أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
4224
التاريخ: 17-5-2017
5835
التاريخ: 9-5-2017
9169
التاريخ: 1-2-2016
2160
|
يثور التساؤل حول ما إذا كانت السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية تؤدي إلى تحقيق الردع العام كغرض من أغراض العقوبة أم لا؟ وللإجابة على هذا التساؤل لابد من تحديد المقصود بالردع العام، ثم نعرج بعد ذلك إلى بيان أثر السرعة في تحقيق هذا الهدف وهو ما سنتناوله في هذا الموضوع.
لقد قدم فقهاء وشراح القانون الوضعي تعريفات متعددة للردع العام، إلا أنها جميعاً اتفقت على معنى واحد متقارب، فقد عرف البعض الردع العام بالقول: إنه إنذار الناس كافة عن طريق التهديد بسوء عاقبة الإجرام كي ينفرهم بذلك منه .(1) أو هو منع الآخرين من الاقتداء بالمجرم عن طريق إيقاع العقوبة، أي منع سريان عدوى الإجرام إلى غير المجرم (2) إذ تقوم فكرة الردع العام على مواجهة الدوافع الإجرامية بأخرى مضادة لها كي تتوازن معها أو ترجح عليها فلا تولد الجريمة (3).
والتي إن تركت من دون عامل مضاد لها قد تتحول من إجرام كامن إلى إجرام فعلي (4). ولا شك أن العامل المضاد للإجرام الكامن يتمثل في العقوبة التي نص عليها المشرع ونطق بها القاضي ونفذتها الجهات القائمة على التنفيذ، والعقوبة تحدث تأثيرات خاصة بكل إنسان تنفره من الجريمة تدعوه إلى سلوك يتفق مع القانون (5) فوظيفة العقوبة هنا تهديدية موضوعها نفسية أفراد المجتمع وبصفة خاصة أولئك الذين تتوافر لديهم دوافع إجرامية (6).
فضلاً عن ذلك فان للردع العام صلة وثيقة بمبدأ الشرعية، وقد عبر عن ذلك الأستاذ (GLevasseur) بالقول: ((عندما تصنف السلطات العامة نصوص التجريم لطائفة من العقوبات التي تمنحها صفة جنائية، يجب أن تكون متوقعة لكل الخروقات المعتبرة بطريقة يمكن إن يكون بها التهديد بالعقوبة المستحقة ،فعالاً، كما أن تسجيل عقوبة جنائية في نص من النصوص يعتبر سلاحاً للردع الذي تمتلكه السلطات العامة من أجل منع خرق التعليمات المثبتة))
كما ان نجاح سلطة الردع لا يكمن فقط في التكهن التشريعي ذي الصلة بالعقوبة المستحقة بل أيضا من التطبيق الحاصل من قبل السلطة القضائية في النصوص المثبتة لذلك. (7) فالاطلاع على العقوبة سواء في صورتها المجردة (في نصوص (القانون أم في صورتها (العملية) من خلال تطبيقها بواسطة القاضي ثم تنفيذها بواسطة الإدارة العقابية يشكل أهمية واقعية كبيرة. (8) وفي ذات المعنى عبرت محكمة التمييز في العراق عن تحقيق الردع العام في قرار لها بالقول: ((لا يصح تخفيف العقوبة بدرجة تصبح فيها غير رادعة ))(9)
والوسيلة التي يتبعها المشرع للوصول إلى تحقيق الهدف المعني للتشريع الجنائي هو التنبيه والإنذار والتوعد والتهديد والتحذير عن طريق النص التشريعي، مع توقع استجابة الجهود لتحذيراته وتنبيهاته، فالتلويح بالنص الجنائي ضروري لإعلام الناس بما هو مشروع من الأفعال وما هو غير مشروع ومجرم منها، وهو نافع أيضاً لإضافة ما هو جديد إلى محتويات الضمير لدى الأفراد ضمن الروادع الدينية والمحظورات والقيود الاجتماعية على السلوك الفردي في المجتمع بحيث يستهجن الأفراد ارتكاب الفعل المعاقب عليه تلقائياً مع مرور الزمن(10)
وتبدو أهمية وظيفة الردع العام من خلال محاربة الدوافع الإجرامية، ذلك أن هذه الأخيرة تتوافر لدى أغلب الناس، إذ هي بقايا نوازع نفسية تنبع من الطبيعة البدائية للإنسان وكانت للإنسان الأول أهم أسلحته في اختيار طريقه العسير إلى إشباع حاجاته، وكانت هذه الوجهة ذات نفع له، وإن كانت المدنية الحديثة قد جعلت الإنسان الحديث في غير حاجة مشروعة إليها فان ذلك لا ينفي وجودها، إذ ان هذه الدوافع تخلق في المجتمع إجراماً كامناً، من الممكن أن يتحول إلى إجرام فعلي وتكون العقوبة هي الحائل من دون هذا التحول، ولها من هذه الوجهة دور اجتماعي وسياسي.(11) ولهذا فان الردع العام وظيفة أساسية من وظائف العقوبة وضعتها التشريعات كافة في حسبانها، وتناولها من دون إنكار معظم شراح القانون وفلاسفته. (12).
وفي تأييد وظيفة الردع العام كتب الدكتور السعيد مصطفى السعيد قائلاً: ((يجب أن تكون العقوبة رادعة وتكون كذلك إذا ما اتفقت مع معنى الجزاء وكما يفهم في البيئة التي يطبق فيها وهو أمر نسبي، إذ يجب أن لا تكون العقوبات هيئة لا يُؤبَهُ بها و لا مفرطة في القسوة بغير مبرر، كما ينبغي أن يراعى فيها أن لا تكون فاضحة تجرح الشعور العام والآداب العامة وإلا أثارت النفوس و وجهت الشعور العام نحو العطف على المحكوم عليه فتفقد بذلك أثرها الرادع..)) (13).
وقد اختلفت الرؤى في تحديد الأساس الفلسفي لوظيفة الردع العام بين فقهاء القانون الجنائي وهم (بكاريا) و (بنتام) و (فورباخ)، حيث عبر الفقيه الايطالي بكاريا عن هذه الوظيفة في كتابه الشهير (الجرائم والعقوبات) مؤسساً هذه الوظيفة على فكرة المنفعة التي أقامها على أساس فكرة العقد الاجتماعي (14) منادياً بضرورة أن تكون القوانين قاسية لتحقيق هذه الوظيفة بالقول: ((هكذا فلندع القوانين قاسية لا ترحم، ولندع القائمين على تنفيذها بأن يكونوا قساة لا يرحمون))(15) كما عبر عن ذلك بالقول: ((من الخير أن نمنع الجرائم قبل أن تقع من أن نعاقب عليها فهي الغاية المنشودة لأي تشريع))(16).
وأساس هذه فكرة لدى بكاريا يتأصل من خلال قوله : ((لكي تتوصل العقوبة إلى أغراضها فأن الضرر الناجم عن العقوبة، ينبغي أن يتجاوز المنفعة التي يحصل عليها من الجريمة، وفي هذا التجاوز للضرر فان بوسع المرء أن يضمن فعالية العقوبة، وأن يفسد المنفعة التي تحصلت من الجريمة)) (17) وقوله: (( يجب على الأفراد أن يخشوا القوانين ولا يخشوا غيرها فان الخشية التي يستوجبها القانون هي أمر مفيد وصحي)) (18)
فضلاً عن ذلك فان ( يقين (العقوبة من خلال فلسفته تعني بأن قسوة العقوبة لا تكفي وحدها لتحقيق الردع العام ما لم تكن مصحوبة باليقين - أي يقين الجاني من إيقاعها - وفي ذلك يقول: (( أن يقين أية عقوبة وان كانت معتدلة . من ، شأنه أن يترك دوماً انطباعاً أقوى من أي شيء آخر يكون مقترناً برعب أشد، ولكن مرتبط بوجود الأمل في عدم العقاب منه))(19).
لذا فان فلسفة اليقين لديه لا تختلف عمن سبقوه ومنهم (مونتسكيو) الذي أكد على أن العقوبة تقاس بمقدار الخشية من العقاب، وهذه الخشية تقاس بمقدار التأكد من توقيع العقوبة والإحاطة بها سلفاً أكثر . من شدتها. (20) كما يرى مونتسكيو أن السيطرة على الجاني من خلال عقوبة معقولة ولكن محققة أفضل من إرهابه بوسائل تعذيب محتملة يؤمل الإفلات منها، كما إن العقوبات الوحشية تقتل الإحساس في النفس البشرية (21).
وبالرجوع إلى فلسفة بكاريا نجده يربط بين يقين العقوبة ومشروعيتها فيرى أن العقوبة لكي تكون مشروعة يجب أن لا تلحق بالمجرم من الألم إلا بالقدر اللازم لصرفه هو وسائر الناس عن الإجرام، أي أنها تكون بالقدر الذي تتطلبه الضرورة القصوى لتحقيق المصلحة الاجتماعية، لان العبرة في العقاب الرادع ليس بقسوته إنما في اليقين من عدم الإفلات منه، وبذلك فهو لا يجيز الرجوع إلى حق العفو (22).
ثم ظهر بعد بكاريا الفقيه الانكليزي (بنتام) الذي ألف كتاب (مبادئ الأخلاق والتشريع) وقد صاغ فكرة الردع العام على أساس المنفعة، ولكنها مجردة عن فكرة العقد الاجتماعي، وهو ما يسمح بتشديد العقاب واستخدام القسوة في إنزالها، حيث يرى بنتام أن كل ما يدخل في إطار المنفعة مشروع وطبيعي أن حدود تلك المنفعة تسمح بتجاوز حدود العقاب والدخول في إطاره القاسي، وبالتالي النأي بالعقوبة عن الرأفة والرحمة وهذا خير دليل على تحقيق وظيفة الردع العام المرتكزة فقط على المنفعة المجردة ويصور بنتام هذه الفلسفة باعتبارها أساساً للقوانين بالقول: ((أن الخاصية الأولى للإنسان هي الحساسية، فقد خلق الإنسان حساساً يميل إلى اللذة ويهرب من الألم، واللذة والألم غايتان نهائيتان للإنسان ولا يمكن مقاومتهما، ويجب على المشرع أن ينسق بين لذات الأفراد حتى يحقق لهم السعادة الشاملة.... وتحقيقاً لهذه الغاية، عليه أن يجري عملية حساب دقيقة لتلك اللذات، وهذا الحساب الفعلي يجب أن يكون عملياً ما أمكن، والقوانين التي تحقق منفعة الإنسان يجب أن تستند إلى إحاطة وضعية للمقدرة الحسية للأفراد للتوفيق فيما بينها وبالتالي فان القانون ليس وليد العقل إنما هو وليد المنفعة التي يمكن أن تحقق اكبر سعادة ممكنة لأكبر عدد ممكن من الناس في مجتمع معين)) (23).
وتقوم فلسفة الردع العام كذلك على أساس موداه أن كل عقوبة لا يراها الناس بأعينهم هي مجهود ضائع كونه لا يحقق الردع العام، لهذا يجب أن يشعر الناس بهول العقوبة وجسامتها، وبالتالي سيلتزمون بالقواعد والأعراف السائدة التي لا ترتقي إلى مرتبة القانون والسبب في ذلك هو الرهبة التي تتملكهم من جراء العذاب الناجم عن العقوبة (24).
ولعل بنتام يركز على سياسة واضحة لوظيفة الردع العام القائمة على أساس اعتبار المنفعة هدفا للعقوبة(25) أي أن هدفها يتمثل في منع الناس كافة من الإقدام على ارتكاب الجرائم مستقبلاً، لذا فهو یری أن العقوبة لا تحقق أهدافها إلا إذا كانت قاسية (26) ، فضلاً عن ذلك فان عقوبة السجن هي أكثر العقوبات تحقيقا للمنفعة الاجتماعية، لأن حرمان الجاني من حريته مدة طويلة كفيل بزجره وردعه فلا يعود للإجرام مرة ثانية (27).
وعلى العموم فان سياسة بنتام التي دعا إليها والقائمة على أساس المنفعة الاجتماعية هي سياسة أقسى وأشد من سياسة الردع لدى بكاريا ولعل السبب في ذلك هو تلك النتائج السلبية التي أفضت إليها السياسة الرحيمة لدى بكاريا مما جعل الردع العام يفقد مضمونه في العديد من الحالات، وقد أخذ قانون العقوبات الفرنسي بفكرة (النفعية) فجاء بعقوبات أشد من سابقتها، وأعاد العقوبات المؤبدة وعقوبة المصادرة كما زاد من عدد الجرائم التي يجوز فيها الحكم بالإعدام وان كان قد أفسح للمحكمة بعض المجال في تقدير العقوبة بتقريره لمعظم الجرائم عقوبات بين حدين أدنى وأعلى وقبوله نظام الظروف المخففة في بعض الجنح (28).
غير أن الفقيه الألماني (فورباخ) استعان في بيان كيفية أداء العقوبة لوظيفة الردع العام بالإكراه النفسي بقوله: ((إن) العقوبة بوصفها أذى تولد في نفوس جميع الناس شعوراً بالنفور من الجريمة، يقاومون به الدوافع التي تغريهم على ارتكابها، أي أنه يذهب إلى نظرية مؤداها خلق بواعث مضادة للبواعث الشريرة بحيث تتوازن معها فتحيدها أو ترجح عليها فتبيدها تماماً، وبيان ذلك إن الجاني يدفعه إلى ارتكاب الجريمة الرغبة في إشباع لذة معينة، فيجب أن يقابلها كون العقوبة من القسوة بحيث يجد الشخص عند الموازنة إن الألم الذي سيعود عليه من تطبيق العقوبة، يفوق بكثير اللذة التي قد تتحقق من جراء ارتكاب الجريمة، ورجحان الألم النفسي للعقوبة على اللذة في ارتكاب الجريمة لا يتحقق إلا إذا كانت العقوبة شديدة وقاسية. (29).
وللسرعة في إجراءات الدعوى الجزائية أثر كبير في تحقيق وظيفة الردع العام من خلال السرعة في تطبيق العقوبة، التي عبر عنها الفقيه الايطالي بكاريا بوصفها (فورية أو سرعة العقوبة) بالقول: ((كلما كانت العقوبة تتم على نحو فوري ومتقارب ومتتابع لارتكاب الجرائم، كلما كانت أكثر عدلاً ونفعاً وهي أكثر نفعاً، لأنه حينما يكون طول الوقت الذي يمر بين العقوبة والفعل الآثم أقل فان اجتماع هاتين الفكرتين أي) الجريمة وعقوبتها يكون أقوى وأكثر استمرارية في الذهن الإنساني، وعندئذ تصبح متلازمتين وتصبح احدهما بمثابة السبب، والأخرى بمثابة النتيجة الضرورية غير قابلة للرد أو الدفع)) (30).
فضلا عن ذلك فان العقوبات الشديدة والسريعة المؤكدة، لها دور ايجابي في مكافحة ما يطلق عليها (بالثقافات المنحرفة) أو (الأيدلوجيات الإجرامية) حيث ستقضي على ألوان السلوك الإجرامي (الانحرافي)، أو على اقل تقدير ستقلل من نسبته إلى أدنى حد ممكن . (31) ومؤدى هذا التوجه هو ضرورة عدم الاعتداد بأي وجه آخر للعدالة طالما انه يقود إلى استبعاد العقوبة، فالقانون الجنائي يقوم على أساس (الخطأ) و(العقوبة) تعد من هذا المنظور النتيجة الطبيعية والمنطقية للخطأ الجنائي لذا وكما قال (كانت) : ((إن) المجتمع الذي يتراجع أمام الجريمة ويتفاوض مع المجرم لتحديد ما إذا كان من المناسب البدء في الإجراءات الجنائية أم لا يعد مساهماً في الجريمة)). (32).
فطول الإجراءات الجنائية الذي يمتد إلى سنوات تفصل بين وقوع الجريمة وتوقيع العقوبة، سيؤدي إلى عدم الثقة في القانون وإضعاف نفوذه وهيبته في نظر الكافة، فالرأي العام لا يهتم بالعقوبة قدر اهتمامه بالجريمة و لا شك أن بطء سير الإجراءات يؤدي إلى طمر فكرة الردع القانوني، ومع مرور الوقت سينسى الناس أن هناك عقاب سيطبق، وتظل الجريمة قائمة في أذهانهم ويتزايد لديهم الإحساس بان المجرم قد مر من دون عقاب و لا شك أن كل ذلك يخلع من المجتمع إحساسه بالثقة والأمن ويولد لديه نزعات الثأر الفردي (33).
فسرعة الإجراءات تضيق الوقت الفاصل بين وقوع الجريمة والعقاب عليها وبالتالي يبعد الرأي العام عن هواجس الشك والريبة ويعيد ثقتهم في مرفق العدل، ولا غرابة فيما سبق حيث أن الأثر الرادع للعقوبة يختفي تماماً كلما انقضى وقت طويل بين ارتكاب الجريمة وتوقيع العقاب))(34).
والأثر الرادع للعقوبة لن يتحقق إلا عندما يتأكد الكافة أن من يسلك طريق الإجرام لا بد وأن تنال منه العدالة، وأياً كانت طريقة الردع العام فهذا الأخير سوف يظل هدفاً يجب أن تتجه العقوبة إلى تحقيقه، فعن طريقه يأمن الأبرياء ويتراجع من تسول له نفسه سلوك الإجرام ويمتنع المجرم من السقوط في وهدة الإجرام من جديد (35).
ولما كانت فكرة القسوة في العقوبة كوسيلة لتحقيق الردع العام لم تعد مقبولة فان التركيز الآن هو على اليقين بتطبيقها، الذي يتحقق عن طريق سرعة الإجراءات الجنائية مما يؤدي إلى تحقيق الردع العام، ومما يؤكد ذلك أن تطبيق الردع العام يسيطر تماماً على بعض حالات تسيير الإجراءات الجنائية مما قد يحول من دون إعطاء تقدير مناسب للعقوبة (36).
وقد أخذ التشريع العراقي بوظيفة الردع العام مؤكداً ذلك من خلال قانون أصلاح النظام القانوني رقم (35) لسنة (1977) الذي نص على أن: (( العقوبة أداة ردع ومحاولة لتلافي ارتكاب جرائم جديدة، ولإعادة تربية المحكوم عليه، باستثناء من ارتكب جريمة تمس أمن الدولة أو حقوق الشعب أو شرف الولاء للوطن، فمن الضروري حماية المحكوم عليه من قسوة العقوبة، وتعويده على احترام قواعد الحياة الاجتماعية وإعادته عضواً فعالاً في مجتمعه الذي يحتاجه أكثر من حاجته إلى الآلة)) (37)
مما تقدم يتضح أن وظيفة الردع العام ما هي إلا الأثر النفسي الذي تثيره العقوبة لدى الأفراد في المجتمع سواء في حالتها الساكنة ضمن النص الجنائي أم في حالتها المتحركة- عند الحكم القضائي والتنفيذ العقابي وما يتتبع ذلك من نفور اجتماعي من ارتكاب الجريمة خشية العقاب، الذي لحق بالجاني، مما يعني صرف أعضاء المجتمع من سلوك سبيل الجريمة وفكرة الردع العام في كل ذلك هي مفهوم نفسي مركب يعتمد على عنصرين أساسيين هما عنصر التهديد و عنصر الاستجابة، فالتهديد القانوني بإنزال العقاب هو إعلان عن العواقب غير السارة التي تنتظر كل مجرم يفكر في ارتكاب الجريمة مستقبلاً ذلك أن مثل هذا التهديد وحده يشكل سبباً وقائياً مهماً ومانعا من الجريمة، وبالتالي فإذا وجد شخص واحد من بين عشرين عضو من أعضاء المجتمع يحترمون القانون خوفاً من العقاب، فان ذلك يشير إلى أهمية هذا النظام وفعاليته في مكافحة الجريمة، فضلاً عن ذلك فان السرعة في إجراءات الدعوى الجزائية لها أثر كبير في تحقيق هذه الوظيفة من خلال اختصار وسرعة الإجراءات المؤدية إلى توقيع العقوبة وبالتالي تحقيق هذا الهدف ما يعزز (يقين (العقوبة لدى الأفراد لان طول الإجراءات يضعف أو يطمر هذا الهدف نهائياً لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على السرعة في توقيع العقوبة.
ولعل أهم وسائل تحقيق هذا الغرض هي:
1- وضع المشرع لعقوبات تتلاءم مع جسامة الضرر الاجتماعي الذي أحدثته الجريمة وهو ما يسهم مساهمة فاعلة في تحقيق نظام التفريد العقابي وملاءمته لظروف الجريمة.
2- ضرورة التطبيق الفعال للعقوبات المنصوص عليها قانوناً وتقليل الأخذ بنظام إيقاف التنفيذ ولاسيما في الجرائم التي تمس مصالح جوهرية للمجتمع والعمل على سرعة الفصل في القضايا خاصة عندما يزداد ارتكاب أنواع معينة من الجرائم، حيث يؤدي ذلك إلى القضاء عليها أو التخفيف منها إلى حد كبير.
______________
1- أنظر د. محمود نجيب حسين شرح قانون العقوبات القسم العام، طـ3 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، بدون سنة طبع، ص 953 و د. مأمون محمد سلامة أصول علم الإجرام والعقاب ، دار الفكر العربي، القاهرة، 1979ن
2- Stefani (G), Levasseur (G), etjambu Criminolgieet, Science Penitentiare, Precisdalloz, 5 emed, 1982, P. 5. Merlin (R)
3- د. علي حسين الخلف، و سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، العاتك لنشر الكتاب، القاهرة، بدون سنة طبع، ص 410.
4- د. محمود نجيب حسني، علم العقاب ط3 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1983، ص10.
5- د. فخري عبد الرزاق صلبي الحديثي، شرح قانون العقوبات القسم العام، ط 2 ، العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، 2010، ص 377
6- د. علي عبد القادر القهوجي، قانون العقوبات القسم العام الدار الجامعية، بيروت، بدون سنة طبع، ص310.
7- أنظر البروفسور لوفاسور: السياسية الجنائية، بحث منشور في مجلة العدالة تصدر عن وزارة العدل، بغداد، العدد الثالث، السنة الرابعة، 1978 ، ص 400
8- د. أحمد فتحي سرور ، أصول السياسة الجنائية، ص107 و ما بعدها.
9- قرار رقم (1636) في 28 / 3 / 1971 ، النشرة القضائية، العدد الثالث، السنة الثانية نيسان، 1973 ، ص 136 نقلا عن د فخري عبد الرزاق المرجع السابق، ص377.
10- أنظر د. محمد محيي الدين عوض نحو توحيد القانون الجنائي في البلاد العربية، المجلة الجنائية القومية، المجلد (19) العددان الأول والثاني، مارس، 1976، ص 71 و ما بعدها.
11- د. محمود نجيب حسني، علم العقاب ط3 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1983 ، ص 64.
12- أنظر د. علي عبد القادر القهوجي، قانون العقوبات القسم العام الدار الجامعية، بيروت، بدون سنة طبع ، ص 304 و د. علي حسين الخلف، و سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، العاتك لنشر الكتاب، القاهرة، بدون سنة طبع ، ص 410 ، و د. فخري عبد الرزاق صلبي الحديثي، شرح قانون العقوبات القسم العام، ط 2 ، العاتك لصناعة الكتاب، القاهرة، 2010 ص376.
13- د. السعيد مصطفى السعيد الأحكام العامة في قانون العقوبات ط4 ، دار المعارف الإسكندرية، 1962، ص 521.
14- يوسف عبد الله المحمدي، الردع الخاص وأثره في الوقاية من الجريمة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد، 1989، ص33.
15- حاتم بكار، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة ط1 منشاة المعارف الاسكندرية بدون سنة طبع ، ص87
16- حاتم بكار، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة ط1 منشاة المعارف الاسكندرية بدون سنة طبع ، ص129.
17- حاتم بكار، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة ط1 منشاة المعارف الاسكندرية بدون سنة طبع ، ص 66 .
18- حاتم بكار، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة ط1 منشاة المعارف الاسكندرية بدون سنة طبع ، ص131.
19- حاتم بكار، حماية حق المتهم في محاكمة عادلة ط1 منشاة المعارف الاسكندرية بدون سنة طبع ، ص 85.
20- د. نبيل السمالوطي، علم اجتماع العقاب، ج 2، ط 1 ، دار الشروق، جدة، 1983، ص95.
21- د. نبيل السمالوطي، المرجع السابق، ص 95
22- أنظر في ذلك تفصيلا: أستاذنا الدكتور تميم طاهر أحمد، تنفيذ العقوبة وأثره في الردع الخاص، دراسة ميدانية أطروحة دكتوراه مقدمة إلى جامعة بغداد كلية القانون، 199۵، ص12.
23 - د. أحمد فتحي سرور، السياسة الجنائية، المرجع السابق، ص 42.
24- يوسف عبد الله المحمدي، الردع الخاص وأثره في الوقاية من الجريمة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد، 1989 ، ص39.
25- د. علي حسين الخلف، و سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، العاتك لنشر الكتاب، القاهرة، بدون سنة طبع ، ص17.
26- د يوسف عبد الله المحمدي المرجع السابق، ص 34.
27- السعيد مصطفى السعيد الأحكام العامة في قانون العقوبات ط4 ، دار المعارف الإسكندرية، 1962 ، ص 15.
28- د. أكرم نشأت إبراهيم القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن، ط1، مطبعة الفتيان، بغداد، 1998 ، ص 21
29- د. محمود نجيب حسني، علم العقاب المرجع السابق، ص 62.
30- حاتم بكاريا، المرجع السابق ، ص 81 و ما بعدها.
31- د. نبيل السمالوطي، المرجع السابق، ج 1، ص 113 و ما بعدها.
32- - د. عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997 ، ص 77 وما بعدها.
33- عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997 ، ص 64 وما بعدها.
34- Vadilo (ER), laloiespagnoledull, November 1980, Surlo, Procedureorale, arcnives - .166 .de Politiane Criminelle, 1982, no5 P
نقلا عن د عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997 ، نفس الصفحة
35- د. عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997، ص 76.
36- د عمر سالم نحو تيسيير الاجراءات الجنائية ط1 دار النهضة العربية القاهرة 1997 ، ص79.
37- باب التشريعات الجزائية من قانون إصلاح النظام القانوني مطبعة دار الحرية للطباعة، بغداد، 1977، ص71، نقلا عن د. ضاري خليل المحمود البسيط في شرح قانون العقوبات القسم العام بدون دار نشر، بغداد، 2002 ص130.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|