الارض المنقوشة: بالإضافة الى عملية الفرز والتصنيف الرأسية التي أشرنا اليها، ولتي تحدث في مواد الطبقة النشطة في الاراضي المحيطة بالغطاءات الجليدية، وفي المنطق شبه القطبية، هناك عملية فرز وتصنيف اخر جانبية للحبيبات الخشنة والدقيقة، تؤدي الى تكوين انماط وأشكال للتربة السطيحة شديدة الوضوح، خصوصا حيثما انعدم وجود غطاء نباتي متواصل.

ويمكن التعرف على نمطين رئيسيين لتلك الاشكال السطحية نشرحهما في الاتي:

النمط الاول: يتكون على أرض مستوية او قريبة من الاستواء، وهو النمط المضلع Polyonal او المستدير Circular. وأشهر أشكاله ما يعرف باسم ((المضلعات الحجرية)) Stone Polygons، التي تتألف من هوامش مكونة من قطع الصخر التي حطمها فعل الصقيع، أما وسط كل ضلع فيتكون من مواد طينية رطبة. وعادة ما تتكون المضلعات بأعداد كبيرة، وتتحد هوامش المضلعات المتجاورة مشكلة لشبكة حجرية Stone Rings. وهناك أمثلة أخرى للأراضي المنقوشة، منها ما يسمى ((المضلعات الطينية)) Mud-Flat Polygos، وتتكون في مواد متجانسة، ويرجح أنها ناشئة من مجرد تجفيف المواد الطينية، وما ينشأ عن ذلك من انكمشا سطح الطين والرواسب الدقيقة.

أما مضلعات الكسور Fissrure Polygons، فهي ظاهرة أكبر حجما، لكنها تشبه مضلعات الطين في تجانس المواد التي تتكون منها، وتختلف عنها في أنها محاطة بشقوق كبيرة، تشغلها أسافين جليدية. وتشاهد أسافين الجليد الحفرية (القديمة) في الرواسب البلايوستوسينية بكثرة، حيث نجد مكان الاسفين رواسب مغايرة سقطت فيه وملأته. مثال ذلك رواسب الحصى التي تتداخل فيها جيوب من الاحجار المختلطة باللوم، واو تكوينات اللوس التي تملأ أماكن أسافين الجليد السابقة فيها مواد غريبة أتت من السطح وسقطت فيها (شكل 52) .

والنمط الثاني: يتكون فوق أرض منحدرة بزاوية تزيد على خمس درجات. وهنا نجد أشرطة حجرية Stone Strips كثيرة تزركش بيئة هواشم الجليد. وهذه تماثل المضلعات الحجرية والحلقات الحجرية في أنها ناشئة عن عمليات فرز وتصنيف جانبي للرواسب والحطام الصخري، ذلك أنها تتضمن خطوطا وصفوفا متعاقبة من الاحجار الكبيرة والمواد الناعمة. وتتميز صفوف المواد الدقيقة الناعمة بأنها مقببة قليلا، مثل أواسط المضلعات الحجرية، كما أنها تختلف عن صفوف الاحجار في أنها تحتفظ بالرطوبة، ولذلك فإنها قابلة للتحرك ومن ثم تأثرت كثيرا بعمليات الانسياب الارضي.

ويرجع أن المضلعات الحجرية والاشرطة الحجرية متحدة الاصل والنشأة. ولهذا فإننا نرى المضلعات الموجودة فوق منحدر هين الانحدار جدا، قد استطالت نوعا، وانتظمت محاورها في خطوط موازية لاتجاه الانحدار. واذا ما صار المنحدر اشد انحدارا بقليل، فإن أشكال المضلعات تتلاشى، ويحل محلها ما يسمى ((الاكاليل الحجرية))  Stone Garlands (شكل 53) وتلك أشكال يحتوي كل منا على مركز مقبب يتألف من طين لزج يستقيم في وضعه بمساندة جدران الاحجار الكبيرة، أعلاها وأقواها ما يوجد منها في الجانب المواجد لأسفل المنحدر، ولهذا يتخذ المنحدر في قطاع عرضي مظهر الشكل المدرج.

وحينما يشتد انحدار المنحدر تتمكن المواد الطينية من اقتحام الجدران الحجرية، مكونة للسان طويل من المواد يحدها من كل جانبيها بقايا الهوامش الحجرية الاصلية. وتبعا لذلك يتخذ سطح التربة مظهرا شريطيا. ويتأكد هذا المظهر الشريطي بتوالي فعل عمليات الانسياب الارضي وفرز وتصنيف الرواسب جانبيا بواسطة الصقيع.

ويندر وجود الاشرطة الحجرية فوق المنحدرات الشديد التي يزيد انحدارها على 30 درجة، ذلك لان عمليات الانزلاق الارضي تكون من السرعة بحيث تعوق الحركة الجانبية، وتبعا لذلك فان جميع الاشكال التي وجدناها فوق المنحدرات الهينة تتلاشى هنا او تصبح مشوشة. وعلى الرغم من أنه قد اصبح مؤكد ان عمليات تجوية الجليد Cryoturbation هي المسئولة عن تكوين الارض المنقوشة، فإن هنالك بعض المسائل التي تحتاج الى تفسير وايضاح. مثال ذلك انتظام الشبكة الحجرية بشكل ملفات للنظر في كثير من الاماكن. وكذلك السبب في اختلاف أحجام المضلعات الحجرية التي تتراوح اقطارها بين نصف متر وخمسة عشر مترا. أضف الى ذلك بان توزيع المضلعات غير منتظم، ولا توجد اطلاقا في بعض المناطق التي يسودها المناخ شبه الجليدي.