أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-11-2020
3493
التاريخ: 2-12-2020
2407
التاريخ: 26-11-2020
10058
التاريخ: 25-11-2020
3165
|
ثالثاً : مظاهر الأزمات الاقتصادية في ظل العولمة :
تعد العولمة والانفتاح وما يرافقها من الاعتماد المتبادل مرحلة جديدة وغير مسبوقة في التحولات الاقتصادية منذ بداية عقد السبعينات، إذ أن الأسواق العالمية تمر بثورة حقيقية كمحصله للتقدم التكنولوجي السريع في مجال الاتصالات والمعلومات إلى جانب التوجه نحو تحرير الأسواق، مما أدى إلى جعل العالم قرية صغيره نتيجة تلاشي معظم القيود والحواجز بين مختلف دول العالم.
إن الثورة العلمية والتكنولوجية ساعدت على بناء نظام مالي عالمي مترابط من خلال انتقال المعلومات والمعاملات بسرعة الضوء، ولهذا نشأت سوق الكترونية واحدة في عالم لا يسمح بالاختفاء(18).
وبالرغم من مساهمة تلك التطورات في إطلاق قوى المنافسة والإبداع بشكل منقطع النظير وأحداث تغيرات جذرية في عملية توظيف الأموال وانتقالها من سوق إلى أخرى ناهيك عن ازدياد الإنتاج كماً ونوعاً أصبح الانفتاح والاعتماد المتبادل في ظل العولمة أداة سريعة لانتقال وانتشار الأزمات المالية بين مختلف الأسواق المالية.
ففي عقد التسعينات من القرن الماضي ظهرت أزمات مالية عديدة كانت بدايتها أزمة المكسيك عام (1994) أعقبتها أزمة دول شرق أسيا عام (1997) ثم الأزمة الروسية عام (1998) وأزمة البرازيل عام (1999) ، وبمتابعة طبيعية وظروف تلك الأزمات لاحظنا إن القاسم المشترك لسمات ومظاهر تلك الأزمات كان أزمة الثقة التي منشأها (حساب رأس المال وليس الحساب الجاري) كما كان مألوفاً في الأزمات السابقة، بسبب سياسات التحرير المالي غير المحدود والذي أفرز مشاكل تتعلق بتدفقات رأس المال يكون حساب رأس المال مسؤولاً عنها ، وليست مشاكل ميزان المدفوعات كما كان سائداً في الدول النامية.
ويبدو أن هناك علاقة سببية بين ازدياد تدفقات رأس المال الدولية وحالة عدم الاستقرار، إذ تشهد الأسواق المالية نشاطات كبيرة تمتد أثارها إلى مختلف طبقات المجتمع في بقاع عديدة من دول العالم، نتيجة الزيادة غير الطبيعية في تلك التدفقات سواء أكانت قروض مصرفية أجنبية أو استثمار أجنبي مباشر أو استثمار محفظي يؤدي بالنهاية إلى أزمة مالية في أغلب الأحيان.
إن الدول النامية تتسم عادة بعدم الاستقرار فضلاً عن نقص وتشوه المعلومات مما ينعكس سلباً على قرار المستثمر وخصوصاً المحفظي، ويخلق حالة عدم ثقة بين المستثمر وبيئته الاستثمارية تؤدي إلى عدم الاستقرار نتيجة لسلوك القطيع كما يقال في اتخاذ القرار، مما يؤدي إلى انهيار سريع نتيجة الذعر وصعوبة التنبؤ بالمستقبل، وهذه ظواهر الأزمة المالية. أما بالنسبة لأسواق المال والنقود فيحدث انخفاض في قيمة عملة البلد الذي يشهد الأزمة فضلاً عن انخفاض قيمة الأسهم والسندات والأوراق المالية.
أما البنوك فعادة ما تعاني في ظروف الأزمة من اختلال توازن حساباتها في مجال الأصول والالتزامات فالأصول والموجودات تمثل الاستحقاقات على القطاع العام والخاص والاحتياطيات والأصول الأجنبية، أما الالتزامات أو المطلوبات فتمثل خصوم مثل الودائع ورأس المال والقروض من البنك المركزي والقروض الأجنبية. فعندما تحدث الأزمة تنشأ حالة من الهلع وعدم الثقة فأصحاب الأسهم يسرعون لبيع أسهمهم في البورصات حتى في الأسعار المنخفضة فيحدث انهيار في السوق المالي، وأصحاب الودائع يسعون لسحب ودائعهم لإنقاذ ممتلكاتهم مما يجعل ميزانية البنوك في حالة عجز أي أن قيمة مجوداتها من الأصول (قروض استثمارات) اقل من قيمة التزاماتها (الودائع) بكثير وهذا يؤدي إلى إعلان البنوك إفلاسها.
وبالرغم من المشتركات الكثيرة بين الأزمات المالية، إلا أن هناك اختلافات كبيرة بين أزمة وأخرى من حيث ظروفها ومتغيراتها وعمق أسبابها وتأثيراتها وأساليب علاجها، ففي دول شرق أسيا وروسيا، فان عدم وجود غطاء مقابل المطلوبات من العملات الأجنبية كان سبباً في الانهيار المالي والمصرفي إضافة إلى إفلاس العديد من المشاريع الخاصة، في حين وضع الأزمة في البرازيل يختلف وكان بسبب غياب القدرة الايفائية لبعض المصارف والتي سرعان ما عولجت من خطر الانهيار والإفلاس ووضع نظام جديد للإشراف المصرفي وفق مقررات لجنة بازل.
إن أسباب ومظاهر وآثار ومعالجات الأزمات قد تكون مختلفة، ولكن جوهرها واحد لاسيما بعد عقد التسعينات، وفي كل الأحوال تقسم فئات المجتمع إلى رابحة وخاسرة، سلبيات وايجابيات، منافع وكلف، ومحورها الرئيس هو انخفاض قيمة العملة الوطنية لدولة الأزمة فضلاً عن أن انخفاض مؤشرات التداول في الأسواق المالية يؤدي إلى اختلال حساب رأس المال مما ينعكس في النهاية بشكل انخفاض في إنتاج القطاع الحقيقي من السلع والخدمات وبالتالي حدوث الأزمة الاقتصادية والتي يمكن إجمال مظاهرها بالاتي(19).
أ. الانخفاض المفاجئ والكبير في قيمة العملة.
ب. انهيار النظام المالي والمصرفي.
ج. تعطل عمل آليات سوق الأوراق المالية كأداة للتسعير والتقييم.
د. عزوف جماعي للمستثمرين عن الاستثمار.
هـ. انعدام القدرة على سداد الالتزامات وعلى مختلف المستويات.
ز. إحجام عن الإنفاق إلا في الضرورة القصوى.
ح. تشوه المعلومات السوقية وصعوبة التنبؤ
ط. اضطراب السلوك المالي للفرد والمنظمة والمجتمع أو ما يسمى الذعر المالي والذي يمثل نمط لسلوك عشوائي جماعي.
ومما سبق يتضح مفهوم الأزمة المالية بأنها تغيرات مفاجئة ناشئة عن أزمة ثقة، لعدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل نتيجة اختلال القطاع المصرفي والمالي، ولضعف فعالية الأدوات الاقتصادية الأساسية كسعر الفائدة وسعر الصرف في تحقيق الاستقرار، تنعكس أثارها (التغيرات) في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية وفي الأمدين القصير والبعيد.
ومن الجدير بالذكر إن هناك تباين واضح بين الدول المتقدمة والنامية فيما يتعلق بمستوى تطور النظام المالي من حيث أدواته وعملياته وهياكله أو المستوى الاقتصادي ككل، ولذلك تسعى الدول المتقدمة للتنبؤ بالأزمات ومحاولة الوقاية منها أو تقليل أثارها، في حين أن الدول النامية لا تملك نفس القدرة لضعف اقتصادياتها ولم تستطيع التوقي من الأزمات ولهذا تتدخل المؤسسات المالية الدولية (الصندوق والبنك الدوليين) لمعالجة الأزمات في هذه الدول وفق حزمة من الشروط والالتزامات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18- د. جودة عبد الخالق "الدروس المستفادة من أزمة المكسيك"، مجلة مصر المعاصرة، 1996.
19- إبراهيم دبدوب وآخرون، "ندوة الأزمات الاقتصادية الراهنة في العالم" ، مؤسسة شومان، عمان، 1998، ص 35.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|