المرحلة ما بين عام 1950 -1970:

شهدت هذه المرحلة تغيرات فكرية وتطورات اقتصادية كان لها أثر كبير على جغرافية النقل في الخمسينيات من القرن الماضي تغيرات جذرية في مناهج بحثها ولعل خير وصف لهذه المرحلة أنها ثورة كمية في جغرافية النقل، تهدف إلى الأخذ بالوسائط الإحصائية أو بطرق القياس الكمي الحديث، وقد اتسمت هذه المرحلة بتغيرات فكرية وتطورات اقتصادية كان لها أكبر أثر على جغرافية النقل في النصف الثاني من القرن العشرين، وكان هذا الاتجاه واضحا في الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وبعض دول اوربا بزعامة هيجر استراند بجامعة لندن، بالسويد وكانت لأفكاره تأثير كبيرا على الجغرافيين الأمريكيين مما ادى الى تحول بارز ونقلة كبيرة تمثلت في كتابات اكرمان وبنج وبري، وقبل بداية الستينات انتقل مركز النقل الجغرافي من المدرسة الأوربية الى المدرسة الامريكية، وبالتالي انتقال التيار الكمي من الجغرافيا، وقد شملت هذه التغيرات مقدمة نظرية الموقع، والتحليل المكاني وكان من أهم النتائج التي أسفرت عنها استخدام نموذج الجاذبية، والاستفادة منه في دراسة انماط التفاعل المكاني، مثل حركة الافراد والافكار والبضائع وكان من أهم النتائج لهذه التغيرات إضافة العديد من المفاهيم غير الجغرافية والمستعارة من العلوم الأخرى مثل الرياضيات والاحصاء والاقتصاد الأمر الذي ادى إلى زيادة العوامل المؤثرة في جغرافية النقل وتحررها من سيطرة البيئة الطبيعية وتفاعلها إلى إمكانية القرن العشرين بعد أن كانت في دائرة اهتمام العلوم الطبيعية وحتمية القرن 19 وهي سمة المرحلة.

ومع بداية الستينيات يزرع تيار جديد منهجي في جغرافية النقل بيئته جامعة نورث ولسترنوركز هذا المنهج على تحليل شبكات النقل، باستخدام نظرية شبكة البيانات، وكان وليام جاريسون أول من طبق شبكات النقل عام وفي هذه المرحلة استعانت جغرافية النقل ببعض نظريات علم الاقتصاد مثل نظرية الانماط الزراعية لفون تنن ونظرية الفريد ويبر ونظرية هوفر ونظرية المكان المركزي لكريستال واستفاد الجغرافيون كثيراً من كتابات الاقتصاديين واستعانوا بها في تفسير المواقع لقد شهدت هذه المرحلة تحولات جذرية في المحتوى والمناهج والوسائط واستخدام الاساليب الكمية والرياضية في بناء الفروض والقوانين واختبارها.