أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-6-2016
4880
التاريخ: 10-4-2017
3151
التاريخ: 15-6-2016
4811
التاريخ: 15-6-2016
4826
|
نظراً لخصوصية الدعوى الإدارية والطبيعة الخاصة التي تتمتع بها وتميزها عن الدعوى العادية ، أصبحت الإجراءات التي تتبع أمام هذه المحكمة ذات طابع خاص ولها مميزاتها التي تجعلها تختلف عن الإجراءات التي تتبع أمام المحاكم العادية، وفيما يأتي سنستعرض أهم السمات والخصائص العامة لإجراءات الدعوى الإدارية التي تتبع أمام القضاء الإداري:
أولاً / إجراءات كتابية : لعل مرد الصفة الكتابية في الدعوى الإدارية راجع الى طبيعة أطرافها حيث تقف الإدارة دوماً طرفاً في الدعوى، وهي شخص اعتباري ليست له ذاكرة شخصية أو عقائد بشرية، وهذا ما يستلزم إثبات كل تصرفاتها وأفكارها في المستندات والأوراق بالكتابة وتقديمها الى الجهات المختصة، علماً أن الخصومة الإدارية تقوم على روابط القانون العام التي يسودها مبدأ المشروعية(1)، وتعتمد الإجراءات الإدارية بصفة أساسية على الصبغة الكتابية، إذ إن كل شيء يتم بواسطة المذكرات والمستندات، وتقدم المرافعات تحريرياً عن طريق تبادل المذكرات في مواعيد محددة منضبطة، ويصدر الحكم بناء على ما يحتويه ملف الدعوى الإدارية من مذكرات ومستندات (2)، وهكذا يكاد دور المرافعات الشفوية يكون ضئيلاً (3) ، فهو دور إن وجد يقتصر على الاستيضاح عن بعض الأمور المدونة شفوياً بقصد توضيح بعض الوقائع وإزالة الغموض في المذكرات والمستندات دون إضافات جديدة، ويترتب على هذه الخاصية ضمان عدم المفاجآت لأن الخصم في الدعوى يعلم مقدماً وجهة نظر خصمه عن طريق هذه المستندات والمذكرات المودعة (4) ، فقد تعطى الفرصة للإدارة لدراسة الدعوى بتعمق وإعداد الرد عليها بهدوء ودقة بعيداً عن الملاحظات والأقوال الشفهية، ويُمَكِّنُ الفرد من تحديد موقفه وتقديم رده وملاحظاته المكتوبة بهدوء وبما يتفق ومصلحته (5).
إن الشكل الكتابي للإجراءات الإدارية هو ميزة ساهمت في قوة القضاء الإداري، لأن الكتابة هي وسيلة الابداع وجمع الأفكار بعمق وتحليلها ، وهذه هي ميزة الإجراءات الكتابية أما مساوئها فهي بطء الإجراءات وتأخر الفصل في القضايا بسبب نظام المذكرات المكتوبة المتبادلة وآجال الجواب الطويلة (6).
ولا يمكن تحقيق شرط التظلم الوجوبي وتثبيته إلا كتابةً، والدعوى لا تقام إلا بإيداع العريضة علماً أن تحديد ولاية القضاء الإداري بالنظر في صحة القرارات الإدارية من خلال الطعون المقدمة أمامه يجعل الإجراءات كتابية، حيث لا يمكن تصور وجود قرار إداري إيجابي دون أن يكون كتابياً، ولا يمكن للإدارة أن تثبت بعضاً من تصرفاتها القانونية إلا من خلال المستندات والأوراق، ولا يكون الحكم إلا كتابياً.
كذلك الأمر بالنسبة لبعض الإجراءات الأخرى كما أشارت اليه المحكمة الإدارية العليا المصرية، كتحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها من قبل هيئة مفوضي الدولة، وإلزام هذه الهيئة بتقديم تقرير تحدد فيه وقائع الدعوى والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع وإبداء الرأي في ذلك مسبباً، وأشارت أيضاً الى أنه ليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفوية، وإنما لرئيس المحكمة أن يطلب اليهم أو الى المفوض ما يراه لازماً من إيضاحات (7) ، وذلك خلافاً للإجراءات أمام القضاء المدني حيث يمكن الرجوع الى أدلة أخرى مادية فضلاً عن المستندات المكتوبة، ويرجع ذلك الى أن الإدارة في أي بلد لا تتعامل إلا بالطرق الكتابية وأن من شأن ذلك أن يترك أثراً في الإجراءات القضائية الخاصة بالدعوى التي كانت الإدارة طرفاً فيها، وتأكيداً لذلك قضى مجلس الدولة الفرنسي أن (( المذكرات والمذكرات المضادة المقدمة في الصورة الكتابية من شأنها تأكيد الصفة الحضــوريـة للإجراءات أمام القضاء الإداري.)) (8)
نجد الأساس القانوني لخاصية كتابية إجراءات الدعوى الإدارية من بين القوانين المقارنة في المواد / 25 و 26 و 27 من قانون مجلس الدولة المصري، والتي هي بشأن إجراءات إقامة الدعوى وتحضيرها من قبل هيئة مفوضي الدولة، وذلك في حين لم نجد نصوصاً في قانون مجلس الدولة العراقي وقانون مجلس شورى الإقليم تدلي بكتابية إجراءات الدعوى الإدارية.
إلا أن عدم وجود نص قانوني يقرر هذه الخاصية فإنها تكون ملزمة للأفراد وللقاضي على السواء، مستنداً على الطبيعة العينية للدعوى الإدارية من جهة، التي تقوم أساساً على روابط القانون العام مستهدفاً حماية مبدأ المشروعية من خلال حماية كافة المستندات التي يثيرها الخصوم، وعلى طبيعة الخصــــــوم في الدعوى من جهة أخرى، حيث أن أحد أطراف الدعوى الإدارية هي الإدارة التي تكون جميع أعمالها قائمة على التنظيمات الكتابية (9).
وتترتب على مبدأ كتابة الإجراءات نتائج منها ما يفرض على القاضي الذي يكلف بمهمة محاولة الصلح بين الأطراف ضرورة أن يقوم بهذه المحاولة قبل أن تبدأ جلسة الحكم، ويفرض عليه ألا يأخذ في اعتباره الوسائل التي تثيرها الأطراف شفوياً ما لم تتم الإشارة اليها في المذكرات المكتوبة التي سبق أن قدمت، حيث يترتب عليه عدم إمكانية تقديم الملاحظات الشفوية من قبل الأطراف إلا إذا سمحت لهم المحكمة بذلك (10).
ثانياً / إجراءات إيجابية (إستيفائية): يقوم القاضي بدور إيجابي في توجيه إجراءات الدعوى، فلا ينتظر ما يتمخض عن الخصوم بل يقوم بإستيفاء نقاط النقص بالدعوى وتدعيمها بالأدلة المثبتة لها، وهو الذي يقدر لزوم أي اجراء أو عدم لزومه، ويفحص ما يقدم اليه من وثائق ويقدر أهميتها وفاعليتها ويطلب من الطرفين ما يرى ضرورة طلبه (11) ، وذلك عن طريق استيفاءات يوجهها من جانبه الى كل من توجد معه مستندات من شانها التأثير أو حسم الخصومة، وله إدخال أي شخص يرى ضرورة إدخاله في الدعوى، وأن يعفي أحد أطراف الدعوى من تقديم دليل معين ، أو ينقل عبء تقديم هذا الدليل أو المستند ليكلف به طرف أخر ، وله إصدار أوامر للإدارة لتقديم مستندات معينة يرى أنها ضرورية ولازمة للفصل في الدعوى (12) ، وله تقدير مدى تباطؤ أحد أطراف الدعوى في تنفيذ ما أمر به، وله سلطة قفل باب المرافعة، وهو الذي يقدر متى يضع حداً لإجراءات التحقيق في ا القضية (13) وينتج عن ذلك تمتع القاضي بسلطات واسعة في ضبط وقيادة الدعوى وبنائها، واللجوء الى التحقيق أو الخبرة، بل يستطيع في فرنسا القيام بزيارات ميدانية للمواقع لأنه إذا كان ذلك يخدم القضية ويجلى بعض جوانبها الغامضة ويساعد على إصدار الحكم الصحيح، فهو بدوره هذا يحاول التقليل من أثر استعمال الإدارة لامتيازاتها ، ويحاول التغلب على محاولاتها لإخفاء أدلة الاثبات، أو وضع العقبات أو العراقيل الإجرائية أمام السير الطبيعي للدعوى (14)، وهذا الدور يقتضيه تحقيق التوازن العادل بين طرفين غير متكافئين للدعوى(15)، علماً أنه لا يعطي القاضي الحق في التعديل أو زيادة الطلبات في الدعوى، أي أنه لا يحق للمحكمة أن تحل إرادتها محل إرادة الخصوم في الدعوى (16).
وتأكيداً لهذه الصفة قضت المحكمة الإدارية العليا المصرية أن الدعاوى القائمة على روابط القانون العام يملكها القاضـــي وله هيمنة إيجابية على إجراءات الخصومة وتوجيهها، لأن طبيعة المنازعة الإدارية تستلزم تدخل القاضي الإداري بدور إيجابي، فهو الذي يوجهها ويكلف الخصوم فيها لما يراه لاستيفاء تحضيرها وتهيئتها للفصل فيها، تتصل باستقرار حكم القانون في علاقات الأفراد مع الهيئات العامة وهذا ما يلزم تأكيداً للصالح العام في تيسير أمر القاضي على ذوي الشأن.(17)
ثالثاً / إجراءات استقصائية : خلافاً للطابع الاتهامي الذي يضفى على الإجراءات المدنية، حيث تكون لأطراف الدعوى سلطات واسعة في إدارتها وتسييرها بصورة يكون فيها القاضي حكماً، فإن الإجراءات الإدارية القضائية تتميز بطابعها الاستقصائي والتحقيقي نظراً لدور القاضي الإداري في توجيه الدعوى الإدارية وتسييرها (18) ، إن القاضي الإداري هو الذي يتولى تسيير الدعوى، خلافاً لما هو عليه الحال في الإجراءات المدنية حيث تسيّر المحاكمة الفريقان المتقاضيان (19) ، وبهذا يكتسب مظهراً أشد بروزاً، بصدد قضية البيئة، ففي الدعوى المدنية يشارك القاضي بقسط ضئيل في البحث عن الحقيقة، إذ يكتفي بحضور نقاش يشبه غالباً بمبارزة قضائية، يقوم فيها بدور الحكم الذي تقتصر مهمته على إعلان نتائجها، أما في الدعوى الإدارية، فيشارك القاضي مشاركة فعالة تسمح له غالباً بتخفيف آثار عدم المساواة التي تكتنف دور المدعي في مواجهة الإدارة بالنسبة لموضوع البينة(20)، ولو أن البعض(21) أنه يرى لا ينبغي المبالغة في هذا التمييز، لأنه ليس مطلقاً، ففي فرنسا تشهد الإجراءات المدنية شيئاً فشيئاً تخلياً عن حرية الأطراف في توجيه الدعوى علماً أن الإجراءات الفاحصة في المواد الإدارية ليست تامة.
فالقاضي الإداري يتولى بنفسه البحث عن الأدلة، وهو يتمتع بحرية واسعة فيعين الشكل الذي تجري فيه أعمال التحقيق ، كتعيين الخبراء، وسماع الشهود بعد اليمين وإجراء الكشف الحسي، وتدقيق القيود، واستجواب الأفراد وغير ذلك من الإجراءات حرصاً على أن تكون جميع أعمال التحقيق كاملة ومجردة ، وعلى أن يكون حق الدفاع محترماً (22).
رابعاً / إجراءات سريعة واقتصادية : تتميز الإجراءات أمام القضاء الإداري بعامل السرعة والحسم في المنازعات، ذلك لأنها تعالج أوضاعاً إدارية تتطلب سرعة الإستقرار ولا تتحمل التعليق والانتظار (23) ، وذلك من خلال عدم إطالة النزاع والابتعاد عن لند الخصومة الفردية وإبعاد كل ما يؤدي الى التناقض والابتعاد عن التعارض بهدف الثبات والاستقرار في المعاملات مع التأكيد على السرعة في إجراءات التبليغ والإعلان (24)، نظراً لهيمنة القاضي الإداري عليها وهذا ما يحررها من كل ما يؤخر حسم الدعوى (25)، حيث يتم إنهاء الدعوى الإدارية سريعاً مقارنة بطول أمد التقاضي في الدعوى المدنية، التي تكون إجراءاتها بيد أطراف الدعوى يسيرونها كما يشاؤون.
إن إطالة أمد التقاضي تحول دون تنفيذ ما يصدر من أحكام بعد ذلك في هذه المنازعات خاصة إذا ما قامت الإدارة بتنفيذ قرارها واستحال معه تنفيذ قرار المحكمة (26).
ونلاحظ هنا تأكيد المشرع على إسراع الإجراءات الإدارية في قوانين مجلس الدولة عند الدول المقارنة، وذلك من خلال إلزام أطراف الدعوى الإدارية والقضاء سواء بالمدد القانونية، كمدة التظلم والرد عليه، وتقديم عريضة الدعوى وتهيئتها من قبل المفوضين وكثير من الإجراءات الأخرى .
أما المقصود من الاقتصاد في النفقات الذي يعد من الأصول الجوهرية في قانون المرافعات ولا يتعارض إعماله مع طبيعة المنازعة الإدارية، فهو يعني ضآلة الرسوم القضائية نسبياً من تلك التي تفرض في الدعاوي العادية أمام القضاء العادي (27) ، أي تقليل و تخفيض الإنفاق المادي خلال إجراءات سير الدعوى ، وهذا لا يعني مجانية الإجراءات، ويرى البعض أن إجراءات التقاضي إنما هي خدمة عامة للشعب لذا توصف بالمجانية، ولكن هذه المجانية لا تمنع من بعض النفقات الضرورية ولكنها تكون قليلة توجه بإجراءات القضاء الإداري نحو التطور والكمال (28) ، هذه الصفة في الإجراءات الإدارية يمكن أن يعد ضمانة للسهولة في التقاضي للدفاع عن الحقوق العامة، وذلك عن طريق الإستثناء عن قاعدة اللجوء الى محام من خلال نصوص متفرقة بالنسبة لأهم الدعاوى التي فيها دعاوى تجاوز السلطة أحياناً، وتكون التبليغات أيضاً عن طريق البريد المسجل (29) ، إلا أننا نرجع ونلاحظ أنه لا نجد هذه الخصائص في الإجراءات الإدارية التي تميزها عن الإجراءات المدنية، في الأنظمة التي تطبق نصوص الإجراءات المدنية أمام القضاء الإداري ومنها نظاما العراق وإقليم كوردستان(30 )، بخلاف ما نجده في فرنسا ومصر حيث يعطي المشرع في بعض الأحيان صلاحيات للقاضي الإداري تمكنه من تقصير أمد التقاضي وتحقق السرعة في الإجراءات(31).
خامساً / إجراءات شبه سرية : لأن عمل الإدارة محاط بالسرية وفقاً لقوانين الوظيفة العامة الى درجة اعتبار إفشاء السر المهني جريمة انضباطية تستوجب عقاب الموظف، ولأن المراحل التحضيرية للقرارات الإدارية سرية، ولا تصبح علنية سوى القرارات التنظيمية، لكل ذلك استوحى القضاء الإداري إجراءاته من قاعدة سرية وهذه معروفة وراسخة في العمل الإداري (32) ، ذلك خلاف ما هو عليه الحال في الإجراءات المدنية التي تكون المرافعة أمامها علنية كأصل وسرية في حالات استثنائية، مبنية على طلب الخصوم ومبررة بأسباب . يمس أحد الأطراف ويقتنع بها القضاء.
إلا واننا نلاحظ أن هذه الخصيصة للإجراءات الإدارية لم تتجسد أمام القضاء الإداري عند بعض الأنظمة القانونية لتطبيقها قواعد المرافعات المدنية، مثل العراق وإقليم كوردستان. ويقصد بالسرية هنا غير الخصوم في الدعوى، إذ إنّ القاعدة بالنسبة للخصوم أن يحاطوا علماً بجميع الوثائق والمستندات وأوجه الدفاع في الدعوى أما بالنسبة للغير فالإجراءات سرية (33)، ولكن إذا اعتذرت الإدارة عن تقديم أي وثيقة رأى القاضي ضرورة الاطلاع عليها ، فللقاضي أن يصر على طلبه، على أن يقدر بعد الاطلاع عليها، ما إذا كانت المصلحة العامة توجب بقاءها سرية، وما إذا كان ضمها الى ملف الدعوى قد يسيء الى سريتها، فإذا رأى ذلك امر بإعادتها الى جهة الإدارة دون أن تضم الى الملف، على أن يبين هذه الواقعة لخصم جهة الإدارة بالشكل الذي لا يحرمه من أي فرصة للدفاع عن حقه (34).
سادساً / إجراءات تحضيرية مسبقة : إن النظام القضائي الإداري يعتد في المقام الأول بتحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها عن طريق هيئة مفوضي الدولة أو هيئة مفوضي الحكومة(35)، وهذا ما نراه في كل من فرنسا ومصر، حيث يرفع عن عاتق القضاة الإداريين مستشارين وغيرهم عبء تحضير القضايا وتهيئتها للمرافعة حتى يتفرغوا للفصل فيها (36)، حيث يودع مفوض الدولة تقريراً يبين فيه وقائع الدعوى، والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع، والرأي القانوني المقترح، وذلك وفقاً للإجراءات التي ألزم القانون هيئة مفوضي الدولة القيام بها قبل طرح المنازعة على القضاء (37) ولا نرى مثل هذه الإجراءات من قبل هيئة أو شخص معين في الإجراءات المدنية.
سابعاً / إجراءات وجاهية : تتسم الإجراءات الإدارية بخاصية المواجهة، أي أن القاضي الإداري لا يستطيع الفصل في الدعوى على أساس مستند لم تتيسر لأحد الطرفين فرصة الاطلاع عليه ومناقشته وتقديم الملاحظات بشأنه، وذلك كله إعمال لمبدأ حق الدفاع (38) ، حيث يمكن أن نحدد عناصر الوجاهية في أمرين هما: الإخطار بالدعوى، وتمكين الاطلاع على المستندات (39)، ونظراً للطبيعة الكتابية للإجراءات الإدارية ، فإن القاضي الإداري، قبل أن يفصل في القضية يكون كل من الطرفين قد قدم مذكراته ودفوعه من خلال تبادل المذكرات والردود حيث تكون الإجراءات حضورية بمجرد تبليغ المدعى عليه وإخباره بعريضة طلبات المدعي سواء حضر أو غاب (40)، وذلك لأن الإجراءات الإدارية كما ذكرناه سلفاً ذات صبغة كتابية يسودها مبدأ المرافعة التحريرية، حيث تقدم فيها الطلبات والدفوع وأوجه الدفوع عن طريق تبادل المذكرات في مواعيد منضبطة قبل دخول الدعوى مرحلة التحضير التي يجري فيها حصر أوجه النزاع واستيفاء أدلة الإثبات ووسائل الدفاع ، ومن ثم لا أهمية لحضور الخصوم أو غيابهم بعد ذلك في مرحلة المرافعة أمام المحكمة بكامل هيئتها مادام قد تم إعلامهم قانوناً بالجلسة، وعلى هذا الأساس استبعدت فكرة إبطال الدعاوى الإدارية خلافاً لما هو عليه الحال في الدعاوى المدنية (41)، فالنظام أمام المحاكم المدنية مستقر على إبطال الدعوى في حالة غياب الخصوم عن حضور الجلسات المحددة لنظر دعاويهم (42) ، ولكن نرى أن هذا الرأي وإن كان يمكن العمل عليه في كل من فرنسا ومصر وذلك لوجود هيئات مكلفة بتحضير الدعوى قبل النظر فيها من قبل المحاكم الإدارية، إلا أنه لا يوجد مثل هذه الهيئات في كل من العراق وإقليم كوردستان، وأن القضاء الإداري فيهما يعمل بنصوص قانون المرافعات المدنية العراقية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، لذلك نرى أنه قد لا يمكن الأخذ بهذا الرأي على هذا الإطلاق وإنما يلزم حضور الخصوم وفق ما حددته نصـــوص القانون .
ثامناً / تقديم الدعوى بواسطة محام : يجب ان تقدم الدعوى الى المحكمة بواسطة محام مقيد بجدول المحاميين المقبولين أمام تلك المحكمة، ينوب عن المدعي، وهذا ما اخذ به كل من فرنسا ومصر، فيلزم المشرع المصري المحامي بالتوقيع على اوراق الدعوى الإدارية في كافة مراحلها (43)، باستثناء دعوى الإلغاء في فرنسا التي لا يشترط رفعها عن طريق محام وذلك تشجيعاً على رفع هذه الدعوى الموضوعية التي تهدف الى حماية مبدأ المشروعية في الدولة. (44) ويستفاد من ذلك أن توقيع المحامي على أوراق الدعوى يعد إجراء جوهرياً لـصـــــحـة صحيفة الدعوى الإدارية التي يترتب على إغفالها بطلان الصحيفة (45)
والغاية من توقيع المحامي على صحف الدعوى وصحف الطعون هي ضمان تحرير الأوراق بمعرفة متخصصين في القانون حتى يراعي في تحريرها أحكام القانون ، فتقل بقدر الإمكان المنازعات التي قد تنشأ فيما لو قام بتحريرها من لا خبرة لهم بممارسة هذه الأمور ذات الطبيعة القانونية التي تعود بالضرر على ذوي الشأن (46) ، فالمحامي على معرفة بالإجراءات الإدارية وكيفية تقديم العريضة وأسلوبها وما تشمل عليه، إضافة الى المواد المحددة التي يستند عليها قبول الدعوى، وما هي الشروط المطلوبة لقبول عريضة الدعوى والشروط المقررة في الطاعن وإجراءات التظلم الإداري، مع العلم أن هذه الإجراءات يستحيل أو يصعب على الفرد العادي معرفتها والسير فيها (47).
____________
1- عبدالعزيز بن أحمد بن محمد الصقري وسائل القاضي الإداري في تحقيق الدعوى، سلطنة عمان، 2011، بحث منشور على الموقع التالي :http://www.admincourt.gov.om/pdf/athaan-aziz3.pdf تاريخ أخر زيارة : 2020/1/11
2- د. خليفة سالم الجهمي، أحكام ومبادئ القضاء الإداري الليبي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2013، ص327.
3- إلا أن هذه الصفة لم تتجسد في الواقع التطبيقي بصورة واضحة في الإجراءات أمام المحاكم الإدارية في العراق و إقليم كوردستان العراق كما هو عليه الحال في فرنسا ومصر، وهذا ما يجعل الدعوى الإدارية أمام محاكمهما أن تضفى عليها صبغة الدعوى المدنية أكثر من كونها إدارية، وذلك لعدم تنظيم سير المرافعة أمام هذه المحكمة وتقييد القضاء الإداري فيها بصورة كبيرة بقواعد الإجراءات المدنية التي تنص عليها المادة / 60 من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل - 1- تسمع المحكمة اقوال المدعي أولا ثم المدعى عليه. ويجوز تكرار ذلك حسب الاحوال ويكون المدعى عليه آخر من يتكلم - تثبت المحكمة اقوال الطرفين في محضر الجلسة الا اذا كانت تكرارا لما تضمنته لوائحهما ويوقع المحضر الحاكم والكاتب والخصوم أو وكلاؤهم ويحفظ في اضبارة الدعوى. ويجوز ان يتلى في المرافعة بناء على طلب أحد الطرفين ..
4- د. نواف كنعان، القضاء الإداري في الأردن، ط1، بدون دار النشر، عمان، 1999، ص357.
5- د. حمدي ياساين عكاشة موسوعة المرافعات الإدارية والأثبات، ج2، إجراءات الدعوى الإدارية، مصدر سابق، ص238.
6- د. مسعود شيهوب، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية، ج 1، 3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005، ص 112.
7- الطعن رقم 47 السنة 4 ق - جلسة 1958/6/7 حمل 3 والطعن رقم 2501 لسنة 6ق -جلسة 1964/3/22، نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات الإدارية والأثبات، ج 2، إجراءات الدعوى الإدارية ، ص 242.
8- نقلاً . عن د. محمود حمدي أحمد مرعي، ظاهرة بطء الفصل في الدعاوي الإدارية دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2016 ، ص41،40.
9- للمزيد ينظر د. مصطفى محمود الشربيني، بطلان إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006 ، ص117 وما بعدها.
10- د. محمد جابر عبد العليم، مفوض الدولة في القضاء الإداري، دار الكتب القانونية، مصر، 2007، ص94.
11- د. محمود حلمي، القضاء الإداري، ط 2 ، دار الفكر العربي، القاهرة، 1977، ص 366
12- د. شريف أحمد بعلوشة، إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، ط1، مركز الدراسات العربية، الجيزة، 2016 ، ص 85.
13- د. حسن السيد بسيوني، دور القضاء في المنازعة الإدارية عالم الكتب، القاهرة، بدون سنة النشر ، ص187
14- د. جورجي شفيق ساري، قواعد وأحكام القضاء الإداري ،طه، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003 ، ص597
15- د. نجيب خلف أحمد و د. محمد علي جواد كاظم ، القضاء الإداري ، جامعة المستنصرية ، بغداد، 2010 ، ص 193 .
16- المحكمة الإدارية العليا المصرية ، الطعن رقم 5888 لسنة 46 ق – جلسة 2003/4/16 ، نقلاً عن د. عبدالناصر عبدالله أبو سمهدانة، مبادئ الخصومة الإدارية، ط1، المكتب القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2012 ، ص 153.
17- الطعن رقم 8661 لسنة 47ق - جلسة 2005/1/29 و الطعن رقم 31421 لسنة 52 ق – جلسة 2007/3/17 والطعن رقم 1522 لسنة 27ق - جلسة 2005/4/9 ، نقلاً عن د شريف أحمد بعلوشة، إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، ط1، مركز الدراسات العربية، الجيزة، 2016 ، ص 85 والطعن 348 لسنة 9ق – جلسة 1968/11/3 س14 ، ص 7 ، نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة موسوعة المرافعات والإثبات، ج 2، إجراءات الدعوى الإدارية، مصدر سابق ، ص246.
18- د. محمد الصغير بعلي الوسيط في المنازعات الإدارية، دار العلوم للنشر والتوزيع عنابة، بدون سنة النشر، ص 131.
19- د. خالد خضر الخير المبادئ العامة في القضاء الإداري، المؤسسة الحديثة للكتاب ، لبنان ، 2014 ، ص 168. ،
20- د. محيو أحمد ، المنازعات الإدارية ، ترجمة فائز أنجق وبيوض أحمد، ط ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر بدون سنة النشر، ص73.
21- للمزيد ينظر د مسعود شيهوب، المبادئ العامة للمنازعات الإدارية، ج 1، 3، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005 ، ص110.
22- د. سمير سهيل دنون ، النظريات الأساسية في المنازعات الإدارية ، المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان ، 2009 ، ص 213.
23- د. وهيب عياد سلامة، دعوى الإلغاء ، بدون دار ومكان النشر ، 2010، ص239.
24- د. محمد حميد الرصيفان العبادي قضاء الإلغاء الإداري، ط 1 ، جليس الزمان للنشر والتوزيع ، الأردن ، 2013 ، ص 87
25- د. نجيب خلف أحمد و د. محمد علي جواد كاظم ، القضاء الإداري ، جامعة المستنصرية ، بغداد، 2010 ، ص193.
26- د. شريف أحمد بعلوش ، مصدر سابق ، ص88
27- د. حسن السيد بسيوني ، مصدر سابق، ص 195 وقرار المحكمة الإدارية العليا المصرية في الطعن رقم 352 السنة 33ق- جلسة 1988/5/14 ، ص 33، نقلاً عن د. حمدي ياسين عكاشة ، موسوعة المرافعات والإثبات، ج2، إجراءات الدعوى الإدارية ، مصدر سابق ، ص247.
28- د. مصطفى محمود الشربيني، بطلان إجراءات التقاضي أمام القضاء الإداري، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2006 ، ص107 .
29- د. مسعود شيهوب ، مصدر سابق ، ص 111
30- تنص الفقرة حادي عشر من المادة / من قانون مجلس الدولة العراقي على أنه " تسري أحكام ...قانون الرسوم العدلية رقم 114 لسنة 1981 في شأن الاجراءات التي تتبعها المحكمة الادارية العليا ومحكمة القضاء الاداري ومحكمة قضاء الموظفين فيما لم يرد فيه نص خاص في هذا القانون" وتنص المادة // من قانون الرسوم العدلية والسارية في الإقليم أيضاً، على أنه " تسري احكام هذا القانون على اولا - المعاملات والدعاوى المقامة لدى محاكم الاستئناف ومحاكم البداءة والمحاكم الادارية ومحاكم ايجار العقار ومحاكم العمل ومحاكم الاحوال الشخصية ما لم يرد نص بخلاف ذلك. وبما أنه لا يوجد نص في قانون مجلس الدولة العراقي وقانون مجلس الشـــــورى للإقليم، ينظم الرسومات الخاصة بها، فيصار الى تطبيق هذه المادة بالنسبة للإجراءات الإدارية .
31- ينظر بهذا الشأن المادة / 25، 26 ، 27 ، 31 ، من قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972 .
32- د مسعود شيهوب، مصدر سابق، ص112.
33 - د. وهيب عياد سلامة، دعوى الإلغاء ، بدون دار ومكان النشر ، 2010 ، ص 240.
34- برهان زريق مبادئ وقواعد إجراءات القضاء الإداري، ط ا ، المكتبة القانونية دمشق، 2011 ، ص26.
35- د. سعاد الشرقاوي الوجيز في القضاء الإداري، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981، ص 176.
36- د. ابراهيم سيد أحمد و شريف أحمد الطباخ، الوسيط في شرح قانون مجلس الدولة، ط1، شركة ناس للطباعة، القاهرة، 2014، ص 144.
37- د. سعاد الشرقاوي، المصدر السابق، ص 176.
38- د. حسن السيد بسيوني ، مصدر سابق ، ص182 .
39- للتفصيل ينظر د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة ، الموسوعة الإدارية الشاملة في دعاوى والمرافعات الإدارية ، ج 2، أصول إجراءات التقاضي والإثبات في الدعاوى الإدارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، بدون سنة النشر، ص357 وما بعدها.
40- د. محمد الصغير بعلي الوسيط في المنازعات الإدارية، دار العلوم للنشر والتوزيع عنابة، بدون سنة النشر ، ص 124.
41- د. خليفة سالم الجهمي، أحكام ومبادئ القضاء الإداري الليبي، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2013، ص332.
42- د. سعاد الشرقاوي، مصدر سابق ، ص 176.
43- المادة / 25 و 44 من قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972.
44- د. ماجد راغب الحلو، القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1995 ، ص 249 .
45- د. خليفة سالم الجهمي، المصدر السابق، ص328.
46- د.حمدي يساين عكاشة، موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات إجراءات الدعوى الإدارية، ج 2، إجراءات الدعوى الإدارية ، مصدر سابق، ص 266.
47- د. محمد حميد رصيفان العبادي، قضاء الإلغاء الإداري، طا، جليس الزمان للنشر والتوزيع، عمان، 2013 ، ص87
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|