المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6242 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

القيود على الحقوق المدنية والسياسية في دستور 21 ايلول 1968 المؤقت
23-10-2015
APPLICATIONS
25-3-2016
Resistance Distance
13-10-2021
دور نظرية الظاهر في حماية الغير المعامل مع الشركات التجارية
1-10-2018
Reflection: Beyond FTAs
23-5-2022
تقدير الشهادة
2024-06-02


وثاقة مَن قال الشيخ (قدس سره): إنّه (أسند عنه).  
  
1238   11:46 صباحاً   التاريخ: 2023-03-12
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج1، ص 132 ـ 149.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / التوثيقات العامة /

وثاقة مَن قال الشيخ (قدس سره): إنّه (أسند عنه) (1):

ذكر الشيخ (قدّس سره) في رجاله في ترجمة مئات الرواة جملة:

(أًسنَد عنه) أو (أُسنِد عنه).

وقد ادّعى دلالتها على التوثيق جمع من أعلام الفن منهم العلامة المجلسي الأول (رضوان الله عليه) (2) حيث قال: إنّ المراد بهذه الجملة هو كون الشخص ممن روى عنه الشيوخ واعتمدوا عليه، فهي بمنزلة التوثيق.

ويلاحظ أنه (قدس سره) قرأ الفعل (أُسنِد) بصيغة الماضي المجهول فاعله، وأرجع الضمير المجرور في (عنه) إلى الراوي.

ولكن ما أفاده لا يمكن المساعدة عليه:

أولاً: من جهة عدم تعيّن القراءة المذكورة في مقابل ما سيأتي.

وثانياً: أنها لو تمت فهي لا تقتضي أن يكون المراد بتلك الجملة هو رواية الشيوخ عن الشخص واعتمادهم عليه، بل غاية ما تدل عليه هو أنه ممن روي عنه في الجملة، في مقابل أناس كانوا من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ولكن لم يرو عنهم أحد شيئاً.

وثالثاً: أن رواية الشيوخ واعتمادهم على راوٍ لا يقتضي مدحه فضلاً عن أن يكون بمنزلة التوثيق له.

هذا بالإضافة إلى أنه لم يظهر الوجه في اختصاص جماعة من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ــ وجلّهم من أصحاب الصادق (عليه السلام) ــ بالوصف المذكور، مع أن غيرهم من سائر الأصحاب هم أيضاً ممن ينطبق على الكثيرين منهم ذلك الوصف ــ سواء أريد به أنه ممن روي عنه في الجملة أو أنه ممن روى عنه الشيوخ ــ فلماذا لم يصفهم به الشيخ (قدس سره)؟!

والحاصل: أن استفادة المدح من العبارة المذكورة وفق ما أفاده العلامة المجلسي الأول (قدس سره) في غاية الضعف.

وذكر المحدث النوري (رضوان الله عليه) (3) وجهاً آخر في دلالة تلك العبارة على التوثيق، وحاصله: أن المراد بها هو كون الشخص ممن ذكره ابن عقدة في رجاله الموضوع لذكر ثقات أصحاب الصادق (عليه السلام) وهم أربعة آلاف رجل.

توضيح مرامه: أنه قد ذكر أن ابن عقدة لما ألّف كتاب رجال الصادق (عليه السلام) أورد فيه أسماء أربعة آلاف شخص، ذكر لكل واحد الحديث الذي رواه عن الإمام (عليه السلام)، وهذا الكتاب كان من مصادر الشيخ (قدس سره) في تأليفه كتاب الرجال، وهو قد أشار إلى كل شخص ذكره ابن عقدة وأورد له رواية في كتابه بالعبارة المذكورة، وحيث إن رجال ابن عقدة كان مخصصاً لذكر الثقات فقط يمكن أن يعدّ كل من ذكر الشيخ أنه (أسند عنه) موثقاً بتوثيق ابن عقدة إياه، فإن الرجل وإن كان زيدياً جارودياً إلا أنه ثقة جليل القدر يؤخذ بتوثيقاته.

ويلاحظ أن مقتضى ما أفاده (قدس سره) هو قراءة الفعل (أَسنَد) بصيغة الماضي المعلوم فاعله، والضمير فيه يرجع إلى ابن عقدة، والضمير في (عنه) يرجع إلى الراوي، فيكون المعنى أسند ابن عقدة عن الراوي.

وهذا الكلام أيضاً لا يمكن الاعتماد عليه.

أولاً: من جهة أن إرجاع الضمير في (أَسنَد) إلى ابن عقدة مما لا يمكن استظهاره من غير قرينة واضحة، وكان على الشيخ (قدس سره) لو أراد ذلك أن يذكر اسم ابن عقدة ولو لمرة واحدة في البداية، كأن يقول في ترجمة أحمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي المدني (4): أسند عنه ابن عقدة، ثم يرجع الضمير إليه في الموارد اللاحقة، وأما مع عدم إيراد اسمه حتى لمرة واحدة عند استخدام التعبير المذكور فلا سبيل إلى الالتزام برجوع الضمير فيه إليه، لأنه على خلاف ما يجري عليه أهل المحاورة.

وأما ذكره إياه في مقدمة كتابه فلا يبرر إرجاع الضمير الغائب إليه بعد فصل طويل يبلغ عشرات الصفحات، كما هو واضح.

وثانياً: المذكور أن ابن عقدة روى لكل من ذكره ــ من أصحاب الصادق (عليه السلام) ــ رواية، والملاحظ أن مجموع من أورد الشيخ (قدس سره) تلك العبارة في حقهم لا يبلغ ثلاثمائة وخمسين شخصاً، ولا يحتمل أن يكون هؤلاء هم كل من ذكرهم ابن عقدة في أصحاب الصادق (عليه السلام)، فإنهم عدد قليل، مع أن ظاهر الشيخ (قدس سره) في مقدمة كتاب الرجال أنه يورد في أصحاب الصادق (عليه السلام) كل من ذكرهم ابن عقدة، ولا يقتصر على ذكر البعض منهم.

وأما احتمال أن يكون المراد هو أن هؤلاء هم من روى عنهم ابن عقدة مسنداً وأما بقية أصحابه (عليه السلام) فقد أورد عنهم روايات مرسلة، فهو احتمال ضعيف جداً، فإنهم كما تقدم عدد قليل بالنسبة إلى مجموع من ذكرهم الشيخ في أصحاب الصادق (عليه السلام) حيث يبلغون أزيد من ثلاثة آلاف شخص، ومن البعيد جداً أن ابن عقدة ــ على سعة اطلاعه وكثرة مروياته ــ لم تكن له روايات مسندة إلا عن عدد محدود من أصحاب الصادق (عليه السلام) بل هذا مقطوع الخلاف، لأن من يراجع جوامع الحديث وفهارس الأصحاب يجد له روايات مسندة إلى غير واحد من أصحابه (عليه السلام) غير هؤلاء.

وثالثاً: أنه لم يثبت أن ابن عقدة خصص كتابه لذكر الثقات، وإنما ذكر

العلامة (قدس سره) (5) أنه أورد فيه أربعة آلاف اسم، ولكن لما ذكر الشيخ المفيد (قدس سره) (6) أن أصحاب الحديث قد جمعوا أسماء الرواة عن الصادق (عليه السلام) من الثقات على اختلافهم في الآراء والمقالات فكانوا أربعة آلاف، تصور البعض ــ كالحر العاملي (رحمه الله) (7) ــ أن الأربعة آلاف هم الذين ذكرهم ابن عقدة.

 

ولكن أصل اشتمال كتاب ابن عقدة على أربعة آلاف اسم ليس أمراً مؤكداً وإن ذكره العلامة (قدس سره).

ويشهد على خلافه ما تقدم الإيعاز إليه من أن الشيخ (قدس سره) قد ذكر في مقدمة الرجال (8) أنه يذكر فيه ما ذكره ابن عقدة، ومع ذلك لم يبلغ جميع من أوردهم في أصحاب الصادق (عليه السلام) ثلاثة آلاف ومائتي شخص، فكيف يمكن الالتزام بأن كتاب ابن عقدة كان مشتملاً على أربعة آلاف اسم هم المعنيون بكلام المفيد ومن تبعه من وجود أربعة آلاف ثقة في أصحاب الصادق (عليه السلام)؟!

والحاصل: أن هذا الوجه كالوجه الذي سبقه ضعيف.

والنتيجة: أنه لا سبيل إلى استفادة المدح والتوثيق من جملة (أسند عنه) المذكورة في ترجمة عدد من الرواة في كتاب الرجال للشيخ (قدس سره).

ولكن ما هو المراد بتلك الجملة؟

ذكر السيد الأستاذ (قدس سره) (9) أنه لا يكاد يظهر لها معنى خالٍ من الإشكال، والشيخ (قدس سره) أعلم بمراده.

ولكن تصدى جمع من الأعلام لتفسيرها، واختلفوا فيه على وجوه، ولا موجب للتعرض لجملة منها، فإنها واضحة الضعف.

وأبرز تلك الوجوه ثلاثة:

(الإمام الصادق (عليه السلام) مع الواسطة.

قال السيد الأستاذ (قدس سره) (10): إن هذا المعنى هو الظاهر في نفسه، وهو الذي تعارف استعماله فيه، إلا أنه مع ذلك لا يمكن الالتزام بإرادته لبعض الإشكالات.

وقد يورد (11) على هذا الوجه بأنه خلاف الظاهر، لأن معنى (أسند) هو رفع الحديث عن قائله (الواسطة) إلى الإمام، والمناسب لهذا الوجه التعبير بقوله: (أسند إليه) لا (أسند عنه).

ولكن هذا الإيراد ليس صحيحاً فإنه يقال ــ كما سيأتي ــ أسند البخاري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد أنه يروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بسنده إليه.

والصحيح أن يناقش هذا الوجه بأنه إن كان المراد به كون الشخص ممن لم يروِ عن الإمام (عليه السلام) من غير واسطة، أي أن جميع رواياته عنه (عليه السلام) كانت مع الواسطة فهذا المعنى وإن أمكن بالنسبة إلى عدد من أولئك الأشخاص ــ نظير ما ذكر بالنسبة إلى بعضهم من أنه أدرك الإمام (عليه السلام) ولم يرو عنه إلا حديثاً واحداً أو حديثين كعبد الله بن مسكان وحريز بن عبد الله ــ إلا أن من الواضح أن عدداً غير قليل من المذكورين هم ممن ذكرت لهم روايات بلا واسطة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ولا تنحصر رواياتهم عنه (عليه السلام) فيما تكون مع الواسطة.

بل إنّ هذا هو خلاف ما صرّح به الشيخ نفسه في عدد منهم ــ كجابر بن يزيد ومحمد بن إسحاق ومحمد بن مسلم ــ حيث نصّ على روايتهم عنه (عليه السلام) في جنب قوله فيهم: (أسند عنه).

وإن كان المراد أن الشخص يروي عن الإمام (عليه السلام) بواسطة وبدونها، وكأن أصحابه (عليه السلام) على قسمين: قسم روى عنه بلا واسطة فقط، وقسم آخر جمع بين الأمرين، فروى عنه تارة مع الواسطة وأخرى بدونها.

فهذا المعنى بعيد أيضاً، فإن هناك آخرين كُثر من أصحاب الصادق (عليه السلام) لوجه الأول): أن المراد كون مَن قيل بشأنه: إنه (أسند عنه) قد روى عن

على الوصف المذكور، أي أن لهم روايات بدون واسطة وأخرى بواسطة عن الإمام (عليه السلام)، فلماذا خصّ الشيخ (قدس سره) هؤلاء بقوله أسند عنه؟!

والحاصل: أن هذا الوجه الأول ضعيف لا يعوّل عليه.

(الوجه الثاني): ما ربما يظهر من كلام المحقق التستري (12) في ترجمة محمد بن مروان من أن المراد من الجملة المذكورة هو أن العامة أسندوا عنه، أي رووا عنه.

وهذا الوجه ضعيف أيضاً، لعدم القرينة عليه، فإن مجرد وجود روايات لبعض هؤلاء في كتب الجمهور لا يقتضي إرادة ما ذكره (قدس سره).

(الوجه الثالث): ــ وهو العمدة ــ ما كان يذكره سيدي الأستاذ الوالد (دامت بركاته) في مجلس الدرس ــ ولاحظت أخيراً ما يقرب منه في كلمات عدد من الباحثين ــ وهو أن المراد أن هؤلاء الرجال قد رووا عن الإمام (عليه السلام) أحاديث مسندة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

توضيح ذلك: أن الفعل (أسند) متعدياً بحرف الجر (عن) مما يتداول استخدامه في كلمات الجمهور ــ وقلّما يوجد في كلمات أصحابنا ــ والذي لاحظته بالتتبع أنه يكون على أنحاء ثلاثة..

النحو الأول: أن يقال: (أسند فلان عن فلان) ويراد أنه روى عنه. ومن هذا القبيل ما ورد بشأن صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كقولهم (13): أسند عبد الله بن زيد عن رسول الله هذا الحديث)، وقولهم (14): (ما أسند خرشة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقولهم (15): ما أسند سعد بن معاذ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقولهم (16): (أسند ابن مسعود عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نيفاً وثلاثمائة حديث)، وقال الصفدي (17): (أبو رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أسند عنه بضعة عشر حديثاً) وهكذا في موارد كثيرة أخرى.

النحو الثاني: أن يقال: (أسند فلان عن فلان) ويراد به أنه روى عنه مسنداً لا مرسلاً، وذلك حينما يكون بينهما فاصلة بطبقة أو أزيد كقولهم (18): أسند البخاري ومسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقولهم (19): (أُسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة بأسانيد صحيحة)، وقال الزيلعي (20): (قال البزاز: لا نعلم أسند عبد الله بن منيب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلّا هذا الحديث)، مشيراً إلى ما رواه عن أبيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال ابن حجر (21): (أسند الطبري عن عمر قوله: لأن أشرب من قمقم محماة..).

النحو الثالث: أن يقال: (أسند فلان عن فلان) ويراد به أنه روى عنه حديثاً أو أكثر مسنداً إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أو إلى بعض الصحابة.

ولعلّ من ذلك قول بعضهم (22): (لا أعلم أحداً من رواة الموطأ عن مالك أسند عنه هذا الحديث) ويقصد حديث (لا يمنع نقر بئرٍ)، فإنه قد ورد هذا الحديث في الموطأ (23) عن عمرة بنت عبد الرحمن عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو مرسل لأن عمرة لم تدرك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وأمّا قولهم: أسند محمد بن علي ــ أي الباقر (عليه السلام) ــ عن جابر بن عبد الله، أو أسند جعفر بن محمد عن أبيه وعن عطاء وعكرمة وعبيد الله بن أبي رافع، وما ماثل ذلك، فيحتمل أن يكون على النحو الأول المتقدم، ويحتمل أن يكون على النحو الأخير.

وكيف كان فلا يبعد أن يكون قول الشيخ: (أسند عنه) بالمعنى المذكور أخيراً، أي أن الضمير الغائب في (أسند) يرجع إلى الشخص، والضمير المجرور في (عنه) يرجع إلى الإمام (عليه السلام) الذي ذُكر الشخص في أصحابه (24)، والمقصود أنه روى عنه حديثاً أو أزيد مسنداً إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو إلى علي (عليه السلام).

والغرض من التعرض لهذا هو التمييز بين أصحاب الإمام (عليه السلام)، فإنه كان فيهم من يرجع إليه (عليه السلام) ويتلقى منه ما يبثه من العلم في أصول الدين والفقه والتفسير وغير ذلك من حقول المعرفة فيأخذ به وإن لم يسنده (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) إما اعتقاداً منه بإمامته (عليه السلام) وإما من حيث كونه من علماء هذه الأمة بل من أعظم علمائها.

ومنهم من كان يرجع إلى الإمام (عليه السلام) لمجرد أن يتلقى منه الحديث الذي يرويه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أمير المؤمنين (عليه السلام)، ومعظم هؤلاء كان ممن لا يعتقد بإمامة الإمام (عليه السلام) سواء من العامة أو الزيدية وأضرابهم.

وكان هناك من يجمع بين الأمرين فيتلقى من الإمام (عليه السلام) الفقه ونحوه ويروي عنه أيضاً أحاديث جدّه، إما اهتماماً بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو للاحتجاج به على الجمهور، فإنهم لم يكونوا ينكرون صحة ما كان يرويه الإمام (عليه السلام) عن طريق آبائه (عليهم السلام) من حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وبالجملة: قول الشيخ (قدس سره) في حق بعض الأصحاب: (أسند عنه) يراد به أنه ممن روى عن الإمام (عليه السلام) من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أمير المؤمنين (عليه السلام).

وليس فيه مؤشر إلى كونه من العامة ــ كما قد يتوهم ــ لما مرَّ من أنه لا ينحصر الوجه في عناية بعضهم برواية الأحاديث المسندة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الإمام (عليه السلام) في عدم الاعتقاد بإمامته، ولذلك يلاحظ أن الكثير ممن قال فيهم الشيخ (قدس سره): (أسند عنه) هم من الشيعة، بل بعضهم من كبار الأصحاب كمحمد بن مسلم وجابر بن يزيد الجعفي وأبي بصير الليث بن البختري ومحمد ابن الإمام الصادق (عليه السلام) وجعفر بن عبد الله بن جعفر حفيد الإمام (عليه السلام).

هذا، ولكن هاهنا سؤال، وهو: أنه إذا كان المراد من تلك الجملة هو ما تقدم، فلماذا خصّ بها الشيخ (قدس سره) ثلاثمائة وخمسين شخصاً تقريباً من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) ولم يذكرها في حق غيرهم من أصحاب سائر الأئمة (عليهم السلام) إلا بالنسبة إلى واحد من أصحاب الباقر (عليه السلام) (25) واثنين من أصحاب الكاظم (عليه السلام) (26) وسبعة من أصحاب الرضا (عليه السلام) (27) وواحد من أصحاب الهادي (عليه السلام) (28) مع أن من المؤكد أن العشرات من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) ــ مثلاً ــ وهم ما يقارب من خمسمائة شخص في رجال الشيخ (قدس سره) كانوا على نفس الوصف الذي ذكر آنفاً، أي أنهم رووا عن الإمام (عليه السلام) بعض الأحاديث المسندة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلماذا خصّ الشيخ واحداً منهم ــ وفي بعض النسخ ثلاثة ــ بجملة (أسند عنه)؟

وبالجملة: إذا كان ما يقرب من نسبة عشرة في المائة من أصحاب الصادق (عليه السلام) هم ممن أسندوا عنه (عليه السلام) بالمعنى المذكور فمن غير المحتمل ألّا يوجد في أصحاب أبيه الباقر (عليه السلام) مَن أسندوا عنه (عليه السلام) ولو بنسبة واحد في المائة، فلماذا لا يوجد ذلك في كتاب الشيخ (قدس سره)؟!

وفي الجواب عن هذا السؤال وجهان:

الوجه الأول: ما هو المختار من أن الظاهر أن الجملة المذكورة وردت في الأساس في كتاب رجال الصادق (عليه السلام) لابن عقدة فهو الذي استخدم جملة (أسند عنه) في مقابل (روى عنه) لإفادة المعنى المذكور، والشيخ (قدس سره) الذي اعتمد في من ذكرهم في أصحاب الصادق (عليه السلام) على كتاب ابن عقدة ــ كما أشار إلى ذلك في مقدمة رجاله ــ أورد تلك الجملة حيث كانت موجودة في ذلك الكتاب، وحيث إن مؤداها لم يكن يحظى بأهمية عنده (قدس سره) كسائر علماء الإمامية ــ بخلاف ابن عقدة وأضرابه من غير الإمامية ــ لم يهتم (قدس سره) باستقصاء من كانوا على شاكلة من ذكرهم ابن عقده في أصحاب سائر الأئمة (عليهم السلام).

وأما ما يلاحظ من إيراد الجملة المذكورة في حق أحد عشر شخصاً من أصحاب الباقر والكاظم والرضا والهادي (عليهم السلام) ففيه احتمالان..

الأول: أن يكون ابن عقدة قد ذكر هؤلاء في كتابه المخصص لذكر أصحاب الصادق (عليه السلام) بمناسبة ما، كأن قال مثلاً: فلان أسند عنه وعن الكاظم (عليه السلام)، أو عنه وعن الرضا (عليه السلام)، أو أنه ذكره بعضهم بمناسبة ذكر أبيه في أصحاب الصادق (عليه السلام) كأن قال مثلاً: وولده فلان من أصحاب الكاظم (عليه السلام) وقد أسند عنه) والشيخ (قدس سره) عندما ذكر أصحاب الكاظم والرضا (عليهما السلام) في بابين مستقلين أدرج فيهما ما ذكره ابن عقدة استطراداً في أصحاب الصادق (عليه السلام).

وهذا الاحتمال هو الأقرب إلى النظر فيمن ذُكر بالوصف المذكور في أصحاب الباقر (عليه السلام) وهو حماد بن راشد، حيث قال الشيخ (قدس سره) (29): (حماد بن راشد الأزدي البزاز، أبو العلا الكوفي، أسند عنه، توفي سنة ست وخمسين

ومائة). وذكره مرة أخرى في أصحاب الصادق (عليه السلام) بما يقرب من العبارة المذكورة (30)، ولا يبعد أن يكون الأصل في ذلك هو أن ابن عقدة ذكر هذا الرجل في أصحاب الصادق (عليه السلام) وقال: (أسند عنه وعن أبيه الباقر) فأدرجه الشيخ مرتين مرة في أصحاب الباقر (عليه السلام) وأخرى في أصحاب الصادق (عليه السلام).

الثاني: أن الشيخ (قدس سره) أو بعض تلامذته ــ كولده أبي علي ــ اتفق له أن وجد لهؤلاء بعض الروايات المسندة عن طريق الإمام (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في أثناء مراجعته للأحاديث فأشار إلى ذلك في تراجمهم في كتاب الرجال من غير قصد الاستقصاء والحصر، والملاحظ أنه يوجد لمعظم العشرة المذكورين في أصحاب الكاظم والرضا والهادي (عليهم السلام) روايات على النحو المذكور في كتاب الأمالي للشيخ (قدس سره) وللباقين في بعض المصادر الأخرى، وفيما يلي إيعاز إلى مواردها:

1 ــ موسى بن إبراهيم المروزي، قال الشيخ: أسند عنه ــ أي عن الكاظم (عليه السلام)، وحديثه عن الإمام عن آبائه (عليهم السلام) في الأمالي للشيخ (31).

2 ــ يزيد بن الحسن، قال الشيخ:

 (أسند عنه ــ أي عن الكاظم (عليه السلام) ـ)، وحديثه في كتاب التوحيد للصدوق (32).

3 ــ إسماعيل بن محمد، قال الشيخ: (أسند عنه ــ أي عن الرضا (عليه السلام)، وروايته في الأمالي للشيخ (33).

4 ــ أحمد بن عامر بن سليمان، قال الشيخ: (أسند عنه ــ أي عن الرضا (عليه السلام) ــ)، وهو الراوي للحديث المعروف بصحيفة الرضا (عليه السلام)، وحديثه في الأمالي للشيخ (34).

5 ــ داود بن سليمان بن يونس بن أحمد المغازي، قال الشيخ: (أسند عنه

ــ أي عن الرضا (عليه السلام) ـ) وحديثه في عدة موارد من الأمالي للشيخ (35).

6 ــ علي بن بلال، قال الشيخ: (أسند عنه ــ أي عن الرضا (عليه السلام) ــ)، وحديثه ــ وهو: (ولايـة علي بن أبي طالب (عليه السلام) حصني..) في الأمالي للصدوق (36).

7 ــ عبد الله بن علي، قال الشيخ: (أسند عنه ــ أي عن الرضا (عليه السلام) ــ)، وحديثه في الأمالي للشيخ (37)، والرجل هو عبد الله بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين كما في كتاب النجاشي، وقد ذكر فيه أنه (38): (روى عن الرضا (عليه السلام)، وله نسخة رواها).

8 ــ محمد بن سهل بن عامر البجلي الأزدي، قال الشيخ: (أسند عنه ــ أي عن الرضا (عليه السلام) ــ)، وحديثه في تاريخ بغداد (39)، وهو ما رواه عن الإمام (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): (الإيمان معرفة بالقلب..).

9 ــ محمد بن أسلم الطوسي، قال الشيخ: (أسند عنه ــ أي عن الرضا (عليه السلام) ــ)، وهو راوي حديث سلسلة الذهب عن الإمام (عليه السلام)، ذكره العلامة المجلسي (40) نقلاً عن كشف الغمة عن تاريخ نيشابور.

10 ــ محمد بن أحمد بن عبيد الله بن المنصور أبو الحسن، قال الشيخ: (أسند عنه ــ أي عن الهادي (عليه السلام) ــ)، وحديثه عن الإمام (عليه السلام) في أمالي الشيخ (41).

ولكن في مواضع أخرى من الأمالي توجد له روايات عن الإمام الهادي (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) بواسطة عم أبيه لا مباشرة (42)، ومع وجود الواسطة لا يصح أن يقال: إنّه (أسند عنه (عليه السلام))، ويبدو أنّ الواسطة قد سقطت عن الموضع الأول.

وكيف كان فالأرجح في النظر بالنسبة إلى الموارد العشرة المذكورة هو هذا الاحتمال الثاني، ويؤيده اختلاف نسخ كتاب الرجال بشأنها.

إذ يلاحظ أن شيئاً منها لا يوجد في جملة من المصادر التي تعنى بنقل ما في رجال الشيخ كمجمع الرجال للقهبائي، ونقد الرجال للتفريشي، وتوجد أربعة منها فقط في النسخة القديمة التي اعتمدها محقق الطبعة الجديدة لرجال الطوسي، وهو المورد الخامس والسابع والثامن والعاشر، وتوجد الموارد العشرة جميعاً في المطبوعة النجفية. وهذا ما يؤيد احتمال أن تكون هذه الموارد من الإضافات اللاحقة على الكتاب إما من قلم الشيخ (قدس سره) أو من قلم بعض تلامذته، فتدبّر.

الوجه الثاني: ما ذكره بعض الباحثين (43) من أن هؤلاء الأشخاص هم ممن ألّفوا كتباً تحتوي على ما رواه الإمام (عليه السلام) مسنداً إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أي ألّفوا مسانيد للإمام (عليه السلام)، وبذلك امتازوا عن سائر من رووا أحاديث مسندة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الإمام (عليه السلام). فالشيخ (قدس سره) لا يصف بهذه العبارة ــ أي أسند عنه ــ كل من روى حديثاً مسنداً عن طريق الإمام (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل خصوص من ألّف مسنـداً للإمـام (عليه السلام).

ثم إنّه أورد إثباتاً لمدّعاه قائمة بأسماء ستة عشر شخصاً من المذكورين زعم أنهم ممن ألّفوا كتباً على المنهج المذكور أي بسند متصل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الإمام (عليه السلام).

ولكن عند التمحيص يظهر أن أربعة من هؤلاء فقط ممن يمكن إثبات أن كتابه كان على النهج المذكور، وهم محمد ابن الإمام الصادق (عليه السلام) وعبد الله بن علي وأحمد بن عامر بن سليمان وموسى بن إبراهيم المروزي.

وأما البقية فبعضهم إنما ذُكر أن له نسخة عن الإمـام أو أن له كتاباً ونحو

ذلك، ولم يُعلم أن جميع روايات تلك النسخة أو ذلك الكتاب كان على النهج المذكور، وبعضهم لم يُذكر أن كتابه كان عن إمام معين كعبد الله بن بكير ومحمد بن مسلم وغياث بن إبراهيم ومحمد بن أسلم الطوسي وإسماعيـل بن محمد بن مهاجر.

ومن الغريب أنه تشبّث لإثبات أن محمد بن أسلم الطوسي ممن كان له نسخة عن الرضا (عليه السلام) بقول بعض أصحاب المعاجم أن له كتاب المسند، فزعم أنه يعني بذلك المسند عن الرضا (عليه السلام)، مع أن الرجل من رجال الجمهور، ويُستبعد جداً اختصاص مسنده بما رواه عنه (عليه السلام) بل الظاهر أنه كان مشتملاً على الأحاديث التي رواها عن مشايخه من رجال العامة. وأما قول الشيخ (قدس سره): (أسند عنه) فهو من جهة روايته حديث سلسلة الذهب عن الإمام (عليه السلام) في حادثة معروفة عند مروره (عليه السلام) بنيشابور.

ومن الغريب أيضاً ما ذكره من أن مسند عبد الله بن بكير بن أعين ــ الذي عُدّ من مؤلفات ابن عقدة ــ إنما هو من مؤلفات عبد الله بن بكير، وأن ابن عقدة مجرد راوٍ له، مع أنه لا وجه لهذا أصلاً، بل الظاهر أن المسند المذكور مما ألّفه ابن عقدة حيث جمع فيه روايات ابن بكير سواء ما رواه عن الإمام (عليه السلام) مباشرة أو مع الواسطة، وسواء ما كان ينتهي سنده إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيره.

وممّا قاله أيضاً: أنّ كلاً من هؤلاء ــ أي الستة عشر شخصاً الذين ذكرهم ــ إنما ألّف كتاباً واحداً فقط، فلا بد أن تكون رواياته المنقولة عنه في بطون الكتب ــ أي مما تكون على النسق المتقدم ــ إنما هي من روايات كتابه. وبهذا نعرف أن كتابه إنما هو مؤلّف على منهج الإسناد المذكور.

وهذا الكلام لا يُعتدّ به، إذ من أين يمكن العلم بأن تلك الروايات المسندة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الإمام (عليه السلام) كانت موجودة في كتاب راويها المباشر عنه (عليه السلام)، فإن روايات الرواة لا تنحصر بما في كتبهم، كما هو واضح.

ثم إنّه أي قرينة على كون جميع روايات الكتاب على نسق واحد، أي ينتهي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الإمام (عليه السلام)، ليصدق أنه بمثابة المسند له (عليه السلام)؟!

وبعد هذا كله يمكن أن يلاحظ على ما ذكر:

أولاً: إنه لو فرض أن الستة عشر شخصاً المذكورين هم أصحاب مسانيد للأئمة (عليهم السلام) فهل يكفي هذا شاهداً على صحة ما أدعي من أن ما يقرب من ثلاثمائة وخمسين آخرين كانوا كذلك؟!

ألا يعتبر أن يكون الشاهد متناسباً مع حجم الدعوى؟

وثانياً: إنه لو كان هذا العدد الكبير كلهم أصحاب مسانيد فلماذا لم يذكرهم الشيخ (قدس سره) بذلك في الفهرست، وهو الكتاب المعدّ لذكر الكتب والمصنّفات؟!

وقد أشكل صاحب الدعوى المذكورة بهذا على نفسه، وحاول الإجابة عنه تارة: بأن الفهارس مخصصة لذكر المصنفين من الشيعة، وهؤلاء أكثرهم غير إماميّين، ولا يذكر الشيخ (قدس سره) مصنفات غير الإمامية إلا إذا كانت معتمدة.

وأخرى: بأن الفهارس موضوعة لذكر الكتب التي وقعت في أيديهم، وتداولوها بطريق السماع أو القراءة أو الإجازة أو غير ذلك من الطرق، ولا يذكرون ما لم يقع بأيديهم من الكتب، ومن الواضح أن جميع الكتب

المؤلفة في العهود السالفة لم تكن متداولة، إما لضياعها وتلفها أو لوقوعها في زوايا النسيان والإهمال.

وكلا الجوابين غير تام:

أما الجواب الأول فلأنه كيف يمكن الالتزام بأن ثلاثمائة وخمسين مؤلفاً من أحاديث أئمة الهدى (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن بينها عدد معتد به من الكتب المعتمدة تستحق أن يذكرها الشيخ في فهرسته وإن كان أصحابها من غير الإمامية؟!

هذا مع أنّه ليس في كلام الشيخ في الفهرست ما يشير إلى أنه لا يذكر مصنفات غير الإمامية إلا إذا كانت معتمدة، بل أقصى ما ذكره في مقدمته (44) هو أنه يتعرض لبيان معتقد المصنّفين هل هو موافق للحق أو لا، لأن كثيراً من

مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم معتمدة.

وليس في هذا الكلام دلالة على اقتصاره في كتب المخالفين على ذكر المعتمد منها خاصة، وهل يمكن الالتزام بأن كتاب وهب بن وهب أبي البختري وكتب أبي الفرج الأصفهاني وكذلك آخرين من العامة ومن ذوي المذاهب الفاسدة هي من الكتب المعتمدة عند الشيخ ككتاب طلحة بن زيد ونحوه؟!

وبالجملة: لا ينبغي الإشكال في أن النهج الذي سار عليه أصحاب الفهارس هو إيراد أسامي الكتب التي تتعلق بتراث الإمامية وفي مقدمتها ما اشتملت على أحاديث الأئمة (عليهم السلام) وإن كان مؤلفوها من غير الإمامية، فلو كان هناك ما يقرب من ثلاثمائة وخمسين مسنداً للإمام الصادق (عليه السلام) لكان اللازم ذكرها في فهارس الأصحاب، فإنه يُعدّ تراثاً ضخماً للشيعة الإمامية وإن كان مصنّفوها من غيرهم.

وأما الجواب الثاني فلأن من الواضح جداً عند من لديه إلمام بطريقة الشيخ وأضرابه في تأليف الفهارس هو أن جلّ اعتمادهم على ما يجدونه من

أسماء كتب الأصحاب في فهارس المتقدمين كابن بطة وحُميد بن زياد والصدوق وأمثالهم، وأما الكتب التي كانت في متناول أيديهم فهي كانت قليلة جداً، ولا يصح القول بوجه بأن فهارسهم كانت موضوعة لذكر الكتب التي وقعت في أيديهم.

وثالثاً: إن هناك غير واحد ممن ذكر الشيخ (قدس سره) بنفسه في كتاب الفهرست أن له كتاباً مشتملاً على أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الإمام (عليه السلام) أو أنه مسنداً عنه (عليه السلام) ومع ذلك لم يذكره في كتاب الرجال مقروناً بجملة (أسند عنه).

ومن هؤلاء إسماعيل بن الإمام الكاظم (عليه السلام) صاحب الكتاب المعروف بـ(الجعفريات)، فإن كتابه كان مشتملاً على ألف حديث بإسناد واحد عن الكاظم (عليه السلام) عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد ذكره الشيخ في فهرسته (45) ولم يذكره في رجاله أصلاً.

ومنهم علي بن علي بن رزين الذي ذكر النجاشي (46) أن له كتاباً كبيراً عن الرضا (عليه السلام)، وذكر مثل ذلك ابن الغضائري.

والكتاب هذا رواه عنه ابنه إسماعيل، بل ذكر النجاشي أنه لم يعرف حديثه إلا من قِبله، ولذلك ترجم الشيخ (قدس سره) في الفهرست (47) لإسماعيل بن علي بن علي بن رزين وقال: (سمعنا هلال الحفار يروي عنه مسند الرضا (عليه السلام) وغيره فسمعناه منه وأجاز لنا باقي رواياته).

فيلاحظ أن الشيخ روى مسند الرضا (عليه السلام) عن إسماعيل بن علي ــ أي عن أبيه ــ ولم يذكر في ترجمة علي بن علي بن رزين في كتاب الرجال (48) أنه أسند عن الرضا (عليه السلام).

وقد يجاب عن المورد الأول بأن الجعفريات ليس هو من تأليف إسماعيل ابن الإمام الكاظم (عليه السلام) بل من تأليف جده الإمام الصادق (عليه السلام)، فلذلك سُمي بـ(الجعفريات)، وعلى ذلك فلا يصدق على إسماعيل

أنه أسند عن أبيه (عليه السلام). ومن هنا لم يذكره الشيخ (قدس سره) في كتاب الرجال بهذه الصفة.

ولكن هذا الكلام ضعيف جداً، فإنه ــ مضافاً إلى مخالفته لما نصّ عليه أرباب الفهارس من كون الكتاب من تأليف إسماعيل ــ مما لا يمكن الالتزام به، إذ كيف يتصور أن يكون ذلك الكتاب من تأليف الإمام الصادق (عليه السلام) وينحصر راويه في حفيده إسماعيل، ولا يرويه عن إسماعيل إلا ولده موسى؟!

مع أنه إن غضّ عن ذلك فلا أقل من اعتقاد الشيخ (قدس سره) كون ذلك الكتاب لإسماعيل حيث قال في ترجمته (49): (له كتب يرويها عن أبيه عن آبائه (عليهم السلام) مبوّبةً).

فلماذا لم يعدّه من أصحاب أبيه الكاظم (عليه السلام) ويقول: إنه أسند عنه؟!

ورابعاً: إنه لو غًضّ النظر عن جميع ما تقدم إلا أن الوجه الثاني المذكور لا يفي بالجواب عن السؤال المتقدم، لأنه لا يُحتمل وجود ما يقرب من ثلاثمائة وخمسين شخصاً من أصحاب الصادق ممن ألّفوا مسانيد له (عليه السلام) ولم يوجد في أصحاب الباقر (عليه السلام) إلا شخص واحد كذلك!!

فالنتيجة: أن الصحيح في الجواب عن السؤال المذكور هو ما تقدم في الوجه الأول من كون جملة (أسند عنه) في الأصل من ابن عقدة لا من الشيخ (قدس سره).

هذا بعض الكلام فيما يتعلق بالمراد من جملة (أسند عنه)، وقد تحصل من جميع ما تقدّم: أن الوجه الثالث المتقدّم في تفسيرها هو الأحرى بالقبول، وإن كان يصعب الاطمئنان إليه أيضاً.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.  بحوث في شرح مناسك الحج ج:6 ص:577.
  2. يلاحظ التعليقة على منهج المقال ص:31.
  3. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:5 ص:74.
  4. رجال الطوسي ص:155.
  5. خلاصة الأقوال ص:322.
  6. الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ج:2 ص:179.
  7. وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ج:20 ص:72.
  8. رجال الطوسي ص:17.
  9. معجم رجال الحديث ج:1 ص:97ــ99.
  10.  معجم رجال الحديث ج:1 ص:97.
  11. مجلة تراثنا العدد الثالث ص:108.
  12. قاموس الرجال ج:9 ص:593.
  13. المستدرك على الصحيحين ج:3 ص:336.
  14. مسند أبي يعلى ج:2 ص:225.
  15. المعجم الكبير ج:6 ص:13.
  16.  تاريخ مدينة دمشق ج:33 ص:61.
  17. الوافي بالوفيات ج:9 ص:32.
  18.  تفسير الثعالبي ج:1 ص:382.
  19. تحفة الأحوذي ج:3 ص:281.
  20. تخريج الأحاديث والآثار ج:3 ص:398.
  21. فتح الباري ج:10 ص:50.
  22. التمهيد لابن عبد البر ج:13 ص:123.
  23. موطأ مالك ج:2 ص:745.
  24. تجدر الإشارة إلى ما ورد في لسان الميزان لابن حجر من قوله: (قال أبو جعفر الطوسي في رجال الشيعة: إبراهيم بن الزبرقان التيمي الكوفي أسند عن جعفر الصادق) (ج:1 ص:58)، وقوله: (الحجاج بن كثير الكوفي ذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال: أسند عن أبي جعفر الباقر) (ج:2 ص:179)، وقوله: (الحسين بن أبجر ذكره الطوسي في رجال الشيعة، وقال علي بن الحكم: أسند عن جعفر الصادق) (ج:2 ص:190). وواضح مما ذكره أنه قرأ الفعل (أسند) بصيغة الماضي المعلوم فاعله، وأرجع الضمير فيه إلى صاحب الترجمة، كما أرجع الضمير المجرور في (عنه) إلى الإمام (عليه السلام)، وهذه القراءة تناسب الوجهين الأول والثالث دون الوجه الثاني ونحوه. وحيث تقدم ضعف الوجه الأول فيمكن أن يجعل ما ذكره مؤيداً للوجه الثالث، فتدبر. هذا ولكن يمكن أن يقال: إن هناك ما يبعّد القراءة المذكورة، وهو أن الملاحظ أن الشيخ (قدس سره) يعقّب الضمير الراجع إلى الإمام (عليه السلام) بالتسليم عليه بقوله: (عليه السلام)، فلو كان الضمير المجرور في قوله: (أسند عنه) يرجع إلى الإمام (عليه السلام) لكان ينبغي أن يعقّبه بالتسليم عليه، ولا يوجد في شيء من الموارد. ويمكن أن يجاب عن هذا بأنه لم يعلم كون التسليم في موارد ذكره من الشيخ (قدس سره)، ولعله من النسّاخ وهم أضافوه فيما كان رجوع الضمير إلى الإمام (عليه السلام) واضحاً، وأما في جملة (أسند عنه) فحيث إنه كان ملتبساً عندهم أحجموا عن إضافته، فتأمل.
  25. رجال الطوسي ص:132 رقم:39.
  26. رجال الطوسي ص:343 رقم:7، ص:346 رقم:19.
  27. رجال الطوسي ص:351 رقم:4، 5، ص:357 رقم:6، ص:359 رقم:7، ص:360 رقم:16، ص:365 رقم:34، ص:366 رقم:50.
  28. رجال الطوسي ص:391 رقم:14.
  29.  رجال الطوسي ص:132.
  30. رجال الطوسي ص:187.
  31. لاحظ أمالي الطوسي ص:393، 962 ط: دار الكتب الإسلامية.
  32.  لاحظ التوحيد ص:234.
  33. لاحظ أمالي الطوسي ص:883.
  34.  لاحظ أمالي الطوسي ص:425.
  35. لاحظ أمالي الطوسي ص:202، 247، 256، 260، وغيرها.
  36. لاحظ أمالي الصدوق ص:306.
  37. لاحظ أمالي الطوسي ص:510.
  38. رجال النجاشي ص:227.
  39.  لاحظ تاريخ بغداد ج:1 ص:271.
  40. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ج:49 ص:126.
  41. لاحظ أمالي الطوسي ص:418.
  42. لاحظ أمالي الطوسي ص:424، 428.
  43.  مجلة تراثنا العدد:3 ص:122ــ134.
  44.  فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:4.
  45. فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:26.
  46. رجال النجاشي ص:276.
  47. فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:33.
  48.  رجال الطوسي ص:360، رقم:17.
  49.  فهرست كتب الشيعة وأصولهم ص:27.

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)