أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1925
التاريخ: 25-11-2014
2197
التاريخ: 23-10-2014
2266
التاريخ: 2023-11-12
1632
|
مسألة : وسأل: هل يجوز أن يحسن الله قبيحاً في حال ، ويقبحه في أخرى ، مثل شرب الخمر وأكل لحم الخنزير والقتل والربا والزنا؟ وهل كانت هذه الأشياء محللة ثم حرمت ، أم لم تزل محرمة غير محللة؟
والجواب عن ذلك: أن الله تبارك وتعالى لا يحسن قبيحاً ، ولا يقبح حسناً ، إذ تقبيح الحسن وتحسين القبيح باطل ، لا يقع إلا من جاهل بحقيقتهما ، أو متعمد للكذب في وصفهما بغير صفتهما. والله ، تعالى عن ذلك علوا كبيراً.
فصل: وقد تدخل على العامة شبهة في هذا الباب ، ويعترضهم شك في النسخ ، وحظر ما كان مباحاً ، و إباحة ما كان محظوراً ، فيتوهمون أن الله تعالى حسن قبيحاً وقبح حسناً. وليس الأمر كما ظنوه.
وذلك أن الحسن والقبح إنما هما وصفان للأفعال ، فالأفعال التي مضت وتعلق بها الحظر ، كانت قبيحة. وما مضى مما تعلقت به الإباحة والأمر بها ، كان حسناً. فإذا طرأ الحظر على أفعال في المستقبل ، كان ما يتعلق به ذلك في المستقبل قبيحاً ، وما مضى منه حسناً. والأفعال المستقبلة غير الماضية ، وكذلك إذا تجددت الإباحة لأفعال في المستقبل ، كانت الأفعال المستقبلة حسنة ، وما تعلق به النهي من ماضيها قبيحاً ، والماضي غير المستقبل ، على ما بيناه.
وإنما تقبح الأفعال التي لا دليل في العقل على قبحها ولا حسنها ، للعلم بالفساد بإباحتها وبقبح حظرها للعلم بالاستفساد بتحريمها ، وأحوال المكلف تتغير ، فلتغيرها يحسن إباحتهم حينا ما كان نوعه محظوراً عليهم حيناً ويحسن منعهم حيناً ، ما كان نوعه لهم مطلقاً حيناً ، وهذا باب لا يخفى معناه على متأمل له ، ومفكر من أهل العقل فيه.
فصل: فأما تحريم الزنا والربا فلسنا ، نعلم خلافاً في أنه كان كذلك في كل شريعة ولم يأت بإباحته نبي والاستفساد به ظاهر لذي الألباب ، وتحريم الخمر عندنا كان في كل شريعة ، ولم يكن مباحاً في حال من الأحوال.
وقد خالف في ذلك الجمهور ، ومعنا به آثار صادقة عمن يجب التسليم له من حجج الله تعالى وأصفيائه في الدين.
ولو قلت: إن الاعتبار يدل عليه أيضاً ، لما أبعد بذلك عن الحق من قبل أن الفساد بشرب كثير من الخمر معلوم ، وأن شرب القليل منه ، يدعو إلى شرب كثيره ، وقال الله سبحانه: { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ }.
فدل على أن عاقبة الخمر ترك الصلاة ، والإعراض عن ذكر الله ووقوع البغضاء والعداوة بين الناس ، وما كان هذا عاقبته فهو قبيح.
ومعلوم أن شرب قليل الخمر يدعو إلى هذا الكثير الذي نص الله على الفساد به ، فدل على أن شرب القليل والكثير من المسكر محرم في كل شرع بهذا الضرب من الاعتبار ، ووافق ذلك ما جاءت به عن الأئمة الصادقين(عليهم السلام) الآثار.
وأما إباحة لحم الفيل والقرد والدب وأشباهها مما لم يأت بإباحته شريعة ، فقد عرفنا تحريمه في كل شرع. ولسنا نعلم للعقلاء حالا قبل الشرع فنتكلم عليها ، فإن كنا لو قدرناها لوجب الوقف عندنا في الحظر والإباحة ، لما لا تدل العقول على حسنه وقبحه من الأشياء.
وأما لحم الخنزير فالنصارى تزعم أن المسيح (عليه السلام) أباحهم أكله. ولسنا نثق بدعواهم ، و إن كنا نجوز صحتها في العقول ، فإن بطلت ، فقد كفينا الكلام على وجه حظره بعد إباحته ، وإن صحت ، فالوجه في حظر المستقبل منه بعد إباحته في الماضي ، بما قدمناه ، وفي ذلك كفاية. والمنة لله(1).
[انظر: سورة الفرقان ، آية 48 ، في بحث الطهارة ، من المسائل الصاغانية : 47.]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الرسالة العكبرية (الحاجية ): 133، والمصنفات 6: 85.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|