التخطيط الإقليمي في الدول الرأسمالية:

لعب النظام الرأسمالي دورًا كبيرًا في ظهور التخطيط الإقليمي وتطوره، نظرا للنتائج المكانية التي أفرزها توقيع المشاريع الاقتصادية في المناطق الأكثر ربحية بالنسبة للمستثمر والتي تمنحها أكبر ثروات اقتصادية وتسهيلات إنتاجية دون أن تتعارض مع تحقيق أكبر استفادة للمستهلك، والتي تتركز غالبًا في المدن الكبرى التي تتمتع بكل مزايا التوطن الصناعي خاصة، مما أدى إلى ظهور فوارق مكانية حادة بين مناطق التركز الصناعي أين تتوقع المشاريع الصناعية الكبرى ومناطق فقيرة مهمشة دون تطوير في مشاريعها، لذلك يظهر التخطيط الإقليمي في الدول الرأسمالية لمعالجة حالة اللاتوازن جراء التوقيع المكاني لمختلف الأنشطة والوظائف بشكل غير مخطط الذي يخضع للربح والتجاوب بين العرض والطلب في أي مكان في دولة رأسمالية، وقد كان الاهتمام مبكرًا بالتخطيط الإقليمي والتنمية الإقليمية في كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية بهدف:

1- استغلال أفضل وأمثل للموارد الطبيعية والبشرية الكامنة والمتاحة من أجل تحقيق أفضل معدلات للنمو الاقتصادي.

2- تشجيع اللامركزية من أجل إدراك المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المحلي وإشراكه في عملية التخطيط والنهوض بالمناطق المهمشة.

3- توفير فرص عمل جديدة في مناطق معدلات البطالة المرتفعة خلال فترة الكساد العالمي.

4- تحقيق العدالة الاجتماعية بتوزيع وإعادة توزيع الموارد والاستثمارات بين الأقاليم.

والمتتبع لنشأة وتطور التخطيط الإقليمي والدراسات الإقليمية في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية أنها اتبعت منهجية مختلفة تبعا ل "هو فشميد Hufschmidt" تتمحور في 05 مراحل تمر بها الدراسات الإقليمية من جوانبها النظرية والتطبيقية في هذه الدول، وتتمثل في:

1- مرحلة تخطيط وإدارة الموارد الطبيعية والمحافظة على البعد الجمالي للمناطق الحضرية.

2- مرحلة الأبحاث والدراسات الخاصة بالأقاليم الثقافية.

3- مرحلة العلوم الإقليمية وتطبيق المنهج الاقتصادي الإقليمي.

4- مرحلة دراسة مشاكل المناطق الحضرية من خلال التركيز على دراسة المدن وأقاليمها.

5- مرحلة دراسة المناطق الهامشية والريفية، ومعالجة مشاكلها من خلال منهج تحليلي تكاملي مع دراسات المناطق الحضرية).

وقد حققت الدول الرأسمالية نتائج جد مرضية في التخطيط الإقليمي استطاعت من خلالها القضاء على العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وإعادة التوازن المكاني للموارد الطبيعية والبشرية، تدعمت بطبيعة النظم والبنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية القائمة في هذه الدول.