتصادية والاجتماعية للدولة)).
ثانياً: أهداف السياسة الجنائية الضريبية
تختلف أهداف السياسة الجنائية الضريبية الحديثة تبعاً للنظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي السائد في المجتمع، وإنَّ المصالح الضريبية المالية للدولة هي جديرة بالحماية الجنائية فقيام المكلف الضريبي بتسديد ما بذمته من ضرائب وفي المواعيد المقررة قانوناً ذلك يساعد الدولة بأداء وظيفتها من خلال الانفاق العام على مرافق الدولة ومؤسساتها، أما في حالة تهرب المكلف من دفع الضريبة سيؤثر سلباً على وظائف الدولة وبذلك فيصبح فرض العقوبات الضريبية لازماً على مخالفة بعض الالتزامات الضريبية لضمان حصول الدولة على الايرادات اللازمة للخزينة العامة للقيام بوظائفها بانتظام ودوام سير المرافق العامة وتقديم الخدمات للمواطنين (4) لذا فإن هدف سياسة التجريم في مجال تشريعات الضرائب هو حماية المصلحة العامة، لأن الجريمة الضريبية تمثل اعتداء على حق الخزينة العامة في الحصول على الموارد التي يتم اقتطاعها من المكلفين بأداء الضريبة قانوناً (5).
وإن العقوبة مكملة لسياسة التجريم ولا يمكن تصور تجريم دون جزاء له، وأن الجزاء في أطار تشريعات الضرائب لا يختلف عنه في قانون العقوبات فالعقوبة جزاء يحمل معنى الإيلام المقصود للمكلف المخالف، وأن سياسة العقاب الضريبي تهدف الى تحقيق أهداف اجتماعية كالعدالة الضريبية وأهداف نفعية وهي تعويض الخزينة العامة عن الخسائر التي تلحق بها عند التهرب من دفع الضريبة، لذا فإنَّ القانون الضريبي يتمتع بذاتية خاصة تجعل من العقوبات الضريبية وسيلة للحصول على الضرائب ورفد الخزينة العامة بالإيرادات الضريبية (6).
ثالثاً: الاتجاهات الحديثة في السياسة الجنائية الضريبية
تفرض التشريعات الضريبية التزامات على عاتق المكلف ومنها دفع الضريبة في المواعيد المحددة قانوناً وتقديم الاقرار الضريبي وغيرها من الأفعال الواجب على المكلف القيام بها ........، وإنَّ عدم التزام المكلف بنصوص القانون الضريبي يُعرضه لعقوبة ضريبية سواء مالية أم غير مالية، وأن غاية السياسة الجنائية الحديثة هو تحقيق الوظيفة النفعية للعقوبة والتي تتمثل بمدى تأثير هذه العقوبة على الجاني من خلال أعادة تأهيله ليكون عضواً فعالاً في المجتمع. ولأن الجريمة الضريبية تؤدي الى ضرر مالي واختلال في المصالح الاقتصادية للدولة لذا لابد من مجابهة هذه الجريمة بعقوبة خاصة ومميزة نابعة من ذاتية المصالح المعتبرة التي تحقق الأهداف المالية والاقتصادية للتشريعات الضريبية، (7) لذا فإن العقوبة المالية المتمثلة بالغرامة هي الوحيدة التي تحقق الأهداف المالية والاقتصادية للدولة وذلك بتعويضها عن مبالغ مالية تفوق الخسارة التي لحقت بها نتيجة تهرب المكلف من دفع الضريبة.
ونجد أن أغلب التشريعات الضريبية الحديثة بدأت تتجه نحو العقوبات المالية وتقليل العقوبات السالبة للحرية وحصرها في نطاق محدود أو الغاءها بصورة كلية نظراً لعدم قدرتها على تحقيق أهداف العقوبة أذ أن هدف الضريبة الأساس هو توريد الخزينة العامة للدولة.
ولأن غاية المكلف من ارتكابه الجريمة الضريبية هو التخلص من دفع الضريبة كلها أو جزء منها لذا فأن الجزاء المالي هو الأنسب بالنسبة لهذه الجرائم التي يكون الدافع لارتكابها الجشع والحصول على الربح غير المشروع من قبل الجاني (8).
وكان أتجاه المشرع العراقي بتشريع قانون العفو الضريبي رقم (9) لسنة 2019 كأداة من أدوات السياسة الجنائية الحديثة لمكافحة الجرائم الضريبية، واستيفاء مبلغ الضريبة العالق بذمة المكلفين بدلاً من تنفيذ العقوبة على المكلف خاصة السالبة للحرية منها (الحبس) وما يترتب على الأخيرة من حرمان المكلف المخالف من مورده المالي بفقدان عمله بسبب حبسه في احدى المؤسسات الاصلاحية وبالتالي أيقاف نشاطه وانتاجه في المجتمع مما ينعكس سلباً على الخزينة العامة للدولة، ولكن أخفق المشرّع العراقي عندما شمل الغرامة كعقوبة ضريبية في العفو الضريبي لأن ذلك أهدار لحق الدولة في التعويض جراء الضرر الذي لحق بخزانتها أذ أن الدولة بمثابة المجنى عليه في الجريمة الضريبية أذا أصابها أي ضرر أصبح لها الحق في الحصول على التعويض.
ونرى أن المشرع العراقي عند صدور قانون رقم (9) لسنة 2019 ما هو ألا تعاقب لسياسته الجنائية المتبعة سابقاً منذ تشريع قانون ضريبة الدخل النافذ أذ تبنى ضمنياً العفو الضريبي في نصوصه عندما أعفى المكلف من عقوبة الغرامة في المادة (45) (9) منه ، ومراعاة لظروف المكلف وبشروط معينة كعذر معفي من العقاب لغايات ،نفعية، أذ يقدر المشرع أن عدم العقاب أجدى من اقتضاء العقاب في حالات معينة مراعاة للمنفعة الأهم اجتماعياً، (10) وحدد المشرّع هذه الحالات بالغياب عن البلد والمرض وترك عبارة ( وأي سبب قهري آخر ( لإعطاء صلاحية للسلطة المالية لتقدير حالة كل مكلف وظرفه، وكذلك صدر العفو الضريبي بقرار من مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (5) لسنة 1999 السابق ذكره، أذ أعفى المكلف من العقوبة الضريبية في قانون ضريبة الدخل بشروط معينة وبمدة زمنية حددها المشرع في نص القرار، بالإضافة الى قرار مجلس الوزراء رقم (94) لسنة 2017 فكان عفو ضريبي صريح محدد بمدة زمنية وبشروط معينة، لذا فإن السياسة الجنائية الضريبية المتبعة في العراق سياسة اتجهت للترغيب بدلاً من الترهيب وتصحيح تعامل المكلف مع السلطة المالية وبدء صفحة جديدة في العلاقة بينهما.
والى ذات الاتجاه أتجه المشرع المصري أذ أن قانون ضريبة الدخل المصري النافذ رقم 91 لسنة 2005 أصلح للمكلف من القانون الملغى، أذ أن القانون النافذ غير الوصف القانوني لجريمة التهرب الضريبي وجعلها في مصاف الجنح وقرر لها عقوبة الحبس أو الغرامة أو أحدى هاتين العقوبتين (11) حسب تقدير القاضي بينما القانون الملغى أعتبر هذه الجريمة من الجنايات وعقوبتها السجن، (12) لذا فأن المشرّع المصري تبنى في الغالب الجزاءات المالية التي تنصب على الذمة المالية للمكلف المخالف. وترى الباحثة إنَّ من الضروري مراعاة التناسب بين فعل المكلف والجريمة المقررة له، أذ أن بعض الجزاءات سواء المالية وغير المالية بسيطة لا تتناسب مع خطورة فعل المكلف وآثاره السلبية على المجتمع بصورة عامة لذا ينبغي أن يكون للتناسب دور فعال في اختيار العقوبة المناسبة للفعل غير المشروع الذي يحقق جريمة ضريبية لكي تتحقق العدالة وأغراض العقوبة المتمثلة بالردع العام لعموم المكلفين والردع الخاص وبالتالي حماية مصلحة الخزينة العامة والحفاظ على ايراداتها الضريبية وبذات الوقت الحفاظ على حقوق المكلفين وحرياتهم الأساسية.
________________________
1-موج علي عبد النبي، فاعلية النظام الضريبي في ضوء السياسة الجنائية (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير، جامعة تكريت / كلية القانون، 2020، ص23.
2- أحمد فتحي سرور ، أصول السياسة الجنائية، دار النهضة العربية، 1973، القاهرة، ص 13.
3- د. محمود محمود ،مصطفی شرح قانون العقوبات القسم العام، ط 2 ، الاسكندرية، 1954، ص 4.
4- أحمد السيد أحمد السيد الجوانب الموضوعية والاجرائية للجرائم الضريبية، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 2013، ص 145وص 146.
5- موج علي عبد النبي، مصدر سابق، ص 34.
6- د. قبس حسن عواد البدراني، المالية العامة والتشريع المالي دار أبن الأثير للطباعة والنشر، الموصل، 2010، ص 145 و ص 146.
7- شاكر جميل ،ساجت، فاعلية العقوبات الكمركية في التشريع العراقي، أطروحة دكتوراه مقدمة الى كلية الحقوق / جامعة النهرين 2021 ، ص 124.
8- د. محمود راضي عامر، السياسة الجنائية في مجال التهرب الضريبي أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة الاسكندرية، 2012، ص 143.
9- نصت المادة (45) من قانون ضريبة الدخل العراقي رقم 113 لسنة 1982 المعدل على (وللوزير او من يخوله ان يعفي المكلف عن المبلغ الاضافي كله او قسم منه اذا اقتنع بان المكلف تأخر عن الدفع لغيابه عن العراق او لمرض اقعده عن العمل أو لسبب قهري اخر ، كما ان للوزير رد المبلغ الاضافي اذا كان مدفوعا في حالة توافر احد الاسباب المذكورة).
10- نور عدنان داخل تفريد العقوبات الضريبية في العراق (دراسة مقارنة أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة النهرين،2020، ص 76.
11- نصت المادة (133) من قانون ضريبة الدخل المصري رقم (91) لسنة 2005 النافذ (يعاقب كل ممول تهرب من أداء الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة تعادل مثل الضريبة التي لم يتم أداؤها بموجب هذا القانون أو بإحدى هاتين العقوبتين)
12- نصت المادة (178) من قانون ضريبة الدخل المصري الملغى رقم 157 لسنة 1981 على أن :(يعاقب بالسجن كل تخلف عن تقديم أخطار مزاولة النشاط طبقاً للمادة (133) من هذا القانون وكذلك كل من تهرب من أداء أحدى الضرائب المنصوص عليها في هذا القانون باستعمال أحدى الطرق الاحتيالية الآتية.....).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|