أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2018
2079
التاريخ: 25-7-2016
2056
التاريخ: 13-1-2016
2604
التاريخ: 2023-02-16
1381
|
قال سبحانه في قرآنه الكريم: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[النساء: 32].
إن الإنسان - وإن كان مجبولاً على حب الذات وجلب النفع إليها - يجب عليه أن لا يعمل وفق غريزته هذه إلا في حدود القوانين الشرعية، ومنطق العقل السليم، ومصالح المجتمع.
وعلى هذا فإذا أنعم الله على أحد بنعمة فليس لأحد أن يتجاوز عليه فيسلب منه تلك النعمة، ليسكن بذلك حسده أو بدافع جلب المنفعة، بل يجب عليه أن يسلك إلى آماله طريقاً صحيحاً ومعقولاً في الحياة، فإنه يجب علينا أن نسعى في سبيل آمالنا كما أرشدنا الله إذ قال: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: 39]، وأن نطلب من فضله الخالد والدائم أن يسهل علينا كل عسير ويقربنا إلى آمالنا وأهدافنا في الحياة. ولو أن الحسود الذي يصرف فكره وأحاسيسه التي يصرفها في غير محلها عبثاً، كان يصرفها في سبيل أهدافه وآماله متوكلاً على الفيض الإلهي واطئاً برجله نواصي الهمم لكانت شمس السعادة تشرق في بيته حتماً.
وقد وردتنا روايات كثيرة عن أئمة الهدى (عليهم السلام) تحذرنا من مغبة هذه الصفة المشؤومة وتجنبنا من لوثها وعواقبها الخطيرة، يكفينا أن نتوجه الآن إلى قسم من ذلك مما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)، في هذه الرواية أشار الإمام الصادق (عليه السلام)، إلى نقطة نفسية، فيقال: (الحسد أصله من عمى القلب والجحود لفضل الله تعالى، وهما جناحان للكفر وبالحسد وقع ابن آدم في حسرة الأبد وهلك مهلكاً لا ينجو منه أبداً).
إن من عوامل نشوء الحسد سوء التربية في البيت، فإن الأبوين إذا أحبا أحد أولادهما أكثر من غيره وخصصاه بعطفهما وحنانهما وحرما الآخرين من عواطفهما أوجدا فيهم عقدة الحقارة والتمرد، وأن حسد كثير من الناس إنما يكون ناشئاً من هنا باعثاً لهم على الشقاء والتعاسة. وهكذا يكون الأمر فيما إذا كانت أسس الحكم في المجتمع مبنية على غير العدل والانصاف، بل على الظلم والتعسف والتمييز العنصري والطائفي والقومي وغيره، فكان الظلم هو الحاكم في جميع شؤون المجتمع، اتصف روح ذلك المجتمع بحالة من الطغيان والتمرد، وتأججت في صدورهم نيران الحقد والحسد. وقد منع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، المسلمين عن الانحراف عن العدل بين الأولاد كي يمنع من تلوثهم بآثام الحسد فالرذائل الأخرى. (ساووا بين أولادكم في العطية)(1).
وقد نقل البروفيسور برتراندراسل عن كتاب (عائلة فير جايلد)، مقطعاً من الفصل الذي عقده لبيان طرق الاجتناب عن الذنوب القلبية الخفية، قال فيه: (أعطى إلى ـ لوسي ـ دفتراً صغيراً كي تكتب فيه ما يستقر في قلبها من الأفكار الفاسدة. وعند تناول طعام الفطور في الصباح أعطى ابواها كوباً إلى أخيها وشريطاً لمسجل الصوت إلى اختها ولم يعطياها هي أي شيء، فكتبت في دفترها أنه خطر ببالها في تلك اللحظة فكر سيء وهو أن أبويها لا يحبانها إلا أقل من أخويها).
وقد أشار الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، إلى أضرار الحسد الجسدية فقال: (عجبت لغفلة الحساد عن سلامة الأجساد)(2).
ويقول الدكتور فرانك هورك: (ادفعوا عن نفوسكم وأفكاركم آلام الأحاسيس النفسية، فإنها أبالسة النفس لا تكتفي بتحطيم نظام الفكر في الإنسان بل تنمي في جسده الخلايا المسمومة أيضاً، وهي بالتالي توجب للجسم اضراراً بالغة، أنها توجب بطئاً في الدورة الدموية، وتضعف اعصابه وتحطم نشاطه الجسدي والروحي وتفقده الأمل والهدف في الحياة، وتهبط بمستوى تفكيره إلى الأسفل. إنه يجب على الإنسان أن يطرد هذه الأعداء من بيئة حياته، فإنها قاتلة له، ولذلك فيجب أن تسجن بعيدة عن حياة الإنسان، ومن فعل ذلك سوف يرى أن إرادته تقوى وأنه سينتصر بقوة إرادته على جميع مشاكل الحياة)(3).
وقال علي (عليه السلام): (الحسد يفني الجسد)(4).
وقال (عليه السلام) في موضع آخر وهو يشير إلى أضراره في النفس: (احذروا من الحسد فإنه يزري بالنفس)(5).
ويقول أحد علماء النفس: (إن الحسد الشديد لمن الآلام النفسية الشديدة التي توجب للنفس الماً كثيراً، وأخطاء فاحشة، وظلماً وتعسفاً ليس بالقليل. وليعلم ان كثيراً من اعمال الحسود لا يصدر عن إرادته هو، بل أنه يصدر بأوامر من عفريت الحسد)(6).
إننا يجب علينا أن لا ندع الآمال الدنيئة والشهوات السافلة التي تبدل حلاوة العيش إلى مرارة الحنظل، توجد أمام تكاملنا سداً مانعاً، بل يجب علينا أن نوجه افكارنا إلى الأهداف السامية، ونأمل الاتصاف بالصفات والمزايا الإنسانية العالية. فإن الآمال اللائقة في سبيل توجه الأفكار الوجهة الصحيحة ستبلغ بالإنسان يوماً ما إلى اهدافه الخيرة الحميدة. قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (تنافسوا في الأخلاق الرغيبة، والأحلام العظيمة والأخطار الجليلة، يعظم لكم الجزاء)(7).
ويقول الدكتور ماردن: (إنكم إن ركزتم أفكاركم على تحصيل أوصاف خاصة فإنكم ستصلون إليها في النهاية، فإن المكونات الطبيعية وليدة أفكار طبيعية. فإن كنتم على أمل العيش بوداعة وفكاهة وأمن فإنكم ستعيشون كذلك. فإن كنتم أصحاب مناظر قاتمة تنظرون إلى كل شيء وكأنه معتم مظلم استطعتم أن تنجو من هذا الضعف في مدة قصيرة، بأن توجهوا أفكاركم إلى عكس هذه النقطة القاتمة، أي تفكروا في موجبات النشاط والفرح والسرور الموجودة في الحياة. وإن كنتم تأملون الاتصاف بالخصائص الأخلاقية الجيدة فاقصدوها بثبات وعناد، فإنكم بعنادكم في سبيل طلبها تهيئون أذهانكم لقبول تلك الخصائص الحسنة، وبذلك تستطيعون الوصول إليها. ولا تبالوا أن تكروا العزم على الأمل والهدف الطيب، بل ارسموها على جباهكم وجنوبكم واعلنوا لكل أحد أنكم تريدون الوصول إلى هذه الآمال وسترون بعد مدة قليلة كيف أن أفكاركم تجركم إلى أهدافكم كمجاذبة المغناطيس)(8).
ويقول الدكتور مان في (أصول علم النفس): (لقد جربنا ورأينا في بعض الموارد أن الفكر في عمل ما يوجب أن يتحقق ذلك العمل حتى قبل أوانه بصورة خفيفة فمثلاً إذا فكرنا في قبض يدينا تقلصت بعض عضلات اليدين شيئاً قليلا وتهيأ العصب للقبض مقداراً يمكن أن يقدر بالآلة الحاسبة الدقيقة دوكالوانومتر. وهناك بعض الناس الذين يستطيعون أن يجعلوا الشعر يقف على جلودهم حسب إرادتهم، وأن يقلصوا بعض عروق اليدين بأن يركزوا أفكارهم على تصوراتهم قد جعلوا أيديهم في الماء البارد المثلج والذين يقدرون على أن يصغروا إنسان عيونهم أو يكبروها يركزون أفكارهم على تصور تصغيره أو تكبيره ويلقنون أنفسهم بذلك)(9).
إن لفهم الحقائق تأثيراً مساعداً في أفكارنا وإراداتنا وأميالنا، وأن حجاب الشهوة هو الذي يحجب أبصار بصائرنا فيغشي على أفكارنا ويوجد الخلل فيها، فينبغي للإنسان أن يصقل مرآة عقله بالتقوى حتى يقدر على أن يرى فيها الواقع والحقائق، ثم يمحو عن لوح قلبه آثار الحسد وإرادة السوء بالآخرين والشهوات الفاسدة وأن يقطع عن نفسه وروحه سلاسل الحقد والبغضاء التي تضغط على الروح، كي يتخلص الروح عما به من الآلام والأسقام ثم يعوض روحه عنها بإرادة الخير للآخرين بحكم الإنسانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ نهج الفصاحة: ص366.
2ـ غرر الحكم: ص494.
3ـ عن الفارسية: بيروزي فكر.
4ـ غرر الحكم: ص32.
5ـ المصدر السابق: ص141.
6ـ عن الفارسية: روانكاوي.
7ـ غرر الحكم: ص355.
8ـ عن الفارسية: بيروزي فكر.
9ـ عن الترجمة الفارسية: أصول روانشناسي مان.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|