المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9093 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



تخطيط الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) وجهاده  
  
1570   03:51 مساءً   التاريخ: 11/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص109-113
القسم :

نجد في سيرة الأئمّة ( عليهم السّلام ) العديد من الأدلّة التي أوضحوا من خلالها للناس سبب الاختلاف في أساليبهم في قيادة الحركة الإسلامية من إمام لآخر .

فالإمام السجاد ( عليه السّلام ) قال له عبّاد البصري وهو في طريق مكّة : تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحجّ ولينه ، و إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ[1] فأجابه الإمام ( عليه السّلام ) : إقرأ بعدها : التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ، ثمّ قال ( عليه السّلام ) : إذا ظهر هؤلاء - يعني المؤمنين حسب مواصفاتهم في الآية - لم نؤثر على الجهاد شيئا[2].

وبهذه الإجابة حدّد الإمام ( عليه السّلام ) بشكل صارم سياسته ولون كفاحه ، ووجهة حركته في عصره ، ومن ثمّ الأسباب الموجبة لذلك المسار ، فإنّ عدوله عن الكفاح المسلّح والمواجهة العسكرية للحكم الأموي لم تأت حبّا في الحياة ونعيمها كما تصوّر عبّاد البصري ، وإنّما جاء ذلك لأنّ مستلزمات العمل العسكري الناجح غير متوفرة ، ولأنّ النتائج من أيّ تحدّ للسلطان في تلك الظروف تكون عكسيّة تماما .

وبعد ملحمة كربلاء مباشرة تبنّى الإمام السجاد ( عليه السّلام ) وكرائم أهل البيت كزينب وأمّ كلثوم - عليهم صلوات اللّه وسلامه - سياسة إسقاط الأقنعة التي كان الأمويون قد غطّوا وجوه سياستهم الكالحة الخطيرة بها ، وحمّلوا الامّة كذلك مسؤوليتها التأريخية أمام اللّه والرسالة .

ومن هنا نلاحظ بوضوح أنّ الخطب والتصريحات التي صدرت عن الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) وعقائل أهل البيت ( عليهم السّلام ) في العراق قد انصبّت على مخاطبة ضمائر الناس كمجموع ، وإلفات نظر الناس إلى جسامة الخطر الذي حاق بهم ، وإلى حجم الجريمة التي ارتكبتها بنو أمية بحقّ رسالة اللّه تعالى .

وفي الشام ركّزت كلمات الإمام السجّاد ( عليه السّلام ) على التعريف بالسبايا ذاتهم ، وأنّهم آل الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) ، ثمّ فضح الحكم الأموي وتعريته أمام أهل الشام الذين أضلّهم عن رؤية الواقع .

وقبل دخوله المدينة عمل الإمام السجاد ( عليه السّلام ) على إثارة الرأي والوعي العام الإسلامي وتوجيهه إلى محنة الرسالة التي تمثّلت في فاجعة الطفّ ، فقد كان خطابه الذي ألقاه بالناس يستبطن هذه المعاني .

ولقد أعطت تجربة كربلاء مؤشّرا عمليا على أنّ الامّة المسلمة في حالة ركود وتبلّد ممّا جعل الروح الجهادية لديها في حالة غياب إن لم نقل إنّها كانت معدومة نهائيا ، ومن أجل ذلك فإنّ السجاد ( عليه السّلام ) - باعتباره إمام الامّة الذي انتهت إليه مرجعية الامّة - أخذ تلك الظاهرة بعين الاعتبار ، ولذلك مارس دوره من خلال العمل على تنمية التيار الرسالي في الامّة ، وتوسيع دائرته في الساحة الإسلامية ، والعمل على رفع مستوى الوعي الإسلامي والانفتاح العملي في قطاعات الامّة المختلفة ، وخلق قيادات متميزة تحمل الفكر الإسلامي النقي ، لا الفكر الذي يشيعه الحكم الأموي .

ولهذا النهج مبرّراته الموضوعية ، فإنّ قوى الانحراف عبر سنوات عديدة من سيطرتها على مراكز التوجيه الفكري والاجتماعي توفّرت على صنع أجيال ذائبة في الانحراف ، الأمر الذي أصبح فيه من المتعذّر على التيار الإسلامي السليم مواجهتها ، بالنظر لضخامة تلك القوى ، وتوفّر الغطاء الواقي لها من مؤسسات وقدرات ؛ ولتعرّض التيار الإسلامي ذاته للخسائر المتتالية .

ومن هنا ، فإنّ أمر تكثيف التيار الإسلامي وإثرائه كمّا وكيفا مسألة لا تقبل التأجيل ، ما دام أمر بقاء الرسالة حيّة - فكرا وعملا - متوقّفا على بقاء سلامة هذا التيار في كيان الامّة وقواعدها الشعبية ، طالما لم يتسنّ له تسلّم المرجعية العامة في الإدارة والحكم .

ولقد نجحت خطط الإمام ( عليه السّلام ) على شتّى الأصعدة وحسبما خطّط لها ، وفيما يلي مصداقان عمليان على ذلك :

ففي المجال الاجتماعي أثمرت خطّة الإمام ( عليه السّلام ) حيث حظي بإجلال القطّاعات الواسعة من الامّة وولائها ، والمصادر التأريخية مجمعة على ذلك .

قال ابن خلّكان : لمّا حجّ هشام بن عبد الملك في أيام أبيه ، فطاف وجهد أن يصل الحجر ليستلمه ، فلم يقدر عليه لكثرة الزحام ، فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ، ومعه جماعة من أعيان أهل الشام ، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب « رضي اللّه عنهم » ، وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا ، فطاف بالبيت ، فلمّا انتهى إلى الحجر تنحّى له الناس حتى استلم ، فقال رجل من أهل الشام : من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة ؟ فقال هشام : لا أعرفه ، مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ، وكان الفرزدق حاضرا فقال : أنا أعرفه ، فقال الشامي : من هذا يا أبا فراس ؟ فقال :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحلّ والحرم

هذا ابن خير عباد اللّه كلّهم * هذا النّقيّ التقيّ الطاهر العلم

إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

مشتقّة من رسول اللّه نبعته * طابت عناصره والخيم والشيم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجدّه أنبياء اللّه قد ختموا

اللّه شرّفه قدما وعظّمه * جرى بذاك له في لوحه القلم

فليس قولك من هذا بضائره * العرب تعرف من أنكرت والعجم

من معشر حبّهم دين وبغضهم * كفر وقربهم منجى ومعتصم

إن عدّ أهل التقى كانوا أئمّتهم * أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

أيّ الخلائق ليست في رقابهم * لأوّليّة هذا أو له نعم ؟

من يعرف اللّه يعرف أوّليّة ذا * والدين من بيت هذا ناله الأمم

فلمّا سمع هشام هذه القصيدة غضب وحبس الفرزدق ، وأنفذ له الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) اثني عشر ألف درهم ، فردّها وقال : مدحته للّه تعالى لا للعطاء ، فقال الإمام ( عليه السّلام ) : « إنّا أهل بيت إذا وهبنا شيئا لا نستعيده » ، فقبلها منه الفرزدق[3].

إن هذه الحادثة توضّح أنّ الإمام ( عليه السّلام ) كان قد حظي بولاء جماهيريّ حقيقيّ واسع النطاق ، بشكل جعل ذلك الولاء يتجسّد حيّا حتى في أقدس ساعة ، وفي موقف عباديّ مشهود ، فما أن تلتقي الجماهير الكثيفة بإمامها الحقّ ؛ حتى توسّع له ، لكي يؤدّي مناسكه دون أيّة مضايقة عفوية منها ، بالرغم من أنّ الامّة تدرك عداء الحكم الأموي لأهل البيت ( عليهم السّلام ) وما يترتّب على ذلك العداء من موقف تجاه أنصار أهل البيت ( عليهم السّلام ) وأتباعهم .

وحقّق النشاط العلمي للإمام ( عليه السّلام ) غاياته المتوخّاة ، فالمسجد النبويّ الشريف ودار الإمام ( عليه السّلام ) شهدا طوال خمسة وثلاثين عاما - وهي فترة إمامته - نشاطا فكريا من الطراز الأول ، حيث استقطب الإمام ( عليه السّلام ) طلّاب المعرفة الإسلامية في جميع حقولها ، لا في المدينة المنورة ومكّة المكرمة وحدهما ، وإنّما في الساحة الإسلامية بأكملها ، حتى استطاع أن يخلق نواة مدرسة فكرية لها طابعها ومعالمها المميّزة ، وتخرّج منها قادة فكر ومحدّثون وفقهاء .

إنّ انفصام عرى الشيعة بعد استشهاد الإمام الحسين ( عليه السّلام ) وتشتّت قواهم كان من أعظم الأخطار التي واجهها الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) باتّجاه استجماع القوى وتكميل الإعداد من جديد ، وقد كان هذا الهدف بحاجة إلى إعداد نفسي وعقيدي وإحياء الأمل في القلوب وبثّ العزم في النفوس .

وقد تمكّن الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) بعمله الهادئ والمنظّم أن يشرف على تكميل هذه الاستعادة ، وعلى هذا الإعداد بكل قوّة وبحكمة وبسلامة وجدّ .

وقد أطلق الإمام ( عليه السّلام ) نهجا جهاديا ينهض بأعباء متطلبات المرحلة الخطيرة آنذاك.

 


[1] التوبة ( 9 ) : 111 .

[2] من لا يحضره الفقيه : 2 / 141 ، ومناقب آل أبي طالب : 4 / 173 باختلاف يسير في الألفاظ .

[3] القصيدة طويلة وهي مذكورة في كثير من المصادر التأريخية والأدبية ، انظر : وفيات الأعيان لابن خلّكان : 6 / 96 ، الإرشاد للمفيد : 2 / 150 ، 151 عن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ( عليه السّلام ) وراجع غيرهما من المصادر في أوائل الفصل الأوّل من الباب الأوّل .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.