أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-8-2022
888
التاريخ: 20-8-2022
1168
التاريخ: 29-12-2021
1078
|
اعلم أن الرياء بالعبادة إنما ينشأ من حب لذة الحمد، والفرار من ألم المذمة، والطمع مما في أيدي الناس، فالعلاج أن يعرف العبد مضرة الرياء، وما يفوته من صلاح قلبه، وما يحرم عنه في الحال من التوفيق وفي الآخرة من المنزلة عند الله ، وما يتعرض له من العقاب والمقت(1) والخزي(2)، وما يفوته من ثواب الآخرة ورضاء الله وأنه قد أتعب بدنه وأحبط أجره ، وقد خسر الدنيا والآخرة لما يتعرض له في الدنيا من تشتت الهم بسبب ملاحظة قلوب الخلق، فإن رضاء الناس غاية لا تدرك(3)، وكلما يرضى به فريق يسخط به فريق، ورضاء بعضهم في سخط بعض، ومن طلب رضاهم في سخط الله سخط الله عليهم وأسخطهم عليه(4).
والأمور كلها والقلوب بيد الله يقلبها كيف يشاء(5)، ((ومن أصلح في ما بينه وبين الله أصلح الله في ما بينه وبين الناس)) (6)، ومن أسخط الله الذي بيده جميع الأمور برضاء الناس الذين {لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} [الرعد: 16] ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا(7) فهو أحمق سفيه(8)، وكيف يبعثه على العمل الطمع بما في أيدي الناس وهو يعلم أن الله هو المسخر للقلوب بالمنع والإعطاء.
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تعلم(9)
وربما كشف الله للناس خبث سره فيمقتوه ويكرهوه ويخسر الدنيا والآخرة، ولا بد من كشف سره على رؤوس الأشهاد يوم حشر العباد، ولو أخلص لله عمله لكشف الله لهم إخلاصه وحببه إليهم وسخرهم له، وأطلق ألسنتهم بحمده والثناء عليه. هذا كله مع أنه لا كمال في مدحهم ولا نقص في ذمهم، ولو كان راغبا في المدح وخائفا من الذم فليرغب في مدح الملائكة المقربين، بل في مدح رب العالمين، وليخش من ذمه وذمهم.
ثم ينبغي أن يعود نفسه إخفاء العبادات وإغلاق الأبواب دونها كما تغلق الأواب دون الفواحش، ويجعل قلبه قانعاً بعلم الله واطلاعه على عبادته، ولا تنازعه نفسه إلى طلب علم غير الله به، وإذا واظب على ذلك مدة سقط عنه ثقله(10).
وليستعن بالله ويجاهد، ((فمن العبد المجاهدة ومن الله الهداية)) (11) {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقته مقتا: أبغضه.
لسان العرب، ابن منظور: 2 / 90، مادة "مقت".
(2) الخزي: ذل مع افتضاح، وقيل هو: الانقماع لقبح الفعل.
الفروق اللغوية، العسكري: 215 / الرقم 840.
(3) انظر: مجموعة ورام، ورام بن أبي فراس: 1 / 192، بيان الرخصة في كتمان الذنوب.
(4) انظر: رسائل الشهيد، الشهيد الثاني: 1 / 153.
(5) عن حمران قال سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ((إذا كان الرجل على يمينك على رأي ثم تحول إلى يسارك فلا تقل إلا خيرا ولا تبرأ منه حتى تسمع منه ما سمعت وهو على يمينك فان القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء ساعة كذا وساعة كذا وان العبد ربما وفق للخير)).
علل الشرائع، الصدوق: 2 / 604، باب 385، نوادر العلل / ح75.
(6) من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق: 4 / 396، من ألفاظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الموجزة / ذيل حديث 5845.
(7) إشارة الى قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} [الفرقان: 3].
(8) السفيه: الجاهل.
لسان العرب، ابن منظور: 13 / 498، مادة "سفه".
(9) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 18 / 137. وفيه: قال زهير بن أبي سلمى: البيت.
(10) انظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 87 ـ 88، الباب الرابع في الرياء والكبر والعجب وعلاجهم، الفصل الأول الرياء في العبادة؛ إحياء علوم الدين، الغزالي: 3 / 274 ـ 277. كتاب ذم الجاه والرياء، بيان دواء الرياء وطريقة معالجة القلب فيه.
(11) رسائل الشهيد، الشهيد الثاني: 156، أسرار الصلاة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يواصل إقامة دوراته القرآنية لطلبة العلوم الدينية في النجف الأشرف
|
|
|