أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015
1743
التاريخ: 25-09-2015
5440
التاريخ: 24-09-2015
2360
التاريخ: 25-09-2015
3551
|
وقد سمّاه قوم
المشاكلة، وقد تقدم أن التعطف كالترديد في إعادة اللفظة بعينها في البيت، وأن
الفرق بينهما بموضعهما وباختلاف التردد، وثبت أن التعطف لا بد وأن تكون إحدى كلمتيه
في مصراع والأخرى في المصراع الآخر، ليشبه مصراعاً البيت في انعطاف أحدهما على
الآخر بالعطفين في كل عطف منهما يميل إلى الجانب الذي يميل إليه الآخر.
ومن
أمثلته قول زهير [بسيط]:
من
يلق يوماً على علاته هرما ... يلق السماحة منه والندى
خلقا
وكقول
عقيل بن علفة [طويل]:
فتى
كان مولاه يحل بفجوة ... فحل الموالي بعده بمسيل
وكقول
أبي تمام [كامل]:
فلقيت
بين يديك حلو عطائه ... ولقيت بين يدي مر سؤاله
وكقول
المتنبي [طويل]:
فساق
إلى العرف غير مكدر ... وسقت إليه المدح غير مذمم
وهذا
البيت أفضل بيت سمعته في هذا الباب، فإنه انعطفت فيه ثلاث كلمات من صدره على ثلاث
كلمات من عجزه، ففيه بهذا الاعتبار ثلاث تعطّفات، وذلك قوله: فساق، فإنها انعطفت
على قوله في العجز: وسقت، وقوله: إلي فإنها انعطفت على قوله في العجز: إليه وقوله
غير، فإنها انعطفت على قوله في العجز غير، ثم في البيت من المناسبة ما لم يتفق في
بيت غيره، فإن كل لفظة في صدره على الترتيب وزن كل لفظة في عجزه: وكل جملة كقوله
فساق وسقت وإلي وإليه والعرف، والشكر، وغير مكدر، ومذمم فهذه مفردات الألفاظ، وأما
الجمل المركبة فيها فانظراني قوله فساق إلي وسقت إليه والعرف والشكر، وغير مكدر،
وغير مذمم، ولم أر مثل هذا اتفق إلا لأبي تمام في البيت الذي قدمته على هذا البيت،
لأنه ساوى بيت المتنبي في التعطفات الثلاثة، والمناسبة الناقصة، وفضله بيت أبي
تمام بالمناسبة التامة والطباق، وله فضيلة السبق، فثبت له التقدم هذا وقد أتى به
توطئة لقوله [كامل]:
وإذا
امرؤ أهدى إليك صنيعة ... من جاهه فكأنها من ماله
وقد
جاء من التعطف في الكتاب العزيز قوله تعالى: (قُلْ هَلْ
تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ
وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ
أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) فإن التعطف في
هذه الآية الكريمة في موضعين. وكذلك جاء في قول سبحانه: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي
أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)، وكقوله سبحانه: (وَهُمْ عَنِ
الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ) والله أعلم.