المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



رجع إلى أهل الأندلس  
  
1210   11:58 صباحاً   التاريخ: 29-12-2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج3، ص:330-333
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-1-2023 1111
التاريخ: 2024-03-11 835
التاريخ: 22-3-2022 2098
التاريخ: 2024-01-07 1386

رجع إلى أهل الأندلس ، فنقول:

كان ابن سعد الخير البلنسي الشاعر كثير الذهول ، مفرط النسيان . ظاهر التغفل على جودة نظمه ورطوبة طبعه ، وكان كثيراً ما يسلك سكة الإسكافيين الذين يعملون الخفاف على بغلة له ، فاتخذت البغلة النفور من أطراف الأدم وفضلات الجلود الملقاة في السكة عادة" لها ، واتفق أن عبر في السكة راجلا ومعه جماعة من أصحابه ، فلما رأى الجلود الملقاة قفز ووثب راجعاً على عقبيه، فقال له أصحابه : ما هذا أيها الأستاذ ؟ فقال : البغلة نفرت ، فعجبوا من تخلفه وتغفله كيف ظن مع ما يقاسيه من ألم المشي ونصب التعب أنه راكب ؟ وأن حركته الاختيارية منه حركة الدابة الضرورية له ، فكان تغفله ربما أوقعه في تهمة عند من لم يعرفه ، فاقترح عليه بعض الأمراء أن يصنع بيتين أول أحدهما كتاب وآخره ذئب . وأول الآخر جوارح وآخره أنابيب ، فصنع بديها:

كتاب نجيع(1) لاح في حومة الوغى            وقارنه نسر هنالك أو ذيب

جوارح أهليه حروف وربمـا                                  تولته من نقط الطعان أنابيب

وقال الحميدي(2): ذكر لي أبو بكر المرواني أنه شاهد محبوبا الشاعر النحوي قال بديهة في صفة ناعورة:

 

۳۳۰

وذات حنين ما تغيض جفونها             من اللجج الخضر الصوافي على شط

وتبكي فتحيي من دموع جفونها                   رياضاً تبدت بالأزاهر(3) في بسط

فمن أحمر قان وأصفر فاقع                           وأزهر مبيض وأدكن مشمط

كأن ظروف الماء من فوق متنهـا                    لآلي جثمان قد نظمن على قرط

وقال أبو الخطاب ابن دحية": دخلت على الوزير الفقيه الأجل أبي بكر عبد الرحمن بن محمد بن مغاور السلمي . فوقع الكلام في علوم لم تكن من جنس فنونه ، فقال بديها:

أيها العالم أدركني سماحاً                      فلمثلي يحق منك السماح

إن تخلي إذا نطقت عييا                        فبناني إذا كتبت وقاح

أحرز الشأو في نظام ونثر                    ثم أثني وفي العنان جماح

فبهزل كما تأود غصن                          ويجد كما تهز الصفاح

وقال(4): دخلت عليه منزله بشاطبة في اليوم الذي توفي فيه وهو يجود بنفسه . فأنشد بديها:

أيها الواقف اعتباراً بقبري                             استمع فيه قول عظمي الرميم

أودعوني بطن الضريح وخافوا            من ذنوب كلومها بأديمي

ودعوني بما اكتسبت رهينا                             غلق الرهن عند مولى كريم

وقال طوفان(5): دعا أبي أبا الوليد التحلي ، فلما قضوا وطرهم من الطعام سقيتهم ، وجعلت أترع الكاسات ، فلما مشت في التحلي

۳۳۱

سورة الحميا ارتجل:

لابن طوفان أياد              قل فيها مشبهوه

ملأ الكاسات حتى                   قيل في البيت أبوه

ونظيره قول المنفتل(6) من شعراء الذخيرة في الشاعر ابن الفراء:

فإذا ما قال شعراً             نفقت سوق أبيه

وذكر في " بدائع البدائه "(7) أن جماعة من الشعراء في أيتام الأفضل خرجوا منتزهين إلى الأهرام ليروا عجائب مبانيها ، ويتأملوا ما سطره الدهر من العبر فيها ، فاقترح بعض من كان معهم العمل فيها ، فصنع أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الأندلسي:

بعيشك هل أبصرت أعجب منظراً               على ما رأت عيناك من هرمي مصر

أنافـا بأعنان(8) السماء فأشرفا            على الجو إشراف السماك أو النسر

وقد وافيا نشرا من الأرض عاليـا                  كأنهما نهدان قاما على صادر

وصنع أبو منصور ظافر الحداد:

تأمل هيئة الهرمتين وانظر                              وبينهما أبو الهول العجيب

كعماريتين(9) على رحيـل                   بمحبوبين بينهمـا رقيب

وفيض البحر عندهما دموع                           وصوت الريح بينهما نحيب

وظاهر سجن يوسف مثل صب                   تخلف فهو محزون كئيب

۳۳۲

وقال ابن بسام(10): كان للمتوكل ابن الأفطس فرس أدهم أغر محجل على كفله ست نقط بيض ، فندب المتوكل الشعراء لصفته ، فصنع التحلي أبو الوليد فيه بديها :

ركب البدر جوادا سابحـا                             تقف الريح لأدنى مهله

لبس الليل قميصاً سابغـا                    والثريا نقط في كفله

وغدير الصبح قد خيض به                           فـدا تحجيله من بلله

كل مطلوب وان طالت به                            رجله من أجله في أجله

ثم انتدب الشعراء بعد ذلك للعمل فيه فصنع ابن اللبانة:

لله طرف جال يا ابن محمد                             فحبت(11) به حوباؤه التأميلا

لما رأى أن الظلام أديمه                       أهدى لأربعه الهدى تحجيلا

وكأنما في الردف منه مباسم                           تبغي هناك لرجله تقبيلا

وقال فيه أبو عبد الله ابن عبد البر الشنتريني من قطعة:

وكأنما عمر على صهواته                      قمر تسير به الرياح الأربع

ويعني بعمر المتوكل المذكور لأن اسمه عمر.

وقال أحمد بن عبد الرحمن بن الصقر الخزرجي قاضي إشبيلية:

الله إخوان تناءت دارهم                     حفظوا الوداد على النوى أو خانوا

يهدي لنا طيب الثناء ودادهم                        کالند يهدي الطيب وهو دخان

۳۳۳

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- م : نجيح.

2- الجذوة : ۳۲۸ .

2- الجذوة : من أزاهير .

3- بدائع البدائه ۲ : ۱۷۱ ، ولم ترد في المطرب.

4- المصدر نفسه ۱۷۲ .

5- بدائع البدائه ۲ : ۱۹۱ ، وفي ب : طفوان

6- المصدر السابق : ۱۹2.

7- المصدر نفسه ۱ : ٢٤٣ وانظر نوادر المخطوطات ١ : ٢٦.

8- م: بأسباب؛ البدائع : بأكناف.

9- العمارية : الهودج .

10- البدائع 1: ٢٦٠.

11- البدائع: فجئت؛ ب : فجبت

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.