أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-6-2022
2666
التاريخ: 2024-01-02
922
التاريخ: 2024-05-11
613
التاريخ: 2-2-2023
1113
|
مزيد بيان في نهاية موسى وشيء من شخصيته
وقال بعضهم: كانت ولادة موسى بن نصير في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة تسع عشرة من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأجل السلام، وعلى آله وصحبه أجمعين، انتهى.
وقال الحجاري في المسهب: يحكى أن موسى بن نصير ألقى بنفسه على يزيد بن المهلب لمكانه من أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك، وطلب منه أن يكلمه في أن يخفف عنه؛ فقال له يزيد: أريد أن أسألك فأصغ إلي؛ قال: سل عما بدا لك، فقال له: لم أزل أسمع عنك أنك من أعقل الناس، وأعرفهم بمكايد الحروب ومداراة الدنيا، فقل لي: كيف حصلت في يد هذا الرجل بعدما ملكت الأندلس، وألقيت بينك وبين هؤلاء القوم البحر الزخار، وتيقنت بعد المرام واستصعابه، واستخلصت بلادا أنت افترعتها (1) ، واستملكت رجالا لا يعرفون غير خيرك وشرك، وحصل في يدك من الذخائر والأموال والمعقل والرجال ما لو أظهرت به الامتناع ما ألقيت عنقك في يد من لا يرحمك، ثم إنك علمت أن سليمان ولي عهد، وأنه المولى بعد أخيه، وقد أشرف أخوه على الهلاك لا محالة، وبعد ذلك خالفته، وألقيت بيدك إلى التهلكة، وأحقدت مالكك ومملوكك - قال: يعني سليمان وطارقا - وما رضى هذا الرجل عنك إلا بعيد، ولكن لا آلو جهدا، فقال موسى: يا ابن الكرام، ليس هذا وقت
(283)
تعديد، أما سمعت " إذا جاء الحين غطى العين " ؟ (2) فقال: ما قصدت بما قلت لك تعديدا ولا تبكيتا، وإنما قصدت تلقيح العقل، وتنبيه الرأي، وأن (3) أرى ما عندك؛ فقال موسى: أما رأيت الهدهد يرى الماء تحت الأرض عن بعد، ويقع في الفخ وهو بمرأى عينه؟ ثم كلم فيه سليمان، فكان من جوابه إنه قد اشتمل رأسه بما تمكن له من الظهور، وانقياد الجمهور، والتحكم في الأموال والأبشار، على مالا يمحوه إلا بالسيف، ولكن قد وهبت لك دمه، وأنا بعد ذلك غير رافع عنه العذاب حتى يرد ما غل من مال الله. قال: وآلت حاله إلى أن كان يطاف به ليسأل من أحياء العرب ما يفتك به نفسه، وفي تلك الحال مات، وهو من أفقر الناس وأذلهم، بوادي القرى، سائلا من كان نازلا به.
وقال أحد غلمانه ممن وفى له في حال الفقر والخمول: لقد رأيتنا نطوف مع الأمير موسى بن نصير على أحياء العرب، فواحد يجيبنا (4) ، وآخر يحتجب عنا، ولربما دفع إلينا على جهة الرحمة الدرهم والدرهمين، فيفرح بذلك الأمير ليدفعه إلى الموكلين به، فيخففون عنه من العذاب، ولقد رأيتنا أيام الفتوح العظام بالأندلس نأخذ السلوك (5) من قصور النصارى، فنفصل منها ما يكون من الذهب وغير ذلك ونرمي به، ولا نأخذ إلا الدر الفاخر، فسبحان الذي بيده العز والذل والغنى والفقر.
قال: وكان له مولى قد وفى له وصبر عليه إلى أن ضاق ذرعه بامتداد الحال، فعزم على أن يسلمه وهو بوادي القرى في أسوإ حال، وشعر بذلك موسى، فخضع للمولى المذكور، وقال له: يا فلان، أتسلمني في هذه الحالة؟
(284)
فقال له المولى، من شدة ما كان فيه من الضجر: قد أسلمك خالقك ومالكك الذي هو أرحم الراحمين، فدمعت عيناه، وجعل يرفعهما إلى السماء خاضعا مهينا بشفتيه، فما سفرت تلك الليلة إلا عن قبض روحه، رحمة الله عليه، فقد كان له من الأثر ما يوجب أن يترحم عليه، وإن فعل سليمان به وبولده وكونه طرح رأس ابنه عبد العزيز الذي تركه نائبا عنه (6) بالأندلس وقد جيء به من أقصى المغرب بين يديه من وصماته التي تعد عليه طول الدهر، لا جرم أن الله تعالى لم يمتعه بعده بملكه وشبابه.
وذكر ابن حيان (7) أن موسى كان عربيا فصيحا. وقد سبق من مراجعة يزيد بن المهلب ما يدل على بلاغته، ويكفي منها ما ذكره ابن حيان أنه كتب إلى الوليد بن عبد الملك فيما هاله من فتوح الأندلس وغنائمها " إنها ليست الفتوح، ولكنها الحشر " (8) .
وقال الحجاري: إن منازعة جرت بينه وبين عبد الله بن يزيد بن أسيد بمحضر عبد الملك بن مروان ألجأته إلى أن قال شعرا منه:
جاريت غير سؤوم في مطاولة ... لو نازع الحفل لم ينزع إلى حصر وتقدم ما ذكره غير واحد كابن حيان أن موسى مولى عبد العزيز بن مروان، وكذا ذكر الحجاري أنه (9) تجهز مع أم البنين بنت عبد العزيز حين ابتنى بها الوليد بن عبد الملك، فكانت تنمي مكانته عند الوليد إلى أن بلغ ما بلغ. وأشهر من كان في صحبة موسى بن نصير من مواليه طارق المشهور بالفتوح العظيمة، وطريف، وقد جرى ذكرهما في كتابنا هذا بما اقتضاه الاختصار.
(285)
وقال ابن سعيد، بعد ذكره الخلاف في (10) موسى هل هو لخمي صريح أو بالولاء، أو بربري، أو مولى لعبد العزيز بن مروان، ما صورته: وكان في عقبه نباهة في السلطنة،ولي ابنه عبد العزيز سلطنة الأندلس، وعبد الملك سلطنة المغرب الأقصى، وعبد الله سلطنة إفريقية، وذكر الحجاري (11) أن أصله من وادي القرى بالحجاز، وأنه خدم بني مروان بدمشق، وتنبه شأنه، فصرفوه في ممالكهم إلى أن ولي إفريقية وما وراءها من المغرب في زمن الوليد بن عبد الملك، فدوخ أقاصي المغرب، ودخل الأندلس من جبل موسى المنسوب إليه المجاور لسبتة، ودوخ بلاد الأندلس، ثم أوفده الوليد إلى الشام، فوافق مرضه ثم موته وخلافة أخيه سليمان، فعذبه واستصفى أمواله، وآل أمره إلى أن وجهه إلى قومه بوادي القرى لعلهم يعطفون عليه ويؤدون عنه، فمات بها، وقد نص ابن بشكوال على أنه مات بوادي القرى.
أما معارفه السلطانة فيكفيه ولاية ما خلف مصر إلى البحر المحيط بين بري البربر والأندلس.
وأما الأدبية فقد جاءت عنه بلاغة في النثر والنظم تدخله - مع نزاراتها - في أصحاب در الكلام. وذكر ابن بشكوال أنه من التابعين الذين رووا الحديث، وأن روايته عن تميم الداري، وذكره في كتب الأئمة من الصنفين أنبه وأوعب من أن يخصص بذكره واحد منهم، وهو غرة التواريخ الأندلسية، وذكره إلى الآن جديد في ألسن الخاصة والعامة من أهلها.
ومن مسهب الحجاري: كان قد جمع - رحمه الله - من خلال الخير ما أعانه الله سبحانه به على ما بنى له من المجد المشيد، والذكر الشهير المخلد، الذي لا يبليه الليل والنهار، ولا يعفى جديده بلى الأعصار، إلا أنه كان يغلب عليه ما لا يكاد رئيس يسلم منه، وهو الحقد والحسد، والمنافسة لا تخلو
(286)
من ذلك، وأنشد بعض الرؤساء:
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا ... فقلبه الرئيس وقال من يترك الحقدا ثم قال: إن السيد إذا ترك إضمار الخير والشر والمجازاة عليهما اجترئ عليه، ونسب للضعف والغفلة، وهل رأيت صفقة أخسرمن غفلة (12) رئيس أحقده غيره فنسي ذلك أو تناساه، وعدوه لا يغفل عنه، وحاسده لا ينفعه عنده إلا الراحة منه، وهو في واد آخر عنه، ولله در القائل:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضر، كوضع السيف في موضع الندى ولكن الأصوب أن يكون الرأي ميزانا: لا يزن الوافي لناقص، ولا يزن الناقص لواف، ويدبر أمره على ما يقتضيه الزمان، ويقدر فيه حسن العاقبة.
ونص ابن بشكوال على أن موسى بن نصير مات بوادي القرى سنة سبع وتسعين، وأغزى (13) الأندلس سنة إحدى وتسعين، وذكر أن ولايته على الأندلس المباشرة - مذ دخلها إلى حين خروجه منها - سنة واحدة، ومكث فيها مولاه طارق سنة، انتهى. وقد تقدم شيء من ذلك (14) .
__________
(1) ك: اخترعتها.
(2) ك: غطى على.
(3) ط: وأنا.
(4) ق ط: يحيينا.
(5) ك: السلوب.
(6) ق: عنه نائبا.
(7) انظر تاريخ ابن عبد الحكم: 281.
(8) انظر تاريخ ابن عبد الحكم: 281.
(9) أنه: سقطت من ك.
(10) ك: في أن.
(11) ق: قال بعضهم؛ ط ج: وقيل.
(11) ق: صفقة.
(12) ك: وغزا.
(13) وقد... ذلك: سقطت من ق.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|