أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-11
1752
التاريخ: 2023-10-07
5542
التاريخ: 13-4-2017
3749
التاريخ: 22/10/2022
2518
|
في الحقيقة، ليس هنالك من تعريف قانوني المفهوم الخطأ المسلكي ولا تعداد لهذه الأخطاء، وذلك في كل من القانونين اللبناني والفرنسي.
«Absence de définition légale de la faute disciplinaire» (1) «Il n'y a pas de détermination, ni d'énumération légales des fautes disciplinaires» (2).
وعلى الرغم من وجود بعض النصوص الخاصة التي تصف بعض التصرفات بالمخالفات التأديبية، لكن العبارات التي تضمنها عاد ما تأتي عامة وغير محددة، كالإخلال بواجباب الوظيفة وارتكاب عمل يمين الشرف أو الكرامة أو الأدب... وهذه النصوص تبقى بالتالي قابلة للتفسير من قبل السلطة التأديبية المختصة التقدير ما يؤلف خطأ مسلكية من الأفعال المنسوبة إلى الموظف الملاحق، وذلك تحت رقابة القضاء الإداري (3)
وكذلك، يعتبر مخالفة تأديبية كل إخلال بواجبات الوظيفة العامة أو مقتضياتها قد ترتكب من قبل الموظف العام القائم عليها مخالفة بذلك القواعد القانونية واللوائح التنظيمية والتعليمات الخاصة بسير العمل الإداري. (4)
وقد جاء في المادة 29 من القانون الفرنسي رقم 83-634 تاریخ 13 تموز 1983 أن كل خطأ يرتكب من قبل الموظف أثناء تأدية مهامه أو في معرض القيام بها تعرضه لعقوبة مسلكية دون أن يكون هناك تحديد أو تعداد للأفعال التي تشكل خطأ مسلكيا.
"Toute faute commise par un fonctionnaire dans l'exercice ou à l'occasion de l'exercice de ses fonctions l'expose à une sanction disciplinaire".
وقد نصت المادة 54 من المرسوم الاشتراعي 112-59 على أنه: " يعتبر الموظف مسؤولا من الوجهة المسلكية ويتعرض للعقوبات التأديبية إذا أخل عن قصد أو عن إهمال بالواجبات التي تفرضها عليه القوانين والأنظمة النافذة، ولاسيما بالواجبات المنصوص عليها في المادتين 14 و15 من هذا المرسوم الاشتراعي . ولا تحول الملاحقة التأديبية دون ملاحقة هذا الموظف عند الاقتضاء أمام المحاكم المدنية أو الجزائية المختصة."
فتحديد المخالفات التأديبية والأعمال المحظورة يكون دائما على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر، بمعنى أن قائمة الأعمال المحظورة التي أوردها نظام الموظفين في المادة 15 لا تشمل جميع هذه الأعمال التي من المفترض أن يحاسب عنها الموظف، وهذه الصعوبة في الحصر لا يمكن التغلب عليها، ولا يمكن أن تتطابق مع منطق قانون العقوبات في هذا المجال بسبب الخلاف الجوهري بينهما، ذلك أن منطق الجريمة الجنائية يختلف عن منطق المخالفة أو الجريمة التأديبية، فالأولى تقوم على مبدأ أن كل ما لا يجزمه القانون فلا عقاب عليه أما الثانية، وبالنسبة للموظف العام فإن الجانب الكبير من تصرفاته يقوم بما تمليه عليه الظروف (5).
وقد ورد في ذات المعنى أن النظام التأديبي يتميز بواقع غياب التحديد القانوني للأخطاء المسلكية. ولكنه بالمقابل، يحد حصرة العقوبات المطبقة بحقها بموجب نصوص.
"... Le régime des fautes disciplinaires se singularise par l'absence de leur détermination légale. à l'inverse, les sanctions qui peuvent en découler sont limitativement déterminées par les textes. (6)"
يستفاد إذا من هذه النصوص الفضفاضة والملتبسة في تأويلها وتفسيرها، أن وصف تصرف ما بأنه خطأ مسلكي يعود للسلطة التأديبية المختصة وهي تتمتع بهذا المجال بسلطة تقدير واسعة. وقد أكد مجلس الدولة الفرنسي على هذا المبدأ حيث جاء في أحد قراراته أن السلطة التقديرية العائدة للإدارة تسع في مجال تقدير الخطأ وفرض العقوبة شرط أن تكون الأخيرة منصوص عنها في الأنظمة
« Très vaste est l'étendue du pouvoir d'appréciation de l'autorité administrative, c'est-à-dire du chef du service où se trouve l'agent, qu'il s'agit de la faute ou de la sanction, à condition que celle-ci soit prévue au statut »(7)"
وسنورد بعض الأمثلة التي اعتبرها الاجتهاد مخالفة تأديبية:
أولا: ثبوت قيام الموظف بالجمع بين العمل الوظيفي الحكومي والعمل في شركة مساهمة (8)
ثانيا: عدم قيام الموظف المسؤول عن تحرير الورق الذي يحتاج إلى النسخ بالآلة الكاتبة، بمراجعة أصل المحرر المطبوع ومدى مطابقته للأصل، واقراره بعدم توخيه الدقة في ذلك (9).
ثالثا: التحدث بصوت عال مع الرئيس الإداري بما يؤدي إلى زيادة حلة النقاش بالشكل الذي يؤدي إلى تدخل الآخرين (10).
واستطرادا، لا بد من الحديث في هذه الفقرة عن العقوبة المقنعة كوسيلة يعتمدها الرؤساء للالتفاف على مبدأ شرعية العقوبة.
فالعقوبة المقنعة ليست سوى تدبير إداري ذي طابع تأديبي تهدف من خلاله الإدارة إلى معاقبة موظف، مخالف وهارب من الأصول الواجب اتباعها، أو فرض هذا التدبير الإداري بنية زجرية أو محاولة استبعاد هذه الأصول بغية عدم إعطاء التدبير الطابع التأديبي، لما يترتب على ذلك من نتائج قانونية (11).
ومخالفة الإدارة لمبدأ شرعية العقوبة يجعل تصرفها باطلا ومنطوية على عقوبة مقنعة، ولا يمنع بطلان العقوبة غير الواردة في القانون، رضاء الموظف بها، لأن هذا الأمر يعد من النظام العام ومن ثم لا يجوز الاتفاق على خلافه (12).
وتتجلى أبرز صور العقاب التأديبي المقنع في الآتي:
أولا، قيام الإدارة بتوقيع إحدى العقوبات على الموظف المخالف ولكن دون أن تكون هذه العقوبة واردة في القانون، وهذه أبرز صور مخالفة مبدأ الشرعية. ثانية، قيام الإدارة بتوقيع عقوبة منصوص عليها لكن لتحقيق أهداف غير التي شرع من أجلها ذلك. ثالثا، امتناع الإدارة عن اتخاذ أحد الإجراءات الملزمة قانونا باتخاذه. وقد اعتبر العلامة "Chapus" أن العقوبات المقنعة غير شرعية إما بسبب الانحراف في السلطة، أو لعيب في الإجراءات المطبقة، أو بسبب علم لحظها ضمن السلم القانوني للعقوبات.
« Bien entendu, les sanctions déguisées ne peuvent qu'être illégales, soit en raison du détournement de pouvoir dont elles procèdent, soit à cause du vice
_______________
1-Bertrand, Christine, régime disciplinaire, juris-class, Fascn 183, 1995 p 3.
2- Alain plantey, op cit,p 448.
3- أزيد شبيب، ورقة عمل "العاقة بين القانون الجزائي و القانون الإدارية الملاحقة الجزائية و المنطقة التأديبية"، تاريخ 10-12-2012، منشور عبر الموقع التالي: WW.Ganjj.org اتم الاطلاع عليها تاريخ 2018-2016، الساعة 11:00 Am
4- بلال أمين زين الدين، النقيب الإداري، دراسة فقهية في ضوء احكام المحكمة الادارية العليا ، دار الفكر الجامعي ، القاهرة 2012، ص 75، ص 26.
5- علي مرهج ايوب، النظام التأديبي العام، ضمانات حقوقي و تدابير رادعة، منشورات صادر ، بيروت، طبعة اولى,200 ص16
6-Tabrizi ben salah, droit de la fonction publique, 2 édition 2003, armand colin, p248
7-CE Le roy, 21-6-1972, rec, p462, alain plantey, op cit, p452
8- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر 1995.12.30 ، الموسوعة الادارية الحديثة، ص 562، نقد عند عمار الحسيني ، أصول التحقيق الإدارية منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2013 ، ص 74 .
9- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر 2-9-1990، الموسوعة الإدارية الحديثة، ص142، نقلا . د عمار الحسيني، مرجع سابق، ص75
10- حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر، 1969.9.20 ن الموسوعة الإدارية الحديثة ص 520 نقلا عن عمار الحسيني، مرجع نفسه، ص 75 زياد شبيب, مرجع سابق
11- عمار عباس الحسينية التحريم و القاب في النظام التأديبي، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2015، ص 179.
12- مصطفى محمود عفيفي، فلسفة العقوبة التأديبية وأهدافها "دراسة مقارنة"، القاهرة 1976، ص 123
de procédure qui les entache, soit parce que la mesure prise n'est pas au nombre des sanctions légalement prononçables».(13)
نستنتج أن مبدأ الشرعية غير مطبق بشكل كامل في إطار التأديب، ذلك كون تحديد المخالفات يتم بشكل استنسابي من قبل الإدارة. وعلى الرغم من هذه الاستنسابية وما يمكن أن يستتبع ذلك من تقليص الضمانات الموظف، إلا أننا نؤيد هذا الواقع الذي تفرضه استحالة ضبط العقوبات في لائحة كونها تختلف من إدارة إلى إدارة وتتغير بفعل التطور التكنولوجي والثقافي والمهني.
وهنا نعول على حكمة الإدارة في الموازنة ما بين جسامة الفعل المرتكب وآثاره وبين مقدار العقوبة المقررة على أساسه. وفي كل الأحوال، يبقى لمجلس شورى الدولة صلاحية مراقبة ما يشكل خطأ ساطعة في التقدير، مما يعيد التوازن بين صعوبة تقنين المخالفات وخطورة الاستنسابية المطلقة للإدارة في فرض العقوبات.
13-René chapus, droit administratif général, montchrestien, paris, tome 2.1995 2302
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|